«تحرير الشام» تستعيد مناطق سيطر عليها «داعش» بريف حماة

TT

«تحرير الشام» تستعيد مناطق سيطر عليها «داعش» بريف حماة

تمكنت «هيئة تحرير الشام» التي تُشكل «جبهة النصرة» مكونها الرئيسي، في الأيام القليلة الماضية من استعادة معظم المناطق التي سيطر عليها تنظيم داعش إثر هجوم نفذه على ريف حماة الشرقي مطلع الأسبوع، فيما أفيد بتجدد المعارك بين عناصر التنظيم وقوات النظام السوري عند أطراف مدينة القريتين في ريف حمص بإطار المحاولات المستمرة من قبل النظام لاستعادة السيطرة على المدينة التي خسرها مطلع الشهر الحالي.
وأعلنت «هيئة تحرير الشام» مساء أمس استعادتها السيطرة على قرية الرهجان في ريف حماة الشرقي، بعد معارك مع تنظيم داعش. ونقلت وكالة «إباء» التابعة للهيئة عن قائد غرفة عمليات ريف حماة الشرقي إعلانه السيطرة على قرية الرهجان بشكل كامل، بعد طرد تنظيم داعش منها، مشيراً إلى وقوع أكثر من 15 قتيلاً في صفوف التنظيم خلال الاشتباكات.
وقال ناشطون إن «هيئة تحرير الشام» أسرت 6 عناصر من تنظيم داعش خلال الاشتباكات التي دارت في قرية الرهجان، في حين أقدم عناصر «داعش» على حرق آلياتهم قبيل انسحابهم من القرية.
من جهته، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بـ«اشتباكات عنيفة بين هيئة تحرير الشام وداعش، على محاور واقعة في الريف الشمالي الشرقي لحماة، نتيجة هجوم متجدد بعنف من قبل مقاتلي الهيئة في محاولة منهم لاستعادة السيطرة على منطقتي الشاكوزية وسرحا»، لافتاً إلى أن هذه الأخيرة «تمكنت من تحقيق تقدم جديد تمثل باستعادة السيطرة على قرية الرهجان، كما تمكنت من أسر عناصر من التنظيم بالقرية، لتنتقل الاشتباكات إلى محوري الشاكوزية وسرحا». وأضاف: «كذلك حققت هيئة تحرير الشام تقدماً في المحورين المذكورين بحيث تدور اشتباكات عنيفة داخل القريتين في محاولة من الهيئة لاستكمال السيطرة عليهما». وأوضح المرصد أنّه «ومع هذا التقدم للهيئة، لم يتبقَ للتنظيم سوى قريتي أبو لفة والمستريحية وتجمعات سكنية ونقاط أخرى في المنطقة»، مشيراً إلى أن «الاشتباكات العنيفة بين الطرفين تترافق مع قصف مدفعي مكثف وتفجيرات واستهدافات متبادلة، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 11 عنصراً من هيئة تحرير الشام، بالإضافة لمقتل 24 عنصراً من داعش، أحدهم فجر نفسه بعربة مفخخة».
وكان التنظيم أعلن مطلع الأسبوع سيطرته على 13 قرية في ريف حماة الشرقي، ضمن معركة أطلق عليها «غزوة أبي محمد العدناني»، مؤكداً أسر 4 عناصر من الهيئة وقتل آخر. وعلى أثر هذه التطورات، شنّت «هيئة تحرير الشام» هجوماً معاكساً استطاعت من خلاله استعادة السيطرة على معظم القرى التي خسرتها. واعتبر مسؤول العلاقات الإعلامية في «الهيئة» عماد الدين مجاهد أن دخول مقاتلي التنظيم «جاء بعد تجاوزهم مناطق النظام لعمق 10 كيلومترات بدباباتهم وسلاحهم الثقيل، تزامناً مع معارك الهيئة في قرية أبو دالي».
وفي إصدار نشرته مؤسسة «أمجاد» التابعة لـ«تحرير الشام»، ظهر الشرعي المصري «أبو الفتح الفرغلي»، و«أبو اليقظان المصري» رئيس الجناح العسكري في «الهيئة»، في المعارك الدائرة شرق حماة، وقالوا إن «الهيئة» ستطرد التنظيم إلى مواقعه الأولى التي تقدم منها.
ونقلت وكالة «إباء» عن مصدر عسكري في الهيئة الجمعة «مقتل اثنين من داعش أثناء تمشيط مزارع البعير في قرية بيوض بريف حماة الشرقي، واغتنام سيارة مع قاعدة متس عليها 3 صواريخ».
وبالتزامن مع احتدام المعركة بين «داعش» و«هيئة تحرير الشام» في ريف حماة الشرقي، تواصلت الاشتباكات العنيفة بين قوات النظام المدعمة بالمسلحين الموالين لها من جهة وعناصر تنظيم داعش من جهة أخرى في الريف الشرقي لحمص. وقال «المرصد» إن «الاشتباكات تتركز في بادية السخنة الشرقية وعلى محاور في أطراف مدينة القريتين، في محاولة من قوات النظام تحقيق تقدم في المنطقة، وسط قصف مدفعي على محاور القتال، واستهدافات متبادلة بين الجانبين».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».