النيجر... «بوابة» واشنطن إلى منطقة الساحل والصحراء

خطر الجماعات الراديكالية أدخل الأميركيين مناطق نفوذ فرنسا في أفريقيا

النيجر... «بوابة» واشنطن إلى منطقة الساحل والصحراء
TT

النيجر... «بوابة» واشنطن إلى منطقة الساحل والصحراء

النيجر... «بوابة» واشنطن إلى منطقة الساحل والصحراء

لقد كان الدور الأميركي في الحرب على الإرهاب في الساحل الأفريقي، المعلن بشكل رسمي، مقتصراً على المساعدة اللوجيستية - مثل تزويد الطائرات بالوقود ونقل المعدات، أو الدعم الاستخباراتي عن طريق طائرات «الدرون» (الطائرات من دون طيار). غير أن مقتل جنود أميركيين بالقرب من الحدود المالية - النيجرية، كشف النقاب عن أدوار أخرى بات يلعبها الأميركيون في منطقة الساحل الأفريقي، ما دفع المهتمين إلى التساؤل إن كانت الولايات المتحدة قد أصبحت تزاحم فرنسا في مناطق نفوذها التقليدي.
لطالما كانت النيجر، تلك الدولة الأفريقية الأفقر في العالم: «حديقة خلفية» للنفوذ الفرنسي وقاعدة عسكرية تحط فيها الطائرات الفرنسية التي تطارد أشباح الإرهابيين والمهربين في منطقة الساحل الأفريقي والصحراء الكبرى الشاسعة، إلا أن عملية مسلحة نفذها مجهولون يوم الأربعاء الخامس من شهر أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، خلطت الأوراق حين كشفت عن وجود عسكري أميركي في هذه الرقعة من العالم التي يبسط عليها الفرنسيون نفوذهم منذ مطلع القرن العشرين.
لقد تسبب الهجوم المسلح، الذي لم تتبنه أي جهة حتى الآن، في مقتل ثلاثة جنود أميركيين من «القوات الخاصة»، بالإضافة إلى أربعة جنود نيجريين، بينما أعلن البنتاغون (وزارة الدفاع الأميركية) أن الهجوم استهدف دورية أميركية - نيجرية مشتركة قرب الحدود مع دولة مالي، وعلى بعد 200 كيلومتر إلى الشمال من العاصمة النيجرية نيامي.
البنتاغون اكتفى بالقول إن الجنود الأميركيين كانوا يساعدون الجيش النيجري في عمليات مكافحة الإرهاب في المنطقة المضطربة، من دون أن يعطي تفاصيل أكثر عن المهمة التي كان يقوم بها جنوده في منطقة خطيرة كالحدود بين النيجر ومالي، تنشط فيها تنظيمات مرتبطة بـ«القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، وأخرى بايعت تنظيم داعش.
ثم إن تعليق البنتاغون على الهجوم الأخير تضمن اعترافاً ضمنياً، هو الأول من نوعه، بمشاركة جنود أميركيين ميدانياً في عمليات عسكرية على الأرض بمنطقة الساحل الأفريقي، في حين كانت هذه العمليات مقتصرة على جيوش دول الساحل الخمس (النيجر ومالي وتشاد وبوركينا فاسو وموريتانيا)، أو 4 آلاف جندي فرنسي منخرطين في عملية «برخان» لمحاربة الإرهاب في الساحل.
النيجر والموقع الاستراتيجي
من الطبيعي أن تكون دولة مثل النيجر محط اهتمام القوى العالمية المنخرطة في الحرب على الإرهاب، بسبب موقعها الجغرافي الذي يضعها في قلب الصراع. فهي رغم كونها تتمتع باستقرار نسبي بالمقارنة مع بقية الدول في شبه المنطقة، إذ لا تتمركز فيها أي من الجماعات المسلحة التي تهدد الأمن والاستقرار في الساحل الأفريقي، فإنها مع ذلك تعد أكبر متضرر من انهيار المنظومة الأمنية في محيطها الإقليمي، كما أنها تشكل ممراً مهماً لتهريب الأسلحة والمقاتلين من ليبيا نحو مالي ونيجيريا.
النيجر تملك حدوداً صحراوية شاسعة مع ليبيا، وتحديداً الجنوب الليبي الذي تحول في السنوات الأخيرة إلى مرتع خصب للجماعات الإرهابية وشبكات التهريب. كذلك، فإن النيجر يحدها من الجنوب شمال نيجيريا ومحيط بحيرة تشاد، تلك المنطقة التي تزرع فيها جماعة «بوكو حرام» الرعب بعملياتها الدموية والبشعة، ومن الغرب تطل النيجر على شمال مالي، آخر البقاع الدامية في الساحل الأفريقي، حيث تتمركز القوة الضاربة لتنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» الذي يخوض حرباً شرسة ضد القوات الفرنسية وبعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
وحتى على الصعيد الاجتماعي تعد النيجر «حلقة وصل» ما بين شمال أفريقيا وبلدان أفريقيا جنوب الصحراء. وهي تشكل بتركيبتها الديموغرافية نموذجاً مصغراً لمنطقة الصحراء الكبرى، ففي الجنوب حيث ترتفع الكثافة السكانية نجد القبائل الأفريقية، مع غالبية ساحقة لقبائل الهَوسا، وهي واحدة من أعرق القبائل الأفريقية، وتتمركز بشكل أساسي في نيجيريا؛ أما في الشمال فنجد قبائل العرب والطوارق.
وهكذا تبدو النيجر جزيرة وسط بركة من الدماء، كما لا يبدو أنها قادرة على النأي بنفسها عن المصير الذي آلت إليه جاراتها، وهي التي تعاني الفقر والجهل والمرض، وظلت إلى وقت قريب تعيش اضطراباً سياسيا تخللته انقلابات عسكرية دامية؛ كل ذلك دفعها نحو الاعتماد في أمنها على الفرنسيين الموجودين بقوة فوق أراضيها. ولكن الفرنسيين كانوا أيضاً يسعون إلى تأمين مصالحهم بالدرجة الأولى، فنسبة كبيرة من اليورانيوم الذي تعمل به المفاعلات النووية الفرنسية مستخرج من مناجم في شمال النيجر.

قاعدة فرنسية كبيرة
يملك الفرنسيون قاعدة عسكرية كبيرة في العاصمة النيجرية نيامي، يتخذونها مركزاً لعملية «برخان» العسكرية لمحاربة الإرهاب في الساحل الأفريقي. وانطلاقاً من نيامي تشن القوات الفرنسية هجمات ضد الجماعات الإرهابية في شمال مالي، بالإضافة إلى مراقبة الحدود بين النيجر ومالي وبوركينافاسو، تلك المنطقة التي توصف من طرف المراقبين بأنها «مثلث الموت». بيد أن الوجود الفرنسي في النيجر لا يتوقف عند هذا الحد، بل شيد الجيش الفرنسي قاعدة عسكرية في عمق الصحراء الكبرى، بأقصى شمال شرقي النيجر، قرب الحدود مع ليبيا، لمراقبة تحركات الجماعات الإرهابية في تلك المنطقة. وهي تتبع الطرق الوعرة التي يسلكها المهربون من أجل قطع الطريق أمام أي تواصل بين الجماعات المسلحة في شمال أفريقيا ونظيرتها جنوب الصحراء.
الأميركيون... الوافد الجديد
فُتحت أبواب منطقة الساحل الأفريقي عموماً، والنيجر على وجه الخصوص، أمام الأميركيين منذ التدخل العسكري الفرنسي في شمال مالي عام 2013، ثم الحرب التي تخوضها فرنسا ضد الإرهاب في الساحل الأفريقي منذ عام 2014، ولقد تمكنت الولايات المتحدة خلال السنوات الأربع الأخيرة من زيادة وجودها العسكري في هذه المنطقة، وشيدت عدة مهابط للطائرات في النيجر وبوركينا فاسو. وهي تعمل الآن على تشييد قاعدة عسكرية جوية كبيرة في مدينة آغاديز بشمال النيجر.
ولكن رغم تنامي الوجود العسكري الأميركي في النيجر، فإن السفارة الأميركية في النيجر تصر على أن التعاون العسكري بين البلدين هذا العام اقتصر على «التكوين والتدريب، ثم الدعم»، ضمن برامج أميركية معروفة على غرار برنامج «أكوتا»، وهو برنامج التدريب والمساعدة ضمن العمليات الطارئة في أفريقيا، بالإضافة إلى تدريب فلينتلوك الشهير، الذي نظم عدة مرات في النيجر خلال السنوات الأخيرة.
السفارة الأميركية تقول في تقرير منشور على موقعها الإلكتروني إن «البعد الأهم في التعاون العسكري بين البلدين يتمثل في إصلاح القطاع الأمني بالنيجر؛ وهو إصلاح بنيوي وتسييري للجيوش وقوات الأمن، وذلك من أجل تحقيق استغلالٍ أمثل للموارد البشرية والمادية والمالية». وفي هذا السياق أشرف الأميركيون على تدريب أول كتيبة نيجرية تشارك في الحرب الدائرة في شمال مالي عام 2013، بلغ تعداد أفرادها 850 جندياً، استفادوا من البرنامج الأميركي للتدريب والمساعدة ضمن العمليات الطارئة في أفريقيا «أكوتا». وحضر الاحتفال بتخرج هذه الكتيبة السفيران الفرنسي والأميركي في نيامي، وقال وزير الدفاع النيجري خلاله إن هذا التدريب تم بفضل «الدعم الفرنسي» و«التدريب الأميركي»، واصفاً تخرج الكتيبة بأنه ثمرة «تعاون ثلاثي الأطراف».

تنسيق فرنسي ـ أميركي
بدأ التنسيق بين الفرنسيين والأميركيين في منطقة الساحل الأفريقي، عندما قرر الفرنسيون التدخل عسكرياً في شمال مالي شهر يناير (كانون الثاني) 2013، من أجل طرد «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، والجماعات المرتبطة به، من الإقليم الذي سيطروا عليه لعدة أشهر من عام 2012، حاولوا خلالها إقامة «إمارة إسلامية»، ثم بدأوا التخطيط للتوسع نحو العاصمة المالية باماكو في الجنوب، لتستنجد الأخيرة بفرنسا.
كانت طائرات «الرفّال» الفرنسية تحلق من الأراضي الفرنسية لشن هجمات في شمال مالي، وذلك في إطار العملية العسكرية التي أطلق عليها اسم «سيرفال». ولكن المسافة الطويلة دفعت الإليزيه إلى التفكير في حل لتوفير الوقود لهذه الطائرات وهي في الجو، حل وفره الأميركيون على عجل.
الإحصائيات المعلن عنها تشير إلى أنه في الفترة ما بين يناير 2013 ويوليو (تموز) 2015، زوّد الأميركيون الطائرات الفرنسية العاملة في منطقة الساحل الأفريقي بالوقود في الجو أكثر من 2700 مرة. كما أن الطائرات الأميركية العملاقة «سي - 17» شاركت في نقل المعدات لصالح الفرنسيين خلال العملية العسكرية «سيرفال» لطرد الجماعات الإرهابية من شمال مالي، وأيضاً خلال عملية «برخان» التي أعقبتها عام 2014، وما تزال مستمرة حتى اليوم لمحاربة الإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي.
من جهة أخرى ساهمت طائرات بلا طيار (درون) أميركية في جمع المعلومات الاستخباراتية عن التنظيمات المسلحة النشطة في منطقة الساحل الأفريقي وتبادل هذه المعلومات مع الفرنسيين. كذلك راهن الفرنسيون على 6 طائرات «درون» اشتروها من الأميركيين عام 2013 لتتبع تحرك قادة الجماعات الإرهابية في المنطقة، واستعانوا بالأميركيين لتسيير هذه الطائرات وشن هجمات ساهمت بشكل كبير في اغتيال عدد من قادة «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، ولكنها طائرات استطلاع ولا تملك القدرة على شن هجمات، إذ يؤكد المسؤولون الفرنسيون أنها توفر المعلومات ولكن عند اتخاذ قرار بالهجوم فإن هليكوبترات عسكرية أخرى تتدخل.
وفي يناير من عام 2015 أعلن وزير الدفاع الفرنسي آنذاك أن بلاده ستطلب من الأميركيين توفير ثلاث «درون» أخرى، من أجل تعزيز قدراتها الاستخباراتية في منطقة الساحل الأفريقي، واتخذ الفرنسيون أخيراً قراراً بتسليح الـ«درون» لتكون قادرة على شن الهجمات، وهي المهمة التي سيتولاها الأميركيون.

قاعدة آغاديز
قبل يومين فقط من الهجوم الذي وقع في قرية تانغو تانغو، وأودى بحياة الجنود الأميركيين والنيجريين، نشرت القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا «أفريكوم»، عبر موقعها الإلكتروني تقريراً إخبارياً مفصلاً، يتضمن مقابلات مع الجنود الأميركيين وصوراً كثيرة من أشغالهم خلال تشييد القاعدة الجوية الأميركية في آغاديز، بشمال النيجر، التي يتوقع أن تكون مركزاً مهماً للربط الجوي في المنطقة، ضمن الاستراتيجية المتبعة لمحاربة الإرهاب.
التقرير الذي نُشر قبل يومين فقط من الهجوم، أكد أن الأشغال متقدمة في القاعدة الجوية. ونُقلت عن جنود أميركيين تعليقات على ظروف العمل والعلاقات مع الجنود النيجريين والسكان المحليين، إذ قال الملازم أول دانيل تاب: «البلد المضيف كان لطيفاً حين سمح لنا بإقامة قاعدة مؤقتة بالقرب من موقع التدريب العسكري، في الوقت الذي نشيد فيه قاعدتنا ونقيم خط طيران للعمليات الجوية»، قبل أن يضيف: «هذه الأشغال ستمنحنا مساحة للعمل بشكل أفضل حتى نساعد القوات المسلحة النيجرية على تقوية الدفاع الوطني».
في المقابل، شكا الجنود الأميركيون من الظروف المناخية القاسية في المنطقة، قائلين إن التجهيزات والمعدات التي بحوزتهم غير مهيأة للعمل في درجات حرارة مرتفعة وتحت رياح قوية محملة بالأتربة والغبار، كما أن العواصف الرملية التي تتكرر كثيراً تعيق الطلعات الجوية، إلا أن ذلك لم يمنعهم من تشييد قاعدة جوية ستكلف 100 مليون دولار.
أيضاً ينقل التقرير عن جنود آخرين قولهم إن وجود قوات أميركية في النيجر ساهم في الرفع من المستوى المعيشي للسكان المحليين، وحسب أحدهم: «نساعد الناس على تحسين حياتهم الخاصة بطرق مختلفة (...) نساعد العاملين معنا على متابعة تكوينهم العسكري الأساسي، وتنظيم معارض تجارية للباعة المحليين، وإقامة دروس في التغذية من أجل تحسين الأوضاع الصحية في المنطقة»، وفق تعبيره.
وحول المشروع علق ملازم أول أميركي: «نحن ما زلنا في المراحل الأولى من إيجاد موطئ قدم في المنطقة، ولكن يوماً ما، هذه الصحراء التي ترونها خالية، ستتحول إلى خط جوي ساخن، يعمل بكامل طاقته». وفي انتظار أن يكون هذا الخط الجوي جاهزاً للخدمة، سمحت السلطات في النيجر للقوات الجوية الأميركية باستخدام مطار آغاديز من أجل استقبال رحلات جوية لنقل البضائع والتجهيزات، وهي خطوة يرى الأميركيون أنها تعكس متانة العلاقات القائمة بين البلدين، إذ يقول أحد القادة العسكريين الأميركيين: «النيجر حليف مهم بالنسبة للولايات المتحدة، ونحن نعمل يومياً مع الناس هنا في النيجر من أجل محاربة الإرهاب».
الأشغال في هذه القاعدة الجوية بدأت منذ شهر سبتمبر (أيلول) 2016، وفق ما أعلن عنه البنتاغون آنذاك، حين قال إنها ستكون قاعدة لإطلاق الـ«درون» في المنطقة، وأوضح المسؤولون الأميركيون أن هذه القاعدة الجوية يدخل تشييدها في إطار سياسة تهدف إلى تقوية مشاركة الولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي.
ومن المفروض أن تصل تكاليف إقامة هذه القاعدة الجوية إلى 100 مليون دولار أميركي، وفق بعض التقارير الإعلامية، التي أشارت إلى أن الميزانية الابتدائية كانت 50 مليون دولار. ولكن مع انطلاق الأشغال قرر الأميركيون مضاعفة المبلغ، ما يؤكد أهمية المشروع بالنسبة لهم، وهي أهمية مبررة، خاصة أن آغاديز مدينة تتمتع بموقع استراتيجي مهم، فهي مركز دائرة تشمل ليبيا والجزائر ومالي وبوركينا فاسو ونيجيريا وتشاد، بالإضافة إلى النيجر حيث يقع مركز الدائرة. ثم إن آغاديز هي عاصمة التهريب في النيجر، والبوابة التي تمر منها قوافل المهاجرين نحو أوروبا... إنها نافذة على أسرار الصحراء الكبرى.

تخطيط للبقاء
أسئلة كثيرة تطرح حول هذه القاعدة الجوية. على سبيل المثال شككت لياه بولجر، وهي ضابطة سابقة في البحرية الأميركية أحيلت إلى التقاعد - وسبق لها ترؤس حركة مناهضة للحروب وتدعو للسلام في العالم - في الأهداف المعلنة من طرف الولايات المتحدة بخصوص هذه القاعدة الجوية؛ وقالت بولجر في مقابلة صحافية إن مشروع القاعدة الجوية في آغاديز: «يؤكد رغبة الأميركيين الكبيرة في أن يكونوا قادرين على تنفيذ هجمات ضد أي كان وفي أي وقت يريدون».
وتابعت أن القاعدة الجوية تدخل في سياق السياسة الأميركية في السنوات الأخيرة التي أظهرت اهتماماً كبيراً بأفريقيا، وهو اهتمام قالت عنه إنه «بدأ عندما فصلوا قيادة العمليات في أفريقيا (أفريكوم) عن القيادة الأوروبية، وحتى الآن استثمروا 300 مليون دولار في المنطقة».
بولجر أشارت أيضاً إلى أن استثمار واشنطن مائة مليون دولار في قاعدة جوية وسط الصحراء، يؤكد تخطيط الأميركيين للبقاء طويلاً في المنطقة، قبل أن تضيف أن المدارج التي يشيدها الجيش الأميركي في القاعدة الجوية بآغاديز قادرة على استقبال طائرات ضخمة من نوع «سي - 17». ومن ثم تساءلت: «لماذا يحتاج الأميركيون لأن تحط طائرات عملاقة في وسط الصحراء. بالنسبة لي فإنهم يشيدون هذه المنشأة لتحويلها فيما بعد إلى مركز رئيسي لإطلاق عملياتهم العسكرية في المنطقة».
أخيراً، ترى بولجر أن القاعدة الجوية الأميركية في آغاديز ستساهم في رفع مستوى العداء تجاه الولايات المتحدة في الساحل الأفريقي، خاصة إذا بدأت الـ«الدرون» شن الهجمات في المنطقة، فحينها ستجد الجماعات الإرهابية النشطة في المنطقة حاضنة اجتماعية أقوى من الحاضنة الحالية.

أول عملية خطف
في غضون ذلك توقف المراقبون عند أول عملية اختطاف تستهدف مواطناً أميركياً في النيجر شهر أكتوبر من العام الماضي (2016)، حين أقدم مسلحون مجهولون على اختطاف جيفري وودك، وهو أميركي يعمل في مجال الإغاثة الإنسانية، يقيم في النيجر برفقة أسرته منذ عام 1992، ووقع حادث الاختطاف في قرية نائية بالقرب من الحدود مع مالي. وتزامن الحادث مع الإعلان عن الشروع في تشييد القاعدة الجوية في آغاديز.

أبرز التنظيمات الراديكالية في الساحل والصحراء
1. إمارة الصحراء الكبرى: تتبع لتنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، ويقودها الجزائري جمال عكاشة المعروف بلقب «يحيى أبو الهمام»، وتضم تحت لوائها أربعة كتائب: كتيبة طارق ابن زياد، كتيبة الفرقان، كتيبة الأنصار، كتيبة يوسف بن تاشفين، وتنشط إمارة الصحراء الكبرى بشكل أساسي في منطقة تمكبتو، شمال غربي دولة مالي، على الحدود مع موريتانيا.
2. تنظيم المرابطون: يقوده الثنائي الحسن الأنصاري وأبو دجانة القصيمي، في ظل غياب مؤسسه الجزائري مختار بلمختار، وهو واحد من أقوى التنظيمات المسلحة في منطقة الساحل الأفريقي. وسبق أن شنّ عدة هجمات نوعية في عواصم غرب أفريقية، من ضمنها باماكو وواغادوغو وأبيدجان، وينشط بشكل أساسي في منطقة غاو، شمال شرقي مالي، مع تأثير يمتد حتى غرب النيجر وشمال بوركينا فاسو.
3. جماعة أنصار الدين: يقودها الزعيم الطارقي المعروف إياد أغ غالي، الذي أسسها عام 2012، وتنشط بشكل كبير في منطقة جبال الإيفوغاس، في أقصى الشمال والشمال الشرقي لدولة مالي.
4. كتائب تحرير ماسينا: بقيادة محمد كوفا، وهي مرتبطة بجماعة أنصار الدين ويؤثر عليها إياد أغ غالي بشكل كبير، بينما يتركز نشاطها في المناطق الوسطى والغربية من دولة مالي.
(التنظيمات الأربعة السابقة، جميعها تعلن الولاء لتنظيم «القاعدة» وزعيمه أيمن الظواهري، ولقد توحدت مطلع العام الجاري 2017 في «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، وسلمت قيادتها لإياد أغ غالي، وأعلنت التنسيق في العمليات التي تستهدف الفرنسيين والأفارقة في شمال مالي).
5. «داعش الصحراء الكبرى»: أسست عام 2015، عندما انشقت عن «تنظيم المرابطون»، يقودها عدنان أبو الوليد الصحراوي، وتعلن الولاء لتنظيم داعش، تنشط بشكل كبير في الشريط الحدودي بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، ويرجح بقوة أن تكون هي من نفذت الهجوم الذي أودى بحياة الجنود الأميركيين الأسبوع الماضي.
6. جماعة أنصار الإسلام في بوركينا فاسو: يقودها إبراهيم معلم جيكو، ويعتقد أنها بايعت تنظيم داعش، وتنشط بشكل أساسي في شمال بوركينا فاسو.



كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
TT

كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين

رجل واحد حمله المستشار الألماني أولاف شولتس مسؤولية انهيار حكومته، وما نتج عن ذلك من فوضى سياسية دخلت فيها ألمانيا بينما هي بأمس الحاجة للاستقرار وتهدئة اقتصادها المتدهور. رجل وصفه المستشار بأنه «أناني»، وشن عليه هجوماً شخصياً نادراً ما يصدر عن شولتس المعروف بتحفظه وهدوئه. ذلك الرجل كان وزير ماليته كريستيان ليندنر، زعيم «الحزب الديمقراطي الحر» الذي كان شريكاً في الحكومة الائتلافية الثلاثية منذ عام 2021، برئاسة «الحزب الديمقراطي الاجتماعي» (الاشتراكي)، ومشاركة حزب «الخضر». ولقد طرده شولتس من الحكومة بعد خلافات حول ميزانية سنة 2025، ما تسبب بخروج الوزراء المتبقين من «الحزب الديمقراطي الحر»، ليبقى المستشار يقود حكومة أقلية حتى إجراء الانتخابات المبكرة في 23 فبراير المقبل. ثم إن شولتس تعرض لانتقادات كثيرة لهجومه الشخصي على ليندنر، خاصة من المستشارة السابقة أنجيلا ميركل التي وصفته بأنه كان «خارجاً عن السيطرة». لكن مع ذلك، فإن الصورة التي رسمها المستشار عن وزيره قد تحمل شيئاً من الواقع؛ إذ خرجت انتقادات من أوساط الديمقراطيين الأحرار لليندنر و«تصرفه بشكل أحادي» في دفع المستشار لإقالته. وقبل ذلك طالته انتقادات بعدما أصبح «الوجه الأوحد» لـ«الحزب الديمقراطي الحر» إبان الانتخابات الماضية عام 2021 وقبلها عام 2017. ولعل الحزب تسامح مع تصرفات ليندنر «الأنانية» تلك لنجاحه بإعادة الحزب إلى الخارطة السياسية بعد انهياره تقريباً عام 2013 وفشله بدخول البرلمان للمرة الأولى في تاريخه. إلا أن مستقبل الرجل الذي أعاد حزبه إلى الحياة... هو نفسه في خطر. فهل يستمر ليندنر بالبناء على تاريخه حتى اليوم للنهوض مجدداً؟

قد يكون كريستيان ليندنر أصغر زعيم انتُخب ليرأس حزبه «الديمقراطي الحر»، عن عمر 34 سنة فقط عام 2013، بيد أنه لم يكن ناجحاً على الدوام. وبعكس حياته السياسية وصعوده السريع إلى القمة، فشل ليندنر في مشاريع أعمال أطلقها عندما كانت السياسة ما زالت هواية بالنسبة إليه. واعترف لاحقاً بإخفاقاته تلك، مستعيناً بعبارة «المشاكل هي مجرد فرص شائكة» لكي يدفع نفسه إلى الأمام.

وبين عامَي 1997 و2001 أسس شركات خاصة مع أصدقاء له، انتهت بالفشل آخرها شركة «موماكس» التي انهارت وأفلست بعد أقل من سنة على إطلاقها.

هذه «الإخفاقات» التي طبعت مغامراته التجارية وهو في مطلع العشرينات قد تكون دفعته للتوجه إلى السياسة بجدية أكبر. وبالفعل، نجح عام 2001 بدخول البرلمان المحلي في ولايته شمال الراين-وستفاليا وهو ابن 21 سنة ليغدو أصغر نائب يدخل برلمان الولاية. ولصغر سنه وقسمات وجهه الخجولة كسب ليندنر آنذاك لقب «بامبي» بين أعضاء الحزب نسبة للغزال الصغير عند «ديزني».

«بامبي» في «البوندستاغ»

في عام 2009، فاز ليندنر بمقعد في البرلمان الفيدرالي (البوندستاغ) ليعود عام 2012 إلى ولايته أميناً عاماً للحزب في الولاية ونائباً محلياً مرة أخرى.

وبعدها ساعدت إخفاقات الديمقراطيين الأحرار في الانتخابات العامة عام 2013 بتسليط الضوء على ليندنر، الشاب الكاريزماتي الطموح الذي وجد فرصة سانحة أمامه للصعود داخل الحزب. ويومذاك فشل الحزب بتخطي عتبة الـ5 في المائة من أصوات الناخبين التي يحددها القانون شرطاً لدخول «البوندتساغ». وعقد أعضاؤه اجتماعاً خاصاً لمناقشة النتائج الكارثية التي لم يسبق للحزب أن سجلها في تاريخه، وانتخب ليندنر، وهو في سن الـ34، زعيماً للحزب مكلفاً بتأهيله وإعادته للحياة... وبذلك بات أصغر زعيم ينتخب لـ«الحزب الديمقراطي الحر».

شاب أنيق وجذّاب

شكّل سن ليندنر وأناقته وشخصيته عاملاً جاذباً للناخبين الشباب خاصة. وقاد حملة مبنية على أساس جذب الشباب ونفض صورة الحزب القديم التقليدي عنه، كما ساعده حضوره على وسائل التواصل الاجتماعي في التواصل مع مستخدميها من الشباب وتقريبهم إلى الحزب.

وغالباً ما نُشرت له صور من حياته الشخصية على «إنستغرام»، منها صورة لإجازة مع فرانكا ليهفيلدت، زوجته الصحافية التي كانت تعمل في قناة «دي فيلت»، ولقد عقدا قرانهما وهو في الحكومة عام 2022 في حفل ضخم وباذخ بجزيرة سيلت حضره عدد كبير من السياسيين. وينتظر الزوجان مولودهما الأول في الربيع المقبل.

للعلم، كان ليندر متزوجاً قبل ذلك من صحافية أخرى كانت نائبة رئيس تحرير «دي فيلت» أيضاً، هي داغمار روزنفلت، التي تكبره سناً ولم ينجبا أطفالاً معاً. لكنهما ظلا متزوجين من 2011 وحتى 2018 عندما أعلن طلاقهما وكشف عن علاقته مع ليهفيلدت.

أيضاً، لا يخفي ليندنر حبه للسيارات السريعة، وكان قال غير مرة قبل دخوله الحكومة مع حزب «الخضر» بأنه يهوى السيارات القديمة ويملك سيارة بورشه قديمة ومعها يملك رخصة للسباقات. وبجانب هذه الهواية يحب اليخوت ويملك رخصة للإبحار الرياضي وأخرى للصيد.

صورة شبابية عصرية

هذه الصورة التي رسمها ليندنر لنفسه، صورة الرجل الأنيق الذي يهتم بمظهره (لدرجة أنه خضع لزرع شعر) ويمارس هوايات عصرية، ساعدته على اجتذاب ناخبين من الشباب خاصة، وجعلته ينجح بإعادة حزبه إلى البرلمان عام 2017 بحصوله على نسبة أصوات قاربت 11 في المائة.

في حينه دخل في مفاوضات لتشكيل حكومة ائتلافية مع المستشارة أنجيلا ميركل التي فاز حزبها بالانتخابات، وكانت تبحث عن شركاء للحكم إثر حصولها على 33 في المائة من الأصوات. وفعلاً، بدأت ميركل مفاوضات مع الديمقراطيين الأحرار و«الخضر»، لكن ليندنر انسحب فجأة من المفاوضات بعد 4 أسابيع، ليعلن: «أفضل عدم الحكم من الحكم بشكل خاطئ».

ليندنر كان يختلف آنذاك مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين قبل سنتين. ويومها واجه الانتقاد لتفويته على حزبه فرصة الحكم، وهي فرصة خشي بعض الحزبيين ألا تُتاح مُجدداً.

ائتلاف مع اليسار

غير أن الفرصة أتيحت مرة أخرى في الانتخابات التالية عام 2021 عندما حقق «الحزب الديمقراطي الحر» نتائج أفضل من الانتخابات السابقة، حاصلاً على نسبة 11.5 في المائة من الأصوات. ومع أن «الحزب الديمقراطي الحر» حزب وسطي ليبرالي يؤيد الحريات الاقتصادية، ويعدّ شريكاً طبيعياً لحزب «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (يمين معتدل)، قرر ليندنر عام 2021 الدخول في ائتلاف حاكم مع الاشتراكيين و«الخضر»؛ ذلك أن الأخير يعتبر نقيضاً فكرياً للديمقراطيين الأحرار الذين يرون سياساته البيئية مكلفة وكابحة للتقدم الاقتصادي.

وهكذا تسلم ليندنر إحدى أهم الوزرات؛ إذ عُيّن وزيراً للمالية وثاني نائب للمستشار. وحقق بذلك حلمه الذي غالباً ما كرره خلال الحملات الانتخابية بأنه يريد أن يصبح وزيراً للمالية، وحتى إنه عرّف نفسه في إحدى الحملات ممازحاً: «تعرّفوا على وزير ماليتكم المقبل!».

خلفيته العلمية والفكرية

اهتمام ليندنر بالسياسة الاقتصادية ينبع من اهتماماته منذ تخرّجه من الجامعة؛ حيث درس العلوم السياسية ثم القانون والفلسفة في جامعة بون المرموقة (واسمها الرسمي جامعة راينيشه فريدريش - فيلهامز).

ثم إنه لم ينضم فور مغادرته المدرسة للخدمة العسكرية التي كانت إجبارية آنذاك، وأجّلها للدراسة وإكمال مغامراته التجارية، لكنه عاد لاحقاً وانضم إلى جنود الاحتياط ووصل لرتبة رائد. ورغم فشل مغامراته التجارية، بقيت اهتماماته السياسية منصبّة على الجانب المالي، ومن هنا جاء طموحه بأن يصبح وزيراً للمالية في الحكومة الفيدرالية.

وفكرياً، يؤمن ليندنر وحزبه بتقليص الإنفاق العام وخفض الضرائب وفتح الأسواق أمام الشركات الخاصة. ودائماً عارض خططاً عدّها متطرفة يدعمها «الخضر» لاستثمارات أكبر في الطاقة النظيفة بحجة تكلفتها العالية وتأثيرها على الشركات والأعمال. وكانت المفارقة أنه تسلّم حكومة كانت مسؤولة عن تطبيق سياسات تروّج للطاقة البديلة وتزيد من النفقات الاجتماعية وترفع من الضرائب.

هذا الأمر كان صعباً عليه تقبّله. ورغم وجود اتفاق حكومي حدّدت الأحزاب الثلاثة على أساسه العمل خلال السنوات الأربع من عمرها، عانى عمل الحكومات من الخلافات منذ اليوم الأول. وطبعاً لم تساعد الحكومة الأزمات المتتالية التي اضطرت لمواجهتها وكانت لها تأثيرات مباشرة على الاقتصاد، بدءاً بجائحة كوفيد-19 إلى الحرب الأوكرانية.

ولذا كان شولتس غالباً ما يعقد خلوات مع ليندنر وزعيم «الخضر»، روبرت هابيك، ويطول النقاش لساعات بأمل التوصل لحلول وسط يمكن للحكومة أن تكمل فيها عملها. وفي النهاية، كان من أبرز نقاط الخلاف التي رفض ليندنر المساومة فيها هي ما يُعرف في ألمانيا بـ«مكابح الدَّين العام»؛ إذ يرفض الدستور الألماني الاستدانة إلا في حالات الطوارئ، ولقد استخدمت الحكومة كوفيد-19 كطارئ للتخلي عن «مكابح الدَّين العام»، وبالتالي، الاستدانة والإنفاق للمساعدة عجلة الاقتصاد.

وأراد شولتس تمديد العمل بحالة الطوارئ كي تتمكن حكومته من الاستدانة وتمويل الحرب في أوكرانيا من دون الاقتطاع من الخدمات العامة، لكن ليندنر رفض مقترحاً تخفيض الإنفاق العام في المقابل، الأمر الذي اعتبره شولتس «خطاً أحمر».

تهم وشكوك

وحقاً، اتُّهم ليندنر بعد طرده بأنه كان يخطط للانسحاب من الحكومة منذ فترة، وبأنه وضع خطة لذلك بعدما وجد أن حزبه منهار في استطلاعات الرأي وأن نسبة تأييده عادت لتنخفض إلى ما دون عتبة الـ5 في المائة.

أيضاً، كُشف بعد انهيار الحكومة عن «وثيقة داخلية» أعدّها ليندنر وتداولها مع نفر من المقرّبين منه داخل الحزب، تحضّر للانسحاب من الحكومة بانتظار الفرصة المناسبة. وقيل إنه بدأ يخشى البقاء في حكومة فقدت الكثير من شعبيتها بسبب المشاكل الاقتصادية وارتفاع التضخّم خلال السنوات الثلاث الماضية، ما أثر على القدرة الشرائية للألمان. وبناءً عليه، خطّط ليندنر للخروج منها قبل موعد الانتخابات واستخدام ذلك انتخابياً لإعادة رفع حظوظ حزبه الذي يبدو الأكثر تأثراً من الأحزاب المشاركة في الحكومة، بخسارة الأصوات. وطرحت «الوثيقة» التي كُشف عنها مشكلة أخرى بالنسبة لليندنر - داخل حزبه هذه المرة - فواجه اتهامات بالتفرّد بالقرارات وحتى دعوات لإقالته.

طامح لمواصلة القيادة

حتى الآن، يبدو كريستيان ليندنر مصراً على قيادة حزبه في انتخابات فبراير (شباط)، وما زال لم يفقد الأمل العودة حتى إلى الحكومة المقبلة وزيراً للمالية في حكومة يقودها زعيم الديمقراطيين المسيحيين، فريدريش ميرتز، الذي يتقدّم حزبه في استطلاعات الرأي ومن المرجح أن يتولى المستشارية. وللعلم، ميرتز نفسه أبدى انفتاحاً على ضم ليندنر إلى حكومته المحتملة، وشوهد الرجلان بعد أيام من إقالة ليندنر يتهامسان بتفاهم ظاهر داخل «البوندستاغ».

ولكن عودة ليندنر للحكومة ستتطلب منه بدايةً تخطي عقبتين: الأولى أن يبقى على رأس حزبه لقيادته للانتخابات. والثانية أن ينجح بإقناع الناخبين بمنح الحزب أصواتاً كافية لتخطي عتبة الـ5 في المائة الضرورية لدخول البرلمان.