استياء واسع في الجزائر بسبب التضييق على مثقفين

الحكومة تتهمهم بتمجيد الاستعمار الفرنسي في كتاباتهم ومواقفهم

TT

استياء واسع في الجزائر بسبب التضييق على مثقفين

ندد أهم تنظيم حقوقي في الجزائر مستقل عن الحكومة بمنع وزارة الثقافة عددا من المثقفين من المشاركة في محاضرات، وذلك بمناسبة تظاهرة ثقافية دولية تقام هذا الشهر في العاصمة، وبررت السلطات هذا الحظر بكون الكتاب المعنيين «يمجدون الاستعمار الفرنسي» في كتاباتهم ومواقفهم.
وقالت «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان» في بيان أمس، إن الحكومة الجزائرية رفضت حضور كتاب بارزين يقيمون في فرنسا لفعاليات «الصالون الدولي للكتاب»، التي ستنطلق في 25 من الشهر الجاري، بعد أن تلقوا دعوات من «محافظ الصالون» للمشاركة. ويتعلق الأمر بوجه خاص بالكاتبين محمد حربي ودحو جغبال المقيمين في فرنسا منذ سنوات طويلة. وقد تمت برمجة لقاءات فكرية يحاضر فيها الكاتبان، تتناول كفاح الشعوب من أجل التحرر.
ولم تذكر وزارة الثقافة الجهة الوصية على «الصالون» الذي ينظم كل عام، أسباب إلغاء الدعوات. لكن الصحافة المحلية ذكرت أن القرار صدر عن «جهة عليا في البلاد»، أبدت تحفظات على مجموعة من الكتاب الجزائريين المفرنسين، بذريعة أنهم «يمجدون الاستعمار الفرنسي» في مؤلفاتهم.
وبينما رفض وزير الثقافة، الكاتب عز الدين ميهوبي، الخوض في هذا الموضوع مع صحافيين، رجحت بعض الأوساط بأن «الجهة العليا» هي رئاسة الجمهورية التي تتدخل في كل شيء يخص الشأن العام. ولم يصدر رد فعل من المعنيين بالحظر، لكن عددا من المثقفين عبروا عن استيائهم مما وصفوه بـ«رقابة مقنعة تمارسها الحكومة على النشاط الفكري»، مشيرين إلى وجود «خطاب مزدوج للسلطات في مجال الحريات، فهي تدعي أنها تحترم حرية التعبير بينما الميدان يكذب ذلك».
يشار إلى أن «صالون الكتاب» عرف هذه السنة منع عرض عشرات الكتب الدينية، بسبب أنها «تروج للتطرف الديني». وفي السنوات الماضية منعت مؤلفات، لأن بعضها يتحدث عن دور الجيش في الحياة السياسية، والبعض الآخر تناول سياسات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بالنقد.
وتتعامل السلطات بحساسية شديدة مع قضايا الجيش والرئاسة، ويوجد 10 أشخاص على الأقل في السجن بتهمة «الإساءة إلى رئيس الجمهورية» بواسطة كتابات وصور بالمنصات الاجتماعية الرقمية. ومن أشهر المساجين الصحافي سعيد شيتور، المحبوس على ذمة التحقيق منذ يونيو (حزيران) الماضي، بناء على تهمة «إفشاء أسرار عسكرية».
ولم يذكر محاميه تفاصيل عن القضية، فيما قال شقيقه إن نائب وزير الدفاع الفريق قايد صالح يقف وراء سجنه.
وفي السياق ذاته، أعلن الأستاذ الجامعي إسماعيل معراف الأسبوع الماضي، أن كلية الصحافة فصلته بسبب مواقفه السياسية. وعرف معراف بانتقاداته اللاذعة لسياسات الحكومة في برامج إذاعية وتلفزيونية. كما توفي صحافي جزائري، يحمل الجنسية البريطانية، يدعى محمد تامالت نهاية 2016 متأثرا بتبعات إضراب عن الطعام في السجن.



الحوثيون يوافقون على قطْر ناقلة النفط «سونيون» بضوء أخضر إيراني

مخاوف يمنية من انفجار ناقلة النفط اليونانية في البحر الأحمر إثر هجمات الحوثيين (إ.ب.أ)
مخاوف يمنية من انفجار ناقلة النفط اليونانية في البحر الأحمر إثر هجمات الحوثيين (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يوافقون على قطْر ناقلة النفط «سونيون» بضوء أخضر إيراني

مخاوف يمنية من انفجار ناقلة النفط اليونانية في البحر الأحمر إثر هجمات الحوثيين (إ.ب.أ)
مخاوف يمنية من انفجار ناقلة النفط اليونانية في البحر الأحمر إثر هجمات الحوثيين (إ.ب.أ)

وافقت الجماعة الحوثية في اليمن على طلب أوروبي لقطْر ناقلة النفط اليونانية «سونيون» المشتعلة في جنوب البحر الأحمر، بعد تلقيها ضوءاً أخضر من إيران، وغداة إعلان تعيين طهران مندوباً جديداً لها في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء تحت اسم «سفير».

وكانت الناقلة تعرضت لسلسلة هجمات حوثية في غرب الحديدة ابتداء من يوم 21 أغسطس (آب) الحالي، ضمن هجمات الجماعة التي تزعم أنها لمناصرة الفلسطينيين في غزة، قبل أن تقوم بإشعال الحرائق على متنها، عقب إجلاء طاقمها المكون من 29 بحاراً بواسطة سفينة فرنسية.

الحرائق مستمرة على متن ناقلة «سونيون» اليونانية منذ أسبوع (إ.ب.أ)

وتنذر الناقلة التي تحمل نحو مليون برميل من المواد البترولية بأسوأ كارثة بحرية في حال انفجارها وتسرب النفط منها أو غرقها، وسط مساع لقطرها لإنقاذ الموقف.

وجاء الضوء الأخضر الإيراني عبر بعثة طهران في الأمم المتحدة، الأربعاء، حيث ذكرت أن الحوثيين وافقوا على السماح لزوارق قطر وسفن إنقاذ بالوصول إلى ناقلة النفط المتضررة بالبحر الأحمر سونيون.

وأشارت البعثة الإيرانية إلى أن عدة دول «تواصلت لتطلب من أنصار الله (الحوثيين) هدنة مؤقتة لدخول زوارق القطر وسفن الإنقاذ إلى منطقة الحادث، وأن الجماعة وافقت على الطلب (مراعاة للمخاوف الإنسانية والبيئية)»، بحسب ما نقلته «رويترز».

وعقب الإعلان الإيراني، ظهر المتحدث باسم الجماعة الحوثية، محمد عبد السلام، في تغريدة على منصة «إكس»، زعم فيها أن جهات دولية عدة تواصلت مع جماعته، خصوصاً الجهات الأوروبية، وأنه تم السماح لهم بسحب سفينة النفط المحترقة «سونيون».

وفي نبرة تهديد، أكد المتحدث الحوثي أن احتراق سفينة النفط «سونيون» مثال على جدية جماعته في استهداف أي سفينة تنتهك قرار الحظر القاضي بمنع عبور أي سفينة إلى موانئ إسرائيل.

وأضاف المتحدث الحوثي أن على جميع شركات الشحن البحري المرتبطة بإسرائيل أن تدرك أن سفنها ستبقى عرضة للضربات أينما يمكن أن تطولها قوات الجماعة.

مندوب إيران الجديد لدى الحوثيين في صنعاء (يسار) يسلم أوراق اعتماده لوزير خارجية الجماعة (إعلام حوثي)

وكانت وسائل إعلام الجماعة الحوثية ذكرت أن وزير خارجية حكومتها الانقلابية التي لا يعترف بها أحد، استقبل في صنعاء من وصفته بالسفير الإيراني الجديد علي محمد رمضاني، الذي قدم نسخة من أوراق اعتماده.

وسبق أن عينت طهران في 2020 القيادي في الحرس الثوري حسن إيرلو مندوباً لها لدى الجماعة الحوثية في صنعاء تحت اسم «السفير» قبل أن يلقى حتفه في نهاية 2021 في ظروف غامضة، ويتم إجلاء جثمانه إلى إيران.

كما قامت الجماعة الحوثية بتعيين ما تسميه سفيراً لليمن في طهران، حيث مكنت السلطات الإيرانية عناصر الجماعة لديها من السيطرة على المباني الدبلوماسية اليمنية في أراضيها.

لا يوجد تسرب

في أحدث بيانات أوردتها المهمة البحرية الأوروبية في البحر الأحمر (أسبيدس) ذكرت أن الأصول العاملة في المنطقة التابعة للمهمة أفادت، الأربعاء، بأنه تم اكتشاف حرائق في عدة مواقع على السطح الرئيسي للسفينة «سونيون» وأنه لا يوجد تسرب نفطي، وأن الناقلة لا تزال راسية ولا تنجرف.

وأضافت المهمة في بيان أنه «يجب على جميع السفن المارة في المنطقة أن تتحرك بأقصى درجات الحذر، حيث إن السفينة (سونيون) تشكل خطراً ملاحياً وتهديداً خطيراً وشيكاً للتلوث الإقليمي».

ولتجنب أزمة بيئية كارثية، قالت «أسبيدس»: «إن القوات البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي، تقوم بالتنسيق مع السلطات الأوروبية، بتقييم الوضع وهي على استعداد لتسهيل أي مسارات عمل». وأضافت أن «التخفيف الناجح سوف يتطلب التنسيق الوثيق والمشاركة الفعالة من جانب الدول الإقليمية».

ومع المخاوف من كارثة بيئية كبرى، كان وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، كشف عن أن الهجوم الذي تعرّضت له «سونيون» هو التاسع من نوعه منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ضد ناقلات النفط في البحر الأحمر، مشيراً إلى أنها تحمل 150 ألف طن من النفط الخام.

وقال الإرياني إن الحوثيين استهدفوا الناقلة بسلسلة من الهجمات، ما أدّى لجنوحها وتعطّل محركاتها، وإجلاء طاقمها، وتركها عرضةً للغرق أو الانفجار على بُعد 85 ميلاً بحرياً من محافظة الحديدة، واصفاً ذلك بأنه «إرهاب ممنهج يُنذر بكارثة بيئية واقتصادية وإنسانية غير مسبوقة».

دخان يتصاعد من جراء حرائق على متن ناقلة نفط يونانية تعرضت لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر (رويترز)

يشار إلى أن الحوثيين تبنّوا مهاجمة نحو 182 سفينة منذ بدء التصعيد في 19 نوفمبر الماضي، وأدّت الهجمات إلى إصابة نحو 32 سفينة، غرقت منها اثنتان، البريطانية، «روبيمار» واليونانية «توتور»، كما قرصنت السفينة «غالاكسي ليدر» وحوّلتها إلى مزار لأتباعها.

وتنفّذ واشنطن منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي ضربات دفاعية استباقية لحماية السفن من الهجمات الحوثية ضمن ما سمّته «تحالف حارس الازدهار»، وأقرّت الجماعة بتلقّيها أكثر من 600 غارة شاركت فيها بريطانيا 4 مرات.

وتشنّ الجماعة الحوثية منذ 19 نوفمبر الماضي هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي؛ إذ تدّعي أنها تحاول منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، بغضّ النظر عن جنسيتها، وكذا السفن الأميركية والبريطانية.

كما تدّعي تنفيذ هجمات في البحر المتوسط وموانئ إسرائيلية، بالاشتراك مع فصائل عراقية مسلّحة موالية لإيران، ضمن عمليات الإسناد للفلسطينيين في غزة، وهو الأمر الذي تقول الحكومة اليمنية إنه يأتي هروباً من استحقاقات السلام، وخدمةً لأجندة طهران بالمنطقة.