إيلي صعب يغري الفتيات بألون تحاكي غابات الأمازون

قد يكون موسم الموضة طويلا بالنسبة للبعض خصوصا ممن يحضرون كل الأسابيع، نيويورك ولندن وميلانو وباريس، لكن أصعب ما فيه أنه قد يصيب بالتخمة أو عمى الألوان أحيانا. فعدد المشاركين يتزايد في كل موسم خصوصا ممن يعرضون على هامش البرنامج الرسمي مستغلين وجود وسائل الإعلام والمشترين في عواصم الموضة. وإذا كان الأمر يتطلب لياقة بدنية وذهنية من قبل الحضور، فإنه حتما يتطلب ابتكارات تُشعل حماسهم إلى جانب جُرعة ترفيهية. من هذا المنطلق تزايدت أهمية الأماكن التي يعرضون فيها وضخامة الديكورات إلى جانب الموسيقى وأساليب الإخراج وما شابه من تفاصيل. قد تكون دار «شانيل» أكثر من يتفنن في هذا المجال. ففي كل موسم ننتظر عروضها بشغف لأننا نعرف أنها ستفاجئنا بشيء باهر ومثير بداخل «لو غران باليه». ولم تخيب الآمال إلى الآن، فقد حولته مرة إلى «سوبر ماركت» ضخم ومرة إلى شارع باريسي احتضن ثورة أو بالأحرى مظاهرة نسوية وهلم جرا.
بالنسبة لدار «ديور» فربما تكون قلصت من درامية عروضها مقارنة بعهدها أيام جون غاليانو، إلا أنها لا تزال تتفنن في تصميم ديكور متحف «لو رودان» الذي أصبح شبه مقر رسمي لها. دار «سان لوران» كانت مفاجأة هذا الموسم. فقد ضاعفت جهودها لتتحفنا بعرض ضخم في ساحة «فارسوفي» تحت أقدام «تروكاديرو» وعلى خلفية برج إيفل، وطبعا لا ننسى «لويس فويتون» التي تختار دائما أماكن معمارية أو تاريخية مهمة، كان آخرها قبو واسع تحت متحف اللوفر يعود تاريخ تشييده إلى القرن الـ11 تقريبا. ما توصل إليه هؤلاء أنه مهما تضمنت قصات الأزياء من أناقة وإبداع، فإن صورتها لا تكتمل من دون قصة تُلهب الخيال، وهذا ما تبناه إيلي صعب أيضا، رغم أنه كان إلى عهد قريب يهتم بالأزياء أولا وأخيرا. هذا الموسم أخذنا إلى أدغال أمازونية زرعها في قلب «لو غران باليه» ليعطي تشكيلته بُعدا زمنيا وفنيا مثيرا.
كان إيلي صعب في الأسبوع الماضي لا يزال منتشيا من الخبطة التي حققها قبل عرضه لربيع وصيف 2018 بأيام. فقد ظهرت سيدة فرنسا الأولى بريجيت ماكرون بفستان أسود من تصميمه عند استقبالها للرئيس اللبناني ميشال عون في قصر الإليزيه.
لكن اللافت أن صعب لم يخاطب في عرضه هذا امرأة من عمر بريجيت. قد يكون السبب بسيطا يتلخص في أنه يعرف أنه كسبها وبأنها ستُقبل على تصاميمه في كل الحالات ويجعلها تخدمه بشكل أو بآخر. في المقابل خاطب فتاة في عمر الورد والزهور. أخذنا إلى غابة أمازونية غنية باللون الأخضر وتدرجاته لا يكسر هدوءها وجمالها سوى خرير المياه المنبعثة من البحيرات والشلالات. لكن هذا لا يعني أن الأزياء كانت هادئة بل العكس كانت صاخبة بالألوان والطبعات المستوحاة من الطبيعة، فضلا عن التصاميم الأنثوية التي ستلمس وترا حساسا بداخل زبونته المستهدفة. فهذه كما نعرف تستبق الزمن لكي تُبرز جمالها وتعانق أنوثتها، وبالتالي فهي محظوظة لأنها ستجد بُغيتها في كل قطعة اقترحها صعب، لا سيما في المجموعة التي أرسلها في بداية العرض. كانت هناك العديد من الفساتين الطويلة ذات الفتحات التي تكشف الساق حينا وجزءا من البطن أو الظهر حينا آخر. كانت هناك أيضا مجموعة من الفساتين القصيرة نسقها مع جاكيتات قصيرة من الجلد فضلا عن البنطلونات المستقيمة و«الجامبسوت» الذي جاء بخامات مختلفة، بما فيها الدانتيل الشفاف.
لكن رغم الفجوات والفتحات، لا ننكر بأن كل شيء يبتكره إيلي صعب، يحرص على تنفيذه برقي يحترم فيه المرأة. ربما يكون زاد العيار هذه المرة، لأن زبونته صغيرة السن تريد أن تعانق الحياة بسرعة، إلا أنه لم يكن منافيا للذوق ولا للأناقة. فهو كعادته لم يستسهل الإبداع، وضمن لها أن تثير الإعجاب، سواء كانت في رحلة إلى غابات الأمازون أو في حفل زواج أو تخرج. كل ما عليها القيام به هو عملية تنسيق لا أقل ولا أكثر.