الجزائر: منع «التائبين عن الإرهاب» من الحديث لوسائل الإعلام

TT

الجزائر: منع «التائبين عن الإرهاب» من الحديث لوسائل الإعلام

فرضت الأجهزة الأمنية الجزائرية حظراً مشدداً على «تائبين عن الإرهاب»، يتمثل في حرمانهم من التعامل مع وسائل الإعلام المحلية والأجنبية، ومنعهم من الحديث عن الحرب الأهلية التي عاشتها الجزائر في تسعينات القرن الماضي. وفي غضون ذلك، اتفقت هيئة أفريقية موجودة بالجزائر، مهتمة بمحاربة التطرف الديني، مع أئمة ورجال دين على إعداد برنامج يتضمن أنشطة ميدانية بهدف مكافحة المتشددين.
وأفاد عضو بـ«الجماعة الإسلامية المسلحة» سابقاً، لـ«الشرق الأوسط»، بأن رجال أمن بزي مدني اقتفوا أثره وهو في طريقه لمقابلة صحافي فرنسي زار الجزائر أخيراً لإجراء تحقيق حول أثر «سياسة المصالحة» في إسكات لغة السلاح بالجزائر. واحتفلت السلطات، في نهاية الشهر الماضي، بمرور 12 سنة على «استفتاء السلم والمصالحة الوطنية»، وهو مشروع تهدئة موجه لفائدة المسلحين الإسلاميين، إذ يقترح عليهم التخلي عن الإرهاب مقابل إصدار عفو عنهم. ومن أشهر المتطرفين الذين شملتهم «المصالحة» حسان حطاب، زعيم «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» التي تحولت مطلع 2007 إلى «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي».
وقد استدعي عضو «الجماعة الإسلامية» من طرف ضابط في جهاز المخابرات، فأبلغه بأنه ما كان ينبغي عليه أن يتناول نشاطه السابق كمتطرف، بحجة أن ذلك «محل استغلال من أطراف أجنبية مشبوهة تستهدف الجزائر وأمنها».
وتلقى عدة «تائبين» آخرين الأوامر نفسها من جهاز الأمن العسكري، بحسب مصادر حكومية، من بينهم ناشطين سلموا أنفسهم حديثاً. وفي الغالب، يقضي «التائبون» فترة طويلة لدى أجهزة الأمن، قبل أن يعودوا إلى الحياة العادية. غير أنهم يبقون تحت مراقبة أمنية لصيقة، ويوجد من بينهم من التحق من جديد بالتنظيمات المتطرفة. وأطلقت السلطات 3 مشاريع سياسية، قبل «المصالحة»، هي «الوئام المدني» عام 1999، وأفرز تخلي 6 آلاف متشدد عن أسلحتهم، بحسب الحكومة. و«قانون الرحمة» الذي صدر عام 1995 في أوج المعركة مع التنظيمات الإرهابية.
إلى ذلك، اتفق «المركز الأفريقي للدراسات والبحوث حول الإرهاب» (شرق العاصمة الجزائرية)، التابع لـ«الاتحاد الأفريقي»، مع «رابطة علماء ودعاة وأئمة دول الساحل»، على تطوير برنامج تكويني خاص بأئمة ودعاة وعلماء أفريقيا بهدف الحد من انتشار الآيديولوجيات المتطرفة في القارة. وجرى الاتفاق خلال لقاء جمع رئيس «المركز» لاري غابيفلوي، وأمين عام «الرابطة» يوسف بلمهدي، ومدة تنفيذ البرنامج 3 سنوات، ويتمثل في انتشار الأئمة أعضاء «الرابطة» في البلدان التي تعاني من التطرف العنيف، مثل نيجيريا ومالي والنيجر.
وقال متحدث باسم «المركز الأفريقي» إن البرنامج يهدف إلى تعزيز الجهود الرامية للحد من انتشار الآيديولوجيات المتطرفة في القارة السمراء، وكذا مشاركة التجربة الجزائرية في مجال الوقاية من التطرف العنيف والإرهاب مع الأشقاء الأفارقة.
ويرى المسؤولون الجزائريون أن بلدهم «مثال يحتذى به» في مجال محاربة التطرف والإرهاب. وصرح عضو «الرابطة»، كمال شكاط، بأن المسعى «يعني كل الفاعلين في الأوساط الدينية بأفريقيا، بمن في ذلك المسيحيين. ومن شأن هذا البرنامج أن يساهم بشكل كبير في مكافحة تهديدات المتطرفين، عن طريق تنظيم لقاءات مع الشباب في البلدان الأفريقية التي تعاني من الإرهاب، وتحسيسهم بالخطورة التي يشكلها المتطرفون على المجتمعات، فهؤلاء الشباب هم أكثر من يستهدفهم الإرهابيون لتجنيدهم في صفوفهم».
وأضاف شكاط: «إننا نعمل على توفير تكوين علمي نوعي خاص بالإمامة في عموم أفريقيا، من أجل تكوين شخصيات دينية فاعلة، ستكون فيما بعد حلقة هامة في استراتيجية عمل وقائي نحن بصدد إطلاقها، لمواجهة الآيديولوجيات المتطرفة التي تنتج العنف، ومواجهة دعاة العنف بالحجج والأدلة».
يشار إلى أن «الرابطة» تأسست في 2013 بالجزائر، برعاية من الأجهزة الأمنية الجزائرية، وكان الهدف هو التصدي للإرهاب دينياً، إلى جانب محاربته عسكرياً.


مقالات ذات صلة

آسيا مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مرة أخرى وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام».

«الشرق الأوسط» (باراشينار (باكستان))
المشرق العربي إردوغان وإلى جانبه وزير الخارجية هاكان فيدان خلال المباحثات مع بيلنكن مساء الخميس (الرئاسة التركية)

إردوغان أبلغ بلينكن باستمرار العمليات ضد «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا أنها ستتخذ إجراءات وقائية لحماية أمنها القومي ولن تسمح بالإضرار بعمليات التحالف الدولي ضد «داعش» في سوريا. وأعلنت تعيين قائم بالأعمال مؤقت في دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

قال رئيس هيئة أركان وزارة الدفاع النيجيرية الجنرال كريستوفر موسى، في مؤتمر عسكري، الخميس، إن نحو 130 ألف عضو من جماعة «بوكو حرام» الإرهابية ألقوا أسلحتهم.

«الشرق الأوسط» (لاغوس)
المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.