دعا ناشطون سياسيون في الجزائر الجيش إلى «الابتعاد عن السياسة» على خلفية ردود فعل حادة من جانب «مجلة الجيش»، لسان حال وزارة الدفاع، التي وصفت وزيرا سابقا بـ«القلم المأجور»، وذلك بسبب مطالبته قادة نافذين في الجيش بتنحية الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بحجة أنهم هم من «قذفوا به إلى رأس الحكم».
وجاءت هذه الدعوة أساسا من محسن بلعباس، رئيس الحزب العلماني المعارض «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، ومن عبد العزيز رحابي وزير الإعلام والسفير سابقا، اللذين كثفا من تصريحاتهما لوسائل إعلام محلية بخصوص «اشتغال رئيس أركان الجيش بالسياسة، فيما يمنع قانون المستخدمين العسكريين، وضباط الجيش من التدخل في الشؤون السياسية التي هي من اختصاص الحكم المدني».
وقال بلعباس إن قائد أركان الجيش أحمد قايد صالح، وهو في نفس الوقت نائب وزير الدفاع: «مطالب بأن يهتم بتحديث المؤسسة العسكرية، وتطوير مجالات تكوين الضباط والجنود، بدل أن يشجب تصريحات أحزاب المعارضة»، في إشارة إلى تصريحات معارضين بخصوص «دور الجيش في تحديد مواصفات الرئيس الذي سيحكم البلاد»، وذلك بمناسبة انتخابات الرئاسة المرتقبة في ربيع 2019.
ويثار حاليا جدل في البلاد حول ما إذا كان بوتفليقة يرغب في تمديد حكمه، أم أن الجيش سيضطر مجددا إلى اختيار رئيس جديد، في حال عزف بوتفليقة عن ولاية خامسة.
وصبت تصريحات رحابي في نفس الاتجاه، إذ قال إن «خوض قايد صالح في السياسة يتناقض تماما مع تعهدات الجيش بأنه غادر السياسة منذ انتفاضة 5 أكتوبر (تشرين الأول) 1988»، في إشارة إلى ثورة شعبية انجر عنها سقوط النظام الواحد، وفسح المجال للتعددية الحزبية والإعلامية.
وخاضت «مجلة الجيش» في هذا الجدل في آخر عدد بقولها «إن الجيش الوطني الشعبي تمكن من تحقيق إنجازات كبيرة في عدة ميادين انطلاقا من حماية التراب الجزائري، وصولا إلى تحقيق استراتيجية التصنيع الفعالة، وهي إنجازات دفعت بعض الأقلام المأجورة إلى تنصيب نفسها مدافعا عن الشعب الجزائري ووصية عليه»، مشيرة إلى أن «كل مواطن في الجزائر يعتز ويفتخر بأبناء الجيش الوطني الشعبي، وهو بدوره لن يحيد عن مهامه الدستورية، وسيظل يدافع عن الجزائر وأبنائها بكل قوة، واستكمال مهمة مكافحة ما تبقى من فلول الإرهاب».
ونشبت ملاسنة حادة بين صالح ووزير التجارة سابقا نور الدين بوكروح، الذي انتقد بحدة «مسؤولية جنرالات الجيش في تكريس الحكم الفردي». وكان أمين عام وزارة الدفاع الجزائرية سابقا، الجنرال المتقاعد رشيد بن يلس أول من دعا الفريق صالح إلى «التحلي بالحكمة والامتناع عن ممارسة نفوذك لفرض خليفة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة»، وكان يشير إلى ترتيبات مفترضة في هرم النظام لاختيار رئيس جديد.
وذكر بن يلس خلال استضافته بإذاعة خاصة بالعاصمة تبث برامج على الإنترنت أن «صانعي القرار الجنرالين محمد العماري (رئيس أركان الجيش سابقا توفي قبل 4 سنوات)، ومحمد مدين (قائد جهاز المخابرات سابقا)، اللذين جاء ببوتفليقة إلى الحكم (1999) غادرا السلطة. وبقي الجنرال قايد صالح الذي أتمنى أن يتصرف بحكمة فيترك الحرية لصندوق الاقتراع لاختيار الرئيس المقبل للجمهورية الجزائرية».
ومعروف في الجزائر أن كل الرؤساء الذين تعاقبوا على حكمها، منذ الاستقلال عام 1962، كانوا إما ضباطا في الجيش، أو اختارهم الجيش لتولي المسؤولية. وأي رئيس مدد حكمه كان ذلك بموافقة الجيش، ومن تمت إزاحته كان ذلك بأمر من قادة المؤسسة العسكرية، التي أعلن رسميا عام 1989 انسحابها من السياسة. غير أن نفوذها في الحكم يظل مستمرا، وبذلت سلطات البلاد جهودا مضنية نهاية تسعينات القرن الماضي لإقناع الغرب بأن الجيش «عاد إلى ثكناته»، بعد أن تدخل مطلع 1992 لإزاحة الرئيس الشاذلي بن جديد على إثر فوز «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» بالأغلبية في انتخابات البرلمان. وألغى الجيش نتائج تلك الانتخابات بذريعة أن الإسلاميين «سيقيمون نظاما شبيها بالنظام الأفغاني».
الجزائر: سياسيون يطالبون الجيش بالابتعاد عن السياسة
على خلفية ملاسنة شديدة بين رئيس الأركان ووزير سابق
الجزائر: سياسيون يطالبون الجيش بالابتعاد عن السياسة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة