خلاف جديد بين حكومة الوفاق والجيش الوطني

TT

خلاف جديد بين حكومة الوفاق والجيش الوطني

برز خلاف جديد أمس بين حكومة الوفاق الليبية، برئاسة فائز السراج، والجيش الوطني الليبي، الذي يقوده المشير خليفة حفتر، بعدما نفى اللواء عبد السلام الحاسي، آمر غرفة «عمليات الكرامة» التابعة للجيش، أن يكون فرج أقعيم، المعين من قبل السراج وكيلاً لوزارة الداخلية في العاصمة طرابلس ضمن قوة الغرفة، أو تصدر إليه أوامر منها.
وجاء هذا النفي بعد ساعات فقط من إعلان أقعيم في مؤتمر صحافي، مساء أول من أمس، عن اعتزامه تفعيل غرفة أمنية مشتركة في بنغازي بشرق البلاد، بالتعاون مع كل الأجهزة الأمنية في المدينة. وعندما سُئل أقعيم عن العلاقة مع قيادة الجيش أكد أنه «لا توجد مشاكل مع القيادة العامة للجيش، ونتلقى التعليمات لمكافحة الإرهاب من غرفة عمليات الكرامة». وأعلن أقعيم عن تخصيص حكومة السراج دعما ماديا، مشيرا إلى أنه سيقوم بتفعيل إنشاء مراكز شرطة في معظم المدن الليبية وخاصة مدينة بنغازي. لكن الجيش الوطني الليبي نفى في المقابل أي تنسيق مع أقعيم، إذ قال مسؤول عسكري في بنغازي لـ«الشرق الأوسط» إن الجيش لا يعترف بمنصب أقعيم ولن يتعاون معه، على اعتبار أنه تولى منصبه من دون موافقة مجلس النواب، المتواجد في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي.
ويسيطر الجيش الذي يقوده المشير خليفة حفتر، على مدينة بنغازي، بعدما نجح في تحريرها من قبضة الجماعات الإرهابية التي هيمنت عليها على مدى السنوات الماضية، ولا يوجد أي نفوذ حقيقي أو فعلى لحكومة الوفاق، التي تمارس عملها من العاصمة طرابلس، على المنطقة الشرقية في ليبيا. ويعكس الخلاف حول مهام وكيل وزارة الداخلية في حكومة السراج فيما يتعلق ببنغازي، صعوبة التوصل إلى تفاهم بين الجيش الوطني وحكومة السراج المدعومة من بعثة الأمم المتحدة.
إلى ذلك، طالب فائز السراج رئيس حكومة الوفاق، المدعومة، أمس، من بعثة الأم المتحدة لدى استقباله بطرابلس لوفد سياسي وعسكري رفيع المستوى من الاتحاد الأوروبي، بتنظيم عمل المنظمات غير الحكومية التي ترسل قطعا بحرية للمتوسط، وحتى لا يتقاطع عملها مع ما تقوم به البحرية الليبية من مهام.
وتأتي تصريحات السراج بعد أيام فقط من تهديد قوات البحرية الموالية لحكومته المدعومة من بعثة الأمم المتحدة باحتجاز سفن المنظمات غير الحكومية، التي تقترب من مياهها الإقليمية من دون إذن مسبق في إطار أعمال الإغاثة، التي تقوم بها لإنقاذ المهاجرين، وذلك بعد حادث وقع بينها وبين منظمة غير حكومية ألمانية.
وأجرى السراج بحسب بيان وزعه مكتبه، محادثات، أمس، في طرابلس مع بيتينا موشايدت رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي، والأدميرال إنريكو كريدندينو، قائد عملة صوفيا البحرية الأوروبي، والعميد ماورودي فينسنتيس، مستشار الدفاع لبعثة الاتحاد الأوروبي، حيث حددت المسؤولة الأوروبية هذا الاجتماع لمناقشة علاقات التعاون والتنسيق بين البحرية الليبية وعملية صوفيا.
وتطرق السراج خلال الاجتماع إلى برامج التعاون المقررة في مواجهة عمليات الهجرة غير الشرعية، والتي تشمل تدريب عناصر خفر السواحل وحرس الحدود لمواجهة عصابات الاتجار بالبشر، والعمل بشكل وثيق في مجال تبادل المعلومات، كما شدد على ضرورة رفع الحظر عن تسليح وتجهيز خفر السواحل الليبي، وبما يمكنه من مواجهة تلك العصابات.
وأطلع الوفد الأوروبي، السراج على ما تحقق في برامج التدريب حيث استكمل 136 عنصرا من خفر السواحل برنامج تدريبهم في إيطاليا، إضافة إلى مجموعات أخرى في عدد من الدول الأوروبية، بينما قال الأدميرال كريدندينو إنه سيتم تدريب 500 عنصر من خفر السواحل قبل حلول الصيف المقبل، مؤكدا أن التعاون مع ليبيا «يسير في الاتجاه الصحيح، مبدياً إعجابه بمهنية المتدربين الليبيين».
وطبقاً لنص البيان، فقد أشاد كريدندينو بجهود البحرية الليبية، وما يتم من تنسيق بينها وبين عملية صوفيا في مواجهة الهجرة غير الشرعية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم