سُنة العراق لتحريك ملف الإقليم

قيادات تدعو إلى «صيغة اتحادية جديدة» بعد الاستفتاء الكردي و«داعش»

عناصر من قوات {الحشد الشعبي} خارج بلدة الحويجة العراقية أمس (رويترز)
عناصر من قوات {الحشد الشعبي} خارج بلدة الحويجة العراقية أمس (رويترز)
TT

سُنة العراق لتحريك ملف الإقليم

عناصر من قوات {الحشد الشعبي} خارج بلدة الحويجة العراقية أمس (رويترز)
عناصر من قوات {الحشد الشعبي} خارج بلدة الحويجة العراقية أمس (رويترز)

كشف مصدر مقرب من «اتحاد القوى العراقية» أن زعامات سياسية سُنيّة اجتمعت، أول من أمس، وقررت لقاء رئيس الوزراء حيدر العبادي «لطرح فكرة تأسيس إقليم سني استناداً إلى الدستور الذي يقر هذا النوع من الخطوات».
وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن «القوى السنية ترى اليوم أنها أمام فرصة لا تعوض لإرغام الحكومة على فكرة القبول بإقليم سني» يحقق استقلالا ذاتياً لمحافظاتها، خصوصاً بعد الأزمة التي أثارها استفتاء الاستقلال في إقليم كردستان العراق.
وأشار إلى «حالات التذمر» التي ما زالت تعانيها هذه المحافظات، سواء من قبل القوات الحكومية أو مجموعات «الحشد الشعبي» المتواجدة في تلك المناطق. وأضاف أن «بعض تلك الجماعات يعمد في شرق الموصل وفي قضاء الفلوجة إلى إقامة مراسم العزاء الحسيني، وهو أمر يثير حفيظة كثير من الأهالي، إلى جانب حالات الاعتقال العشوائي والإجراءات الأمنية غير المبررة في أحيان كثيرة».
ولفت إلى أن شخصيات سنية «لا تستبعد تحالفاً مع الكرد في حال تعنت بغداد حيال مطلب الإقليم، لكنها حتى الآن تتحدث في السر عن ذلك».
وتعكس الخطوة تعويلاً متنامياً في الأوساط السُنيّة على تمخض الخلاف الحالي بين الأكراد والحكومة المركزية التي يهيمن عليها الشيعة، على خلفية الاستفتاء، عن «صيغة اتحادية جديدة» تحكم معادلة السلطة، ويكون السنة فيها أحد اللاعبين الثلاثة الكبار، إلى جانب الشيعة والأكراد في مرحلة ما بعد «داعش» والاستفتاء.
ولخّص نائب الرئيس زعيم «كتلة متحدون» أسامة النجيفي هذا الرهان في تعليقه على أزمة الاستفتاء التي اعتبر أن سببها «سياسات خاطئة وانتهاكات دستورية على مدار 14 عاماً». وطالب بـ«العودة من جديد لكتابة عقد وشراكة جديدة وتفاهمات، وأن نستفيد من كل الأخطاء التي مضت، ولن نقبل أن يتم أي اتفاق بين الطرفين من دون وجودنا».
ويُلاحظ أن عددا غير قليل من النواب السنة اعترض على قرار «الإجراءات العقابية» الذي أصدره مجلس النواب الأسبوع الماضي ضد إقليم كردستان وشمل حظر رحلات الطيران الدولي إلى مطاري أربيل والسليمانية.
وكان رئيس كتلة «متحدون» النيابية ظافر العاني أعلن رفضه «الاستقواء بالخارج أو التهديد بالقوة العسكرية، أو التفرد باتخاذ قرارات مصيرية»، معتبراً أن «مشكلة الاستفتاء إنما هي مشكلة سياسية وينبغي أن تكون حلولها في الإطار السياسي ولا تمتد إلى حياة المواطنين والنازحين».
وبارك السياسي السُنّي المثير للجدل ناجح الميزان في تصريحات علنية الاستفتاء الكردي، وطالب بـ«ضرورة استغلال الحدث والخروج من عباءة حكومة بغداد»، معتبراً أن «الحكومة الاتحادية التي تتحدث باسم السنة تمثل إرادة ولاية الفقيه، وكردستان تمثل إرادة شعب، وبالتالي هناك فارق كبير بينهما. ما يهمني هو المحافظات العربية السُنيّة التي تتعرض للذبح والقتل والتهجير والتشريد».
لكن الحكومة الاتحادية لا تزال تحظى بتأييد بعض الشخصيات السُنيّة. وتقول النائبة عن «اتحاد القوى العراقية» ناهدة الدايني لـ«الشرق الأوسط»: «أؤيد الحكومة الاتحادية فيما يخص أزمتها الحالية مع الإقليم، وأعتقد أن من الضروري إعادة النظر بمفهوم المناطق المتنازع عليها لأن المكون العربي يمثل نحو 90 في المائة من سكانها».
وتشدد الدايني، وهي نائبة عن محافظة ديالى التي توجد فيها مناطق متنازع عليها مع إقليم كردستان، على أن «من غير المعقول أن تتم المجاملة على حساب المناطق العربية، وقد اقتطع نصف محافظة ديالى بالقوة بحجة أصله الكردي».
لكنها تعترف أن «سُنة العراق هم الخاسر الأكبر في معادلة السلطة بعد 2003. ولا داعي لتحالفهم مع الكرد هذه الأيام». وتعتبر أن «الكرد والشيعة اشتركا في عمليات التهجير التي تعرض لها المكون السني في العراق في محافظات ديالى وكركوك والحلة وغيرها، واشتركا أيضاً في عدم السماح بعودة كثير من المهجرين إلى مناطقهم السابقة». وأضافت: «ما أقوله يمثل وجهة نظري الشخصية، وليست بالضرورة وجهة نظر اتحاد القوى العراقية، لكنني مع وحدة العراق والتزام الجميع بالدستور».



لا موعد لعودة هوكستين ولا مكان للتقدم لتطبيق الـ1701

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
TT

لا موعد لعودة هوكستين ولا مكان للتقدم لتطبيق الـ1701

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)

الترويج لمعاودة الوسيط الأميركي آموس هوكستين تحركه بين بيروت وتل أبيب للتوصل لوقف النار يبقى في إطاره الإعلامي، ما دام رئيسا المجلس النيابي نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لم يتبلغا بموعد عودته ولا بتحقيق بعض التقدم في زيارته الأخيرة لإسرائيل، وإلا فلماذا اضطر للعودة إلى واشنطن بدلاً من أن يعرج على بيروت لإطلاعهما على الأجواء التي سادت اجتماعه برئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو؟

وتقول مصادر سياسية إن مواصلته للوساطة الأميركية بين لبنان وإسرائيل للتوصل إلى وقف للنار تمهيداً لنشر الجيش اللبناني، إلى جانب قوات الطوارئ الدولية «يونيفيل» في جنوب الليطاني لتطبيق القرار الدولي 1701 بعد الاتفاق على آلية تنفيذه، تبقى عالقة على نتائج السباق الرئاسي إلى البيت الأبيض بين الرئيس السابق دونالد ترمب ومنافسته كامالا هاريس، والتي ستظهر تدريجياً في الساعات المقبلة.

وساطة هوكستين وسباق الرئاسة الأميركية

وتؤكد مصادر سياسية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أن مصير الوساطة التي يتولاها هوكستين لنزع فتيل التفجير بين إسرائيل و«حزب الله» يتوقف على من سيحسم السباق الرئاسي الأميركي. وتقول إن انتخاب هاريس من شأنه أن يسهّل مهمته ويتيح له الاستقواء بوصولها إلى البيت الأبيض على نحو يمكّنه من وضع حد للابتزاز الذي يمارسه نتنياهو؛ لأنه سيكون في وسعها الاستعانة بالرئيس الحالي جو بايدن لوضع تطبيق الـ1701 على نار حامية، حتى قبل أن تبدأ ممارسة صلاحياتها الرئاسية في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، هذا في حال أنها حسمت أمرها وقررت إخراج الوساطة من المراوحة، أسوة بتلك التي أصابت مفاوضات غزة.

وترى المصادر ذاتها أن فوز ترمب بالرئاسة قد يؤدي إلى تمديد أمد المراوحة التي يحاول نتنياهو الإفادة منها لمواصلة تدمير القرى الأمامية التي لم تعد صالحة للإقامة فيها.

فوز ترمب يمدد فترة تفلت نتنياهو

وتخشى المصادر نفسها أن انشغال ترمب في تشكيل إدارته بالبيت الأبيض سيؤدي حتماً إلى تمديد فترة «السماح» لنتنياهو لترتيب الوضع في القرى الأمامية الحدودية، ولكن على طريقته، بما يمكّنه من انتزاع موافقة الحكومة اللبنانية للتسليم بتفسيره لتطبيق القرار الدولي استباقاً لإعادة ترتيب الوضع في المنطقة، آخذاً بعين الاعتبار إطباق الحصار على إيران والقضاء على أذرعها، بدءاً بـ«حزب الله»، بقطع كل أشكال الإمداد العسكري والمالي له، بالتلازم مع استهدافه للبنية الاقتصادية، ليس للحزب فقط، وإنما للطائفة الشيعية، وهذا ما يفسّر تدميره للأسواق والمصانع والمؤسسات والمرافق الحيوية التي لا غنى عنها للنهوض مجدداً بهذه المناطق.

وفي هذا السياق، تسأل المصادر عمّا إذا كان وصول ترمب يشكل محطة لاختبار مدى جديته بإنهاء الحروب، بدءاً بإعادة الهدوء المستدام إلى الجنوب، انسجاماً مع وعوده التي قطعها في لقاءاته مع الاغتراب اللبناني. فهل يضغط على إسرائيل لتطبيق الـ1701 بكل مندرجاته؟

استعصاء نتنياهو

وتستغرب المصادر السياسية وضع اللائمة على لبنان بتحميله مسؤولية إضاعته للفرص التي أتيحت لتطبيق الـ1701، وتقول إن نتنياهو هو من يستعصي ويتمرّد على الإدارة الأميركية برفضه التجاوب مع الإطار العام الذي اتفق عليه هوكستين مع بري لتسهيل تنفيذ القرار، وذلك بمطالبته بإدخال تعديلات عليه غير قابلة للتنفيذ، من وجهة النظر اللبنانية، كونها تجيز له استمرار تحليق الطيران الحربي والاستطلاعي في الأجواء اللبنانية، وتعطيه الحق بالتوغل في منطقة جنوب الليطاني ولو من باب الشبهة، بذريعة أن هناك من يعدّ لتحرك يراد منه تهديد أمن إسرائيل.

وتكشف المصادر عن أن هوكستين كان قد أبلغ مسؤولين لبنانيين، وهو في طريقه إلى تل أبيب للقاء نتنياهو، أن الأجواء إيجابية وتفتح الباب أمام التوصل لوقف النار. وتقول إنه تحدث لاحقاً عن حصول تقدُّم بقي إعلامياً، مع أنه، كما نُقل عنه، أمهل نتنياهو بعض الوقت نزولاً عند رغبته، ما أوحى له بأن للبحث صلة على طريق إنهاء الحرب.

نتنياهو يسعى لترتيبات أمنية

لكن، تبين بحسب المصادر أن لا أساس للتقدم الذي تحدث عنه هوكستين، وإلا فلماذا يوسع نتنياهو تدميره وحرقه للقرى؟ ما يدعو للتساؤل عمّا إذا كان يود خوض المفاوضات على طريقته، وتحت النار، للضغط على لبنان للتسليم له بإدخال «ترتيبات أمنية» على الـ1701، يمكن أن تسمح له بتفريغه من مضامينه، مع أن لبنان أقر بأن لا مفر من تطبيقه على قاعدة الاعتراف بالاستعداد للدخول في مرحلة سياسية جديدة غير تلك القائمة حالياً، وأدت إلى تعطيل تنفيذ القرار.

وترى المصادر أنه لم يعد من مبرر للربط بين جبهتي غزة والجنوب، وأنه لا بد من الفصل بينهما لعدم توفير الذريعة لنتنياهو للتفلت من وقف حربه على لبنان بتطبيق الـ1701، مع أنه لم يكن من ضرورة لإسناد «حزب الله» لغزة، الذي شكل بتفرُّده بقرار السلم والحرب إحراجاً للحكومة عربياً ودولياً، باعتبارها صاحبة الصلاحية في اتخاذه، فيما افتقد الحزب إلى من يناصره، بخلاف وحدة الساحات التي يدعو لها محور الممانعة بقيادة إيران، وهذا ما ألقى عليه عبء المواجهة منفرداً.