عرب وعجم

عرب وعجم
TT

عرب وعجم

عرب وعجم

> علي عبد العال، رئيس مجلس النواب المصري، وقّع مع رئيس مجلس الشعب الصومالي، محمد شيخ عثمان جواري، بروتوكولاً للتعاون المشترك يهدف لإضفاء الطابع المؤسسي على العلاقات المصرية الصومالية. وأكد الجانبان عمق العلاقات بين البلدين والرغبة المشتركة في تطويرها في المجالات كافة، خصوصاً في النواحي الأمنية والتعليمية وتطوير البنية التحتية في الصومال، خاصة في ظل اتفاق كلا البلدين على مواجهة التحديات المشتركة.
> لي بوم يون، السفير الكوري في عمّان، قال في تصريح له بمناسبة العيد الوطني لبلاده إن الأردن وكوريا الجنوبية يحتفلان هذا العام بمرور 55 عاماً على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، حقق البلدان خلالها تقدماً كبيراً في مختلف المجالات خصوصاً الاقتصادية.
> إيهاب بسيسو، وزير الثقافة الفلسطيني، أطلق في متحف الشهيد ياسر عرفات فعاليات أيام الترجمة والأدب بالتعاون مع منشورات المتوسط في إيطاليا بمناسبة يوم الترجمة العالمي تحت شعار «فلسطين: الحضارة وتواصل المعرفة». وقال الوزير إن هذا الفعالية تأتي كجزء من الانحياز إلى فعل الثقافة على أرض فلسطين الذي فيه انحياز لمقاومة سياسات الاحتلال.
> خولة عبد الرحمن الملا، رئيسة المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، استقبلت لطفي بن عامر، قنصل عام الجمهورية التونسية في دبي والمناطق الشمالية، وجرى خلال اللقاء الإشادة بعمق العلاقات التي تربط بين الإمارات وتونس وبالتواصل الثقافي والعلمي والفكري والفني.
> أحمد أبو غوش، اللاعب الأردني الدولي، الفائز بالميدالية الذهبية بالأولمبياد التي أقيمت مؤخرا في البرازيل، كرمه رئيس دولة فلسطين، محمود عباس. جاء ذلك خلال استقبال الرئيس للاعب، بحضور رئيس اللجنة الأولمبية الفلسطينية اللواء جبريل الرجوب، ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج، والقائم بالأعمال الأردني في رام الله نزار القيسي، والمدرب فارس عساف.
> الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير الثقافة وتنمية المعرفة الإماراتي، افتتح أول مهرجان موسيقي ملهم في دبي بعنوان «اجعل الذكاء مرحاً». وقال إن القرارات والسياسات الحكيمة من قبل الشيخ خليفة بن زايد رئيس الدولة، والتي يتم تنفيذها والعمل بها من قبل الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، جعلت من الإمارات مثالاً يحتذى في تحفيز الشباب.
> صبري صيدم، وزير التربية والتعليم العالي الفلسطيني، بحث خلال لقائه مع ممثل جمهورية البرازيل في القدس، فرنسيسكو مورو، ترتيبات زيارة وزير التربية البرازيلي لفلسطين الشهر الحالي، بالإضافة إلى سبل تجديد اتفاقية التعاون التعليمي بين البلدين. وأكد «صيدم» اهتمام الوزارة الكبير بتفعيل أواصر الشراكة مع البلدان الصديقة والشقيقة كافة عبر توقيع اتفاقات التعاون التي تحقق الغايات المنشودة. بدوره، أعرب «مورو» عن استعداد بلاده لدعم التعليم بفلسطين وتوفير المقومات كافة التي من شأنها خدمة الأهداف المشتركة.
> سلمان الهرفي، سفير فلسطين لدى فرنسا، شارك في اجتماع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية المنعقد في باريس حول التجارة والاستثمار في دول البحر المتوسط وشمال أفريقيا. وثمن «الهرفي» جهود منظمة التعاون في توفير بيئة مثلى لتبادل الخبرات بين بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أجل الارتقاء بالشروط المعيشية للأفراد وتعزيز التكامل الاقتصادي بينها.
> الشيخ عبد الله بن ناصر البكري، وزير القوى العاملة بسلطنة عمان، كرم الطالبة عفراء بنت سيف الكعبية، الفائزة بالمركز الثاني في مسابقة «نت رايدرز» على مستوى الشرق الأوسط، والتي نظمتها شركة «سيسكو» العالمية، وذلك خلال استقباله لها وأسرتها بمكتبه بديوان عام الوزارة. وهنأ الوزير الطالبة وأسرتها بالإنجاز الذي حققته لها ولبلدها.
> السفير جمال فارس الرويعي، المندوب الدائم للبحرين لدى الأمم المتحدة، شارك في الاجتماع رفيع المستوى للجمعية العامة المعني بتقييم خطة عمل الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الاتجار بالأشخاص. وأكد السفير أهمية تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء ووكالات وهيئات الأمم المتحدة ذات الصلة بمكافحة الاتجار بالأشخاص، وضرورة تعزيز الوعي العام بأهمية محاربة جميع أنواع الاتجار بالبشر.
> إيفان سيركوس، سفير الاتحاد الأوروبي في القاهرة، شهد احتفالية إطلاق برنامج «منا» الثقافي، الممول من قبل الاتحاد الأوروبي وينفذ من قبل المركز الإيطالي للبحوث والتعاون في مصر وجمعية الصعيد للتعليم والتنمية وشركة إينوفوتي والمشرق للإنتاج. وأكد في كلمته أن الاتحاد ملتزم بمساندة مصر في تحقيق التنمية المستدامة والاستقرار، مشيراً إلى أن الاتحاد حريص أيضاً على تفعيل التعاون بينه وبين مصر في المجال الثقافي.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)