إضراب المعلمين في مناطق الانقلاب يؤجل دراسة 6 ملايين طالب

باحث يمني: التمرد الحوثي يركز على صناعة الجهل والمرض والجوع

طفلان في استعراض حوثي للسلاح في صنعاء (إ.ب.أ)
طفلان في استعراض حوثي للسلاح في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

إضراب المعلمين في مناطق الانقلاب يؤجل دراسة 6 ملايين طالب

طفلان في استعراض حوثي للسلاح في صنعاء (إ.ب.أ)
طفلان في استعراض حوثي للسلاح في صنعاء (إ.ب.أ)

حرم الإضراب الذي نفذه المعلمون في المناطق الخاضعة لسيطرة الانقلاب الحوثي نحو ستة ملايين طالب وطالبة من التعليم مع بداية العام الدراسي الجديد المقرر أمس، ما استدعى ميليشيات الانقلاب لإطلاق تهديدات ضد القائمين على العملية التعليمية، وهو التهديد الذي قابله العاملون في سلك التعليم بالرفض جملة وتفصيلا، مشددين على ألا عمل بلا أجر، وأن دفع الرواتب الغائبة منذ عام يجب أن يتم قبل بدء العام الدراسي.
أمام ذلك، استنكرت النقابة العامة للمهن التعليمية والتربوية لغة التهديد والتخوين التي تنتهجها وزارة التربية والتعليم التابعة للتمرد الحوثي، وهي اللغة التي تستخدمها في تصريحاتها وتعاميمها وتعاطيها مع مطالب التربويين.
وشددت النقابة العامة للمهن التعليمية والتربوية على أن العام الدراسي لن يبدأ إلا بعد تسليم مرتبات التربويين، محذرة في الوقت نفسه السلطات المركزية والمحلية والإدارات التنفيذية «من التورط في اتخاذ أي إجراءات تعسفية قد يكون من شأنها اصطدام السلطات المحلية والإدارات التنفيذية بالمعلمين، الذين لن يتراجعوا عن مطالبهم، وليس لديهم أي خيار عملي ممكن سوى الإضراب المفتوح حتى يتم صرف مرتباتهم».
وعبرت النقابة عن أسفها على ما صدر من وزير التربية والتعليم من تهديدات غير مبررة ضد التربويين الذين ينفذون إضرابا مفتوحا للمطالبة بمرتباتهم التي لم تصرف منذُ عام.
يشار إلى أن وزارة التربية والتعليم الخاضعة لسيطرة التمرد، قالت عبر موقعها الرسمي على الشبكة العنكبوتية، إن «وزارة التربية والتعليم تلاحظ تبني بعض مواقع وصفحات التواصل الاجتماعي حملة إعلامية مغرضة تدعو لتأجيل موعد بدء الدراسة للفصل الدراسي الأول من يوم السبت 30 - 9 – 2017، والذي حدده التقويم المدرسي للعام الدراسي 2017 – 2018، الصادر بالقرار الوزاري رقم (119) لسنة 2017 إلى موعد بديل».
وعبرت النقابة العامة للمهن التعليمية عن أسفها على ما ورد من تخوين وتهديد ووعيد في تصريح الوزارة الصادر مساء أول من أمس الجمعة، منشورا على صفحتها الرسمية، عقب اللقاء الذي جمع القيادات التربوية والنقابية بقيادة حكومة الانقلاب برئاسة الدكتور عبد العزيز بن حبتور وحضور نائب رئيس وزراء التمرد للشؤون الاقتصادية حسين مقبولي، ووزير التعليم العالي حسين حازب ووزير الإعلام أحمد حامد ووزير الدولة رضية محمد عبد الله، في حين غاب مسؤولو وزارة التربية والتعليم عن حضور الاجتماع وكأن الأمر لا يهمهم.
في هذه الأثناء، قال عبد السلام محمد رئيس مركز «أبعاد» للدراسات، إنه «عند الحديث عن الحكم الأمامي في اليمن يتبادر إلى الذهن دائما ثلاث جرائم ضد الشعب اليمني: الجهل والمرض والجوع».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لأن انقلاب الحوثي صالح أعاد لليمن النسخة الأصلية لحكم الأئمة، فإن أول هدف من أهدافهم تجهيل المجتمع، ولذلك استهدفوا التعليم بعد إجراءات أهمها تحريف المناهج ثم تجنيد أطفال المدارس ثم إيقاف رواتب المعلمين ثم فرض رسوم عالية كخصخصة للتعليم العام على من يريد الالتحاق بالمدارس وهو ما يعني دفع غالبية الأطفال إلى الشوارع وتجهيل المجتمع واستقطاب الأطفال إلى المعسكرات التي فتحوها والدورات الثقافية الطائفية التي يقيمونها».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.