أفلام تحت قبضة الإرهاب

من القاهرة إلى كنتاكي

TT

أفلام تحت قبضة الإرهاب

ماذا سيكون وضع عشرات الأفلام الجديدة في الأعوام القليلة الماضية لولا الإرهاب؟
هذا العام لم يكن سوى استكمال ما شهده العام الماضي الذي كان بدوره استكمالاً لما شهدته السنوات الماضية كلها.
يتفرع الموضوع ويتشتت إذا ما عدنا إلى جذور أفلام الإرهاب الحديث على الرغم من تاريخه القريب نسبياً، لكننا في هذه السنة وحتى هذا الأسبوع شاهدنا إضافات في عدد الأفلام المناوئة للإرهاب بصرف النـظر عمن يقوم به.
من «قانون البلد» الفنلندي و«سوات: تحت الحصار» الأميركي إلى «سييرانيفادا» الفرنسي، ومن «العيد الوطني» (بطولة مارك وولبيرغ) إلى محاولات ستيفن سيغال البقاء في العناوين عبر «عقد للقتل» مروراً بما لا يقل عن خمسة وعشرين فيلما آخر بعضها اختصر الطريق إلى رفوف الأسطوانات، تكاثرت أفلام الإرهاب مدركة أن الموضوع الذي تثيره متصل بحياتنا العامّة اليوم ونتعامل معه بحذر في المدن وفي الجو وفي أركان الحياة الأخرى.

استحواذ
هذا الأسبوع هناك ثلاثة أفلام أميركية جديدة تنضم إلى ما زال معروضاً من أعمال تدور حول هذا الموضوع. في الواقع، فإن أفلام الإرهاب وأفلام الكوارث الناتجة عن التغيير المناخي تسود الآن مواضيع السينما الجادة من حيث الكم و- إلى حد - من حيث النوع أيضاً.
الأفلام المعنية هي «اغتيال أميركي»: «أقوى» و«كينغزمان: الحلقة الذهبية»، وهي تنضم إلى بضعة أفلام ما زالت معروضة منذ أسابيع قليلة بينها الفيلم المصري «الخلية» والفيلم الأميركي «غير مقفول».
«خلية»، من إخراج طارق العريان وبطولة أحمد عز وسامر المصري ومحمد ممدوح من بين آخرين، يدور حول موضوع الساعة في الساحة المصرية، وهو قيام القوى الأمنية المختلفة بالتصدي للمجموعات الإرهابية. في الفيلم هناك مجموعة واحدة يخطب في أعضائها زعيمها ليلهب حماسهم داعياً إلى الحرب ضد الباطل باسم الدين. وبعد المواجهة الأولى يخسر سيف (أحمد عز) زميلين صديقين له فيقرر أنه الأجدر بملاحقة العصابة الإرهابية والقضاء عليها.
الفيلم أنجز أربعة أسابيع من التحليق فوق قمة الإيرادات المصرية، والجمهور سعيد من ناحيته بمشاهدة فيلم بطولي عن موضوع الإرهاب ينفّس فيه بعض شكواه من الوضع.
في هوليوود نفسها، هناك فيلم «مُغتال أميركي» (American Assassin)، فيه نتعرف على شاب طيّب اسمه ميتش يعرض الزواج من الصبية التي يحب وبعد دقيقتين أو نحوهما، وبينما كانا يقضيان عطلة على ساحل إبيزا الإسباني، يهاجم مسلحون المنتجع السياحي ويقتلون فتاة الأحلام مع آخرين. ميتش ليس من بين الضحايا لأنه بطل الفيلم لكنه، وتبعاً لسيناريو عن رواية ناجحة لفينس فلين، فإن الشاب سوف ينطوي على نفسه لعام ونصف يتعلم خلالها اللغة العربية والقتال اليدوي وإطلاق النار.
هذه الممارسات تلفت نظر جهاز الاستخبارات الأميركية فتطلبه ليصبح عميلها في المجموعة الخاص التي يشرف عليها متمرس اسمه ستان (مايكل كيتون). يلي ذلك كل التدريبات المعهودة قبل إطلاقه للمهمّة الأولى وهي تعقب الجهة التي اشترت اليورانيوم وستقوم بصنع قنبلتها النووية بينما كان بطل الفيلم مشغولاً بالتدريبات كما لو أن جهاز المخابرات الأميركي مكوّن من خلية واحدة هي تلك التي ينتمي إليها بطل الفيلم.

إلى كنتاكي
يتمنى «مُغتال أميركي» التحوّل إلى مسلسل أسوة بجاسون بورن مثلاً، لكن «كينغزمان: الحلقة الثانية» بات بوجود هذا الجزء الثاني وبفضل أكثر من 400 مليون دولار من إيرادات الجزء السابق («كينغزمان: مخابرات») الذي خرج قبل عام ونصف مسلسلاً بالفعل.
هذا الجزء الجديد يعيد الحياة إلى شخصية ماتت في الفيلم الأول هي شخصية هاري كما أداها كولين فيرث بفعالية انتهت عندما قُتل خلال العملية الأخيرة للسيطرة على رئيس لمنظمة الإرهابية (سامويل ل. جاكسون) وقبل أن يثأر العميل الشاب إيغزي (تارون إيغرتون) لمقتله ويطمئن المشاهدين بأن كل شيء أصبح تحت السيطرة.
في الجزء الجديد، لا شيء تحت السيطرة، بل على العكس. الإرهاب يضرب من جديد وبقوّة. منـظمة «كينغزمان» التي ينتمي إليها إيغزي تتعرض للنسف وهو ومساعده مرلن (مارك سترونغ) يلجآن إلى ولاية كنتاكي الأميركية لاستئناف حياتهما القتالية من موقع آخر ولإتاحة الفرصة لضم بضعة ممثلين أميركيين جدد، أهمهم هالي بيري وجوليان مور وشانينغ تاتوم وجف بردجز. ثم ها هو هاري يُبعث حياً والأمور تتحسن باضطراد في مواجهة الشريرة العالمية بوبي (جوليان مور) التي خططت وعلى قاب قوسين أو أدنى من تنفيذ خطة طموحة تقتضي بتسميم معظم البشر.
الإرهابيون هنا، كما في الجزء السابق من هذا المسلسل، لا ينتمون إلى منطقة الشرق الأوسط، لكن الجزء الثالث ليس ببعيد إذا ما كرر هذا الفيلم النجاح ذاته. أخرجه فنسنت ڤون بالديناميكية ذاتها التي أخرج بها الجزء الأول محافظاً على رشاقة كل ما هو غير معقول تبعاً لأن المادة في الأصل مقتبسة من رسوم الكوميكس. لكن الحاجة لكي يبز الجزء السابق تقود الفيلم إلى التهلكة. «كينغزمان: الحلقة الذهبية» أكثر «كاريكاتورية» من الفيلم السابق ومليء بالخدع الغرافيكية بحيث يفقد معناه ويتبدّى هزيل المنطق حتى كفيلم خيالي جانح.
الفيلم الثالث الذي يتناول موضوعاً إرهابياً هو «أقوى» ولو أنه ينحو صوب الدراما باختياره الحديث عن نتائج عملية بوسطن 2013 وليس عن العملية ذاتها. لمن يذكر فإن إرهابيين متطرفين قاما بزرع متفجرات عند خط نهاية ماراثون في تلك المدينة في ذلك العام. فيلم المخرج ديفيد غوردون غرين يتحدث عن الشاب جف بومان (شخصية حقيقية يؤديها جايك جيلنهال) الذي أقعدته الإصابة وكيف يحاول أن يبني نفسه وقدراته ويلملم حياته من جديد. ليس أمراً سهلاً لرجل فقد ساقيه، وهو أصعب بالنسبة لفيلم يريد أن يجسد الشجاعة النفسية التي واجه بها جف حياته الجديدة.

مصعد وطائرة
تنضم هذه الأفلام إلى ما سبقها وبعضها، كما أوردت، ما زال معروضاً من دون نجاح يذكر، فيلم مايكل أبتد الممتاز «غير المقفل» حول عميلة للمخابرات تكتشف أن الجهازين الأميركي والبريطاني متورطان في عملية خداع كبيرة لتنفيذ عملية إرهابية كبيرة وإلصاقها بالمسلمين. يستفيد الفيلم من خبرة المخرج الممتازة في صياغة أفلام التشويق والحركة التي مارسها عبر أفلام سابقة منها «غوركي بارك» (1983) و«ثندرهارت» (1992) و«العالم ليس كافياً» (1999).
فيلم آخر معروض بخجل كونه إنتاج مستقل هو «9‪-‬11» لمارتن غويغوي الذي يفصح عنوانه عن صلته بالموضوع الذي نبحث فيه.
حسب الحكاية المقتبسة عن مسرحية لباتريك جيمس كارسون (تم تقديمها في نيويورك تحت عنوانها الأصلي «مصعد»)، خمسة أشخاص محبوسون في المصعد الكهربائي العالق بين الأدوار العليا لإحدى ناطحتي السحاب التي هوجمت في ذلك اليوم. على الجميع (بينهم تشارلي شين ووودبي غولدبيرغ لوس غوزمان) العمل معاً لفعل شيء ما قبل ضربة ثانية محتملة أو قبل انهيار المبنى بكامله.
ومباشرة إلى سوق الأسطوانات تم توجيه فيلم طائرات وسيارات متسابقة لإحباط عملية إرهابية كبيرة عنوانه «السريع والحازم» (The Fast and the First على غرار The Fast and the Fury) حيث أبطاله من الشباب المتحمس سيحبط مؤامرة أخرى بعدما زرع الإرهاب قنبلة في طائرة مدنية.
كل هذا يعيدنا إلى السؤال الأول حول ماذا سيكون وضع عشرات الأفلام الجديدة في الأعوام القليلة الماضية لولا الإرهاب؟


مقالات ذات صلة

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».