معركة اليونيسكو تنطلق بعد أيام والعرب يدخلونها متنافسين

4 مرشحين عرب ومرشحان من الصين وفرنسا

TT

معركة اليونيسكو تنطلق بعد أيام والعرب يدخلونها متنافسين

ككل مرة، يدخل العرب معركة انتخاب مدير (أو مديرة) جديد لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو)، منقسمين ومتنافسين. فالعملية الانتخابية لهذه المنظمة الأممية الرئيسية ستنطلق في التاسع من أكتوبر (تشرين الأول)، لاختيار خلف للبلغارية إيرينا بوكوفا، التي أمضت 8 سنوات على رأس المنظمة التي مقرها الدائرة السابعة في العاصمة الفرنسية.
والمنافسة في الدورة الراهنة شديدة، إذ إن عدد المتنافسين يبلغ 8، بينهم مرشحان من دولتين دائمتي العضوية في مجلس الأمن الدولي، هما الصين وفرنسا. لكن الظاهرة اللافتة هي وجود 4 مرشحين عرب، هما مرشحتان لبنانية ومصرية، فيرا خوري لاكويه ومشيرة خطاب، وقطري وعراقي، هما حمد بن عبد العزيز الكواري وصالح الحسناوي. وستكون مهمة المجلس التنفيذي، المشكل من 58 دولة، بينها 7 دول عربية، هي الجزائر ولبنان ومصر والمغرب وعمان وقطر والسودان، الفصل بين المتنافسين في دورات متلاحقة، تعقد ابتداء من الاثنين ما بعد المقبل، وذلك عن طريق الاقتراع السري. ويفوز بالاقتراع من يحصل على أصوات أكثرية الأعضاء العادية. بعدها، يعمد المؤتمر العام لليونيسكو، الذي يضم كل أعضاء المنظمة، إلى «تثبيت» المرشح الذي انتخبه المجلس التنفيذي، بحيث يتسلم مسؤولياته في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، لولاية من 4 سنوات.
ولا حاجة لتفصيل أهمية اليونيسكو في مجالات اختصاصها. لكن الواقع، وفق ما يقوله مندوب دولة عربية لدى المنظمة، أن الانتخابات المقبلة، كغيرها من الانتخابات السابقة، «سياسية بامتياز»، حيث المصالح والضغوط تتقدم على الأهلية والبرنامج.
ومنذ إنشاء هذه المنظمة، لم يشغل أي عربي منصب مديرها العام. وثمة إجماع على أن الأحقية اليوم هي لمرشح عربي. والحال، أن هناك عنصرين أساسيين سيحولان، إذا لم يحصل أي تغير ذي معنى في الترشيحات العربية، دون تربع مرشح عربي على رأس هرم اليونيسكو. الأول هو بالطبع تعدد الترشيحات العربية، الأمر الذي سيعني آلياً تشتت الأصوات التي كان يمكن أن تذهب لصالح المرشح الواحد. فضلاً عن ذلك، فإن هذا التعدد يمنع مندوبي الدول العربية من أن يقوموا بحملة واحدة منسقة تعمل للترويج لمرشحهم. أما العامل الثاني، فهو وجود مرشحين رئيسيين، فرنسي وصيني، إذ إن القوة الضاربة دبلوماسياً وسياسياً واقتصادياً، الدافعة لترشيح كل منهما، العاملة على إقناع أعضاء المجلس التنفيذي للاقتراع لصالحه، لا يمكن مقارنتها بما قد يحصل عليه أي من المرشحين العرب من دعم حكومي.
وما يزيد الطين بلة، بالنسبة للمرشحين العرب الأربعة، أمران؛ الأول عنوانه الانقسام الخليجي، والثاني غياب أي اتفاق أو تفاهم للانسحاب العربي للمرشح الأوفر حظاً. وعلمت «الشرق الأوسط»، من مصادر دبلوماسية موثوقة في باريس، أن اتصالاً حصل قبل أيام قليلة بين وزيري خارجية دولتين عربيتين يسعى كل منهما للترويج لمرشحة بلاده. وعندما سعى الأول لإقناع نظيره بانسحاب مرشحته، بحجة أن حظوظها بالفوز أقل، جاءه الرد صاعقاً، إذ سأله الثاني: ولماذا لا تنسحب مرشحتكم؟
من هنا، فإن معركة عدد الأصوات التي يدعي كل مرشح أو مرشحة أنه ضامن لها آخذة بالاشتداد. لكن السؤال الأهم هو: هل تتطابق حسابات الحقل على حسابات البيدر؟
يقول المطلعون بشؤون «اليونيسكو» إن هناك «وسائل ضغط أو إغراء» كثيرة، وهي أسلحة لم يتم التوقف عن استخدامها بتاتاً خلال الدورات السابقة. وإحدى الحجج التي يتم تسويقها تقول إن «اليونيسكو» ترزح تحت عبء 500 مليون دولار من الديون. ولذا، ثمة حاجة لـ«مرشح قوي» قادر على التفاوض مع الولايات المتحدة الأميركية، من أجل إعادتها إلى حضن «اليونيسكو»، الذي لم تخرج منه، لكنها امتنعت عن تسديد حصتها من المساهمات المالية، الأمر الذي أوقع «اليونيسكو» في أزمة، ومنعها من تنفيذ برامج أساسية تقع في صلب مهماتها. لكن مصادر دبلوماسية عربية نقلت عن مندوب واشنطن أن لبلاده «مطالب سياسية» تتعلق أساساً بملف النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وتقود الولايات المتحدة معسكر الداعمين لإسرائيل، وتعتبر أن اليونيسكو «منحازة للفلسطينيين».
ومن بين المرشحين العرب، يبدو صالح الحسواني، المرشح العراقي، الأقل حظاً، وفق ما تؤكده مصادر داخل المنظمة الدولية. وبالمقابل، فإن الوزير القطري السابق السفير السابق في باريس حمد بن عبد العزيز الكواري كان السباق في إطلاق حملته الانتخابية. وتحظى المرشحة المصرية الوزيرة السابقة، مشيرة خطاب، بقرار للتصويت لصالحها صادر عن منظمة الوحدة الأفريقية. ويقول أعضاء من فريقها إنها تحظى حتى الآن بدعم 17 صوتاً، لكن الصعوبة تكمن في أن الاقتراع سري، وتبين الدورات السابقة أن القرارات الصادرة مسبقاً لا تجد طريقها إلى التنفيذ بشكل آلي. أما المرشحة اللبنانية فيرا الخولاي، فإن ما يميزها عن غيرها هي معرفتها الدقيقة بشؤون اليونيسكو، وقد برز ذلك بوضوح خلال جلسات الاستماع التي انعقدت قبل العطلة الصيفية.
وثمة متنافسان رئيسيان تتعين متابعتهما، هما أودري أزولاي، المرشحة الفرنسية وزيرة الثقافة في آخر حكومة للرئيس السابق فرنسوا هولاند؛ ومندوب الصين لدى اليونيسكو كيان تانغ. وجاء ترشيح أزولاي، وهي ابنة أندريه أزولاي، المغربي الفرنسي مستشار الملك الحسن الثاني والملك محمد السادس، بمثابة مفاجأة «مزعجة» ليس فقط للمرشحين العرب، ولكن لآخرين أيضاً، لأن «التقليد» يقول بامتناع البلد المضيف عن التنافس لإدارة مؤسسة دولية يستضيفها. وبغض النظر عن هذا الجانب، فإن التساؤل يتناول مدى استعداد دولة كالصين، تتمتع باستثمارات وحضور قوي في أفريقيا مثلاً، وهي بصدد تنفيذ مشاريع بالغة الضخامة، مثل «طريق الحرير»، لأن تمنى بهزيمة في مؤسسة دولية. لذا، فإن التنبؤ بهوية الفائز في المنافسة الانتخابية يبدو اليوم أمراً بالغ الصعوبة، ويتعين انتظار الأيام المقبلة لتتضح صورة المواقف، ومعها ميزان القوى.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.