وزير يمني: تقرير مفوضية حقوق الإنسان تجاهل وجود انقلاب في بلادنا

عسكر طالب في جنيف بدعم لجنة التحقيق الوطنية

وزير يمني: تقرير مفوضية حقوق الإنسان تجاهل وجود انقلاب في بلادنا
TT

وزير يمني: تقرير مفوضية حقوق الإنسان تجاهل وجود انقلاب في بلادنا

وزير يمني: تقرير مفوضية حقوق الإنسان تجاهل وجود انقلاب في بلادنا

استغرب وزير حقوق الإنسان اليمني، الدكتور محمد عسكر، مما تضمنه تقرير المفوض السامي لحقوق الإنسان حول أوضاع حقوق الإنسان من مغالطات وانحياز كبير وتركيزه على فترة بعينها، فضلا عن تجاهله وجود انقلاب في بلاده.
وقال الوزير في رده، إن «التقرير انحاز منذ البداية إلى رؤية سياسية لا ترى أن الأحداث الجارية في اليمن جاءت نتيجة انقلاب قوى غير شرعية على السلطة، وإن جوهر المشكلة هو الانقلاب والسيطرة على العاصمة وعلى مؤسسات الدولة»، مشيرا إلى أن التقرير يصف الأمر كأنه نزاع على السلطة بين تيارين، ويصف التدخل العربي لنصرة الشرعية وتطبيق القرارات الدولية بالأعمال العدائية على اليمن، وهو أمر غير صحيح ورؤية سياسية منحازة وتجافي الحقيقية.
وأضاف عسكر: «رغم أن قرار مجلس حقوق الإنسان في سبتمبر (أيلول) الماضي طالب بتقرير يستعرض أوضاع حقوق الإنسان منذ 21 سبتمبر 2014، فإن تقرير المفوض السامي ركز على الفترة من 1 يوليو (تموز) 2016 حتى 30 يونيو (حزيران) 2017، ومع ذلك فقد اكتنفته بعض الثغرات في سرد الأحداث والحقائق التي مر بها اليمن خلال تلك الفترة».
وأكد الوزير، في كلمته التي نقلتها وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ)، أنه تم تزويد مكتب المفوض السامي ببعض الحقائق والمعلومات لتقويم التقرير، من خلال تعليقات الحكومة اليمنية عليه، بالإضافة إلى التقرير الموضوعي للجنة التحقيق الوطنية الذي أصدرته في أغسطس (آب) 2017، وتضمن عددا من الحقائق والمعلومات حول الانتهاكات والتجاوزات في اليمن، مشيرا إلى «أن معدي تقرير المفوض السامي لم يعيروا ما تم تقديمه الأهمية المطلوبة، بل على العكس للأسف تم التشهير باللجنة الوطنية عبر البيانات الصحافية أو تحديث المفوض السامي في افتتاح هذه الدورة، وتكرار مقولة عدم قدرة اللجنة الوطنية على إجراء تحقيق مهني ومحايد، وهو ما مثل توجها لا يخدم تعزيز وتطوير التعاون مع اللجنة الوطنية أو الحكومة اليمنية».
ولفت وزير حقوق الإنسان إلى أن «الحكومة اليمنية كانت وما زالت تبدي دائما تعاونا إيجابيا مع مكتب المفوض السامي ومجلس حقوق الإنسان، وكانت تتوقع أن تكون هناك نظرة عادلة وغير منحازة للأحداث التي يشهدها اليمن، لمساعدته على تجاوز الانقلاب وإعادة الشرعية ومحاسبة الميليشيات الانقلابية التي اقترفت جرائم ضد المدنيين والاستيلاء على السلطة بالقوة العسكرية وجر البلاد إلى حرب مدمرة لا تزال قائمة حتى اليوم».
واستعرض عسكر في سياق رده، جهود الحكومة اليمنية في إطار حرصها على حماية وصيانة حقوق مواطنيها التي تجسدت بإصدار رئيس الجمهورية قرارا بتشكيل لجنة التحقيق الوطنية المستقلة بناء على قرار مجلس حقوق الإنسان في دورته الـ18 في عام 2012، للنظر في الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني وإجراء التحقيقات المطلوبة.
وأشار إلى أن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أصدر في 23 أغسطس (آب) الماضي مرسوما رئاسيا بشأن إعادة هيكلة لجنة التحقيق الوطنية، وتمديد ولايتها لاستكمال مهمتها للتحقيق في الادعاءات بانتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في اليمن.
وأكد أن اللجنة الوطنية بذلت جهودا كبيرة منذ إنشائها، حيث رصدت ووثقت 17 ألف حالة، وحققت في 10 آلاف حالة، وجهزت 3 آلاف ملف قضية، وهو جهد لم تقم به أي لجنة تحقيق شكلها مجلس حقوق الإنسان حتى اليوم.
كما أكد الوزير عسكر، أن اللجنة الوطنية ومن هذا المنطلق تحتاج إلى تشجيع مجلس حقوق الإنسان والمجتمع الدولي والمنظمات الدولية، لتعزز من مهنيتها واستقلاليتها، وتقدم لها الخبرات الفنية والدعم الفني حتى تستطيع أن تنجز أعمالها في الفترة المقبلة باستقلالية وحيادية ومهنية وشمولية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم