معركة لإنقاذ الشوكولاتة... الحلوى المفضلة في العالم

محصول الكاكاو في كوستاريكا يواجه الأمراض ومحاولات لتهجين ثماره

TT

معركة لإنقاذ الشوكولاتة... الحلوى المفضلة في العالم

تنمو أشجار المجموعة الدولية لجمع الكاكاو هنا بأشكال متنوعة مذهلة، وتحمل ثمار الكاكاو ذات النتوءات التي تشبه العقارب، والثمار الخضراء كروية الشكل التي يمكن الخلط بينها، وبين التوماتيلو (نوع من الحرنكش)، وهي ثمار مستطيلة لها قشرة غير مستوية تشبه جلد السحلية ذات القرون وذات ألوان متعددة من الأرجواني الداكن إلى الأصفر الزاهي.
توجد داخل كل ثمرة بذور تتحول إلى شيء يحبه مليارات الناس وهو الشوكولاتة. رغم كل هذا التنوع، لا يتم زراعة سوى القليل من أنواع الكاكاو، وتمثل هذه مشكلة؛ فمثل غيره من المحاصيل الأخرى، يواجه الكاكاو خطر الإصابة بالأمراض، إلى جانب التحديات البيئية التي تزداد بسبب اكتفائنا بزراعة أنواع محدودة لها صفات وراثية وعيوب متشابهة أو متطابقة.
يقول ويلبرت فيليبس مورا، المشرف على هذه المجموعة التي تضم 1.235 نوع من أشجار الكاكاو، ورئيس برنامج التطوير الوراثي في مركز أبحاث الزراعة الاستوائية والتعليم العالي: «تنتمي أكثر الأنواع على مستوى العالم إلى مجموعة محدودة من النسخ التي تم اختيارها في الأربعينات».
تعني محدودية الموروثات أن أنواع الكاكاو التي تنتشر زراعتها معرضة للإصابة بالأمراض نفسها، التي يمكن أن تنتشر سريعا.
وقد ساعد إنتاج الكاكاو في تحقيق ازدهار نسبي لكوستاريكا المطلة على ساحل البحر الكاريبي حتى نهاية السبعينات حين بدأ المزارعون ملاحظة تكون طبقة بيضاء من الفطريات على الثمار الموجودة على الأشجار التي تؤدي في النهاية إلى جفاف الثمرة.
سرعان ما انتشر ذلك الفطر، الذي يطلق عليه مونيليا، أو تعفن القرون المجلد، في أنحاء البلاد، وبحلول عام 1983 تراجعت صادرات كوستاريكا من حبوب الكاكاو الجافة بنسبة 96 في المائة؛ ولم تتعاف الصناعة منذ ذلك الحين.
كتب المغني والتر فيرغسون في إحدى أغنياته: «مونيليا لقد أتيت لتبقى، وكل ما جلبته هو الجوع وخواء البطن، وتقول لي إنك لن تبرح المكان حتى تجعلني فقيرا».
ربما تكون الأغنيات الشعبية عن الفطريات نادرة، لكن الدمار الذي لحق بالصناعة الأهم في المنطقة كان عميقا. ورغم أن انتشار المرض في كوستاريكا بات من الماضي، يواصل الفطر انتشاره. ويقول دكتور فيليبس مورا: «أرى أن صناعة الكاكاو تواجه خطرا مستمرا وذلك لاحتمال انتشار هذا المرض سواء عمدا أو عرضا، بسبب رحلة طيران واحدة». وقد وفر تنامي حركة السفر والتجارة في الدول النامية مسارات جديدة للعدوى.
ويعتقد دكتور فيليبس أن أحدث انتشار للمرض في جامايكا خلال شهر سبتمبر (أيلول) 2016، قد يكون نتيجة تنقل مهربي الماريغوانا سرا بين كوستاريكا وجامايكا، حيث ربما كانوا يجلبون معهم ثمرات كاكاو مصابة لتناولها بوصفها وجبات خفيفة أثناء رحلتهم إلى الوطن.
تم تأكيد انتشار المرض للمرة الأولى خارج أميركا اللاتينية، ويشير هذا إلى قدرة الفطر على البقاء والصمود في رحلات أطول ولمسافات أبعد من المتصور. وربما تواجه مناطق أخرى منتجة للكاكاو مثل غرب أفريقيا، التي تمثل مصدر كل كمية الكاكاو التي تتحول إلى منتجات علامات تجارية كبرى تقريبا مثل «هيرشيز كيسيز»، و«إم أند إم»، خطر انتشار أمراض مماثلة.
حتى من دون تعفن القرون المجلد، يعد الكاكاو محصولا يواجه كثيرا من المشكلات، فهناك كثير من الأمراض الأخرى مثل عصا الساحرة، والثمرة السوداء، وفيروس ساق الكاكاو المتورمة، التي تصيب أشجار الكاكاو أيضًا. كذلك من المتوقع أن يؤدي التغير المناخي إلى تفاقم المشكلات بسبب وجود زيادة مسببات أمراض النباتات الاستوائية.
تؤدي تلك الصعوبات إلى تراجع إقبال المنتجين على الكاكاو؛ فالمحصول ضعيف والأرباح قليلة، إلى جانب تقدم مزارعي الكاكاو في العمر، في الوقت الذي يهجر فيه الجيل الجديد المجال الذي تعمل به عائلاتهم.
على الجانب الآخر يزداد الطلب على الشوكولاتة خاصة مع انغماس أسواق مثل الصين والهند في مذاق ما كان في السابق حلوى تقتصر على المستهلكين الأميركيين والأوروبيين. لذا يلوح في الأفق نقص في إنتاج الشوكولاتة.
وهنا يأتي دور مشروع دكتور فيليبس مورا؛ فقد يعالج التنوع الوراثي للكاكاو، الذي يتم العمل عليه في المجموعة الدولية لجمع الكاكاو، أزمة الشوكولاتة.

حل التهجين
في بداية حقبة الثمانينات، كان دكتور فيليبس يعمل من أجل معرفة أنواع أشجار الكاكاو التي تنتج أكبر كمية من الثمار، والأكثر قدرة على التكيف، ثم قام بعملية تهجين مرهقة بين الأنواع المرشحة من أجل إنتاج أنواع جديدة.
وتعد عملية تهجين أنواع الكاكاو المختلفة عملية طويلة فشل فيها كثير من الخبراء على مستوى العالم، لكن في عام 2006 دشّن دكتور فيليبس أول مجموعة من الكاكاو الهجين. وكانت الاختلافات مذهلة فيما يتعلق بمقاومة الأمراض، والإنتاجية، فقد كان إنتاج الستة أنواع الهجينة التي عمل عليها دكتور فيليبس أكبر في المتوسط بمقدار ثلاثة أمثال، وفي الظروف المثالية، يمكن أن يكون إنتاج الأنواع الهجينة الأكثر خصبا من الكاكاو أكبر بمقدار ستة أمثال.
بعد تجربة استمرت لمدة أحد عشر عاما، بلغت نسبة إصابة نوع هجين يطلق عليه اسم «سي إيه تي آي إي - آر 6»، بتعفن القرون المجلد 5 في المائة، مقارنة بـ75 في المائة في المجموعة المعيارية. ويقول دكتور فيليبس: «ليس هدفنا إنتاج الكاكاو، بل توفير ظروف الحياة الأساسية للمزارعين. أكثر مزراعي الكاكاو فقراء، لأن النظام يقوم على نبات ذي قدرة إنتاجية منخفضة».
يمكن للأشجار، التي تسبح ضد التيار، أن تجعل مجال عمل العائلة يبدو أكثر جذبا للجيل القادم من مزراعي الكاكاو. ويتم حاليا زراعة الأنواع الهجينة، التي يعمل عليها مركز أبحاث الزراعة الاستوائية والتعليم العالي، في كل دول أميركا الوسطى وكذلك في المكسيك والبرازيل. قد تفيد إنتاجية المحصول الزراعي، والمقاومة للأمراض المزارعين، لكن لا يكون لمحصول الكاكاو قيمة إذا كان مذاق الشوكولاتة، التي يتم إنتاجها في النهاية، سيئا؛ فالشوكولاتة مرتبطة باللذة وحب الطعام.
مع ذلك على عكس كل محاولة حديثة معاصرة لزيادة إنتاج المحاصيل، يتضمن برنامج دكتور فيليبس للتهجين الحصول على النكهة الجيدة شرطا أساسيا. يتم التخلي عن أنواع الكاكاو التي لا تثير إعجاب الخبراء بمختلف أذواقهم حتى إن كان حجم إنتاجها كبير. بفضل هذه الطريقة يتسم الكاكاو، الذي ينتجه المركز، بمذاق جيد على عكس كثير من المحاصيل المفضلة لعلم الزراعة مثل التفاح الأحمر اللذيذ، وموز كافنديش.
وبدأ مصنعو الشوكولاتة تحميص وتعبئة أنواع دكتور فيليبس، وقد أنتجت شركة «دانديليون تشوكليت»، ومقرّها سان فرانسيسكو، مؤخرًا ألواح شوكولاتة مصنوعة من خليط من الأنواع الستة الهجينة الخاصة بالمركز. ويقول غريغ دي أليساندر، رئيس توريد الكاكاو في «دانديليون»: «أعتقد بصدق أن ذلك اللوح سيكون من الألواح الأكثر شعبية الخاصة بنا. إنه يتسم بتوازن لطيف بين نكهة الشوكولاتة والكراميل».
مع ذلك لا تقدم أنواع دكتور فيليبس من الكاكاو حلا مثاليا لكل التحديات والمشكلات التي تواجهها المحاصيل؛ فهي لا تستطيع جميعا التلاقح والتكاثر ذاتيا، وبعض الحبوب صغيرة الحجم، ولم يتم اختبارها في أفريقيا أو آسيا بعد، ولا تستطيع مقاومة جميع مسببات الأمراض التي تصيب الكاكاو على المستوى العالمي. أوشكت التجارب الميدانية، التي يتم إجراؤها على مجموعة جديدة من الأنواع الهجينة من أجل معالجة تلك المشكلات، على الانتهاء.
كذلك تم عمل القائمة الحالية من النسخ على أساس المخاطر المعروفة التي تواجه إنتاج الكاكاو، في حين سيحمل المستقبل معه متطلبات جديدة. مسببات الأمراض تتطور، ويمكن أن تؤثر الحلول السياسية غير المستقرة في الدول النامية على الزراعة. كذلك سوف يؤدي التغير المناخي إلى تغير المشهد على نحو غير متوقع.
لا يكمن الحل في التخلي عن كل أنواع الكاكاو الموجودة، واستخدام الأنواع الست الأخرى بدلا منها، لكنه يتمثل في القدرة على مواصلة الحرص على تنوع محاصيل الكاكاو التي يتم زراعتها على مستوى العالم. مثل منشأة التخزين «سفالبارد سيد فولت»، تمثل المجموعة الدولية لجمع الكاكاو، وسيلة حماية لمواجهة كوارث مستقبلية مجهولة الشكل.
أيا كان التحول الذي قد يحدث للفطريات، وأيا كانت المنطقة التي سيصيبها الجفاف، ورغم احتمال تغير مذاق الشوكولاتة، فمن المرجح أن تكون هناك موروثات من نبات الكاكاو في مكان ما قادرة على تكوين أساس لأنواع هجينة جديدة لمواجهة تحديات المستقبل.
مع ذلك لا يزال دكتور فيليبس يشعر بالقلق تجاه المستقبل؛ فرغم عمله مع شركات كبرى مثل «مارس»، و«نستله»، و«هيرشي»، يتم تخصيص الأموال التي يحصل عليها لمشروعات بحثية محددة بدلا من تطوير المجموعة، والبرنامج من أجل المستقبل. وبحسب تقديره يحصل على أقل من 5 في المائة من المال اللازم لتطوير المشروع سنويا، لذا رغم تقاعد دكتور فيليبس منذ ثلاثة أعوام، يعتزم مواصلة العمل إلى أن يتم ضمان التمويل اللازم للمشروع. وأوضح قائلا: «سأشعر بالسعادة حين أغادر هذه المؤسسة وأنا أعلم أنه سيتم توفير الحماية المالية للمشروع. إنه كنز للجميع، ولكل محبي الكاكاو».
* خدمة {نيويورك تايمز}


مقالات ذات صلة

من السعودية إلى أستراليا وبريطانيا… ابتكارات طلابية ترسم مستقبل الزراعة

خاص رغم اختلاف البيئات بين السعودية وبريطانيا وأستراليا تجمع المشاريع رؤية بناء زراعة مرنة وقادرة على مواجهة التغير المناخي (أدوبي)

من السعودية إلى أستراليا وبريطانيا… ابتكارات طلابية ترسم مستقبل الزراعة

كشفت 3 مشاريع طلابية من السعودية وأستراليا وبريطانيا مستقبلاً زراعياً جديداً يعتمد على الري الذكي وإنعاش التربة وتحليلها لحظياً، لبناء زراعة مرنة.

نسيم رمضان (دبي)
يوميات الشرق محطة الفضاء الدولية (رويترز)

يعزز آمال الزراعة على المريخ... نبات ينجو 9 أشهر في الفضاء ويتكاثر بعد عودته

عزَّزت الطحالب التي نجت لتسعة أشهر في الفضاء الآمال في إمكانية زراعة محاصيل على المريخ لإطعام رواد الفضاء.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
العالم العربي تدخلات مركز الملك سلمان للإغاثة في اليمن ساهمت في رفع مستوى الخدمات الصحية (المركز)

مشاريع سعودية واتفاقيات حيوية لتعزيز التعافي في اليمن

كثف مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي من تنفيذ برامجه الإنسانية والتنموية في عدد من المحافظات اليمنية

«الشرق الأوسط» (عدن)
يوميات الشرق طفل أفغاني يقف في حقل دوار الشمس بولاية قندهار (أ.ف.ب)

رطوبة الطقس تؤثر على حصاد دوار الشمس وفول الصويا في أوكرانيا

كشف المجلس الزراعي الأوكراني، أكبر اتحاد زراعي في البلاد، أن هطول الأمطار المتواصل في مناطق زراعة دوار الشمس وفول الصويا والذرة الرئيسية يخفض كمية المحاصيل.

«الشرق الأوسط» (كييف)
صحتك خضراوات بإحدى الأسواق الإندونيسية (إ.ب.أ)

دراسة: الخضراوات الطازجة تمتص البلاستيك مباشرة من التربة

وجدت أبحاث أن شظايا البلاستيك النانوية الدقيقة الموجودة بالتربة يمكن أن تتسلل إلى الأجزاء الصالحة للأكل من الخضراوات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.


رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».


ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».