هادي لـ «الشرق الأوسط»: انعقاد البرلمان في عدن انتظام لسلطات الدولة الثلاث

قال إن بلاده فعّلت حساب «المركزي» في «الاحتياطي الفيدرالي»

هادي لـ «الشرق الأوسط»: انعقاد البرلمان في عدن انتظام لسلطات الدولة الثلاث
TT

هادي لـ «الشرق الأوسط»: انعقاد البرلمان في عدن انتظام لسلطات الدولة الثلاث

هادي لـ «الشرق الأوسط»: انعقاد البرلمان في عدن انتظام لسلطات الدولة الثلاث

كشف الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، لـ«الشرق الأوسط»، عن نجاح «الشرعية» في تفعيل جملة حسابات خارجية للبنك اليمني المركزي، الذي نقل قبل عام إلى عدن، ومن أبرز الحسابات التي جرى تفعيلها هو حساب الحكومة في البنك المركزي الأميركي (الاحتياطي الفيدرالي).
وتحدث هادي عن اكتمال سلطات الدولة الثلاث، وأن انعقاد أولى جلسات البرلمان اليمني في عدن يعد استكمالا لانتظام سلطات الدولة الثلاث، فضلا عن استعداد حكومته لتقديم تنازلات سبق أن قدمت قبلا «حتى قبل الحرب» في إطار المرجعيات.
وأرجع الرئيس اليمني سبب رفض الانقلابيين، خصوصا الحوثيين، خطة الحديدة الأممية إلى أن المبادرة تتطلب رفد البنك المركزي بالموارد الناجمة عن ميناء الحديدة وأكثر من سبعة قطاعات أخرى تقدر بخمسة مليارات دولار سنويا، مشددا على أنه لا طريق أمام الانقلابيين سوى تنفيذ المخرجات الثلاثة، وفي مقدمتها قرار مجلس الأمن رقم «2216».
- فخامة الرئيس... كيف تصفون اكتمال عقد السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، وكيف سيدعم ذلك اليمن داخليا وخارجيا؟
- عملنا منذ اللحظات الأولى عند وصولنا إلى العاصمة المؤقتة عدن بعد أن استطعنا الإفلات من الإقامة الجبرية على تفعيل وحماية المؤسسات الدستورية، وأولها وأهمها مؤسسة الرئاسة التي شكلت الحصن المنيع في الحفاظ على بقية مؤسسات الدولة، ثم عملنا على إعادة الحكومة، وهي الآن فاعلة وموجودة في المحافظات المحررة، ومؤخرا استكملنا تفعيل المؤسسات القضائية، وقريبا سنستكمل انتظام السلطات الثلاث بانعقاد جلسات مجلس النواب في عدن، لقد أدركنا منذ البداية أن هذا الانقلاب لا يستهدف السلطة، ولكن تدمير الدولة واستبدال نموذج هجين مستورد من إيران بها، يقوم على فكرة ولاية الفقيه التي لا يمكن أن يقبل بها شعبنا.
- ما حجم الإيرادات الموجودة لدى الحوثيين وصالح، وكيف تتعاملون مع قضايا تسديد الديون الخارجية والالتزامات الداخلية؟
- استنفدت هذه الميليشيات الانقلابية كل احتياطات الدولة من العملة الصعبة، واستولت على موارد الدولة، وحاولنا إنقاذ الموقف وحماية النظام النقدي والمصرفي اليمني بنقل البنك المركزي لعدن لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ونجحنا في استمرار الدعم الدولي لليمن من خلال دفع خدمة الديون الخارجية بانتظام، بالإضافة إلى رواتب المؤسسات الدبلوماسية والمساعدات المالية لطلابنا بالخارج، ورغم شح الإمكانيات فإننا تصرفنا بمسؤولية تجاه كل أبناء شعبنا دون تمييز، ونحاول قدر الاستطاعة دفع رواتب بعض القطاعات الحيوية، بالمقابل فما زالت الميليشيات تسيطر على أكثر من 70 في المائة من موارد الدولة، وهي تقدر بخمسة مليارات دولار سنويا من موارد الصناعات الوطنية والاتصالات وعوائد الجمارك ومداخيل ميناء الحديدة وضرائب القات، بالإضافة إلى الإتاوات والنهب التي يفرضونها على رجال الصناعة والأعمال، ولا تذهب إلى خزينة الدولة، بل تغذي حرب العصابات وتدمر الدولة وتطيل أمد الحرب، لذلك يرفضون مقترح الحديدة، لأن إحدى أهم فقراته هي توريد كل هذه الموارد للبنك المركزي، بهدف الإيفاء بالالتزامات الداخلية والخارجية، وهذا ما نوضحه لكثير من الأصدقاء في المحافل الدولية عندما يطالبون الحكومة الشرعية فقط بدفع الرواتب دون إدراك هذه التفاصيل التي تحدث عنها التقرير الأخير لفريق الخبراء التابع للجنة العقوبات بالأمم المتحدة.
- على ماذا تركزت اجتماعاتكم في نيويورك، وهل هناك تقدم فيما يتعلق بالبنك المركزي وعملياته؟
- كانت لنا لقاءات مثمرة مع المؤسسات المالية والنقدية الدولية هدفت بدرجة أساسية لتحشيد الدعم الاقتصادي لليمن في هذا الظرف الصعب، كما ناقشنا متطلبات صندوق إعادة الإعمار ودور الحكومة اليمنية في الإشراف على تحديد المشاريع والحاجة الماسة إلى دعم موازنة الحكومة، وتمكينها من الإيفاء بالالتزامات الأساسية، وقد نجحنا في تفعيل حسابات البنك المركزي الخارجية في عدد من المؤسسات المالية وأهمها البنك (الاحتياطي) الفيدرالي بنيويورك.
- يقول المبعوث الأممي إنه تلقى إشارات إيجابية لكن ليست نهائية من الانقلابيين، كيف ترون تجاوبهم وهل تستشعرون ذلك؟
- في الواقع رفض الطرف الانقلابي التعامل مع المبعوث الدولي، بل حاولوا تصفيته جسديا، وحتى اليوم يرفض الطرف الانقلابي وعلى وجه الخصوص الحوثي أي تفاعل مع مبادرات السيد ولد الشيخ أحمد من منطلق أن مبادرة الحديدة ستطالبه برفد البنك المركزي بموارد الدولة التي يسرقونها، نتمنى أن يستجيب الانقلابيون إلى صوت العقل ولإرادة الشعب التواق لعودة الأمن والاستقرار، ولا طريق أمامهم إلا بتنفيذ المرجعيات الثلاث، وفي المقدمة القرار الدولي «2216».
- هل أنتم مستعدون لتقديم مزيد من التنازلات التي طلبت منكم في سبيل الوصول إلى تسوية، وما شروط التنازلات إن وجدت؟
- نعم، قدمنا وما زلنا نقدم التنازلات حتى قبل الحرب، من أجل تحقيق السلام المستدام في اليمن، وحينما ذهبنا إلى جنيف وبيل والكويت كنّا متسلحين بورقة السلام، فيما كان الطرف الانقلابي يلوح بورقة القتل ومزيد من الدمار والكوارث في اليمن. وفي كلمتي التي ألقيتها أمام الجمعية العامة قلت على الملأ إنني أريد وقف الحرب اليوم ومعالجة الكوارث الإنسانية التي خلفها الانقلاب في اليمن، وصولا إلى سلام مستدام على أساس المرجعيات الثلاث، وقطع دابر التدخلات الإيرانية في اليمن.



تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)
تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)
TT

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)
تنسيق وتبادُل خبرات وأسلحة بين الجماعة الحوثية وتنظيم القاعدة كشفت عنهما تقارير أممية (أ.ب)

كشف فريق الخبراء الأُمميّين المعنيين باليمن أن الحوثيين متورّطون بتحالفات وثيقة مع تنظيمات إرهابية، وجماعات مسلحة في المنطقة، متهِماً الجماعة بابتزاز وكالات الشحن البحري مقابل عدم اعتراض سفنها التجارية؛ للحصول على مبالغ قُدّر بأنها تصل إلى 180 مليون دولار شهرياً.

وذكر الخبراء الأُمميّون في تقريرهم السنوي الذي رفعوه إلى مجلس الأمن، أن الجماعة الحوثية تنسّق عملياتها بشكل مباشر منذ مطلع العام الحالي مع تنظيم «القاعدة»، وتنقل طائرات مسيّرة وصواريخ حرارية وأجهزة متفجرة إليه، وتوفر التدريب لمقاتليه، مؤكداً استخدامه الطائرات المسيّرة، والأجهزة المتفجرة يدوية الصنع، لتنفيذ هجماته على القوات الحكومية في محافظتي أبين وشبوة جنوب البلاد.

التقرير الذي نقل معلوماته عن مصادر وصفها بالسرّية، عَدّ هذا التعاون «أمراً مثيراً للقلق»، مع المستوى الذي بلغه التعاون بين الطرفين في المجالين الأمني والاستخباراتي، ولجوئهما إلى توفير ملاذات آمنة لأفراد بعضهما بعضاً، وتعزيز معاقلهما، وتنسيق الجهود لاستهداف القوات الحكومية.

وحذّر التقرير من عودة تنظيم «القاعدة» إلى الظهور مجدّداً بدعم الجماعة الحوثية، بعد تعيين قائد جديد له يُدعى سعد بن عاطف العولقي، وبعد أن «ناقشت الجماعتان إمكانية أن يقدّم التنظيم الدعم للهجمات التي تشنّها ميليشيا الحوثي على أهداف بحرية».

استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

مصادر فريق الخبراء الدوليين أبلغت أن كلتا الجماعتين اتفقتا على وقف الهجمات بينهما وتبادُل الأسرى، ومن ذلك الإفراج عن القائد السابق لتنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب؛ سامي ديان، الذي حُكم عليه بالسجن 15 سنة قبل انقلاب الجماعة الحوثية في العام 2014.

كما كشف الخبراء الأمميون عن تعاون مُتنامٍ للجماعة الحوثية مع «حركة الشباب المجاهدين» في الصومال، في إطار خططها لتنفيذ هجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، وخليج عدن من الساحل الصومالي، لتوسيع نطاق منطقة عملياتها العدائية ضد الملاحة الدولية.

تعاون مع الإرهاب

أورد الفريق الأممي معلومات حصل عليها من الحكومة اليمنية عن أنشطة تهريب متزايدة بين الحوثيين و«حركة الشباب» الصومالية، يتعلق معظمها بالأسلحة الصغيرة والأسلحة الخفيفة، مشيراً إلى امتلاك الجماعتين أسلحة من نفس الطرازات، وبأرقام تسلسلية من نفس الدفعات، ما يرجّح توريدها ونقلها بصورة غير مشروعة بينهما، إلى جانب وجود مورّد مشترك إلى كلتيهما.

وقال الفريق إنه يواصل تحقيقاته بشأن أوجه التعاون المتزايدة بين الجماعة الحوثية و«حركة الشباب» في تهريب الأسلحة، لزعزعة السلام والأمن في اليمن والمنطقة.

ووصف التقرير هذا التعاون بـ«ثمرة تصاعد وتيرة العنف بعد حرب غزة، والتأثير السلبي في جهود السلام اليمنية».

وسبق للحكومة اليمنية الكشف عن إطلاق الجماعة الحوثية سراح 252 من عناصر تنظيم «القاعدة» كانوا محتجَزين في سجون جهازَي الأمن السياسي والقومي (المخابرات) اللذَين سيطرت عليهما الجماعة الحوثية عقب انقلابها، بما في ذلك إطلاق سراح 20 عنصراً إرهابياً في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018.

الحكومة اليمنية حذّرت أكثر من مرة من تعاون الجماعة الحوثية وتنظيم «القاعدة» (غيتي)

وأعادت الحكومة اليمنية، في تصريحات لوزير الإعلام معمر الإرياني، التذكير بخطر تعاون الجماعتين، واستهدافهما الدولة اليمنية، وزعزعة الأمن والاستقرار في المناطق المحرَّرة، وتوسيع نطاق الفوضى، مما يهدّد دول الجوار، ويشكّل خطراً على التجارة الدولية وخطوط الملاحة البحرية.

وطالب الوزير اليمني المجتمع الدولي والأمم المتحدة باتخاذ موقف حازم وفوري لمواجهة هذه التحركات، وضمان السلام والأمان للشعب اليمني والمنطقة والعالم بأسره، «عبر تصنيف الجماعة الحوثية تنظيماً إرهابياً عالمياً، وتجفيف منابعها المالية والسياسية والإعلامية، ودعم استعادة سيطرة الدولة على كامل الأراضي اليمنية».

تقرير الخبراء لفت إلى تزايُد التعاون بين الجماعة الحوثية وجماعات مسلحة عراقية ولبنانية، واستغلالها التصعيد في المنطقة لتعزيز تعاونها مع «محور المقاومة» التابع لإيران، وتَلقّي مساعدات تقنية ومالية وتدريبات من إيران والجماعات المسلحة العراقية و«حزب الله» اللبناني، و«إنشاء مراكز عمليات مشتركة في العراق ولبنان تضم تمثيلاً حوثياً».

جبايات في البحر

يجري تمويل الجماعة الحوثية من خلال شحنات النفط التي تُرسَل من العراق إلى اليمن وفقاً للتقرير الأممي، ويتلقى المقاتلون الحوثيون تدريبات عسكرية تحت إشراف خبراء من «الحشد الشعبي» في معسكرات خاصة، مثل مركز بهبهان التدريبي بمنطقة جرف الصخر.

الناطق باسم الجماعة الحوثية محمد عبد السلام يعمل على تنسيق التعاون بينها وبين محور إيران في المنطقة (أ.ف.ب)

وتنظم جماعات مسلحة عراقية حملات تبرعات لدعم الجماعة الحوثية، بإشراف قيادات محلية بارزة، مثل أمير الموسوي؛ المتحدث باسم «تجمّع شباب الشريعة»، الخاضع لسيطرة «كتائب حزب الله»، ويتم تدريب المقاتلين الحوثيين على استهداف السفن، ويجري نقلهم باستخدام جوازات سفر مزوّرة منذ إعادة فتح مطار صنعاء خلال العام قبل الماضي.

ومما كشف عنه تقرير الخبراء أن الجماعة الحوثية تجني مبالغ كبيرة من القرصنة البحرية، وابتزاز وكالات وشركات الشحن الدولية التي تمرّ سفنها عبر البحر الأحمر، وفرض جبايات عليها، مقدِّراً ما تحصل عليه من خلال هذه الأعمال بنحو 180 مليون دولار شهرياً.

ووصف سلوك الجماعة ضد وكالات وشركات الشحن البحرية بالابتزاز الممنهج، حيث تفرض الجماعة رسوماً وجبايات على جميع وكالات الشحن البحري للسماح بمرور سفنها التجارية عبر البحر الأحمر وخليج عدن، مقابل عدم استهداف سفنها أو التعرض لها.

ما يقارب 180 مليون دولار تجنيها الجماعة الحوثية شهرياً من ابتزاز وكالات النقل البحري مقابل عدم استهداف سفنها (أ.ب)

وأضاف التقرير أن هذه المبالغ «الضخمة» تسهم بشكل كبير في تمويل الأنشطة الحوثية «الإرهابية»، حسب وصفه، كشراء الأسلحة والذخيرة وتدريب المقاتلين.

ويرى وكيل وزارة الإعلام في الحكومة اليمنية، فياض النعمان، أن «الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران تُغرق اليمن والمنطقة في المزيد من الفوضى والاضطرابات، من خلال ممارساتها وأعمالها العدائية، وتُسهم في إذكاء الصراع الخطير بالمنطقة».

وأضاف النعمان في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «التقرير الأممي يكشف عن أكاذيب الميليشيات الحوثية التي تدّعي نصرة القضية الفلسطينية، بينما تستغل هذا الصراع لتوسيع نفوذها وزيادة ثرواتها، من خلال الجبايات على المواطنين، وابتزاز وكالات الشحن الدولية».