«حماس» تصدر تعليمات حازمة بتسهيل مهمة حكومة الوفاق الوطني

ألغت كل القرارات التي اتخذتها اللجنة الإدارية قبل حلها

TT

«حماس» تصدر تعليمات حازمة بتسهيل مهمة حكومة الوفاق الوطني

قالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن قائد حركة «حماس» في غزة يحيى السنوار، ونائبه خليل الحية، اجتمعا مع مسؤولين حكوميين تابعين لـ «حماس»، يديرون العمل الحكومي في قطاع غزة، لساعات طويلة خلال الأيام الماضية، حيث تم الاتفاق على تشكيل لجان من كافة الجهات المدنية والعسكرية الحكومية من أجل التعاون مع وفد الحكومة الفلسطينية وتسهيل مهماتها في القطاع.
وأوضحت المصادر أن السنوار أصدر تعليمات حازمة للمسؤولين الحكوميين في غزة، ومنهم وكلاء الوزارات وقادة الأجهزة الأمنية، بضرورة التعاون الجاد مع الحكومة في الملفات كافة، وتقديم كل التسهيلات اللازمة لها. وأضافت أنه أبلغهم بأن وفداً أمنياً وإدارياً مصرياً سيصل بالتزامن مع وصول وفد الحكومة إلى غزة، لمتابعة عملية نقل وتسليم الملفات كلها لحكومة الوفاق الوطني.
وكانت قيادة حركة «حماس» عقدت على مدار الأيام الأخيرة، سلسلة اجتماعات مع مسؤولين حكوميين في الشقين المدني والعسكري في قطاع غزة، تمهيدا لاستقبال وفد حكومة الوفاق الوطني برئاسة رئيس الوزراء رامي الحمد الله، الذي من المنتظر أن يصل الاثنين لمتابعة تفاهمات القاهرة الأخيرة وتسلم حكومته مهامها كافة.
وأشارت المصادر إلى أن أعضاء اللجنة الإدارية التي أعلنت «حماس» من القاهرة حلها قبل أسبوعين، حضروا تلك الاجتماعات التي كانت تستمر في بعض الأيام حتى ساعات الفجر الأولى، وطلب منهم السنوار عدم التدخل نهائياً بما سيجري بين وفد الحكومة ووكلاء الوزارات وقادة الأجهزة الأمنية، مصدراً تعليماته بسحب كل القرارات التي اتخذتها اللجنة منذ منتصف الشهر الحالي.
وطلب السنوار من وكلاء الوزارات تسهيل عودة موظفي السلطة الفلسطينية للوزارات، بالتنسيق مع وفد الحكومة الذي سيشمل وجود لجان فنية وإدارية لمتابعة هذا الملف، وضمان عودة الموظفين كافة بشكل تدريجي، على أن يتم حل ملف موظفي غزة خلال اللقاءات التي ستعقد في القاهرة بين حماس وفتح قريبا.
كما أصدر السنوار تعليماته بوقف جميع الترقيات الأمنية والمدنية الحكومية للموظفين بغزة، التي اتخذت منذ بداية العام الحالي.
وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوات اتخذت لمنع وضع أي عراقيل أمام الحكومة في مهمتها لحل ملف الموظفين خلال الفترة المقبلة.
وأشارت المصادر إلى، أن اللقاءات ستستمر خلال الأيام المقبلة وحتى وصول الحكومة، التي ينتظر أن تعقد اجتماعها الأول في غزة يوم الثلاثاء المقبل.
وكان السنوار قال خلال اجتماع عقد مساء الاثنين الماضي، بين قيادة حماس والفصائل الفلسطينية ونواب من المجلس التشريعي يمثلون تيار القيادي المفصول محمد دحلان، إن حماس ذاهبة للمصالحة بقوة، وأنها لن تسمح بتشويش أو ما يعيق إنجازها. لافتا حينها، إلى أن هناك تعليمات صدرت للجهات المختصة بتسهيل مهام وفد الحكومة.
وأكد السنوار، أن حماس معنية بالنهوض بالمشروع الوطني وإخراج القضية الفلسطينية من المأزق الحالي؛ ولذلك هي ستقدم كل ما لديها بمسؤولية من أجل إنجاح هذه المهمة، وأعلنت عن حل اللجنة الإدارية من أجل تقوية الصف الفلسطيني.
وأضاف: «لن تتعامل بأن كل شيء بثمن... الثمن الذي تريده حماس، أن ينهض المشروع الوطني، نحن لا نريد أن نصدّر أزماتنا الداخلية ونعقدها، بل نريد أن ننتبه لإخراج قضيتنا من المأزق الحالي؛ ولذلك قدمنا وسنقدم كل ما يلزم بمسؤولية عالية لإنجاح المصالحة وإنجاح مهام الوفد الحكومي القادم إلى غزة، وهذا هو قرار الحركة بكافة مؤسساتها التي تعمل بانسجام عال؛ ولذلك ذهبنا إلى المصالحة على قلب رجل واحد».
وحضر اللقاء الذي استمر 4 ساعات، إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس، الذي أطلع الفصائل على ما جرى من لقاءات مع المسؤولين المصريين، بشأن العلاقات الثنائية بين حماس ومصر، وكذلك اللقاءات التي خصت ملف المصالحة، والتطور الذي جرى بالتوصل إلى تفاهمات برعاية المخابرات المصرية، لإنهاء الانقسام وإنجاز الملف من دون أي معيقات وحل جميع القضايا الخلافية.
وأكد هنية للفصائل أن قرار حماس بالذهاب بالمصالحة إلى الأمام هو قرار استراتيجي لا تراجع عنه.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم