إنسولين «مهندس» داخل مجرى الدم ينشط عند ارتفاع السكر

أبحاث جديدة على علاج السكري ومضاعفاته

إنسولين «مهندس» داخل مجرى الدم ينشط عند ارتفاع السكر
TT

إنسولين «مهندس» داخل مجرى الدم ينشط عند ارتفاع السكر

إنسولين «مهندس» داخل مجرى الدم ينشط عند ارتفاع السكر

في ثلاثة أبحاث طبية حول مرض السكري، طور باحثون أميركيون نماذج من الإنسولين «المهندس» خصيصا لكي يكون موجودا دوما داخل مجرى الدم، ولكنه لا ينشط داخل الجسم إلا عند ارتفاع مستوى السكر في دم المصابين بالنوع الأول من السكري، فيما أشار باحثون دنماركيون إلى أن العمليات الجراحية لتحويل مسار المعدة والأمعاء تقلل كثيرا من مخاطر الإصابة باعتلال الشبكية لدى الأشخاص السمينين الذين يعانون من مرض السكري. ووجد باحثون في «مايوكلينيك» الأميركية أن عقارا لعلاج السكري يمكنه أن يكون دواء فعالا لخفض الوزن.
- إنسولين مطور
ويعاني المصابون بالسكري من النوع الأول عادة، من عدم إفراز أجسامهم هرمون الإنسولين، ولذا يتوجب عليهم قياس الغلوكوز لديهم عدة مرات في اليوم، ثم استخدام حقن الإنسولين لخفض مستوياته. وتتمثل أهم عقبات تطوير هذا النوع من «الإنسولين المستجيب للغلوكوز» في عدم قدرة العلماء على التعرف مسبقا على مفعوله، وعلى سلوك أجسام حيوانات الاختبار التي يختبر عليها.
وطور باحثون في معهد التكنولوجيا في ماساتشوستس، نموذجا كومبيوتريا سيتيح تصميم مثل هذه الحقنة، إذ يتوقع النموذج كيفية تأثير «الإنسولين المستجيب للغلوكوز» على سكر الدم، انطلاقا من الخصائص الكيميائية لعملية تنشيطه.
وقال مايكل سترانو، البروفسور في الهندسة الكيميائية في المعهد، إن «الإنسولين المستجيب للغلوكوز ظل هدفا بعيدا للعلماء، وإن تمكنوا من النجاح في صنعه جيدا، فإن أي مصاب بالسكري سيمكنه تناول حقنة منه في أي وقت يريده، من دون التخوف من ارتفاع مستوى السكر في الدم».
وقال الباحثون الذين نشروا نتائجهم في مجلة «نتشر كيمستري» المعنية بالعلوم الكيميائية، ومجلة «أدفانسد هيلثكاير ماتيريالز» المعنية بدراسات مواد الرعاية الصحية المتقدمة، إنهم درسوا نماذج حول تفاعل الإنسولين المصمم خصيصا، مع السكر في الدم.
واعتمد النموذج الأول على وجود نوع من الجزيئات في الإنسولين، يمكنها أن ترتبط بالغلوكوز، وهي تقوم بعد ارتباطها، بتنشيط مفعول الإنسولين. كما درس الباحثون نموذجا آخر للإنسولين المحقون داخل مواد هلامية تقوم بتحرير الإنسولين حال التقائها بالسكر، إضافة إلى دراستهم لنموذج ثالث من عبوات تحمل الإنسولين تتحلل حال ارتباطها بالسكر.
وأضاف الباحثون أن نماذجهم المدروسة أتاحت لهم التوصل إلى خصائص «الإنسولين المستجيب للغلوكوز» التي تسمح لهم بالتعرف على عمله ومفعوله خلال 24 ساعة، ومن ضمنها كيفية تصرف الإنسولين بعد تناول وجبات الطعام، عندما ترتفع مستويات الغلوكوز بشكل حاد.
وعلق فرانك دويل، عميد كلية «جون باولسون» للهندسة والعلوم التطبيقية في جامعة «هارفارد» الذي لم يشارك في البحث، على النتائج بأنها «أكدت على إمكانات التحكم الفعال في مستوى السكر في الدم، بعد تناول ثلاث وجبات على مدى 24 ساعة».
يعتقد الباحثون أن النماذج التي طورها ستدفع الأبحاث الجارية لصنع أنواع من «الإنسولين المستجيب للغلوكوز».
- أبحاث السكري
من جهة أخرى، قال علماء بجامعة «آرهوس» الدنماركية إنهم اكتشفوا أن المرضى الذين خضعوا لواحدة من عمليات تحويل مسار المعدة والأمعاء الأكثر شعبية، تقلصت لديهم بشكل كبير احتمالات الإصابة باعتلال الشبكية الناجم عن مرض السكري، بعد ستة أعوام على إجرائها.
وقال لين رنغ مادسين، المشرف على الدراسة التي عرضت أمام مؤتمر الجمعية الأوروبية لدراسات السكري لعام 2017، إن نتائجنا تظهر أن «إجراء عملية تحويل مسار المعدة والأمعاء لا تبدو مضرة للمصابين بالنوع الثاني من السكري؛ لأنهم سيكونون في وضع أفضل من المصابين الآخرين الذين لم يخضعوا لها».
وعلق ماسيمو بورتو، البروفسور في الطب البطني بجامعة «تورين» الذي لم يشارك في البحث، بأن «النتائج هي الأولى من نوعها التي تظهر أن تحسين عملية التمثيل الغذائي بواسطة الجراحة، يرتبط بوقف تطور الاعتلال الشبكي الناجم عن السكري».
ودرس الباحثون حالات 96 مصابا بالسكري، من السمينين جدا الذين أجريت لهم عمليات تقليص المعدة، تمت مقارنتها بحالات 48 شخصا بنفس درجة السمنة ومرض السكري، لم يخضعوا لتلك الجراحة.
أما في البحث الثالث المنشور في مجلة «لانسيت» الطبية البريطانية، فقد وجد باحثون في «مايوكلينيك» أن الأدوية يمكن أن تكون بديلا لجراحة تقليص المعدة لتقليل وزن الأشخاص السمينين. وقالوا إن حقنة من عقار «Liraglutide» الذي يستخدم في علاج السكري من النوع الثاني، يمكنها أن تكون فعالة لخفض الوزن. ويؤدي مفعول هذا الدواء إلى إبطاء عملية إفراغ المعدة من الطعام. وجاءت هذه النتائج في الدراسة الضابطة - العشوائية على 40 شخصا سليما من الأمراض، من الذين بلغ مؤشر كتلة الجسم 30 كيلوغراما/ متر مربع، أو أكثر، أي من الواقعين في صنف السمينين. ويعتبر المؤشر 25 معيارا للوزن المثالي، وما بين 25 و30 معيارا لزيادة الوزن.
وتناول المشاركون إما حبوبا وهمية، أو العقار بجرعة 0.6 مليغرام في اليوم، على مدى 5 أسابيع، ثم واصلوا ذلك حتى فترة 16 أسبوعا. وبعدها قاس الباحثون الوزن ودرجة إفراغ المعدة للأغذية الصلبة، وحجم المعدة، ودرجة التشبع (وهي أقصى حجم لامتلاء المعدة بالطعمة السائلة) ودرجة الشبع.
وقال مايكل كاميليري، المشرف على الدراسة، إن تناول هذا العقار لمدة ثلاثة أشهر بجرعة 3 مليغرامات يوميا، ارتبط بفقدان للوزن بمعدل 12 رطلا (5.44 كيلوغرام).


مقالات ذات صلة

10 علامات تحذيرية من ارتفاع ضغط الدم... وكيفية التعامل معها

صحتك ارتفاع ضغط الدم تحدٍّ كبير للصحة العامة (رويترز)

10 علامات تحذيرية من ارتفاع ضغط الدم... وكيفية التعامل معها

بعض العلامات التحذيرية التي تنذر بارتفاع ضغط الدم، وما يمكنك القيام به لتقليل المخاطر:

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك المشي اليومي يسهم في تعزيز الصحة ودعم الحالة النفسية (رويترز)

6 فوائد صحية للمشي اليومي

أكدت كثير من الدراسات أهمية المشي اليومي في تعزيز الصحة، ودعم الحالتين النفسية والجسدية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك زيوت البذور يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون (رويترز)

للوقاية من سرطان القولون... تجنب استخدام هذه الزيوت في طهي الطعام

حذَّرت دراسة من أن زيوت البذور -وهي زيوت نباتية تستخدم في طهي الطعام، مثل زيوت عباد الشمس والذرة وفول الصويا- يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق يعاني الكثير من الأشخاص من كثرة التفكير وقت النوم (أ.ف.ب)

كيف تتغلب على كثرة التفكير وقت النوم؟

يعاني كثير من الأشخاص من كثرة التفكير ليلاً؛ الأمر الذي يؤرِّقهم ويتسبب في اضطرابات شديدة بنومهم، وقد يؤثر سلباً على حالتهم النفسية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».