«فيدرالية الشمال» على برنامج مؤتمر « الاتحاد الديمقراطي»

صالح مسلم
صالح مسلم
TT

«فيدرالية الشمال» على برنامج مؤتمر « الاتحاد الديمقراطي»

صالح مسلم
صالح مسلم

يبدأ حزب الاتحاد الديمقراطي (الكردي) السوري، اليوم، أعمال مؤتمره العام في بلدة الرميلان (أقصى شمال شرقي سوريا)، مع قرب الإعلان عن انتهاء معركة الرقة، وطرد مسلحي تنظيم داعش من أبرز معاقله في سوريا، بالتزامن مع انتهاء استفتاء أكراد إقليم كردستان العراق لتحديد مصيره.
ويشارك رؤساء الحزب، صالح مسلم وآسيا عبد الله، على أن يحدد المؤتمر إما التمديد لرؤساء الحزب، الذين يشغلون المنصب منذ 2013، وتوليهم القيادة ثلاث دورات متتالية، أو اختيار أسماء جديدة.
وفي لقائه مع «الشرق الأوسط»، قال الدكتور سيهانوك ديبو، مستشار الرئاسة المشتركة، إن «المؤتمر العام سيناقش قضية رئاسة الحزب، وغيرها من القضايا الرئيسية»، منوهاً بأن أبرز النقاط المطروحة على جدول الأعمال المضي في استكمال بناء نظام فيدرالي شمال سوريا. وينعقد المؤتمر بعد أيام من انتهاء أول جولة للانتخابات المحلية التي شهدتها مناطق شمال سوريا، على أن تستأنف في الثالث من الشهر المقبل لانتخاب مجالس البلدات والنواحي والقرى، وتنتهي بداية العام المقبل بانتخاب أعضاء مجلس الشعوب الديمقراطي (البرلمان)، واختيار 300 عضو يمثلون مناطق فيدرالية الشمال السوري. وذكر سيهانوك ديبو، في تصريحه، أن الحزب قدم حلاً للأزمة السورية، «متمثلاً بأن يكون نظام الدولة فيدرالياً، على أساس الجغرافية وإرادة شعب سوريا».
وتأسس حزب الاتحاد الديمقراطي عام 2003، وهو يستلهم أفكاره ونظرياته من زعيم حزب العمال الكردستاني (الكردي) عبد الله أوجلان، المعتقل في السجون التركية منذ 1998، واتخذ الحزب في سوريا موقف الخط الثالث إزاء الثورة الشعبية ضد نظام الحكم.
ويعد حزب الاتحاد الديمقراطي الحزب الأبرز بين الجهات التي شكلت الإدارة الذاتية في الشمال السوري بداية عام 2014، وأعلنت في مارس (آذار) 2016 النظام الفيدرالي في مناطق سيطرتها، وأقرت قانون التقسيمات الإدارية، وتقسيم الأراضي الخاضعة لنفوذها إلى 3 أقاليم، وهي: الجزيرة (محافظة الحسكة، شمال شرق)، والفرات (شمال وسط، وتضم أجزاء من محافظة حلب، وأخرى من محافظة الرقة)، وعفرين (شمال غرب، وتقع في مدينة حلب).
ويضيف مستشار الرئاسة المشتركة لحزب الاتحاد أن «الكردي في سوريا لا يتقن حمل البندقية بتصويبها إلى صدر الإرهاب فقط، بل يمتهن تمثيل إرادة الشعوب، فالكردي بالتكاتف مع العربي والسرياني وباقي مكونات روج آفا يمضون في إرساء النظام الفيدرالي، كمشروع للحل»، على حد تعبيره.
إلا أن عملية الانتخابات المحلية التي جرت في 22 من الشهر الحالي في مناطق الشمال السوري، اقتصرت على الأحزاب المنضوية تحت راية الإدارة الذاتية، وامتنعت أحزاب المجلس الوطني الكردي (المعارض) عن التصويت والمشاركة.
واعتبر شلال كدو، رئيس «حزب اليسار الكردي» في سوريا، وعضو «الائتلاف الوطني» المعارض، أن الإدارة الذاتية تتبع حزب الاتحاد الديمقراطي، وأنها معلنة من طرف واحد، وقال: «كل ما يصدر عن هذه الإدارة من مؤسسات وهيئات وانتخابات نعتبرها غير شرعية؛ لا نعترف بها ولن نعمل معها. أحزاب المجلس الكردي قاطعت الانتخابات، وموقفنا ثابت من هذه الخطوات».
بدوره، انتقد سيهانوك ديبو مقاطعة المجلس الوطني الكردي عملية الانتخابات، قائلاً: «بعض شخصيات أحزاب المجلس الوطني الكردي هيمنت على القرار السياسي، وأنهت أي شكل من أشكال التوافق والوفاق بيننا، هؤلاء شغلهم الشاغل التشويش على المكتسبات التي حققناها في روج آفا وشمال سوريا»، و«روج آفا» هي التسمية الكردية للمناطق ذات الغالبية الكردية في شمال سوريا.
واتهم كدو انتخابات مجالس الأحياء بأن «الكومين هي مؤسسات رديفة لمؤسسات نظام حزب البعث الحاكم الذي لا يزال يحكم في معظم المناطق الكردية في سوريا»، مضيفاً أن «هذه الهيئات ترهق كاهل الشعب الكردي، من بيروقراطية ومحسوبية حزبية ضيقة، الأمر الذي جعل المواطنين بين سندان النظام الحاكم ومطرقة مؤسسات حزب الاتحاد الديمقراطي».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.