مسؤول حقوقي مغربي: التعذيب الممنهج صار من الماضي

تحدث في لقاء إقليمي بشمال أفريقيا

TT

مسؤول حقوقي مغربي: التعذيب الممنهج صار من الماضي

قال المصطفى الرميد، وزير الدولة المغربي المكلف حقوق الإنسان، إن «التعذيب الممنهج في المغرب صار من الماضي»، مقراً في الآن ذاته بأن التعذيب غير الممنهج «لا يمكن أن ينكره أحد، ولا بد من بذل الجهد لمحاصرة الظاهرة»، التي وصفها بـ«سيئة الذكر».
وأضاف الرميد في الجلسة الافتتاحية للقاء الإقليمي للآليات الوطنية للوقاية من التعذيب بشمال أفريقيا، الذي نظم أمس بالرباط، إن مؤسسة القضاء هي «المسؤولة الأساسية عن التصدي لظاهرة التعذيب»، داعيا القضاة إلى تحمل مسؤوليتهم في هذا المجال، موضحاً أن مكافحة ظاهرة التعذيب «كانت من أهم الملفات التي اشتغلت عليها خلال الخمس سنوات التي توليت فيها وزارة العدل والحريات»، وأن مجهودات طيبة بذلت من طرف «القضاء، سواء الجالس أو الواقف، من أجل التصدي لهذه الآفة».
وحث الرميد الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني على تكثيف الجهود لجعل ظاهرة التعذيب محدودة، معربا عن أمله في أن تصبح الظاهرة «متجاوزة»، وفق تعبيره. كما أبرز المسؤول الحكومي المغربي أن دستور بلاده يعد بمثابة «ميثاق لحقوق الإنسان، حيث تضمن 22 فصلا تتحدث عن حقوق الإنسان، وتكاد باقي المواد تتحدث عن تلك الحقوق»، مطالبا البرلمان المغربي بتسريع إخراج القانون التنظيمي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، لتضمنه البندين المتعلقين بإحداث الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب.
وفيما سجل الرميد في كلمته أن تونس وليبيا «تتوفران على قانون متقدم، لكن على مستوى التطبيق لا نعلم عنه شيئا»، قال بخصوص الجزائر، إنها «لم تصل بعد إلى هذا المستوى، وأتمنى لهم الخروج من حالة الفراغ؛ لأن المستقبل لحقوق الإنسان».
من جهته، قال إدريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان المغربي، إن اللقاء الإقليمي للآليات الوطنية للوقاية من التعذيب بشمال أفريقيا، يهدف إلى تعزيز فهم أدوار هذه الآليات، و«خلق جسور التعاون بين المؤسسات المشاركة من تونس وموريتانيا والمغرب وفرنسا وإيطاليا»، مؤكدا أن اللقاء سيشكل أيضا مناسبة لـ«تعزيز قدرات الآليات الوطنية في المنطقة المغاربية التي تم تأسيسها حديثا، أو التي يجري تأسيسها».
وأوضح اليزمي في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية للقاء، أن المظاهرة تمثل فرصة لـ«تبادل التجارب والممارسات الفضلى في مجال الوقاية من التعذيب، والارتقاء بعمل هذه الآليات على مستوى القانون والممارسة»، مشددا على أن الاستئناس بتجارب دول أخرى غير مغاربية «سيغني النقاش وسيفتح المجال للاطلاع على ما واجهته هذه الآليات من تحديات، وما وفرته من فرص ساهمت حتما في الحد من حالات التعذيب».
وأكد رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن انخراط بلاده في النظام الدولي لحقوق الإنسان «يلزمها بترجمة تعهداتها على أرض الواقع، وهو أمر ليس بالسهل بالنسبة لجميع الدول التي تواجه غالبا تحديات كبرى في هذا المجال»، مستدركا أنه «لا أحد ينكر أن ممارسة الاتفاقية في المغرب قد شهدت تقدما ملحوظا، وذلك عقب المصادقة على جميع الصكوك الدولية لحقوق الإنسان، التي تشكل النواة الصلبة، كان آخرها البرتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب، الذي أودع المغرب بشأنه وثائق التصديق في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، بمناسبة المنتدى العالمي لحقوق الإنسان، حيث أصبح بذلك الدولة الطرف رقم 76 في هذا البروتوكول».
وشدد اليزمي على أن المغرب أضحى بعد هذه المصادقة «مطالبا بالوفاء بأهم التزام في هذا الصك الدولي، وهو إنشاء آلية وطنية للوقاية من التعذيب»، لافتا إلى أنه استجاب لمطلب وصفه بـ«القديم جدا تبناه المجتمع المدني، ولتوصية أساسية جاءت في مختلف التقارير الموضوعاتية، التي أعدها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومن قبله المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.