{تردد} السليمانية يعكس انقسام الحزبين الكرديين الرئيسيين

نائب رئيس وزراء الإقليم قباد طالباني نجل زعيم «الاتحاد الوطني الكردستاني» لدى تصويته في السليمانية أمس (أ.ف.ب)
نائب رئيس وزراء الإقليم قباد طالباني نجل زعيم «الاتحاد الوطني الكردستاني» لدى تصويته في السليمانية أمس (أ.ف.ب)
TT

{تردد} السليمانية يعكس انقسام الحزبين الكرديين الرئيسيين

نائب رئيس وزراء الإقليم قباد طالباني نجل زعيم «الاتحاد الوطني الكردستاني» لدى تصويته في السليمانية أمس (أ.ف.ب)
نائب رئيس وزراء الإقليم قباد طالباني نجل زعيم «الاتحاد الوطني الكردستاني» لدى تصويته في السليمانية أمس (أ.ف.ب)

تصف قيادات كردية الاستفتاء الذي جرى على استقلال إقليم كردستان العراق، أمس، بأنه فرصة تاريخية يمكن للأكراد من خلالها تحديد مصيرهم بعد سنوات من القمع. ومع ذلك فلم يكن هناك حماس يُذكر للتصويت في مدينة السليمانية.
ففي الساعات الأولى من عملية التصويت لم تقف طوابير طويلة أمام مراكز الاقتراع مثلما كان متوقعاً من شعب يحلم طول حياته بدولته المستقلة. وبعد مرور نحو ساعتين على فتح مراكز التصويت كان عدد محدود فقط من الناس يدلون بأصواتهم وكان الهدوء يسود جانباً كبيراً من السليمانية.
وسلّط التناقض الحاد بين هذا الهدوء والاحتفالات التي شهدتها مدينة كردية كبرى أخرى هي أربيل عاصمة الإقليم، الضوء على الانقسامات بين الأحزاب السياسية الرئيسية، بينما يشير إلى مشكلات تنتظر الإدارة التي ستتولى شؤون أي دولة قد تنشأ عن الاستفتاء مستقبلاً.
وحذّر مسؤولون في حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» الذي تعد السليمانية معقله، من أن الاستفتاء قد يجلب مشكلات مع تركيا وإيران وأنه يجب أن يُجرى في وقت أنسب. ولطالما دعمت تركيا مسعود بارزاني رئيس حكومة إقليم كردستان وزعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، رغم سعيه في البداية من أجل الاستقلال، بينما دعمت طهران خصمه جلال طالباني مؤسس «الاتحاد الوطني الكردستاني». وكان بارزاني وطالباني يحاربان في معسكرين مختلفين في حرب أهلية كردية عراقية خلال التسعينات انضمت إليها أيضاً القوات الإيرانية والعراقية والتركية.
ويصر حزب بارزاني على أن الوقت حان لكي يدير الأكراد شؤونهم بعد سنوات من الاضطهاد على أيدي صدام حسين وغيره. لكن ناخبين في السليمانية شككوا في نيات قادة الحزب، وتساءلوا عما إذا كان هؤلاء القادة يملكون الموارد والإرادة لإدارة دولة مستقلة. وقالت زينة جمال، وهي ربة منزل، بعد التصويت: «لا أعتقد فعلاً أن بارزاني سيفيد. ليست لدينا أي حرية الآن ولن تكون لدينا. وحده بارزاني ومن حوله وأقاربه هم من سيتمتعون بالحرية وسينتفعون من الاستقلال».
وفي السليمانية، كانت اللافتات التي تحث الناس على الإدلاء بأصواتهم قليلة. وقال من تقدموا للإدلاء بأصواتهم إنهم سيؤيدون الاستقلال عن العراق. وقال الكاتب درشاد أحمد: «أقول نعم نعم نعم للدولة الكردية. أنا من الآن فصاعداً ابن الدولة الكردية». وفضل، مثل من غيره ممن أدلوا بأصواتهم، الاستمتاع باللحظة بدلاً من طرح أسئلة صعبة عن الانقسامات الداخلية الكردية والعداء الذي أبدته القوى الإقليمية وحكومة بغداد تجاه الاستفتاء.
ومنذ فترة طويلة يشهد إقليم كردستان انقساماً سياسياً بين «الحزب الديمقراطي» و«الاتحاد الوطني». وتفاقمت هذه التوترات في أحدث حلقاتها بتمديد فترة ولاية بارزاني. وتجنب بعض سكان السليمانية الاستفتاء مفضّلين الحذر. وقال صاحب متجر يدعى علي أحمد: «لن أدلي بصوتي. الاستفتاء ليس مناسباً. وقد يكون خطراً بسبب تهديد تركيا وإيران».
وقال أستاذ الاقتصاد كامران أحمد في أحد مراكز التصويت: «لن نستسلم مرة أخرى لأي زعيم عربي في العراق». وأضاف أن لديه آمالاً عريضة للدولة الكردية وأنه من الممكن تقسيم العراق، مستخدما ألفاظاً تثير حنق القوى الإقليمية وبغداد. وقال: «إذا أقيمت منطقة سُنية فلا بأس والحال نفسه للشيعة. إذا نجحت تجربتنا فسيستفيد منها السنّة والشيعة».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.