مصادر فلسطينية: «حماس» لا تستعجل استعادة علاقاتها مع سوريا

رفضت في لقاءات سابقة مع مسؤولين إيرانيين تبديل موقفها... لكنها اليوم أكثر انفتاحاً

TT

مصادر فلسطينية: «حماس» لا تستعجل استعادة علاقاتها مع سوريا

قالت مصادر فلسطينية مطلعة، إن محاولات إيران للتقريب بين النظام السوري وحركة حماس لم تتوقف، وهي قديمة إلى حد ما. وأضافت المصادر: «أثناء لقاءات مد الجسور بين حماس وإيران، التي جرت في لبنان بوساطة حزب الله، جرى نقاش العلاقات مع سوريا، لكن لم يحدث أي اختراق».
وتابعت: «تعتقد إيران الآن، بعد انتخاب قيادة جديدة لحماس، أنه يمكن تسوية الخلافات واستعادة العلاقة بين النظام السوري وحماس، لكن ذلك لن يكون سهلاً، والحركة ليست مستعجلة».
وكانت «الشرق الأوسط» نشرت عن محاولات إيرانية لإقناع حماس بتبديل موقفها من النظام السوري، لكن الحركة الإسلامية تحفظت على اعتبار أن موقفها كان منذ البداية «حيادياً».
ونشرت «واشنطن بوست» عن جهد إيراني لاستعادة حلقة مفقودة في شبكة تحالفاتها في الشرق الأوسط، بإعادة التحالف بين دمشق وحماس. وقالت الصحيفة الأميركية، إن إيران وحزب الله يحاولان بهدوء التوسط في المصالحة بين سوريا وحماس، خصوصاً بعد التغييرات في قيادة حماس وتقوية العلاقة مع إيران.
وقال مسؤول فلسطيني في بيروت للصحيفة الأميركية، إن مسؤولين في حماس، عقدوا ثلاثة اجتماعات مع زعيم حزب الله، حسن نصر الله، لإعادة العلاقات إلى طبيعتها. وقال أيضاً، إنه توجد مؤشرات إيجابية من سوريا.
وأظهرت حماس مؤشرات إيجابية كذلك تجاه إيران وسوريا معا.
وقال يحيى السنوار، قائد حماس في قطاع غزة، إن العلاقات مع إيران عادت إلى طبيعتها. فيما قال محمود الزهار، وهو قيادي كبير في حماس في غزة، لقناة «الميادين» الممولة من إيران، إنه «يجب إصلاح العلاقات مع سوريا ودول أخرى».
وتطورت العلاقة بين إيران وحماس بعد سنوات من التوتر بسبب موقف الحركة من سوريا. وكانت حماس حليفاً استراتيجياً لسوريا وإيران، لكنها وقفت ضد النظام السوري مع اندلاع المواجهات، وغادرت سوريا في عام 2011 إلى قطر، بعدما مكثت هناك سنوات طويلة.
ورفضت حماس أثناء اللقاءات مع المسؤولين الإيرانيين تغيير موقفها من سوريا. وبحسب مصدر في الحركة، فإن مسؤولي حماس أبلغوا المسؤولين الإيرانيين، وكذلك مسؤولين في حزب الله، في لقاءات سابقة، أن موقف الحركة من سوريا كان «محايداً» ولن يتغير.
وفي فبراير (شباط) الماضي، رد مسؤول في حركة حماس على تصريحات مسؤول في حزب الله، نافياً أن موقفَي حركته والحزب متفقان من الأزمة السورية.
وقال القيادي في حركة حماس حسام بدران، إن حق كل الشعوب بالحرية وتقرير المصير حق أساسي ترى حركة حماس ألا تنازل عنه. وأضاف في تصريح له، أن «موقف الحركة مما يجري في سوريا وغيرها من الدول العربية موقف ثابت، مبني على قاعدة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول»، مشدداً على أن لا دور لحماس في الأزمة السورية، وأن موقفها من حق الشعب السوري في تقرير مصيره لم ولن يتبدل.
وتابع بدران، أن «علاقات الحركة الخارجية مع الدول والأحزاب والقوى المختلفة قائمة على قاعدة دعم القضية الفلسطينية عموماً، وعلى تبني حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال». وتابع، أن «حركة حماس ترى أنه من الأهمية بمكان في علاقاتها الخارجية، أن تكون محصلتها واضحة المعالم، وبوصلتها نحو القدس مباشرة». وجاءت تصريحات بدران رداً على تصريحات للقيادي في حزب الله حسن حب الله، قال فيها إن حزب الله وحماس لديهما المواقف عينها من الأزمة السورية، وألا تباين في الآراء والمواقف بين الطرفين، مما يجري في سوريا.
ولم تبحث قيادة حماس الجديدة، بحسب مصدر مطلع، استعادة العلاقة مع سوريا. وهي منشغلة الآن بترتيب العلاقات مع مصر والمصالحة الفلسطينية، ثم ترى كيف ستتطور عليه الأمور في سوريا.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم