حي الزمالك الراقي في القاهرة «يفقد» وقاره الأرستقراطي

مظاهرات بالأطباق والصواني أمام «التحول العشوائي»

جانب من مظاهرات أصحاب مقاهي ومطاعم «الزمالك» للمطالبة بتقنين وجودهم في الحي
جانب من مظاهرات أصحاب مقاهي ومطاعم «الزمالك» للمطالبة بتقنين وجودهم في الحي
TT

حي الزمالك الراقي في القاهرة «يفقد» وقاره الأرستقراطي

جانب من مظاهرات أصحاب مقاهي ومطاعم «الزمالك» للمطالبة بتقنين وجودهم في الحي
جانب من مظاهرات أصحاب مقاهي ومطاعم «الزمالك» للمطالبة بتقنين وجودهم في الحي

«سبحانه مغير الأحوال.. معقول حي الزمالك الراقي يتحول إلى غرزة لتدخين الشيشة..؟! لعنة الله على من يفسد مصر بهذا الدخان». هكذا وصف الطبيب محمد بدراوي، جزيرة الزمالك، أحد أعرق الأحياء الأرستقراطية الراقية غرب العاصمة المصرية (القاهرة)، بعد أن استعمرت المقاهي والكافيهات معظم أرصفة الحي، جالبة معها الباعة الجائلين الذين افترشوا الطرقات لبيع كل ما لذ وطاب.
أمام هذا التحول العشوائي المباغت لم يجد بدراوي، الذي ولد وترعرع في الزمالك، على ضفاف النيل، مفرا من أن يبحث عن شقة جديدة في مدينة «الشيخ زايد»، بعيدا عن أجواء مدينة القاهرة الصاخبة، ملقيا الاتهام على الفوضى والإهمال الحكومي الذي أعقب ثورة 25 يناير 2011، والذي منح هؤلاء الباعة فرصة تاريخية لاحتلال الشوارع الهادئة.
واشتهر الزمالك بأنه أهدأ أحياء القاهرة، عرفت شوارعه خطوات المشاهير وأثرياء المجتمع منذ مئات السنين، على رأسهم حسن باشا صبري رئيس وزراء مصر الأسبق، وكوكب الشرق أم كلثوم، والموسيقار محمد عبد الوهاب، والمطرب عبد الحليم حافظ، ورشدي أباظة، وفريد الأطرش، ومن أشهر الكتاب إدوار الخراط، وبهاء طاهر، لكنه تحول الآن، بفضل المقاهي والمحال المنتشرة به، إلى ما يشبه مولا تجاريا ضخما يقصده الشباب لقضاء جلسات السمر التي تمتد حتى الساعات الأولى من الصباح.
وأصبحت ظاهرة انتشار الباعة الجائلين وسيطرة المقاهي على أرصفة الشوارع أزمة تواجه معظم أحياء العاصمة المصرية، بعد أن تزايدت بشكل لافت وبكثافة في أعقاب ثورة يناير، بسبب الفوضى الأمنية وصعوبة مواجهة الشرطة لهذه الأعداد الهائلة من الباعة. لكن الصراع اتخذ طابعا مغايرا في حي الزمالك، الذي رفض سكانه من الطبقة الأرستقراطية أن تلتهمه نيران الفوضى.
وقبل أسابيع، انتفض أهالي الحي، مستنكرين تكاثر هذه المقاهي، خاصة بعد أن أصبحت تجذب غالبية زبائنها من خارج الحي، وقامت رابطة «سيدات الزمالك» بمسيرة احتجاجية طالبوا فيها المجلس المحلي باتخاذ ما يلزم لردع هؤلاء.
تقول السيدة منى أبو العنين «فوضى أصحاب الكافيهات في الزمالك جعلت كل من هب ودب من الشباب يملأ الزمالك من كل أنحاء البلد.. (لازم كل الكافيهات تتقفل ويحترموا السكان)». وبالفعل استجابت إدارة الحي لمطالب الأهالي، وقامت بعمل حملة أزالت فيها التعديات وأغلقت كثيرا من المحال المخالفة أو المتجاوزة.
لكن أصحاب المحالات اعتبروا أن ذلك تعدّ على حقوقهم في العمل والبحث عن «لقمة العيش»، كما يقول محمد العمدة (عامل بأحد المقاهي)، مضيفا، وهو يحاول أن يزيد من اشتعال الفحم لوضعه على الشيشة للزبائن، «هؤلاء ينظرون إلينا نظرة دونية على الرغم من أننا نعمل بالحلال، والحكومة تتحرك لأي شكوى منهم باعتبارهم من الأكابر الذين لا يجب إغضابهم».
ومن ناحيتهم، جاب أصحاب المقاهي والمطاعم ومئات من العاملين في مسيرة، أول من أمس (الاثنين)، أحياء جزيرة الزمالك وهم يحملون أدوات المقاهي والمطاعم من صحون ومقاعد وصوانٍ وأكواب، في إشارة رمزية إلى معاناتهم مع البلدية التي تطارد نشاطهم، وتجبرهم على الفرار بشكل شبه يومي حاملين هذه الأدوات.
ورفعت المسيرة شعارات تطالب بتقنين أوضاع المقاهي والمطاعم، وتنظيم شروط عملها في الزمالك بشكل يحافظ على الطابع الخاص للحي، مع عدم الإضرار باستثماراتهم التي يقولون إنها تقدر بنحو 100 مليون جنيه، وتفاديا لتشريد العاملين الذين يبلغ عددهم ما يزيد على أربعة آلاف عامل وموظف، على حد زعمهم.
وقام العاملون برفع لافتات «تشريدنا وتشريد أسرتنا حرام.. نرفض الظلم»، كما قاموا بالهتاف «عيش حرية عدالة اجتماعية».
يقول عمر أبو زيد، أحد أعضاء «رابطة مقاهي ومطاعم الزمالك» لـ«الشرق الأوسط»: «يريدون تشريد العمال وتدمير استثماراتنا لإرضاء سيدات الزمالك.. المحافظ لا يريد أن يقابلنا والحي يتهرب منا.. وحتى عندما قمنا بالمسيرة مثلهم لم يتصل بنا أحد لسماع شكوانا».
يضيف أبو زيد: «على العكس من الصورة التي يعتقدها البعض عنا.. نحن نسعى إلى الحفاظ على الطبيعة الخاصة لحي الزمالك الجميل، وبالتأكيد ليس من ضمن أهدافنا تلويث البيئة أو التسبب في إزعاج السكان الذين نكن لهم الاحترام، لكننا في الوقت نفسه نختلف في قناعتنا عن هذه الطبيعة الخاصة للحي، حيث نعتبرها طبيعة عصرية ومتجددة وجاذبة للسياحة الداخلية والخارجية، وهنا يأتي دورنا كصناع لهذه لصناعة السياحة».
ويتميز حي الزمالك بوجود كثير من المعالم الأثرية والسياحية، منها برج القاهرة، وحديقة الأسماك، ودار الأوبرا المصرية، بالإضافة إلى أشهر النوادي الرياضية في مصر، وعلى رأسها النادي الأهلي، وكذلك متحف الفن المصري الحديث. ويقطنه كثير من السفارات الأجنبية. ويرى المعارضون لوجود هذه المقاهي أنها تسببت في تزايد الضوضاء والقمامة في الشوارع، كما أنها قضت على المساحات الخضراء، وأماكن الجلوس».
لكن أبو زيد، وهو شاب لا يتجاوز الخامسة والثلاثين من العمر، أكد أنه «يجب أن لا يكون هناك تناقض بين السعي العام للدولة في تشجيع الاستثمارات المتوسطة والصغيرة ومساعدة الشباب في شق طريقهم بأساليب راقية ومبدعة، وسعي محافظة القاهرة إلى هدم هذا التوجه تماما ومطاردته دون نقاش ودون النظر في إمكانيات حل المشكلة بأسلوب يسع دورنا ودور الدولة في حمايتنا».
من جانبه، قال شادي شريف، صاحب أحد المطاعم: «نحن نعاني من قوانين وقرارات عتيقة وضعت في زمن غابر لخدمة مصالح لم يعد لها وجود.. لا بد من فتح باب الحوار مع الجهة الإدارية المسؤولة لنصل في النهاية إلى حلول ترضي الجميع». وأضاف: «لدينا أفكار كثيرة للتعبير عن مطالبنا التي نعتبرها مشروعة، وننوي مواصلة هذه الأشكال المبتكرة من الاحتجاج السلمي الهادئ، للفت أنظار سكان الحي والجهات الإدارية لموقفنا ولرغبتنا في تعديله وتقنينه».
ويؤكد عباس الجمال، عضو الرابطة، على عدم تعارض مطالب المقاهي والمطاعم مع مطالب سيدات الزمالك في الحفاظ على تحضر ورقي الحي، ويقول: «لا نخرج في مسيرة لمجرد الاحتجاج، وإنما للتأكيد على دورنا في صناعة صورة هذا الحي.. نحن نرفع لافتة وحيدة تؤكد على أننا نحن أيضا أبناء حي الزمالك، ولكننا الأبناء الذين يحرصون على أن يظل هذا الحي جاذبا وحيويا ومنتجا وخادما للاقتصاد الوطني، بالقدر الذي نستطيعه ونقدر على تطويره».
وهو ما ردت عليه السيدة نوال، من سكان الحي، قائلة: «يعنى آجي أفتح قهوة قدام باب بيتك وأحرمك من النوم والمشي وركنة العربية ولما تعترض أقولك إنتا بتشرد العمال الغلابة؟!». لكن هذا السؤال وغيره يظل حائرا في الحي الراقي، الذي يبدو أنه يغادر في غبار الضجيج وقاره الأرستقراطي.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.