السعودية تهدف لأن تصبح القطاع المالي الرئيسي في الشرق الأوسط

تستهدف السعودية تبوؤ مركز متقدم بين أسواق المال العالمية، بما يحقق بالتالي أهداف برنامج تطوير القطاع المالي، والذي يعمل على أن تصبح السوق السعودية واحدة من أهم 10 أسواق عالمية، وأن تصبح على الصعيد الإقليمي السوق الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط.
وتعمل السعودية على زيادة حجم الشركات المدرجة في سوق الأسهم المحلية، بما يحقق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، وللسوق المالية، فيما بدأت السيولة النقدية في الأسابيع الأخيرة في أخذ وتيرة متصاعدة، بما يعكس بالتالي حجم الموثوقية التي تحظى بها السوق المالية السعودية.
وعلى صعيد القطاع المالي، فإن التغطية الناجحة للصكوك الحكومية المحلية تثبت قوة ومتانة القطاع المالي في البلاد، حيث تكشف الأرقام عن تزايد معدلات التغطية من إصدار لآخر، بدأت بـ297 في المائة، ومن ثم 300 في المائة، وأخيراً 350 في المائة.
وفي هذا الخصوص، تستأنف سوق الأسهم السعودية اليوم الاثنين تعاملاتها عقب التوقف لإجازة اليوم الوطني الـ87 للبلاد، فيما من المنتظر أن تحظى تداولات اليوم بتزايد معدلات السيولة النقدية المتداولة، يأتي ذلك في الوقت الذي كشفت فيه بيانات السوق المالية السعودية «تداول» عن تزايد تدفق رؤوس الأموال الأجنبية إلى سوق الأسهم السعودية خلال الأسابيع الثلاث الماضية.
ويعمل برنامج تطوير القطاع المالي على رفع حجم وعمق وتطور أسواق رأس المال السعودية، وتحسين تجربة المشغلين والمستخدمين، ومكانة أسواق رأس المال السعودية على الصعيد الإقليمي، وذلك بأن تصبح سوق المال السعودية السوق الرئيسية في الشرق الأوسط.
وعلى الصعيد العالمي، يعمل برنامج تطوير القطاع المالي لأن تصبح السوق السعودية من أهم 10 أسواق عالمية، وأن تكون سوقاً متقدمة وجاذبة للاستثمار المحلي والأجنبي، بما يمكنها من القيام بدور محوري في تنمية الاقتصاد الوطني، وتنويع مصادر دخله.
وفي هذا الشأن، أكد فهد المشاري الخبير الاقتصادي والمالي لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن سوق الأسهم السعودية باتت تحظى بموثوقية عالية، وقال: «الملاحظ أن رؤوس الأموال الأجنبية في تزايد، وهذا مؤشر مهم على حجم الفرص الاستثمارية المتاحة».
وبيّن المشاري خلال حديثه أن سوق الأسهم السعودية مرشحة إلى الإغلاق في المنطقة الخضراء خلال تعاملات اليوم الاثنين، وقال: «نقترب من إعلان فوتسي عن إدراج سوق الأسهم السعودية ضمن مؤشراتها، هذه الخطوة إن حدثت فإنها ستمنح السوق جرعة إيجابية جديدة».
ويرى مراقبون أن إعلان «فوتسي» الجمعة المقبل عن إدراج سوق الأسهم السعودية ضمن مؤشراتها العالمية، سيمنح السوق المالية السعودية فرصة أكبر من حيث تدفق رؤوس الأموال الأجنبية، فيما تشير المعلومات التي تحصلت عليها «الشرق الأوسط» أن سوق الأسهم السعودية مرشحة بقوة للإدراج ضمن مؤشرات «فوتسي» للأسواق العالمية الناشئة.
في الوقت الذي تتجه فيه «فوتسي» إلى الإعلان عن إدراج سوق الأسهم السعودية ضمن مؤشراتها للأسواق العالمية الناشئة، تعتبر «فوتسي» هي ثاني أكبر المؤشرات العالمية حجماً ووزناً واستخداماً، إذ يحتل المرتبة الأولى مؤشر «إم إس سي آي» MSCI، وهو المؤشر الذي أعلن عن بدء مراقبة سوق الأسهم السعودية.
وعمدت «فوتسي» إلى أخذ مرئيات العموم خلال الفترة الماضية، تمهيدا لإدراج سوق الأسهم السعودية ضمن مؤشراتها، حيث تعتبر هذه الخطوة الإلزامية أهم الخطوات التي تتخذها المؤشرات العالمية عادة.
وكانت «فوتسي» قد أثنت في تقرير لها شهر أبريل (نيسان) الماضي على الجهود التي قامت بها «تداول» خلال العام الماضي لفتح السوق بشكل أكبر للمستثمرين الأجانب، فيما تدير «فوتسي» كثيرا من المؤشرات العالمية للأسواق الصاعدة والمتقدمة التي يعتمد عليها مديرو الصناديق الاستثمارية العالمية لتحديد حجم استثماراتهم في الأسواق المختلفة، أو كأساس لقياس الأداء مقارنة بهذه المؤشرات.
واتخذت السعودية خطوات تطويرية مهمة على صعيد سوقها المالية خلال الفترة الماضية، وهي الخطوات التي تزيد من عمق السوق، وجاذبيتها الاستثمارية، وكفاءة الأداء، فيما بدأت فعلياً في تطبيق وحدات التسعير الجديدة للأسهم المدرجة، وهي الوحدات التي باتت أكثر تقاربا، مما يعطي تعاملات السوق اليومية عمقاً أكبر، وفرصاً استثمارية أعلى.
كما اتخذت السعودية خلال الفترة الماضية مجموعة من الخطوات المهمة نحو تطوير السوق المالية، وزيادة فرص إدراجها ضمن مؤشرات الأسواق العالمية الناشئة، إذ قررت في وقت سابق تخفيف القيود أمام رؤوس الأموال الأجنبية، بالإضافة إلى تطبيق معايير المحاسبة الدولية على قوائم الشركات.
كما أصدرت السعودية قرارات أخرى ذات طابع مهم لرفع مستوى مواكبة سوقها المالية للأسواق العالمية، يأتي ذلك عبر إطلاق سوق الأسهم الموازية «نمو»، التي تتعلق بأسهم الشركات الصغيرة والمتوسطة، وإلغاء إدراج الشركات التي تزيد خسائرها على 50 في المائة من رأس المال، الأمر الذي فرض على إدارات الشركات حيوية أكبر، ورغبة أعلى نحو تحقيق الربحية، والبعد عن شبح الخسائر، مما ساهم بالتالي في زيادة ربحية الشركات خلال النصف الأول من العام الحالي بنسبة 10 في المائة، مقارنة بما كانت عليه خلال الفترة ذاتها من العام الماضي.
ويُحسب لهيئة السوق المالية السعودية أنها تعمل بشكل متقارب مع المستثمرين الأفراد، والصناديق الاستثمارية، في السوق المحلية، حيث تطرح هيئة السوق مسودة قراراتها الجديدة وأنظمتها التي تنوي العمل بها أمام المستثمرين للتصويت وإبداء الرأي، الأمر الذي جعل القرارات الجديدة ذات قبول ملحوظ لدى أوساط المستثمرين.
وفي ظل هذه التطورات، فإنه قد بات برنامج تطوير القطاع المالي، الذي أعلنت عنه السعودية ضمن البرامج المحققة لـ«رؤية المملكة 2030»، خطوة مهمة نحو تطوير سوق المال المحلية، ووضعها ضمن قائمة أكبر 10 أسواق مالية في العالم. يأتي ذلك في وقت تعمل فيه المملكة بشكل حيوي على كثير من الإصلاحات الاقتصادية التي أسهمت في تجنيب اقتصاد البلاد من الآثار السلبية التي كانت ستلحق به نتيجة للانخفاضات الحادة التي شهدتها أسعار النفط.
وفي خطوة من شأنها رفع مستوى حماية المستثمرين في سوق الأسهم السعودية، قررت هيئة السوق المالية في البلاد مؤخراً، استحداث إدارة متخصصة لحماية المستثمر تتولى مهام تلقِّي شكاوى المستثمرين ومعالجتها واستقبال البلاغات عن مخالفات نظام السوق المالية ولوائحه التنفيذية، وهو القرار الذي ساهم في زيادة معدلات السيولة النقدية في تعاملات السوق المحلية من أسبوع لآخر، حيث شهدت هذه السيولة تزايدا ملحوظاً بلغ مداه ما نسبته 25 في المائة خلال تعاملات الأسبوع الأخير، مقارنة بالأسبوع الذي سبقه.