«الخريطة الأممية» إلى ليبيا لا تستثني سيف الإسلام من العملية السياسية

«الرباعية الدولية» تجيز خطة سلامة... ورئيس الأركان في حكومة الوفاق إلى روما مستبقاً حفتر

المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة (رويترز)
المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة (رويترز)
TT

«الخريطة الأممية» إلى ليبيا لا تستثني سيف الإسلام من العملية السياسية

المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة (رويترز)
المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة (رويترز)

أثارت تصريحات المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة، بشأن إمكانية دمج سيف الإسلام القذافي (نجل الرئيس الراحل) في العملية السياسية، استنكار بعض القوى السياسية في البلاد، في وقت أقرت فيه اللجنة الرباعية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، والاتحاد الأفريقي «خطة العمل الجديدة» التي طرحها، سلامة، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، في نيويورك، فيما دخلت إيطاليا على خط «توحيد الجيش» الليبي، بدعوة العميد عبد الرحمن الطويل، رئيس الأركان، التابع للمجلس الرئاسي، إلى زيارتها، قُبيل زيارة قائد الجيش، المشير ركن خليفة حفتر إلى روما، المقررة بعد غدٍ (الثلاثاء).
وكان المبعوث الأممي إلى ليبيا، قال إن «مؤيدي نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي يمكنهم المشاركة بالعملية السياسية»، مضيفاً في حوار لفضائية «فرانس 24» «أريد ألا يكون الاتفاق السياسي ملكاً خاصاً لهذا أو ذاك. فهو يمكن أن يشمل سيف الإسلام، ويمكن أن يشمل مؤيدي النظام السابق الذين استقبِلهم علناً بمكتبي»، لافتاً إلى أن الانتخابات الليبية يجب أن تكون مفتوحة للجميع.
واستقبلت كثير من الأوساط الليبية تصريحات سلامة، بشيء من الصدمة، مما دفع عضو مجلس الدولة، النائب، أبو القاسم قزيط إلى القول: «على المبعوث الأممي تدارك الموقف، وتصحيح ما يقول قبل أن يفقد مصداقيته». وتابع قزيط لـ«الشرق الأوسط»: «أنصار النظام السابق مرحَّب بهم، فهم أهلنا، وهذا حقهم، ولا أحد يزايد عليهم»، مستدركاً: «لكن سيف القذافي مطلوب للجنائية الدولية، وللمحاكم الليبية أيضاً، وبالتالي فإن قول سلامة بأنه مرحب به في العملية السياسية، يحتاج إلى تصحيح».
غير أن عضو مجلس النواب عن مدينة بنغازي، عصام الجهاني، رأى أن المرحلة الثانية في «الخريطة التي طرحها المبعوث الأممي» ودعا فيها إلى عقد «مؤتمر وطني» تحت رعاية الأمم المتحدة لدمج الفاعلين «المنبوذين أو المهمشين» على الساحة الليبية، وإقامة حوار مع الجماعات المسلحة بهدف إدماج أفرادها في العملية السياسية والحياة المدنية «زادت من خلط الأمور في ليبيا»، ما سيفتح الباب لـ«سيف وغيره».
وأضاف الجهاني: «فكرة اللجوء إلى (مؤتمر وطني) هذه خطأ، لأنها ستزيد من الأجسام (الكيانات الفرعية) على الساحة الليبية، وبالتالي لن نصل إلى حل، وستطول الفترة الانتقالية، مما يعقد الأمور في البلاد».
وسبق أن ألغى مجلس النواب الليبي، في الثاني من فبراير (شباط) 2015 قانونا مثيراً للجدل عزل بموجبه من العمل السياسي والإداري في البلد كل من كان له علاقة بنظام الراحل معمر القذافي. وكان هذا القانون من أكثر القوانين إثارة للجدل في ليبيا خلال المرحلة الانتقالية، إذ صدر في 5 يونيو (حزيران) 2013 عن المؤتمر الوطني العام، (المنتهية ولايته) بعد جدل كبير حوله بين مختلف الأطراف في البلاد.
إلى ذلك، أقرت اللجنة الرباعية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، «خطة العمل الجديدة من أجل ليبيا»، محذرة من خطر الإرهاب في البلاد، والاستمرار في تدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية والإنسانية في ليبيا.
وترحب اللجنة الرباعية في بيان تضمن ثماني نقاط، نشرته بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا على صفحتها بموقع «فيسبوك»، فجر أمس، بالتسلسل السياسي الذي حدده سلامة، الذي تضمن أولاً مجموعة محدودة من التعديلات على الاتفاق السياسي الليبي، يعقبها مؤتمر وطني، ليتم لاحقاً اعتماد الإطار الدستوري والانتخابي اللازم لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في غضون عام من الاجتماع رفيع المستوى.
وأبدت اللجنة الرباعية ترحيبها، أيضاً، بعزم المبعوث الأممي إلى ليبيا، عقد اجتماع يضم لجنتي مجلس النواب ومجلس الدولة، في تونس، 26 سبتمبر (أيلول) 2017، للعمل على تعديل الاتفاق السياسي الليبي، متعهدةً بمواصلة العمل من أجل تعزيز التعاون بين المنظمات الأربع، «وضمان اتّباع نهج مشترك وتكاملي بغية التصدي للتحديات التي تواجهها ليبيا».
في هذا السياق أيضاً، وجهت الحكومة الإيطالية دعوة رسمية إلى رئيس الأركان، العميد عبد الرحمن الطويل، التابع للمجلس الرئاسي، لحكومة الوفاق، لزيارة العاصمة الإيطالية. ونقلت «الوسط» الليبية عن مصدر، لم تسمه، أن «الحكومة الإيطالية تريد التأكيد على صدقية تحركها في ليبيا، الذي قوامه الاعتراف بحكومة الوفاق في طرابلس، ولكن الانفتاح على الأطراف الفاعلة الأخرى في البلاد».
وسبق أن وجهت الحكومة الإيطالية دعوة إلى القائد العام للجيش، المشير خليفة حفتر، لزيارتها الثلاثاء المقبل، للاجتماع مع وزيرة الدفاع، روبرتا بينوتي، ووزير الداخلية، ماركو بينيتي، ورئيس جهاز المخابرات الإيطالية وقادة الجيش. وأرجع مصدر عسكري ليبي لـ«الشرق الأوسط» سبب دعوة «رئيس أركان الوفاق» إلى زيارة إيطاليا، في توقيت قريب من زيارة حفتر، إلى أن «الجانب الإيطالي يسعي للتقريب بين فلول المؤسسة العسكرية في البلاد، ويجمع شتاتها».
وأضاف المصدر في تصريح مقتضب أن «إيطاليا ستغير من سياساتها، التي كانت تدعم في السابق، المجلس الرئاسي، وستنفتح على الشرق، تأكيداً للموقف الدولي الداعم للمبعوث الأممي». وبزيارة حفتر إلى روما، بعد غد (الثلاثاء)، تكون إيطاليا طوت صفحة من الخلافات المؤقتة مع قائد الجيش الليبي، الذي سبق أن لوَّح في الثالث من أغسطس (آب) بالتصدي لأي سفن إيطالية تقترب من المياه الإقليمية الليبية دون تصريح، اعتراضا على موافقة البرلمان الإيطالي على إرسال قطع بحرية إلى ليبيا، في إطار المحاولات للحد من عبور المهاجرين البحر المتوسط باتجاه أوروبا.
ومنذ الإطاحة بنظام القذافي في عام 2011، غرقت ليبيا في نزاعات بين مجموعات مسلحة وسلطات سياسية متنافسة في شرق وغرب البلاد.
من جانبها، تعهدت أمس الولايات المتحدة بأنها «لن تدعم الأفراد الذين يسعون إلى الالتفاف على العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة»، مؤكدة في المقابل أنها «لا تزال ملتزمة بالعمل مع ليبيا والأمم المتحدة وشركائها الدوليين للمساعدة في تحقيق المصالحة السياسية وهزيمة الإرهاب وتعزيز مستقبل أكثر استقراراً للشعب الليبي».
وأشادت وزارة الخارجية الأميركية في بيان أصدرته أمس ووزعته السفارة الأميركية فئ طرابلس، بالجهود التي يقوم بها المبعوث الأممي، غسان سلامة، ودعت جميع الليبيين إلى دعم جهود الوساطة التي يبذلها والاشتراك فيها. وفي تطور لافت للانتباه، أعلنت بعثة الأمم المتحدة أن وفدين من مدينة الزنتان والعاصمة طرابلس سيوقعان اتفاقاً رسمياً في ليبيا لم تحدد موعده، مشيرة إلى أنه تم الاتفاق بينهما على جدول زمني دقيق للعودة السلمية للنازحين داخلياً إلى طرابلس في إطار جهود الأمم المتحدة الرامية إلى تعزيز المصالحة الوطنية بين الليبيين. وقال بيان للبعثة إنها نظمت مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي اجتماعاً على مدى اليومين الماضيين بين وفدين من الزنتان وطرابلس، لمناقشة تيسير العودة الآمنة والسلمية للنازحين داخلياً، إلى منازلهم في العاصمة.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».