تونس تستأنف حملتها ضد الفساد باعتقال 3 من رجال الأعمال

الحملة تأتي في إطار مواجهة الحكومة ضغوط صندوق النقد بشأن الإصلاحات الاقتصادية

TT

تونس تستأنف حملتها ضد الفساد باعتقال 3 من رجال الأعمال

جددت الحكومة التونسية، أمس، حملة مكافحة الفساد التي بدأتها في مايو (أيار) الماضي، باعتقال ثلاثة من بين أهم رجال الأعمال في مدينة صفاقس (350 كلم جنوب شرقي) التي تمثل العاصمة الاقتصادية للبلاد.
ومن المنتظر أن يتم إصدار قرارات بوضع متورطين في قضايا فساد قيد الإقامة الإجبارية، ضمن الإجراءات الاستثنائية التي يمكن لرئيس الحكومة يوسف الشاهد اتخاذها في ظل حالة الطوارئ التي تعيشها البلاد.
واعتقلت وحدة أمنية مختصة رجل الأعمال محمد الفقيه، وجوهر دمق، ووديع الرقيق، في إطار حرب الحكومة على الفساد، ووجهت لهم تهما تتعلّق بالتهرّب الجبائي وتقديم تصاريح جمركية خاطئة.
ووفق تقارير هيئة مكافحة الفساد، فإن عددا من رجال الأعمال الموقوفين يواجهون تهما عدة بالفساد، تتمثل في إغراق السوق الموازية ببضائع لا تستجيب للمواصفات الفنيّة، وتوريد بضائع تحمل علامات مقلدة، سواء تونسية أو أجنبية، وتحويل عملة أجنية بطرق غير مشروعة، وتنفيذ عمليات تبيض الأموال.
كما وجهت له تهم التلاعب بفواتير، والتصريح بمعطيات مغلوطة من حيث الكمية والنوعية والبضائع وقيمتها، ودفع قيمة بضائع بطرق غير قانونية، والقيام بعمليات توريد لفائدة الغير مقابل عمولات متفاوتة.
وذكرت مصادر حكومية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، أن حملة محاربة الفاسدين والمهربين ستتواصل بقوة خلال الأيام المقبلة، ومن المتوقع أن تشمل القائمة نحو 20 متورطا في ملفات فساد، من بينها ملف اللحوم الفاسدة، وستشمل الاعتقالات رجال أعمال مشبوهين ومهربين، وأطرا في عدد من المؤسسات الاقتصادية.
وأكدت المصادر ذاتها، أن الاعتقالات قد تشمل رجال أعمال آخرين من ولاية (محافظة) صفاقس ومناطق أخرى من تونس. وفي هذا الشأن، قال جمال العرفاوي، المحلل السياسي التونسي، لـ«الشرق الأوسط»: إن الحملة الجديدة ضد الفساد تأتي قبل فترة قليلة من زيارة جديدة تقوم بها بعثة صندوق النقد الدولي إلى تونس خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، مؤكدا أن الحكومة باتت تنتهج هذه السياسة لمواجهة ضغوط صندوق النقد بشأن الإصلاحات الاقتصادية، وضرورة إصلاح المنظومة الجبائية ومنظومة الجهاز البنكي، وأن هذه الحملة باتت على ما يبدو دورية، حيث شهد شهر مايو الماضي حملة ضد الفساد، تمخضت عن اعتقال مجموعة من رجال الأعمال قبل أن تهدأ، وكانت قبل فترة قليلة من زيارة وفد من صندوق النقد الدولي، على حد قوله.
وتنتظر تونس موافقة صندوق النقد على القسط الثالث من القرض المالي المتفق عليه بين الطرفين، والمقدر بنحو 370 مليون دولار (نحو 875 مليون دينار تونسي)، وذلك قبل نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وتعرضت حملة الحكومة ضد الفساد إلى انتقادات عدة من قبل منظمات حقوقية تونسية وأجنبية، اتهمت الشاهد بعدم احترام شروط المحاكمة العادلة للموقوفين، وتوجيه تهم لهم دون إعطائهم فرصة الدفاع عن أنفسهم أمام القضاء، وإصدار أحكام تقضي بالإقامة الإجبارية، والاعتماد على قانون حالة الطوارئ لتنفيذ إجراءات استثنائية لا تحترم حقوق الإنسان.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.