أشعة كونية تصل إلى الأرض من خارج المجرة

رصد جسيم يحتوي على طاقة 300 تريليون فولت إلكتروني

أشعة كونية تصل إلى الأرض من خارج المجرة
TT

أشعة كونية تصل إلى الأرض من خارج المجرة

أشعة كونية تصل إلى الأرض من خارج المجرة

أثبتت أبحاث فلكية حديثة أن الكرة الأرضية تكتظ بجسيمات كونية تأتي من مجرات بعيدة عن مجرتنا «درب اللبانة».
ونشرت مجلة العلوم «ساينس» المتخصصة في العلوم الطبيعية بحثاً أعدَّه أكثر من 400 باحث من 18 دولة أثبتوا هذه الحقيقة بجلاء، حيث بينت قياسات مرصد بير أوجر في الأرجنتين أن الجسيمات التي تحتوي على قدر كبير من الطاقة تأتي كجزء مما يطلق عليه الأشعة الكونية، وهي تصل إلى الأرض آتيةً من مصادر خارج المجرة.
وقال المتحدث باسم المرصد والمشارك في البحث كارل هاينس كامبرت، وهو فيزيائي متخصص في الجسيمات الفلكية بجامعة فوبرتال الألمانية، إنه «بفضل معلومات حديثة تمكن الباحثون من إيضاح مسائل رئيسية عن نشأة الكون، ودرب اللبانة وغيرها من المجرات الأخرى».
وأوضح البحث الجديد أن الأشعة الكونية تتكون من بَرَد جزيئي غني بالطاقة، يتساقط باستمرار على أجواء الأرض.
وذكر البحث أن هذه الجسيمات هي أنوية ذرية سريعة الحركة لعناصر كيميائية مختلفة أهمها ذرات الهيدروجين (البروتونات).
ولم تتم حتى الآن دراسة مصادر هذه الجسيمات السريعة إلى حد كبير.
ومن بين مصادر هذه الجسيمات الشمس التي ترسل بلا انقطاع جزيئات يطلق عليها الرياح الشمسية تصل كمية الطاقة بها إلى نحو 100 مليون فولت إلكتروني.
ويمكن أن تؤدي جسيمات الرياح الشمسية إلى تشويش الاتصالات اللاسلكية وقطع إمدادات الكهرباء على سطح الأرض.
غير أن الجسيمات التي رصدها مرصد بير أوجر في مالارجو أغنى بالطاقة من الرياح الشمسية بمليارات الأضعاف.
وكان أعلى جسيم احتواء للطاقة تم رصده هو جسيم بطاقة تصل إلى 300 تريليون فولت إلكتروني.
وبهذا يحتوي هذا الجسيم شبه النووي على طاقة ككرة تنس مضروبة بقوة، الأمر الذي أذهل علماء الفيزياء حتى أطلقوا عليه اسم «الصرخة» التي عبروا بها عن تعجبهم منه: «إنه جسيم - يا إلهي».
يتألف المرصد من 1600 جهاز كشف تمتد على مساحة قدرها 3000 كيلومتر مربع، وهي مساحة تزيد على مساحة ولاية زارلاند الألمانية ويقع كل جهاز كشف من هذه الأجهزة داخل محطة قياس مليئة باثني عشر طناً من الماء.
وتصطدم جسيمات الأشعة الكونية عند قدومها إلى أجواء الأرض بجزيئات الهواء، ما يؤدي إلى تمزق جزيئات الهواء وارتطام حطامها بجزيئات أخرى، حتى ينشأ تكدس من الجسيمات يشبه كومة جليدية، يؤدي إلى تقسيم طاقة الجسيمات الأصلية.
فإذا وقعت هذه الجسيمات المليئة بالطاقة على الماء داخل خزاناته، فإنها تتحرك بسرعة أكبر من سرعة الضوء في الماء، وترسل ضوءا كما يبين العالم كامبرت «يمكن للمرء أن يتخيله كما تخترق طائرة حاجز الصوت، وهو ما نسميه في حالتنا أشعة شيرينكوف»، وهذا الضوء أثبتته أجهزة الاستكشاف.
ويضيف كامبرت أنه من خلال تحديد وقت وصول جبل الجسيمات تماما يمكن للعلماء أن يقولوا تحديدا من أي اتجاه جاءت في الأصل هذه الجسيمات، إلا أن تحديد المصدر أمر صعب، حيث تتعرض هذه الجسيمات المحملة بالكهرباء خلال سيرها في أجواء الكون إلى الانحراف بسبب كثير من المجالات المغناطيسية التي تقابلها.
وفي حالة الطاقة الأدنى فإنها تنزل متداخلة من جميع الاتجاهات بدرجة التكرار ذاتها، وفي هذه الحالة يشبه الشعاع الضوئي توزيع الضوء بصورة متماثلة عبر ضباب كثيف.
أما في حالة الطاقة المرتفعة، كما أثبت الاختبار الأخير، فإن ذلك يتغير، حيث تقل قوة المجالات المغناطيسية الكونية فلا تستطيع انتزاع الجسيمات السريعة من مدارها، إلا أن الجسيمات القوية ذات الطاقة العالية من نوع «إنه جسيم - يا إلهي» لا تأتي إلى الأرض إلا بندرة كبيرة، فلا يقع مثل هذا الجسيم على مساحة مثل ملعب كرة قدم إلا مرة واحدة في كل قرن في المتوسط.
إلا أنه بفضل المساحة الكبيرة تمكن مرصد بير أوجر من التقاط عدد كافٍ من الجسيمات الكونية عالية الطاقة لتحليل اتجاهات مصادرها.
وتمكن العلماء عبر قياسات استمرت عشرة أعوام من إعداد خريطة للسماء حسب الأشعة الكونية عالية الطاقة، تمكنوا معها من الربط بين هذه الأشعة وأحد المصادر المنبثقة عنها لأول مرة.
وأسفرت النتيجة عن أن هذه الأشعة الكونية عالية الطاقة لا تأتي من درب اللبانة (التبانة)، وإنما من مجرات قريبة مجاورة له.
وحتى الآن ليس بمقدور العلماء، إلا أن يحددوا مناطق غنية بالمجرات في فضاء الكون كمسؤول عن تلك الأشعة ولا يستطيعون تحديد أجسام فضائية بعينها كمصدر لها، تماماً كما يرى الإنسان إضاءة سفينة كبيرة عبر الضباب، فيرى كتلة من الضوء ولا يستطيع تحديد المصابيح بعينها.
وللحصول على صورة واضحة فإنهم يريدون تغيير تقييم البيانات المتاحة لهم، فحتى الآن تم وضع جميع الجسيمات الكونية في بؤرة الاهتمام.
لكن هناك أنوية (جمع نواة) أثقل وزناً تتطاير في الفضاء أقل من نواة الحديد استقامة وأقرب إلى نواة الهيليوم.
ويوضح كامبرت قائلا: «لو أننا استطعنا التوصل إلى هذه الأنوية الذرية، سيكون من الممكن أن نكون صورة أكثر دقة عن مصدر تلك الأشعة الكونية»، ولهذه الغاية يتم تحسين قدرات المرصد حالياً.


مقالات ذات صلة

شركة أميركية خاصة سترسل قريباً مركبة إلى القمر

تكنولوجيا تظهر هذه الصورة غير المؤرخة المقدمة من شركة «فايرفلاي آيروسبايس» مركبة الهبوط القمرية «بلو غوست ميشين» المجمعة بالكامل (أ.ف.ب)

شركة أميركية خاصة سترسل قريباً مركبة إلى القمر

سترسل شركة «فايرفلاي آيروسبايس» الأميركية مركبة فضائية إلى القمر في منتصف يناير.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم الذكاء الاصطناعي نجح في إنجاز محرك صاروخي متطور في 3 أسابيع

الذكاء الاصطناعي نجح في إنجاز محرك صاروخي متطور في 3 أسابيع

نجح الذكاء الاصطناعي في تصنيع محرك صاروخي متطور بالطباعة التجسيمية.

جيسوس دياز (واشنطن)
يوميات الشرق رسم توضيحي فني لنجم نيوتروني ينبعث منه شعاع راديوي (إم تي آي نيوز)

كشف مصدر إشارة راديو غامضة سافرت 200 مليون سنة ضوئية لتصل إلى الأرض

اكتشف علماء انفجاراً راديوياً غامضاً من الفضاء عام 2022، وقع في المجال المغناطيسي لنجم نيوتروني فائق الكثافة على بُعد 200 مليون سنة ضوئية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق يتم رصد القمر وكوكب الزهرة في السماء فوق المجر (إ.ب.أ)

هواة مراقبة النجوم يشهدون كوكب الزهرة بجانب الهلال

يبدو أن شهر يناير (كانون الثاني) سيكون شهراً مميزاً لرؤية الظواهر السماوية النادرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أجسام محترقة رصدها مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي جنوب السعودية

أجسام غامضة في سماء السعودية... هذا تفسيرها

تناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي، مساء الخميس، مقاطع فيديو لظهور ما يشبه أجسام محترقة في سماء مدينة جازان (جنوب السعودية).

جبير الأنصاري (الرياض)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.