تنفيذ اتفاق 2011 يمر بعقبات آنية وأخرى مؤجلة كثير منها معقد

عناصر مسلحة من كتائب القسام خلال استعراض عسكري في غزة (أ.ب)
عناصر مسلحة من كتائب القسام خلال استعراض عسكري في غزة (أ.ب)
TT

تنفيذ اتفاق 2011 يمر بعقبات آنية وأخرى مؤجلة كثير منها معقد

عناصر مسلحة من كتائب القسام خلال استعراض عسكري في غزة (أ.ب)
عناصر مسلحة من كتائب القسام خلال استعراض عسكري في غزة (أ.ب)

لم ينجح الإعلان المصري الفتحاوي الحمساوي حول الاتفاق الجديد بين حركتي فتح وحماس في إزالة كثير من الشكوك المنتشرة في أوساط الفلسطينيين حول إمكانية عقد مصالحة حقيقية.
واختبر الفلسطينيون كيف وضعت الحركتان الفلسطينيتان، في مرات سابقة، اتفاقاً شاملاً، وضعتا له اتفاقاً آخر، ثم اتفاق إطار عمل، ثم اتفاقاً ثالثاً حول آلية التطبيق، إلى أن توصل الطرفان، بعد نحو 8 سنوات على أول اتفاق، أي في عام 2014، إلى تشكيل حكومة توافق، أعلن الجميع لاحقاً أنها فشلت، ويجب استبدالها بحكومة وحدة، قبل أن تعلن حماس تشكيل لجنة إدارية، قابلتها السلطة بفرض سلسلة عقوبات. صحيح أن الاتفاق الجديد انتهى بحل اللجنة الإدارية، ويفترض أن يصل إلى تراجع السلطة عن عقوباتها، لكن التطبيق على الأرض هو الاختبار الحقيقي.
يوجد أمام الحركتين الكبيرتين ملفات صعبة ومعقدة وشائكة، لا يمكن الوصول إلى وفاق حقيقي واتفاق كامل من دون إيجاد حلول لها.
وتشكل الأجهزة الأمنية اليوم، إلى جانب ملفي موظفي حكومة حماس السابقين، وبرنامج حكومة الوحدة المرتقبة، أبرز العقبات أمام اتفاق جديد تفصيلي شامل.
كان عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، مفوض التعبئة والتنظيم فيها، جمال محيسن، واضحاً حين قال صراحة إن مسألتي فرض الأمن وقضية موظفي حركة حماس هما العقبتان الأبرز أمام اتفاق المصالحة، وإن القضيتين تمثلان أبرز العقبات التي ستواجه إتمام المصالحة، لكنه استدرك: «رغم ذلك، بالإمكان تجاوزها بعقلية الوحدة الوطنية والمصالح العليا لشعبنا». ويعتقد محيسن أن هذا يتطلب أولاً «إبراز النيات الحسنة»، و«تغليب المصالح الوطنية على الحزبية لإنهاء صفحة الانقسام في تاريخ القضية الفلسطينية».
ملف الأمن
ويعد ملف الأمن واحداً من الملفات التي لم تستطع الحركتان الاتفاق حوله، حتى الآن. ويمكن وصف فرض الأمن في غزة بالمشكلة الأكثر تعقيداً. فخلال سنوات طويلة من الانقسام، شددت كل من فتح وحماس من قبضتها الأمنية: الأولى في الضفة الغربية، والثانية في قطاع غزة. ووظف كل منهما عشرات الآلاف من الرجال الجدد، وفق تعليمات وعقيدة أمنية مختلفة ومتعارضة مع العقيدة الأمنية التي اعتمدها الطرف الآخر.
وفي الوقت الذي تفهم في الحركتان أهمية الأمن لأي نظام، تبدو الشراكة الأمنية شبه مستحيلة في المدى القريب، أو حتى المتوسط. وعندما طرح هذا الملف في سنوات سابقة، وخلال مفاوضات متقدمة، اشترطت حماس تبادل الترتيبات الأمنية بشكل متزامن، أي العمل على ترتيب الأوضاع في غزة والضفة بشكل متواز متزامن. فعودة قوات الرئيس الفلسطيني إلى غزة تتطلب، بالمقابل، دمج حماس في الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية، وهذه المسألة في حقيقة الأمر أكثر تعقيداً، وأكبر مما تتمناه حماس وفتح معاً.
فمن ناحية عملية، لا يمكن لعناصر حمساوية العمل في أجهزة أمن الضفة، ولا تستطيع عناصر فتح بالمقابل العمل في أجهزة الأمن التي تديرها حماس في غزة، بسبب التعقيدات السياسية والأمنية والحزبية كذلك.
كما أن السلطة لن تتحمل تفريغ الآلاف من العناصر الجديدة التي تضاف إلى عشرات الآلاف من عناصر الأمن العاملين في الضفة الغربية، وآلاف آخرين لا يعملون في قطاع غزة ويتلقون رواتب.
وتريد حماس تفريغ نحو 9 آلاف عنصر أمن جديد تابعين لها، وهذا ما ترفضه السلطة الفلسطينية. كما لا يمكن إحكام القبضة الأمنية بالشكل الصحيح على قطاع غزة، في ظل وجود جيش كبير من كتائب القسام وميليشيات الفصائل الأخرى المسلحة.
وتمثل القسام درة التاج بالنسبة لحماس. ولا يوجد عدد دقيق لعناصر القسام، لكن تقديرات إسرائيلية تقول إنهم يزيدون على 10 آلاف مقاتل. وتتحكم القسام في الحدود مع مصر جنوباً، ومع إسرائيل شرقاً وشمالاً، وكذلك في الأجهزة الأمنية التي تحكم قطاع غزة اليوم. والقسام هي القوة المهابة رقم 1 في قطاع غزة، وهي التي ستقرر في نهاية المطاف حدود عمل السلطة في غزة فعلياً. وقد طرحت فتح سابقاً على حماس أن تحتفظ القسام بسلاحها من دون ظهور علني، ورفضت حماس مناقشة «سلاح المقاومة من أساسه». وبعد مفاوضات صعبة معقدة طويلة، تدخلت مصر وطلبت بقاء الوضع الأمني على ما هو عليه لمرحلة لاحقة.
ملف موظفي {حماس}
تريد حماس تفريغ نحو 43 ألف موظف مدني وعسكري، فوراً، في حكومة الحمد الله، حين تتسلم قطاع غزة، لكن حركة فتح ترفض وتقول إنه لا يمكن للحكومة استيعابهم دفعة واحدة. وجرى التوافق سابقاً على تشكيل لجنة إدارية لمعالجة هذا الملف.
واقترح رئيس الحكومة رامي الحمد الله على حماس لاحقاً أن تسمح لموظفي السلطة بالعودة إلى أعمالهم، ثم يجري بعد ذلك حصر الشواغر في كل الوزارات، على أن تكون الأولوية في التوظيف لموظفي الحركة، ويجري صرف مكافآت للباقين، لكن حماس رفضت أيضاً.
وهاجم موظفو حماس بنوكاً دفعت الرواتب لموظفي السلطة، ثم حاصروا وزراء جاءوا من رام الله إلى غزة من أجل معالجة أمر الموظفين. وظلت السلطة تدفع رواتب لموظفيها، وحماس تدفع رواتب لموظفيها.
وتوجد ملفات أخرى على الطاولة تحتاج إلى اتفاق حولها، هي منظمة التحرير والمجلس الوطني، وهذا ملف آخر شائك بدوره.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.