منح العاهل المغربي جائزة الريادة للنهوض بقيم التسامح والتقارب بين الثقافات

في حفل أقامه «التحالف العالمي من أجل الأمل» بنيويورك

الأمير مولاي رشيد في حفل تسليم الجائزة بنيويورك
الأمير مولاي رشيد في حفل تسليم الجائزة بنيويورك
TT

منح العاهل المغربي جائزة الريادة للنهوض بقيم التسامح والتقارب بين الثقافات

الأمير مولاي رشيد في حفل تسليم الجائزة بنيويورك
الأمير مولاي رشيد في حفل تسليم الجائزة بنيويورك

منح «التحالف العالمي من أجل الأمل»، مساء الاثنين بنيويورك، العاهل المغربي الملك محمد السادس، جائزة الاعتراف الخاص للريادة في النهوض بقيم التسامح والتقارب بين الثقافات؛ وذلك لدوره «في تعزيز الانسجام بين مختلف الثقافات، سواء في المغرب أو على الساحة الدولية».
وتسلم شقيقه الأمير مولاي رشيد هذه الجائزة نيابة عنه خلال حفل كبير أقيم في الفضاء الفخم للمكتبة العمومية المرموقة في نيويورك، برعاية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو)، وبحضور عدد من رؤساء الدول، وممثلي السلك الدبلوماسي لدى الأمم المتحدة وواشنطن، فضلا عن شخصيات من عالم السياسة والفنون والثقافة.
وجرى هذا الحفل بحضور وزير الخارجية والتعاون الدولي المغربي، ناصر بوريطة، وسفيرة المغرب في واشنطن، للا جمالة العلوي، والسفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة عمر هلال.
وقالت المديرة العامة لليونيسكو، إيرينا بوكوفا، التي ترأست الحفل: «قبل شهرين تلقيت دعوة من الملك محمد السادس لزيارة مدينة فاس، الحاضرة الساحرة بمدينتها العتيقة التي تم إدراجها ضمن التراث العالمي الإنساني من قبل اليونيسكو»، مبرزة أنه «بفضل الدعم السخي للعاهل المغربي، تم ترميم خمس من أقدم المدارس العتيقة التي تعود إلى القرون الـ14 والـ15 والـ16».
وأضافت بوكوفا «سرت بمعية الملك محمد السادس بالأزقة الضيقة للمدينة العتيقة، ولمست عن كثب الحماس والحب الذي يعبر عنه الشعب المغربي تجاهه، وبخاصة عندما زرنا المدارس العتيقة، لقد كانت لحظة مفعمة بالتآلف والاحترام تجاه الديانة الإسلامية».
وأكدت بوكوفا، أن مقاربة الملك محمد السادس الرامية إلى تعزيز قيم التسامح والإيثار والوسطية «هي بمثابة رد على التعصب والأفكار المتطرفة من خلال تعزيز قيم الاحترام المتبادل والانفتاح»، معربة عن «الاحترام العميق للملك محمد السادس لكل ما يقوم به من أجل بلده ومن أجل العالم».
وأعربت المديرة العامة لليونيسكو في تصريحات صحافية عن «إعجابها برسالة السلام العظيمة التي يحملها الملك محمد السادس، وهي رسالة ترتكز على الاحترام العميق لكرامة الإنسان، والتسامح، وتتوجه أيضا إلى الشباب».
وخلصت إلى القول: «أشعر، بشكل خاص، بالحظوة، لمنح الملك محمد السادس جائزة الاعتراف الخاص للريادة في تعزيز التسامح والتقارب بين الثقافات».
من جهته، قال الرئيس السابق للبنك الدولي، جيمس ولفنسون: إن قيادة الملك محمد السادس بشكل عام، وفي مجال تعزيز قيم الوسطية والتسامح، على وجه التحديد: «تقدم إسهاما كبيرا للمجتمع الدولي». وأضاف ولفنسون، في تصريح لوكالة الأنباء المغربية: إن قيادة الملك محمد السادس «تعد إضافة كبرى للمجتمع الدولي»، مؤكدا أن «المنتظم الدولي ينبغي أن يكون ممتنا له وللمملكة المغربية».
بدوره، عبّر رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، توني بلير، عن سعادته «الغامرة» بمنح الملك محمد السادس الجائزة.
وقال بلير، في تصريح لوكالة الأنباء المغربية: «إنني سعيد بشكل خاص من أجل الملك محمد السادس الذي يستحق بجدارة جائزة الاعتراف الخاص للريادة في مجال النهوض بقيم التسامح والتقارب بين الثقافات».
تجدر الإشارة إلى أن «التحالف العالمي من أجل الأمل» هو شبكة تضم ثلاث مؤسسات ذات هدف غير ربحي توجد في كل من نيويورك وزيوريخ وهونغ كونغ.
ووضع هذا التحالف أرضية عالمية لتتويج وتشجيع الأشخاص الذين يتحلون بالشجاعة في مناهضة الترهيب والعنف؛ حفاظا على الموروث الثقافي المشترك ومد الجسور بين الثقافات.
ويعمل التحالف على إدماج وتعبئة وتعزيز الشبكة العالمية «أبطال كل يوم» التي تناضل من أجل وضع حد للتطرف العنيف، والحفاظ على التراث الثقافي والنهوض بالحوار.
ويتمحور عمل هذا التحالف حول إحداث وتطوير شبكة للدعم وإعداد برنامج للتكوين، ووضع نظام للتقييم والمتابعة يرتكز على النتائج وتحسين قدرات تحصيل الموارد المالية وتيسير التواصل الأكاديمي.
وخلال هذا الحفل أيضا، تم منح جائزة القيادة الشجاعة للرئيس المالي إبراهيم بوبكر كيتا، في حين تم منح جائزة القيادة في الحفاظ على الإرث الثقافي والقيادة كنموذج، على التوالي للرئيس العراقي، فؤاد معصوم، والسيدة الأولى السابقة للولايات المتحدة، لورا بوش.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».