فشل مهرجان «شرم الشيخ للسينما والفنون» يشعل غضب صناع السينما بمصر

شكاوى من «الفهلوة» والنصب وطرد أعضاء لجنة التحكيم من فندق الإقامة

شعار المهرجان
شعار المهرجان
TT

فشل مهرجان «شرم الشيخ للسينما والفنون» يشعل غضب صناع السينما بمصر

شعار المهرجان
شعار المهرجان

لم يخطر ببال أكثر المتشائمين من صناع السينما داخل مصر وخارجها، أن «مهرجان شرم الشيخ الأفروآسيوي للسينما والفنون والسياحة»، سيصل به المطاف إلى تلك النهاية «المحرجة»، بعدما تنصلت الشركة الراعية والمنظمة للمهرجان من مسؤوليتها، وألغت حجوزات إقامة أعضاء المهرجان من المصريين والعرب والأجانب قبل انتهاء مدة المهرجان. وتسبب سوء التنظيم وحالة التخبط الشديدة التي ألقت بظلالها على كل أقسام المهرجان، الذي كان مقررا انتهاؤه اليوم، في غضب أعضاء لجنة التحكيم، والمسؤولين الفنيين عن المهرجان، بالإضافة إلى انتقاد المهتمين بالسينما داخل مصر، لتنظيم مهرجان بهذا الحجم دون إشراف الدولة.
وانطلقت الدورة الأولى لـ«مهرجان شرم الشيخ الأفروآسيوي»، تحت شعار «مصر آمنة قادرة على مواجهة الإرهاب»، يوم 14 سبتمبر (أيلول) الجاري، وترأسته الفنانة سهير المرشدي. وكان من المفترض أن يشارك فيه 40 دولة، ونحو 100 فيلم، ووفقا لبيانات إدارة المهرجان التي سبقت الافتتاح، فإن التنظيم تم تحت رعاية كثير من الجهات الحكومية، مثل وزارات الشباب والرياضة والخارجية والثقافة، بجانب المركز الثقافي الروسي، والمركز الثقافي الصيني، وسفارات إندونيسيا والجزائر، وليبيا، وفلسطين، واليابان، وبوركينافاسو.
واختارت إدارة المهرجان عدداً من كبار صانعي السينما لرئاسة لجان التحكيم، وترأس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، الدكتور رمسيس مرزوق، مدير التصوير السينمائي، وعضوية كل من الناقد كيث شيري، والمنتج ميكيل باريش، والفنانة زوليلي شابالا، والمنتج صبحي سيف الدين، نقيب السينمائيين اللبنانيين، والمنتج باراكاش شارما. فيما ترأس مسابقة الأفلام الروائية القصيرة المخرج إسماعيل مراد من مصر، وعضوية المخرج أموس واي من الصين، والفنان فادي اللوند من لبنان، والمخرج فايق جرادة من فلسطين، والناقد فيصل شيباني من الجزائر.
واتهم الناقد شريف عوض، المدير الفني للمهرجان، الشركة الراعية، ومدير المهرجان الدكتور حلمي الحديدي، وزير الصحة المصري الأسبق، في بيان له أمس الثلاثاء، بالتسبب في فشل المهرجان، وتشويه سمعة مصر بالخارج، وقال في بيانه: «طُلب مني العمل في المهرجان في شهر مارس (آذار) الماضي، كمدير فني لقسم السينما، وكان من المقرر تنظيمه في مايو (أيار) 2017 بالقاهرة، لكن تم تأجيله إلى شهر سبتمبر، ونقله إلى شرم الشيخ، بعد أن عقدت الشركة الراعية مؤتمرا صحافيا في جامعة الدول العربية للإعلان عن التاريخ الجديد».
وأضاف قائلا: «قمت بالتعاقد مع الشركة الراعية، والمنظمة للمهرجان (دريم آرتس) للعمل كمدير فني مسؤول عن قسم السينما، على أن تكون مهمتي هي اختيار الأفلام واختيار لجنتي التحكيم وفيلم الافتتاح، ودعوة نقاد عالميين من أفريقيا وآسيا لتغطية المهرجان، لافتا إلى أنه قد تغيب عضوان من أصل 7 أعضاء من لجنة تحكيم الأفلام الطويلة، وعضو من أعضاء لجنة تحكيم الأفلام القصيرة الخمسة، بسبب ضعف التمويل».
وتابع مدير المهرجان الفني قائلا: «بدأنا مشاهدة الأفلام صباح يوم 15 سبتمبر، عبر شاشتين تابعتين لفندق إقامة لجنة التحكيم، لكن فوجئنا صباح اليوم التالي، بأن الفندق يطلب مني ومن لجنتي التحكيم؛ بل من الإعلاميين المدعوين من القاهرة لتغطية المهرجان، إخلاء الغرف لعدم قيام الشركة المنظمة بتسديد حجوزات الغرف، أو تسديد إيجار شاشات العرض، ولم تستطع لجنتا التحكيم مشاهدة الأفلام بدءاً من يوم 17 سبتمبر، وتوجهنا إلى مقر إقامة الدكتور حلمي الحديدي مؤسس المهرجان لإنقاذ الموقف؛ لكنه رفض الحديث معنا، قبل أن يطلب منه رئيس مدينة شرم الشيخ، ومحافظ جنوب سيناء، استكمال المهرجان على أن يساعداه في الحصول على خصم خاص؛ لكن الحديدي فاجأ الجميع بتسديد فاتورة الفنادق حتى يوم 18 سبتمبر فقط، وتم إخلاء معظم الغرف باستثناء غرف أعضاء لجنة التحكيم، التي لم تتمكن من أداء عملها سوى في يومين فقط، وتم عمل حفل ختامي باهت للمهرجان، وتم توزيع الجوائز دون أخذ رأي لجنة التحكيم، بعدما قررت الانسحاب من هذه اللعبة المسيئة لمصر ومدينة شرم الشيخ السياحية».
ولفت عوض إلى أن «تغيير موعد ختام المهرجان أدى إلى حدوث ارتباك كبير في موعد مغادرة أعضاء لجنة التحكيم الأجانب، حيث لم تقم الشركة المنظمة بتغيير موعد تذاكر السفر، وهم عالقون حتى الآن في القاهرة وشرم الشيخ».
من جانبه، قال فادي اللوند، وهو مخرج لبناني مقيم ببلجيكا، وعضو لجنة تحكيم الأفلام القصيرة بالمهرجان لـ«الشرق الأوسط»: «طوال فترة عملي في السينما، لم أواجه أزمة مثلما واجهت ورأيت في شرم الشيخ، هو ليس مهرجانا؛ لكن (عملية نصب)، وفوضى عارمة، أساءت لمصر أمام الضيوف الأجانب، الذين جاءوا من جنوب أفريقيا، ولبنان، وأوروبا، والجزائر، وفلسطين، والهند، ويجب ألا يمر هذا الأمر مرور الكرام، وأن تحقق الدولة فيما حدث».
وقالت الناقدة السينمائية ماجدة موريس، عضو لجنة مهرجانات وزارة الثقافة لـ«الشرق الأوسط»: «تم عرض المهرجان على لجنة المهرجانات بوزارة الثقافة، وتم رفضه بسبب تقديم الملف من شركة خاصة لم يسبق لها تنظيم أي مهرجان، أو عمل فني، والقانون المصري لا يتيح دعم هذه الشركات الخاصة لإقامة المهرجانات، ويكون الدعم قاصرا على منظمات المجتمع المدني، وما حدث في شرم الشيخ كارثة بكل المقاييس، وفضيحة ستؤثر على سمعة مصر الفنية والسياحية، في الوقت الذي تبذل فيه الدولة جهودا خارقة لإعادة السياحة مرة أخرى إلى تلك المدينة الساحرة».
وأضافت موريس: «أعتقد أن الشركة لم تكن مستعدة تماما لتنظيم حدث كبير بهذا الحجم، ما أدى إلى تشويه سمعة مصر، وأطالب بفتح تحقيق عاجل في هذا الأمر، وتشكيل لجنة بوزارة الثقافة لبحث قدرات الشركات المنظمة فنيا وماديا، حتى لا تتكرر مثل هذه الأزمة ».


مقالات ذات صلة

«الفيوم السينمائي» يراهن على «الفنون المعاصرة» والحضور الشبابي

يوميات الشرق إلهام شاهين خلال التكريم (إدارة المهرجان)

«الفيوم السينمائي» يراهن على «الفنون المعاصرة» والحضور الشبابي

يراهن مهرجان «الفيوم السينمائي الدولي لأفلام البيئة والفنون المعاصرة» في نسخته الأولى التي انطلقت، الاثنين، على الفنون المعاصرة.

أحمد عدلي (الفيوم (مصر))
يوميات الشرق انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

تقع أهمية النسخة الـ10 من المهرجان بتعزيزها لدور الصورة الفوتوغرافية ويحمل افتتاحه إشارة واضحة لها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق عمرو سعد يتحدث عن مشواره الفني (إدارة المهرجان)

عمرو سعد: أعود للشاشة بفيلم «الغربان»... وأحل ضيفاً على «الست»

قال الفنان المصري عمرو سعد إن غيابه عن السينما في السنوات الأخيرة جاء لحرصه على تقديم أعمال قوية بإمكانات مادية وفنية مناسبة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».