الرئيس اللبناني في الأمم المتحدة بعد غياب 3 سنوات

طالب بأن يكون بلده مركزاً دولياً لحوار الحضارات والأديان

TT

الرئيس اللبناني في الأمم المتحدة بعد غياب 3 سنوات

بعد الشغور الرئاسي لمقعد لبنان في الأمم المتحدة نتيجة الفراغ الرئاسي على مدى ثلاث سنوات، يشارك رئيس الجمهورية ميشال عون في اجتماعات الجمعية العمومية في نيويورك، لإحياء نموذج العيش المشترك اللبناني من جديد، في ظل الانقسامات العمودية التي تشهدها المنطقة إثنياً وطائفياً، عبر المطالبة بأن يكون لبنان مركزاً دولياً لحوار الحضارات والأديان.
ويمثل هذا الدور الذي يطمح إليه لبنان، جزءاً من خطاب عون في الأمم المتحدة، الذي غادر بيروت أمس مترئسا الوفد اللبناني الرسمي، حاملاً عدة ملفات سيتحدث عنها في المحفل الدولي، بينها ضرورة التعاون مع المنظمات الدولية فيما خص المساعدات التي تقدم للنازحين السوريين، والتي لا يتم تنسيقها مع الحكومة اللبنانية بل توجه مباشرة إلى النازحين، فضلاً عن الخروقات الإسرائيلية للقرار الدولي 1701 الذي يثبت الاستقرار على الحدود اللبنانية الجنوبية مع إسرائيل.
ويطرح عون مبادرة أن يكون لبنان مركزاً دولياً لحوار الحضارات والأديان، وهو الطرح الأول من نوعه، ويأتي «في ظل معركة عالمية كبيرة ضد آيديولوجية التكفير والإرهاب»، بحسب ما يقول عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب آلان عون لـ«الشرق الأوسط»، مشدداً على أن لبنان «يمتلك خبرة في هذا الصدد، ولنا تجربة ورسالة تمكننا من تنفيذ هذا الحوار، بالنظر إلى أنه لدينا نموذج ناجح من التعايش بين الأديان». ويضيف: «هذا النموذج الناجح يمكننا عملياً من القيام بهذا الدور».
وأكد النائب عون أن أهمية هذه المبادرة تنطلق من كون الحرب ضد التكفير والإرهاب «هي معركة عالمية ضد عدو الإرهاب الذي يخلق تنافراً بين الطوائف ويشكل خطراً على المجتمعات»، مشيراً إلى أن «تضافر الجهود ضده يمكننا من الانتصار على الإرهاب والتطرف».
وكان عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب عباس هاشم، قال في حديث إذاعي أمس، إن خطاب رئيس الجمهورية المرتقب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: «سيركز على أهمية لبنان ودوره الذي يشكل النموذج الأمثل لتعدد الثقافات في بيئة واحدة، إضافة إلى دعوة الدول الكبرى إلى وقف تدخلاتها بشؤون الدول الأخرى».
وغادر الرئيس اللبناني أمس باتجاه نيويورك للمشاركة في الاجتماعات، داعياً اللبنانيين إلى «اليقظة وعدم الانجرار وراء الشائعات أو تردادها»، معتبرا «أن كل ذلك يأتي في سياق مبرمج لصرف الأنظار عن الإنجازات المحققة على طريق بناء الدولة».
وأوضح عون في بيان بالتزامن مع مغادرته: «تكثف في الآونة الأخيرة، إطلاق شائعات تستهدف ثقة المواطنين بمؤسساتهم، من زرع الشك باستقرار العملة الوطنية، إلى اتهام بعض أركان الدولة بالفساد، إلى استهداف الجيش في عز مواجهته مع الإرهابيين، وصولا إلى نشر أجواء من الخوف والقلق عبر الحديث عن توقعات لعمليات إرهابية»، معتبراً أن كل ذلك «يأتي في سياق مبرمج لصرف الأنظار عن الإنجازات المحققة على طريق بناء الدولة، وهذا الأسلوب صار مفضوحا ويتكرر عند كل إنجاز وطني كبير مثل الانتصار الذي تحقق على الإرهاب، وذلك للتشكيك بالقدرة على بناء الدولة».
وإذ نبّه اللبنانيين «من هذا المخطط الهدام»، دعا «إلى اليقظة وعدم الانجرار وراء الشائعات أو تردادها، ولتكن ثقتهم كبيرة بدولتهم ومؤسساتها كافة».
ويلتقي خلال زيارته إلى نيويورك، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إضافة إلى لقاءات مع رؤساء دول يشاركون في الاجتماعات، وسيكون اللقاء مع غوتيريش، الثاني بعد لقاء أول عقد على هامش القمة العربية في الأردن في شهر مارس (آذار) الماضي.


مقالات ذات صلة

المبعوث الأممي يرى «تحديات كثيرة» أمام تحقيق الاستقرار في سوريا

المشرق العربي أشخاص يلوحون بالأعلام السورية خلال مسيرة في السويداء بسوريا في 13 ديسمبر 2024، احتفالاً بانهيار حكم بشار الأسد (أ.ف.ب)

المبعوث الأممي يرى «تحديات كثيرة» أمام تحقيق الاستقرار في سوريا

نقلت متحدثة باسم المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسن عنه قوله، اليوم (الجمعة)، إنه يرى تحديات كثيرة ماثلة أمام تحقيق الاستقرار في سوريا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي توافد النازحين السوريين إلى معبر المصنع لدخول لبنان (أ.ف.ب)

مليون نازح إضافي في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل

أفادت الأمم المتحدة، الخميس، أن أكثر من مليون شخص، معظمهم نساء وأطفال، نزحوا في الآونة الأخيرة في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل المسلحة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج السفير عبد العزيز الواصل يلقي بياناً أمام الجمعية العامة (وفد السعودية لدى الأمم المتحدة بنيويورك)

السعودية تطالب بوقف النار في غزة ودعم «الأونروا»

طالَبت السعودية، الخميس، بإنهاء إطلاق النار في قطاع غزة، والترحيب بوقفه في لبنان، معبرةً عن إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ب)

غوتيريش قلق بشأن الضربات الإسرائيلية على سوريا ويدعو للتهدئة

أبدى الأمين العام للأمم المتحدة قلقه البالغ إزاء «الانتهاكات الواسعة النطاق مؤخراً لأراضي سوريا وسيادتها»، وأكد الحاجة الملحة إلى تهدئة العنف على كل الجبهات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي تظهر الصورة زنزانة في سجن صيدنايا الذي عُرف بأنه «مسلخ بشري» في عهد نظام الأسد بينما يبحث رجال الإنقاذ السوريون عن أقبية مخفية محتملة في المنشأة في دمشق في 9 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

محققو الأمم المتحدة أعدوا قوائم بآلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا

وضع محققون تابعون للأمم المتحدة قوائم سرية بأربعة آلاف من مرتكبي جرائم خطيرة في سوريا، آملين مع سقوط الرئيس بشار الأسد بضمان المحاسبة.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.