في بلاد النفط... ليس سهلاً أن تكون صحافياً نفطياً

تخصص خاضته النساء أولاً ولا يزال «حكراً» على الغرب

جانب من أعمال ملتقى الإعلام البترولي الأول لدول مجلس التعاون الخليجي في الكويت عام 2013   - إلى اليوم لم تصدر نشرة واحدة متخصصة عن النفط في أي من الدول النفطية في الخليج العربي - إيدا تاربيل أول صحافية تغطي النفط (غيتي)
جانب من أعمال ملتقى الإعلام البترولي الأول لدول مجلس التعاون الخليجي في الكويت عام 2013 - إلى اليوم لم تصدر نشرة واحدة متخصصة عن النفط في أي من الدول النفطية في الخليج العربي - إيدا تاربيل أول صحافية تغطي النفط (غيتي)
TT

في بلاد النفط... ليس سهلاً أن تكون صحافياً نفطياً

جانب من أعمال ملتقى الإعلام البترولي الأول لدول مجلس التعاون الخليجي في الكويت عام 2013   - إلى اليوم لم تصدر نشرة واحدة متخصصة عن النفط في أي من الدول النفطية في الخليج العربي - إيدا تاربيل أول صحافية تغطي النفط (غيتي)
جانب من أعمال ملتقى الإعلام البترولي الأول لدول مجلس التعاون الخليجي في الكويت عام 2013 - إلى اليوم لم تصدر نشرة واحدة متخصصة عن النفط في أي من الدول النفطية في الخليج العربي - إيدا تاربيل أول صحافية تغطي النفط (غيتي)

تحتوي منطقة الشرق الأوسط على نحو 65 في المائة من إجمالي احتياطي النفط في العالم، وتتركز معظمها في دول الخليج العربي. ورغم هذه الوفرة الضخمة في الموارد النفطية، فإن هناك شحا كبيرا جداً في الكفاءات والكوادر الإعلامية التي تغطي هذا المجال المهم لكل شعوب المنطقة.
ورغم أن النفط تم اكتشافه في المنطقة في دول الخليج ابتداءً من ثلاثينات القرن الماضي، فإن الإعلام النفطي لا يزال في بداياته المتواضعة، ولا يوجد في كل دولة خليجية أو شرق أوسطية سوى عدد بسيط جداً من الصحافيين المتخصصين في تغطية النفط، لا يتجاوز أصابع الكف الواحدة.
لماذا كل هذا؟ وكيف نشأت هذه الفوضى؟ وما الحل؟ وإلى متى ستستمر؟ تساؤلات نطرحها ونتناولها بالتفصيل من أصول هذه المشكلة، وأهمية غياب الصحافة النفطية، وصعوبة العمل في هذا المجال والتحديات القائمة.

بدايات نسائية

«فتش عن المرأة»... هكذا قال نابليون بونابرت، وبالفعل فإن تاريخ الصحافة النفطية بدأ مع النساء اللواتي تمكن من اختراق عالم الرجال الذي يسيطر على كل مفاصل الصناعة. إلا أن تغطية النفط والشركات النفطية ليست حديثة؛ فمنذ نهاية القرن التاسع عشر وهناك الكثير من الأخبار تمت كتابتها عن النفط، مع بدء عمليات البحث والاستكشاف في الولايات المتحدة والإنتاج من أول بئر نفطي في تتسفيل في ولاية بنسلفانيا في عام 1859.
لكن الأخبار النفطية أصبحت مؤثرة أكثر مع قيام إحدى أوليات الشركات النفطية العملاقة في العالم وهي شركة «ستاندرد أويل ترست» التي أسسها أول ملياردير في التاريخ الأميركي جون دي روكفيلر. وكانت البداية في عام 1902 مع أول امرأة تمتهن الصحافة في الولايات المتحدة، وهي الأميركية إدا تاربيل، والتي لقبها روكفيلر فيما بعد بلقب «تار باريل» أي برميل القطران.
وساهمت في كتابة سلسلة مقالات في مجلة «مكلورز» كشفت فيها الممارسات الاحتكارية والتجارية الخاطئة لشركة «ستاندرد أويل ترست»، وهو ما أدى في الأخير إلى انهيار إمبراطورية روكفيلر، التي تم تقسيمها إلى شركات أصغر، تحولت فيما بعد إلى أكبر شركات نفط في العالم اليوم مثل «إكسون» و«موبيل» و«شيفرون».
وظهرت الكثير من النشرات النفطية المتخصصة مع تطور الصناعة مثل نشرة «أويل دايلي» التي صدرت في عام 1951، أما الصحافة النفطية بشكلها الحديث فقد ظهرت في الستينات مع صحافية أميركية أخرى وهي واندا يابلونسكي، التي أسست نشرة «بتروليم إنتلجنس ويكلي» في عام 1961، والتي لا تزال تصدر إلى اليوم رغم أنها فقدت الكثير من بريقها السابق.
وكانت نشرة «بتروليم انتلجنس ويكلي» مرجعا كبيرا في الصحافة النفطية العالمية، وكما يتذكر أحد المسؤولين في وزارة البترول السعودية في حديث إلى «الشرق الأوسط» عن النشرة في السبعينات والثمانينات: «لقد كانت تأتينا الأعداد بصورة منتظمة، وكانت تذهب مباشرة إلى مكتب الوزير، ومن بعد أن يقرأها يتم نسخها وتوزيعها على الموظفين. لقد كانت هذه النشرة هي عيننا على العالم وقتها».
وساهمت «يابلونسكي» في تأسيس منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بصورة غير مباشرة، حيث كانت هي من رتب اللقاء في عام 1959 في القاهرة بين وزير النفط الفنزويلي خوان بابلو بيريز ألفونسو بوزير النفط السعودي عبد الله الطريقي، والذي كان نواة فكرة تأسيس المنظمة. وظهرت في الفترة نفسها نشرة أخرى، هي نشرة «ميس» التي صدرت من لبنان على يد فؤاد اتيام، والتي انضم لها كبار الكتاب المتخصصين في النفط والتي ظلت إلى جانب «بتروليوم ويكلي انتلجنس» أهم نشرتين تنشران أخبار منطقة الشرق الأوسط و«أوبك».

غياب النشرات العربية

اليوم، يوجد الكثير من النشرات والوكالات المتخصصة في أخبار النفط مثل «رويترز» و«بلومبيرغ» و«بلاتس» و«أرغوس» وغيرها. ومن الملاحظ أن صناعة الإعلام النفطي كلها كانت على يد أجانب من خارج المنطقة أو على يد أشخاص ليسوا من أبناء أي دولة نفطية. وإلى اليوم لم تصدر نشرة واحدة متخصصة من أي من الدول النفطية في الخليج العربي عن النفط. والأسباب في ذلك كثيرة، والبداية هي أن منظمة «أوبك» عندما نشأت فقد كانت منظمة موجهة ضد العالم الغربي والشركات الدولية للدفاع عن مصالح المنتجين في الدول النامية. ولم يكن وزراء النفط في «أوبك» حينها في حاجة إلى التواصل مع العالم من خلال الإعلام المحلي، بل كانت هناك حاجة إلى التواصل مع الإعلام الغربي والإعلام في الدول الصناعية التي يجب أن تسمع رسائل «أوبك».
وفي البداية، كانت تغطية «أوبك» غير مهمة بالنسبة لوسائل الأعلام الغربية؛ لأن عند نشوء المنظمة في الستينات كانت السوق النفطية بالكامل تحت تحكم الشركات النفطية الدولية التي تعرف باسم «الأخوات السبع»، وهي شركة «اكسون» وشركة «موبيل» وشركة «بي بي» وشركة «شيفرون» وشركة «غلف» وشركة «تكساكو» وشركة «رويال دتش شل». وحتى إنتاج دول «أوبك» كان خاضعاً لسيطرة هذه الشركات التي كانت تحتكر غالبية الامتيازات النفطية، إضافة إلى أنها كانت المسؤولة عن تسعير النفط. وكان سبب قيام «أوبك» هو قرار هذه الشركات بخفض أسعار النفط حينها.

«أوبك» والإعلام

بدأ اهتمام وكالات الأنباء العالمية والصحف في «أوبك» بصورة كبيرة في عام 1973 عندما أعلنت السعودية وبعض دول «أوبك» حظر النفط إلى الولايات المتحدة. وبسبب قرار «أوبك» ارتفعت أسعار الوقود، وانتشرت صور لعشرات السيارات وهي تقف أمام المحطات التي عانت شحاً في الكميات. ومن هنا بدأت المجتمعات الغربية تريد معرفة المزيد عن أخبار هذه المنظمة التي أدت إلى كل هذا.
ومن بين الأمور التي غيرت تعاطي الإعلام مع «أوبك» كذلك هو القرار الذي أخذته «أوبك» بتسعير نفطها. وبسبب هذا الأمر أصبح من الضروري معرفة السعر الذي تريده الرياض وباقي «أوبك» في كل شهر، وماذا يحدث في المنظمة. وفي الثمانينات زادت أهمية «أوبك» أكثر عندما بدأت في تطبيق نظام الحصص وما تلى ذلك من حرب أسعار.
ويرتبط نمو الإعلام النفطي بأنشطة السوق والتسعير. وساهم قيام السوق الفورية وسوق العقود الآجلة في الثمانينات في تطور الصحافة النفطية، فالمتعاملون في أسواق العقود الآجلة يسعون دوماً إلى المعلومة من أجل البيع والشراء. وتتحرك مليارات الدولارات في السوق النفطية بسبب عناوين للأخبار تظهر على شاشات أجهزة «رويترز» و«بلومبيرغ» المنتشرة في صالات كبرى شركات التداول في نيويورك ولندن وغيرها.

صعوبة الصحافة النفطية في الخليج

من الصعب جداً نشوء صحافة نفطية متخصصة في الخليج لعوامل كثيرة. أولها بسبب ظروف نشأة الصحافة النفطية، فقد ارتبط في ذهن المسؤولين أن الصحافي النفطي يجب أن يكون غربياً، أو أن ينتمي إلى صحيفة أو جهة إعلامية غربية. ويبدو هذا واضحاً في تعامل المسؤولين في الجهات المختلفة في الدول النفطية بصورة عامة مع الصحافة النفطية.
ومن العوامل التي تضعف نشوء صحافة خليجية نفطية، عدم وجود سوق محلية وعدم اهتمام السوق العالمية بما تكتبه الصحف المحلية عن النفط. وفي بعض الفترات لعبت الوكالات الحكومية دوراً بسيطاً في نقل المعلومة الرسمية إلى السوق، إلا أن السوق النفطية لا تفضل التعاطي مع الوسائل الرسمية لأنها غالباً ليست محايدة.
وبسبب ضعف كليات الإعلام عن خلق صحافيين متخصصين في المجال النفطي، وبسبب عدم رغبة المؤسسات الإعلامية الاستثمار بشكل كبير في تأهيل صحافيين متخصصين لا يزال الإعلام النفطي غير قادر على خلق الكوادر المناسبة. فالصحافي النفطي اليوم يحتاج إلى الكثير من المهارات، مثل التحدث باللغة الإنجليزية، وهي لغة الصناعة الرسمية، وعليه معرفة الكثير من الأمور المتعلقة بكيفية إنتاج وتسويق وتسعير النفط.

أزمة المتحدثين

أحد أبرز العوامل التي تؤثر سلباً على الصحافة النفطية في الخليج، ثقافة المسؤولين. إن المعلومة النفطية مصدر قوة كبير وبفضلها يتمتع الكثير من المسؤولين الإعلاميين في الوزارات والشركات بأهمية بالغة عند الصحافيين، بل إن أحد المسؤولين الإعلاميين السابقين في أحد أكبر الدول المنتجة للنفط في الخليج يشتكي دوماً في كل المؤتمرات من كثرة اتصالات الصحافيين عليه، لكنه في الوقت ذاته كان يرفض أن يصدر بيانات منتظمة وتصريحات رسمية على موقع الوزارة الإلكتروني. وبسبب إبقاء الأمر عشوائياً ظل الصحافيون في حاجة دائمة إليه. وظلت الشركات النفطية الخليجية بلا متحدثين رسميين؛ في دلالة على مدى صعوبة الأمر. وبدأت الأمور تتحسن تدريجياً في الخليج العربي مع انضمام الكثير من جيل الشباب إلى الشركات النفطية.
وفي السعودية والكويت يقود الكثير من مديري الإعلام في الشركات النفطية خطوات حقيقية لتغيير التفاعل مع الإعلام. وأصبح هؤلاء الشباب أكثر استجابة وأسرع للرد من سابقيهم الذين التحقوا بهذه الشركات في السبعينات والثمانينات عندما كان الإعلام المحلي لا تزال لوحة للإعلانات الرسمية بشكل كبير قبل أن تتطور الوسائل المحلية في العقدين الأخيرين.

«أرامكو» تستعين بالشباب

يقود فريق إعلامي جديد في «أرامكو السعودية» تحولات كبيرة على مستوى طريقة التواصل مع الصحافيين، وعلى مستوى تفعيل المحتوى الإلكتروني في وسائل التواصل الاجتماعي وموقع الشركة. وتزامنت هذه التغييرات مع رغبة الحكومة في طرح الشركة للاكتتاب؛ مما سيجعلها أكثر شفافية مع الإعلام.
وفي الكويت، تقدم مؤسسة البترول الكويتية نموذجاً جيداً في التعامل مع الإعلام المحلي، حيث تتواصل الشركة بصورة دائمة من خلال الهواتف المحمولة وتطبيق «واتساب» مع الصحافيين. ويتم إرسال البيانات وأسعار النفط اليومية إلى الصحافيين من قبل الجهاز الإعلامي. كما يسبق تجهيز أي مؤتمر إلى حديث مع الإعلاميين الذين يقومون بتغطيته.
واستفاقت دول الخليج إلى أهمية الدور الذي يلعبه الإعلام النفطي، وأطلقت دول الخليج الست مؤتمراً دورياً للإعلام النفطي الخليجي يعقد كل سنتين؛ بهدف تنمية الإعلام النفطي. وانطلق المؤتمر الأول في الكويت في 2013 ثم الرياض في 2015 وأبوظبي في 2017. وتبنى وزراء الخليج سياسة إعلامية موحدة للدفاع عن مصالح دول الخليج. وتم الإعلان عن رغبة هذه الدولة في تأسيس جمعية دولية للصحافيين النفطيين مقرها الخليج.
إلا أن المسؤولين لا يزالون غير مهتمين بأبناء الخليج، وكل الاهتمام ذهب إلى كتاب الأعمدة في الصحف أو المحللين أو الصحافيين الأجانب. ولم يحصل الصحافيون الخليجيون الذين يقومون بتغطية الأخبار بصورة يومية سوى على وعود لفظية حتى الآن بمزيد من الدعم. وفي ظل ثقافة عند المسؤولين تقدر الأجانب على الخليجيين، وفي ظل وجود مسؤولين يفضلون التكتم على المعلومات أو يخشون غضب مرؤوسيهم من التصريح للإعلام، فإن الوضع سيظل صعباً، ولعل اكتتاب «أرامكو» القادم يدفع بالتغيير في المنطقة.


مقالات ذات صلة

تونس والسنغال تتراجعان في تقرير «مراسلون بلا حدود» السنوي لحرية الصحافة

العالم العربي تونس والسنغال تتراجعان في تقرير «مراسلون بلا حدود» السنوي لحرية الصحافة

تونس والسنغال تتراجعان في تقرير «مراسلون بلا حدود» السنوي لحرية الصحافة

أظهر التقرير السنوي لحرية الصحافة لمنظمة «مراسلون بلا حدود»، اليوم الأربعاء، أن تونس والسنغال كانتا من بين الدول التي تراجعت في الترتيب، في حين بقيت النرويج في الصدارة، وحلّت كوريا الشمالية في المركز الأخير. وتقدّمت فرنسا من المركز 26 إلى المركز 24.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم غوتيريش يندد باستهداف الصحافيين والهجوم على حرية الصحافة

غوتيريش يندد باستهداف الصحافيين والهجوم على حرية الصحافة

ندّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اليوم (الثلاثاء)، باستهداف الصحافيين، مشيراً إلى أنّ «حرية الصحافة تتعرّض للهجوم في جميع أنحاء العالم». وقال في رسالة عبر الفيديو بُثّت عشية الذكرى الثلاثين لـ«اليوم العالمي لحرية الصحافة»، إن «كلّ حرياتنا تعتمد على حرية الصحافة... حرية الصحافة هي شريان الحياة لحقوق الإنسان»، وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أن «حرية الصحافة تتعرّض للهجوم في جميع أنحاء العالم»، مشيراً إلى أنّه «يتمّ استهداف الصحافيين والعاملين في الإعلام بشكل مباشر عبر الإنترنت وخارجه، خلال قيامهم بعملهم الحيوي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم صحافي ليبرالي في الصين يواجه تهمة «التجسس»

صحافي ليبرالي في الصين يواجه تهمة «التجسس»

ذكرت جمعية تعنى بالدفاع عن وسائل الإعلام أن تهمة التجسس وجهت رسمياً لصحافي صيني ليبرالي معتقل منذ عام 2022، في أحدث مثال على تراجع حرية الصحافة في الصين في السنوات الأخيرة، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». كان دونغ يويو، البالغ 61 عاماً والمعروف بصراحته، يكتب افتتاحيات في صحيفة «كلارتي» المحافظة (غوانغمينغ ريباو) التي يملكها الحزب الشيوعي الحاكم. وقد أوقف في فبراير (شباط) 2022 أثناء تناوله الغداء في بكين مع دبلوماسي ياباني، وفق بيان نشرته عائلته الاثنين، اطلعت عليه لجنة حماية الصحافيين ومقرها في الولايات المتحدة. وقالت وزارة الخارجية اليابانية العام الماضي إنه أفرج عن الدبلوماسي بعد استجو

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم العربي المغرب: أربعة من وزراء الإعلام السابقين يرفضون لجنة مؤقتة لمجلس الصحافة

المغرب: أربعة من وزراء الإعلام السابقين يرفضون لجنة مؤقتة لمجلس الصحافة

بدا لافتاً خروج أربعة وزراء اتصال (إعلام) مغاربة سابقين ينتمون إلى أحزاب سياسية مختلفة عن صمتهم، معبرين عن رفضهم مشروع قانون صادقت عليه الحكومة المغربية الأسبوع الماضي، لإنشاء لجنة مؤقتة لمدة سنتين لتسيير «المجلس الوطني للصحافة» وممارسة اختصاصاته بعد انتهاء ولاية المجلس وتعذر إجراء انتخابات لاختيار أعضاء جدد فيه. الوزراء الأربعة الذين سبق لهم أن تولوا حقيبة الاتصال هم: محمد نبيل بن عبد الله، الأمين العام لحزب «التقدم والاشتراكية» المعارض، ومصطفى الخلفي، عضو الأمانة العامة لحزب «العدالة والتنمية» المعارض أيضاً، والحسن عبيابة، المنتمي لحزب «الاتحاد الدستوري» (معارضة برلمانية)، ومحمد الأعرج، عضو

«الشرق الأوسط» (الرباط)
المشرق العربي «الجامعة العربية» تنتقد «التضييق» على الإعلام الفلسطيني

«الجامعة العربية» تنتقد «التضييق» على الإعلام الفلسطيني

انتقدت جامعة الدول العربية ما وصفته بـ«التضييق» على الإعلام الفلسطيني. وقالت في إفادة رسمية اليوم (الأربعاء)، احتفالاً بـ«يوم الإعلام العربي»، إن هذه الممارسات من شأنها أن «تشوّه وتحجب الحقائق». تأتي هذه التصريحات في ظل شكوى متكررة من «تقييد» المنشورات الخاصة بالأحداث في فلسطين على مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما في فترات الاشتباكات مع القوات الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟

تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟
TT

تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟

تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟

أثار إعلان شركة «ميتا» تمديد فترة تقييد الإعلانات المتعلقة بالقضايا الاجتماعية أو السياسية لما بعد انتخابات الرئاسة الأميركية، من دون أن تحدّد الشركة وقتاً لنهاية هذا التمديد، تساؤلات حول مدى فاعلية القرار في الحدّ من انتشار «المعلومات المضلّلة»، يأتي ذلك بالتزامن مع رصد تجاوزات مرّرَتها المنصة الأشهَر «فيسبوك» خلال الفترة السابقة برغم تقييد الإعلانات.

ما يُذكر أن «فيسبوك» أعانت بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي «حظر أي إعلان يحمل رسائل توجيه سياسي أو اجتماعي من شأنه التأثير في سير الانتخابات الرئاسية الأميركية»، غير أن مراقبين قاموا برصد تجاوزات على المنصة وصفوها بـ«التضليل»، وقالوا إن «فلاتر» المحتوى على «ميتا» – التي تملك «فيسبوك» – «غير متمرّسة» بما يكفي لتمييز المحتوى الذي ينتهك إرشادات المصداقية، ما يثير شكوكاً بشأن جدوى قرار الشركة تقييد الإعلانات.

الدكتور حسن مصطفى، أستاذ التسويق الرقمي والذكاء الاصطناعي في عدد من الجامعات الإماراتية، عدّ قرار «ميتا» الأخير «محاولةً لتجاوز المخاوف المتزايدة حول استغلال الإعلانات في التأثير على الرأي العام»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «ميتا تخشى اتهامها بنشر المعلومات غير الموثوقة بشكل واسع إبان الفترات الانتخابية وما بعدها، لا سيما وأنه سبق اتهام الشركة من قبل بوجود محتوى يؤثر على الرأي العام خلال فترات انتخابية سابقة».

وعن دور «ميتا» في الحدّ من «المعلومات المضللة»، أوضح مصطفى أنه «لا تزال المعلومات المضلّلة تحدياً قائماً برغم ما اتخذته (ميتا) من إجراءات لمكافحتها، والتقليل من انتشار الأخبار الكاذبة»، وقال عن دور الشركة في هذا الصدد: «لقد عزّزَت (ميتا) التعاون مع جهات خارجية للتحقّق من صحة الأخبار، فباتت تعتمد على منظمة (فاكت تشيك/ FactCheck)، وشبكات من المؤسسات المستقلة؛ للتحقّق من الأخبار المتداوَلة عبر المنصة».

واستشهد الدكتور مصطفى ببعض التقارير الصادرة عن منظمة «هيومن رايتس ووتش»، التي أظهرت إحراز «ميتا» تقدماً في مجال الحد من «خطاب الكراهية»؛ «إذ تمكّنت خوارزميات الشركة من التعرّف على بعض الأنماط المتكرّرة للمحتوى المسيء، وحذفه تلقائياً قبل أن ينتشر»، غير أنه مع ذلك عدّ إجراءات «ميتا» غير كافية، مشيراً إلى أن «خوارزميات الذكاء الاصطناعي ما زالت محدودة القدرة على معالجة المحتوى بلغات ولهجات متنوعة، أو فهم السياقات الثقافية المعقّدة، ما يجعل من الصعوبة بمكان وضع حدود واضحة أمام تحقيق نجاح كامل في تقليص خطاب الكراهية».

هذا، وكانت المنظمة الدولية «غلوبال ويتنس» قد أعدّت تقريراً حول ما إذا كانت منصات التواصل الاجتماعي قادرةً على اكتشاف وإزالة «المعلومات المضلّلة الضارّة»، لا سيما المتعلقة بانتخابات الرئاسة الأميركية، وأشارت في نتائجها عقب الانتخابات الأميركية إلى أن أداء «فيسبوك» كان أفضل مقارنةً بمنصة مثل «تيك توك»، لكن التقرير لم ينفِ التورّط في نشر «معلومات مضلّلة» برغم القيود، كذلك ذكر التقرير أن «فيسبوك» وافَق على واحد من بين 8 إعلانات اختبرت بها المنظمة قيود المنصة للحَدّ من «المعلومات المضلّلة»، ما رأته المنظمة «تحسّناً ملحوظاً مقارنةً بأداء المنصة السابق مع أنه لا يزال غير كافٍ».

من ناحية أخرى أشار تقرير صادر عن منظمات المجتمع المدني «إيكو» و«المراقبة المدنية الهندية الدولية»، إلى أن «ميتا» سمحت بظهور إعلانات تحتوي على عبارات تحريضية ضد الأقليات على منصّتها خلال فترة الانتخابات الأميركية، كما أشارت إلى رصد «محتوى زائف» مصنوع بأدوات الذكاء الاصطناعي.

وحول هذا الأمر، علّق خالد عبد الراضي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» بمصر والمملكة العربية السعودية، لـ«الشرق الأوسط»، على قرار «ميتا» بالقول إننا بصدد محاولات عدّها «غير جادة»، ودلّل على ذلك بأن «(ميتا) قيّدت الإعلانات قبل الانتخابات الأميركية بأسبوع واحد فقط، وهذه مدة غير كافية إذا كانت المنصة بالفعل جادّة في الحدّ من التضليل والتأثير على الرأي العام، مثلاً (إكس) كانت أكثر جدّية من خلال تقييد أي منشور موجّه قبل الانتخابات بشهر»، مشيراً إلى أنه «بالتبعية شاهدنا على منصة (فيسبوك) محتوى مضلّلاً وزائفاً طُوّر بالذكاء الاصطناعي».

وأوضح عبد الراضي أن «(ميتا) لم تفرض قيوداً على الإعلانات بشكل عام، بل على نوع واحد فقط هو الإعلانات السياسية المدفوعة، ومن ثم تركت المجال أمام التضليل والتأثير على الرأي العام»، ودلّل كذلك على قلة جدّية الشركة بقوله: «بعد الانتخابات الأميركية في 2020 واجهت (ميتا) عدة اتهامات بتوجيه الرأي العام، ما دفع الشركة لاتخاذ إجراءات جادّة، من بينها توظيف (فِرق سلامة) معنية بمراجعة النصوص؛ للتأكد من ملاءمتها مع معايير المنصة، غير أن عمل هذه الفِرق أُنهِي لاحقاً، ما يشير إلى أن ادّعاءات المنصة لم تكن جدّية».