اتجه القضاء العسكري اللبناني إلى حسم الملفات القضائية المرتبطة بقضايا الإرهاب والاعتداءات التي طالت الجيش اللبناني خلال السنوات الماضية، عبر تسريع المحاكمات ومنع محامي الدفاع عن المتهمين من المماطلة، بدءاً من محاكمة أحمد الأسير الموقوف منذ عامين.
ويأتي هذا التوجه الجديد مدفوعاً بجو سياسي ضاغط باتجاه محاكمة المتورطين بالاعتداءات على الجيش اللبناني. وأعيد الزخم به بعد الإعلان عن استشهاد العسكريين اللبنانيين الذين كانوا محتجزين لدى تنظيم داعش في الجرود الشرقية الحدودية مع سوريا خلال الأسبوع الماضي، ودفع الرئيس اللبناني ميشال عون باتجاه محاسبة المتورطين وتوقيف المطلوبين.
التعامل الجدي والحاسم مع المتورطين والمشتبه بهم، الذي تمثل في المداهمات التي نفذها الجيش اللبناني خلال الأسابيع الماضية في عرسال وقرى في البقاع والشمال لتوقيف متهمين، انسحب على تعامل حاسم لدى القضاء العسكري لإصدار الأحكام بحق المتورطين.
وأكد مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» أن «القضاء يسرع المحاكمات»، كاشفاً عن أن «هناك محاولة لإنهاء كل ملفات الإرهابيين العالقة، خصوصاً ملفات المعتدين على العسكريين والجيش اللبناني في أحداث عبرا وعرسال وشمال لبنان». وأشار إلى أن تلك الملفات المرتبطة بالاعتداءات على الجيش «تحسم وتسير المحاكمات فيها بوتيرة سريعة».
وظهر هذا التوجه في المحاكمة الأخيرة للأسير الذي كان يقود معركة ضد الجيش اللبناني في عبرا في شرق صيدا (جنوب لبنان) في عام 2013. وألقي القبض عليه قبل عامين أثناء محاولته الفرار من لبنان. وفي الجلسة الأخيرة التي عقدت قبل 4 أيام، وتلت 30 جلسة محاكمة اتسمت بالمماطلة، ساد الجلسة جدل بين وكلاء الدفاع من جهة؛ ورئيس المحكمة ومفوض الحكومة المعاون لدى المحكمة العسكرية القاضي هاني الحجار من جهة ثانية، حول رفض المحكمة القبول بعدد من الطلبات التي تقدم بها فريق الدفاع أخيراً، وأعلن وكلاء الدفاع الانسحاب والاستنكاف عن حضور الجلسات إلى حين تنفيذ طلباتهم. عندها، أعلن رئيس المحكمة بأنه لن يسمح لهم بعد الآن بالدخول إلى حرم المحكمة بصفتهم وكلاء عن الأسير، مشيرا إلى أنه سيلجأ إلى تعيين محام عسكري للدفاع عن الأسير والمضي بالمحاكمة. ومن المتوقع أن تصدر الأحكام بحق الأسير وآخرين معه في الملف، في الجلسة المقبلة التي ستعقد في 28 سبتمبر (أيلول) الحالي.
وفي حين أشار المصدر القضائي لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الجلسة الأخيرة لمحاكمة الأسير «كانت مقررة قبل معركة الجرود»، أكد أن المحكمة في الجلسة الأخيرة «أصرت على إنهاء الملف»، رغم محاولات الأسير ووكلاء الدفاع عنه «المماطلة وجر الملف إلى سنوات أخرى».
وقال المصدر إن «التسريع في المحاكمات في ملفات المتهمين بالإرهاب وإصدار الأحكام بات توجها أساسيا لدى القضاء، ذلك أن هناك متهمين وموقوفين في الملفات قد يكونون بريئين، لذلك، فإن إصدار الأحكام يمنع الساعين للمماطلة في المحاكمات من أن يأخذوا هؤلاء الذين يمكن أن يكونوا بريئين بجريرتهم». وعليه، يضيف المصدر، أن المحكمة «قررت أن تمضي بالملفات كلها المرتبطة بالاعتداءات على الجيش بشكل متزامن».
ورغم الجو السياسي الذي يوحي بأن ملف العسكريين الذين أعدمهم تنظيم داعش، والحال التي شهدها البلد إثر المطالب بمحاكمة المتهمين، حفّز على تسريع المحاكمات بالملفات الإرهابية أمام القضاء العسكري اللبناني، فإن وزير العدل الأسبق إبراهيم نجار، لا يتوقع مطالب سياسية من القضاء بتسريع المحاكمات، كون إجراء المحاكمات وحسم الملفات «هو مسار طبيعي للقضاء» كما قال لـ«الشرق الأوسط»، نافياً وجود معطيات تحفز على الاعتقاد بأن هناك تدخلاً سياسياً على هذا الصعيد. وقال: «انتهت العطلة القضائية اليوم، مما يعني أن المحاكم ستستعيد زخمها، وتستأنف الطريقة العادية للسير بالمحاكمات، وهو المسار الطبيعي القائم».
«نصر الجرود» يسرع المحاكمات بملفات الاعتداءات على الجيش
«نصر الجرود» يسرع المحاكمات بملفات الاعتداءات على الجيش
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة