موالون للنظام السوري لفتح طريق بيروت ـ دمشق... ومعارضون ضد «فك العزلة»

TT

موالون للنظام السوري لفتح طريق بيروت ـ دمشق... ومعارضون ضد «فك العزلة»

ما لم يقله مسؤولون لبنانيون موالون للنظام السوري بشكل مباشر خلال الفترة الأخيرة مع تصاعد لهجة السجال حول التطبيع مع سوريا، أعلنه صراحة مدير الأمن العام السابق، اللواء جميل السيد، أمس، معلقا على زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري إلى روسيا. وقال: «الحريري طرح في روسيا المشاركة في إعمار سوريا من لبنان... الطريق إلى دمشق تمُرّ بالمصنع»؛ أي الحدود اللبنانية - السورية.
هذه الدعوة التي رأى فيها المعادون للنظام أنها أتت في غير مكانها انطلاقا من أن الكلمة الفصل اليوم في سوريا باتت لموسكو، يؤيدها الأمين القطري لـ«حزب البعث» النائب عاصم قانصو، عادّاً أن «معاداة النظام ليست مبررة، خصوصا بعدما أثبت انتصاره، وزيارة الحريري إلى موسكو من شأنها أن تفتح الطريق إلى دمشق»، وذلك في مقابل تأكيد القيادي في «تيار المستقبل» مصطفى علوش على أن تعليق اللواء السيد ليس في مكانه «لأن الحريري في زيارته إلى موسكو التي لم تكن الأولى من نوعها، زار دولة أساسية ذات قرار ولمصلحة لبنان بالدرجة الأولى، ولم يكن يهدف في الأساس من خلالها لطلب الانفتاح على دمشق».
وكان الحريري زار دمشق والتقى بشار الأسد للمرة الأولى والأخيرة عام 2009، بعد توليه رئاسة الحكومة وسنوات من القطيعة والجفاء بين «تيار المستقبل» والنظام السوري إثر اغتيال والده رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري في بيروت واتهام النظام ومسؤولين فيه بالتورط بالجريمة.
وأمام سجال التطبيع مع سوريا المستمر في لبنان منذ أكثر من شهرين؛ بدءا من المطالبة بالتنسيق مع النظام لعودة النازحين وزيارة بعض الوزراء دمشق، وصولا إلى بحث الحريري مشاركة لبنان بإعمار سوريا، سأل كل من علوش ومصدر وزاري في فريق «14 آذار»: «هل تبقّى سلطة للنظام في سوريا؟ القرار في النهاية أصبح لموسكو وإيران، وبالتالي الذهاب إلى موسكو له أهميته ووقعه أكبر من أي زيارة إلى دمشق في وقت باتت فيه الكلمة الفصل في سوريا والمنطقة للقواعد العسكرية الروسية».
وفي حين رأى المصدر الوزاري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه من المبكر الحديث عن إعادة إعمار سوريا قبل انتهاء الأزمة والتوصل إلى حل نهائي، رفض محاولة البعض فك عزلة النظام السوري من بوابة لبنان، موضحا: «قد تكون موازين القوى اليوم لصالح النظام؛ إنما الأمور لم تنته لغاية الآن، وقد تتبدل في أي لحظة»، وأكد: «سنواجه من موقعنا في الحكومة محاولات التطبيع مع هذا النظام بكل الطرق».
وكشف المصدر عن تلقي بعض الوزراء اللبنانيين؛ حاليين وسابقين؛ بينهم معادون للنظام، دعوات جديدة لجزء ثان من معرض دمشق الدولي الذي نظم الشهر الماضي وحاول من خلاله النظام القول إنه لا يزال حاضرا وقويا، مع العلم بأن وزراء لبنانيين محسوبين على «حزب الله» و«حركة أمل» كانوا قد شاركوا في فعالياته في وقت أعلن فيه وزير الزراعة غازي زعيتر أنه سيزور دمشق للمرة الثانية في 19 من الشهر الحالي، لإعادة تفعيل اتفاقيات سابقة.
وقال علوش لـ«الشرق الأوسط»: «زيارة الحريري إلى موسكو ترتبط باستكشاف الحل في سوريا وكيفية عودة النازحين السوريين إلى بلادهم من خلال هذا الحل، إضافة إلى مسائل متعلقة بالعلاقات الروسية - اللبنانية»، مؤكدا: «إذا ظن البعض أنه بعد زيارة موسكو، سيطلب الحريري زيارة دمشق، فلينتظروا طويلا».
وفي ضوء الحديث عن بقاء الأسد في المرحلة الانتقالية وهو الأمر الذي سيضع لبنان أمام واقع التطبيع، رأى علوش أن موقف لبنان بعد أي حل مفترض في سوريا، لن يكون مغايرا للمجتمع الدولي والقرار الإقليمي والعربي، داعيا إلى عدم استباق الأمور وانتظار ما ستكشفه نتائج الحراك الدولي حول الأزمة السورية.
ورفض قانصو اعتبار البعض أن موسكو هي التي تحكم في سوريا اليوم، واصفا هذا الأمر بـ«الكلام الكبير»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الدولة السورية أثبتت أنها انتصرت وعادت إلى ما كانت عليه في السابق، وهي لا تزال بقيادة الأسد الذي يأخذ القرارات بالحرب والسلم ومن يشارك في الحرب إلى جانب قوات النظام، كما لها ممثلوها لدى الأمم المتحدة والمحافل الدولية».
ورأى أن بداية التقارب مع النظام السوري بدأت من بوابة روسيا، لافتا إلى أن لهجة الحريري في الفترة الأخيرة اتسمت بالليونة تجاه النظام السوري وهو ما من شأنه عودة العلاقات إلى سابق عهدها، مضيفا: «من مصلحة لبنان الانفتاح على سوريا لأسباب عدة؛ منها اقتصادية وسياسية، إضافة إلى ضرورة إيجاد حل للنازحين السوريين الذين يقدر عددهم بمليون ونصف المليون».



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.