وزراء مجموعة اليورو: الانتعاش مستمر في المنطقة الموحدة

TT

وزراء مجموعة اليورو: الانتعاش مستمر في المنطقة الموحدة

قال رئيس مجموعة اليورو جيروين ديسلبلوم، إن الانتعاش الاقتصادي في النمو مستمر وبشكل قوي ويشمل جميع بلدان دول العملة الأوروبية الموحدة، ولكن في الوقت نفسه لا تزال هناك مخاطر ويجب بذل الجهد للتعامل مع هذه المخاطر.
جاء ذلك في المؤتمر الصحافي الختامي لاجتماعات وزراء دول مجموعة اليورو في بروكسل أمس (الجمعة)، وأضاف الهولندي ديسلبلوم أن الاجتماع الأول عقب انتهاء العطلة الصيفية كان قصيراً، وركز على عدة ملفات، منها ملف الوضع في اليونان والمراجعة الثالثة للتكيف الاقتصادي في اليونان، منوهاً بأن الاجتماع تلقى تقريراً من وزير المالية اليوناني وأيضاً من المؤسسات التابعة للاتحاد الأوروبي المكلفة بهذا الملف. وقال المجلس الوزاري الأوروبي إن التقارير تضمنت عرض الجدول الزمني للاستعراض الثالث الذي بدأ أخيراً للبرنامج، وسيتعين على اليونان أن تنجز نحو 95 إجراء يتعلق كثير منها بتشريعات اعتمدت في وقت سابق. وقال بيان للمجلس الوزاري الأوروبي وتسلمنا نسخة منه، إن من بين الموضوعات التي تشملها المراجعة الثالثة لحالة الاقتصاد اليوناني موازنة 2018 واستعراض المزايا الاجتماعية وإصلاح سوق العمل والمسائل المتصلة بالإدارة العامة وتنفيذ استراتيجية القروض المتعثرة وإصلاح قطاع الطاقة والخصخصة.
وحسبما جاء في تصريحات ديسلبلوم، تركزت النقاشات حول موضوعات تتعلق بكيفية جعل الاتحاد النقدي أكثر مرونة، ووصف الأمر بأنه أمر حيوي، وفي هذا الإطار جرت مناقشة حول مسؤولية الدول الأعضاء من جهة، ومسؤولية الاتحاد النقدي أو الاتحاد الأوروبي من جهة أخرى.
وأشار إلى وجود 3 عوامل تتعلق بالقدرة على الصمود والحد من الضعف؛ أولاً يجب أن نتأكد أننا أقل عرضة للصدمات الاقتصادية، وثانياً كيف يمكن زيادة قدرة الاستيعاب والتعامل مع الموقف في حال حدوث الصدمة الاقتصادية واستيعابها، سواء من قبل المؤسسات أو الأسواق أو الحياة المعيشية للأسر أو بالنسبة للشركات، وثالثاً كيفية تحقيق انتعاش اقتصادي أسرع بعد وقوع الصدمة الاقتصادية، وتلك تعتبر واحدة من الدروس المستفادة من الأزمة التي مرت بالمنطقة من قبل، وكان هناك بطء في امتصاص الصدمات، ولم يكن هناك استعداد لاستيعاب الصدمة الاقتصادية، سواء على مستوى القطاع الخاص أو العام، ولهذا استغرق الأمر طويلاً للتعافي. وقال ديسلبلوم إن هناك مسألة أخرى جرت مناقشتها تتعلق بالإصلاحات الهيكلية على المستوى الوطني، إلى جانب ملف استكمال الاتحاد المصرفي واتحاد أسواق رأس المال حتى تتمكن الأسواق من استيعاب مزيد من الصدمات الاقتصادية وتحسين الإدارة المؤسساتية، سواء على مستوى الدول الأعضاء أو أوروبا ككل.
وألمح إلى أن إنهاء إجراءات الاتحاد المصرفي سيكون في أولويات عمل المجموعة في الخريف، كما أن المفوضية الأوروبية بصدد عرض مقترحات عدة بشأن هذا الصدد إلى جانب القيام بخطوات إضافية في طريق اتحاد أسواق رأس المال.
وقبل أيام قليلة، أعلن البنك المركزي الأوروبي رفع توقعه لنمو اقتصاد منطقة اليورو هذا العام إلى 2.2 في المائة، وهو أسرع وتيرة في 10 سنوات. وأوضح محافظ البنك ماريو دراغي، أن اقتصاد التكتل، الذي يضم 19 دولة، نما بوتيرة أسرع من المتوقع في النصف الأول من العام الحالي. جاء هذا مع إبقاء البنك على أسعار الفائدة لمنطقة اليورو وبرنامج تحفيز شراء السندات دون تغيير.
ورجّح دراغي أن يتخذ البنك قرارات بشأن إجراءات التحفيز في الشهر المقبل. وفي الوقت الحالي، يشتري البنك المركزي الأوروبي سندات بقيمة 60 مليار يورو شهرياً كجزء من برنامج التيسير الكمي الذي يُطبّقه، لكن محللين يتوقعون تقليص حجم البرنامج خلال الأشهر المقبلة في ضوء تعافي منطقة اليورو. وفي الإطار نفسه، ارتفعت أجور ورواتب العاملين في منطقة اليورو بأعلى وتيرة منذ عامين، في الربع الثاني من العام الحالي. وحسب تقارير إعلامية، فقد كشفت بيانات صادرة عن مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروست)، الجمعة، أن الأجور والرواتب خلال الساعة الواحدة سجلت نمواً بنحو 2 في المائة في فترة الـ3 أشهر المنتهية في يونيو (حزيران) الماضي على أساس سنوي، وهو أعلى مستوى منذ الربع الأول في 2015، مقابل 1.3 في المائة في الربع الأول من 2017.
وتشير توقعات المحللين إلى أن الأجور في منطقة اليورو ستُسجل نمواً بنحو 1.5 في المائة في 2017، و2 في المائة في العام المقبل، و2.3 في المائة في 2019. أما على مستوى تكاليف العمالة في الساعة الواحدة داخل منطقة اليورو، فقد ارتفعت بنسبة 1.8 في المائة في الربع الثاني من العام الحالي، مقابل 1.4 في المائة في الربع الأول. وبحلول الساعة 12:05 مساء ت. غ، صعد اليورو أمام الدولار بنحو 0.3 في المائة إلى 1.1953 دولار.



ترمب يدرس خصخصة خدمة البريد وسط خسائر مالية ضخمة

يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)
يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)
TT

ترمب يدرس خصخصة خدمة البريد وسط خسائر مالية ضخمة

يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)
يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)

يبدي الرئيس المنتخب دونالد ترمب اهتماماً بالغاً بخصخصة خدمة البريد الأميركية في الأسابيع الأخيرة، وهي خطوة قد تُحْدث تغييرات جذرية في سلاسل الشحن الاستهلاكي وتوريد الأعمال، وربما تؤدي إلى مغادرة مئات الآلاف من العمال الفيدراليين للحكومة.

ووفقاً لثلاثة مصادر مطلعة، ناقش ترمب رغبته في إصلاح الخدمة البريدية خلال اجتماعاته مع هاوارد لوتنيك، مرشحه لمنصب وزير التجارة والرئيس المشارك لفريق انتقاله الرئاسي. كما أشار أحد المصادر إلى أن ترمب جمع، في وقت سابق من هذا الشهر، مجموعة من مسؤولي الانتقال للاستماع إلى آرائهم بشأن خصخصة مكتب البريد، وفق ما ذكرت صحيفة «واشنطن بوست».

وأكد الأشخاص الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم نظراً للطبيعة الحساسة للمحادثات، أن ترمب أشار إلى الخسائر المالية السنوية لمكتب البريد، مشدداً على أن الحكومة لا ينبغي أن تتحمل عبء دعمه. ورغم أن خطط ترمب المحددة لإصلاح الخدمة البريدية لم تكن واضحة في البداية، فإن علاقته المتوترة مع وكالة البريد الوطنية تعود إلى عام 2019، حيث حاول حينها إجبار الوكالة على تسليم كثير من الوظائف الحيوية، بما في ذلك تحديد الأسعار، وقرارات الموظفين، والعلاقات العمالية، وإدارة العلاقات مع أكبر عملائها، إلى وزارة الخزانة.

وقال كيسي موليغان، الذي شغل منصب كبير الاقتصاديين في إدارة ترمب الأولى: «الحكومة بطيئة جداً في تبنِّي أساليب جديدة، حيث لا تزال الأمور مرتبطة بعقود من الزمن في تنفيذ المهام. هناك كثير من خدمات البريد الأخرى التي نشأت في السبعينات والتي تؤدي وظائفها بشكل أفضل بكثير مع زيادة الأحجام، وخفض التكاليف. لم نتمكن من إتمام المهمة في فترتنا الأولى، ولكن يجب أن نتممها الآن».

وتُعد خدمة البريد الأميركية واحدة من أقدم الوكالات الحكومية، حيث تأسست عام 1775 في عهد بنيامين فرنكلين، وتم تعزيزها من خلال التسليم المجاني للمناطق الريفية في أوائل القرن العشرين، ثم أصبحت وكالة مكتفية ذاتياً مالياً في عام 1970 بهدف «ربط الأمة معاً» عبر البريد. وعلى الرغم من التحديات المالية التي يفرضها صعود الإنترنت، فإن الخدمة البريدية تظل واحدة من أكثر الوكالات الفيدرالية شعبية لدى الأميركيين، وفقاً لدراسة أجراها مركز «بيو» للأبحاث عام 2024.

ومع مطالبات الجمهوريين في الكونغرس وآخرين في فلك ترمب بخفض التكاليف الفيدرالية، أصبحت الخدمة البريدية هدفاً رئيسياً. وأفاد شخصان آخران مطلعان على الأمر بأن أعضاء «وزارة كفاءة الحكومة»، وهي لجنة غير حكومية يقودها رواد الأعمال في مجال التكنولوجيا إيلون ماسك وفيفيك راماسوامي، أجروا أيضاً محادثات أولية بشأن تغييرات كبيرة في الخدمة البريدية.

وفي العام المالي المنتهي في 30 سبتمبر (أيلول)، تكبدت الخدمة البريدية خسائر بلغت 9.5 مليار دولار، بسبب انخفاض حجم البريد وتباطؤ أعمال شحن الطرود، على الرغم من الاستثمارات الكبيرة في المرافق والمعدات الحديثة. وتواجه الوكالة التزامات تقدّر بنحو 80 مليار دولار، وفقاً لتقريرها المالي السنوي.

من شأن تقليص الخدمات البريدية أن يغير بشكل جذري صناعة التجارة الإلكترونية التي تقدر قيمتها بتريليون دولار، ما يؤثر في الشركات الصغيرة والمستهلكين في المناطق الريفية الذين يعتمدون على الوكالة بشكل كبير. وتُعد «أمازون»، أكبر عميل للخدمة البريدية، من بين أكبر المستفيدين، حيث تستخدم الخدمة البريدية لتوصيل «الميل الأخير» بين مراكز التوزيع الضخمة والمنازل والشركات. كما أن «التزام الخدمة الشاملة» للوكالة، الذي يتطلب منها تسليم البريد أو الطرود بغض النظر عن المسافة أو الجوانب المالية، يجعلها غالباً الناقل الوحيد الذي يخدم المناطق النائية في البلاد.

وقد تؤدي محاولة خصخصة هذه الوكالة الفيدرالية البارزة إلى رد فعل سياسي عنيف، خصوصاً من قبل الجمهوريين الذين يمثلون المناطق الريفية التي تخدمها الوكالة بشكل غير متناسب. على سبيل المثال، غالباً ما يستدعي المسؤولون الفيدراليون من ولاية ألاسكا المسؤولين التنفيذيين في البريد للوقوف على أهمية الخدمة البريدية لاقتصاد الولاية.

وفي رده على الاستفسارات حول خصخصة الوكالة، قال متحدث باسم الخدمة البريدية إن خطة التحديث التي وضعتها الوكالة على مدى 10 سنوات أدت إلى خفض 45 مليون ساعة عمل في السنوات الثلاث الماضية، كما قللت من الإنفاق على النقل بمقدار 2 مليار دولار. وأضاف المتحدث في بيان أن الوكالة تسعى أيضاً للحصول على موافقة تنظيمية لتعديل جداول معالجة البريد، وتسليمه لتتوافق بشكل أكبر مع ممارسات القطاع الخاص.

كثيراً ما كانت علاقة ترمب مع وكالة البريد الأميركية متوترة، فقد سخر منها في مناسبات عدة، واصفاً إياها في المكتب البيضاوي بأنها «مزحة»، وفي منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، وصفها بأنها «صبي التوصيل» لشركة «أمازون».

وفي الأيام الأولى لجائحة فيروس «كورونا»، هدد ترمب بحرمان الخدمة البريدية من المساعدات الطارئة ما لم توافق على مضاعفة أسعار الطرود 4 مرات. كما أذن وزير خزانته، ستيفن منوشين، بمنح قرض للوكالة فقط مقابل الحصول على وصول إلى عقودها السرية مع كبار عملائها.

وقبيل انتخابات عام 2020، ادعى ترمب أن الخدمة البريدية غير قادرة على تسهيل التصويت بالبريد، في وقت كانت فيه الوكالة قد مُنعت من الوصول إلى التمويل الطارئ الذي كان يحظره. ومع ذلك، في النهاية، تمكنت الخدمة البريدية من تسليم 97.9 في المائة من بطاقات الاقتراع إلى مسؤولي الانتخابات في غضون 3 أيام فقط.

وعند عودته إلى منصبه، قد يكون لدى ترمب خيارات عدة لممارسة السيطرة على وكالة البريد، رغم أنه قد لا يمتلك السلطة لخصخصتها بشكل أحادي. حالياً، هناك 3 مقاعد شاغرة في مجلس إدارة الوكالة المكون من 9 أعضاء. ومن بين الأعضاء الحاليين، هناك 3 جمهوريين، اثنان منهم تم تعيينهما من قبل ترمب. ولدى بايدن 3 مرشحين معلقين، لكن من غير المرجح أن يتم تأكيدهم من قبل مجلس الشيوخ قبل تنصيب ترمب.

ومن المحتمل أن يتطلب تقليص «التزام الخدمة الشاملة» بشكل كبير - وهو التوجيه الذي أوصى به المسؤولون خلال فترة ولاية ترمب الأولى - قانوناً من الكونغرس. وإذا تم إقرار هذا التشريع، فإن الخدمة البريدية ستكون ملزمة على الفور تقريباً بتقليص خدمات التوصيل إلى المناطق غير المربحة وتقليص عدد موظفيها، الذين يقدَّر عددهم بنحو 650 ألف موظف.

وقد تؤدي محاولات قطع وصول الوكالة إلى القروض من وزارة الخزانة، كما حاولت إدارة ترمب في السابق، إلى خنق الخدمة البريدية بسرعة، ما يعوق قدرتها على دفع رواتب موظفيها بشكل دوري وتمويل صيانة مرافقها ومعداتها. وقال بول ستيدلر، الذي يدرس الخدمة البريدية وسلاسل التوريد في معهد ليكسينغتون اليميني الوسطي: «في النهاية، ستحتاج الخدمة البريدية إلى المال والمساعدة، أو ستضطر إلى اتخاذ تدابير قاسية وجذرية لتحقيق التوازن المالي في الأمد القريب. وهذا يمنح البيت الأبيض والكونغرس قوة هائلة وحرية كبيرة في هذا السياق».

وقد حذر الديمقراطيون بالفعل من التخفيضات المحتملة في خدمة البريد. وقال النائب جيري كونولي (ديمقراطي من فرجينيا)، أحد الداعمين الرئيسيين للوكالة: «مع مزيد من الفرص أمامهم، قد يركزون على خصخصة الوكالة، وأعتقد أن هذا هو الخوف الأكبر. قد يكون لذلك عواقب وخيمة، لأن القطاع الخاص يعتمد على الربحية في المقام الأول».

كما انتقدت النائبة مارغوري تايلور غرين (جمهورية من جورجيا)، رئيسة اللجنة الفرعية للرقابة في مجلس النواب، الخدمة البريدية في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، وكتبت: «هذا ما يحدث عندما تصبح الكيانات الحكومية ضخمة، وسوء الإدارة، وغير خاضعة للمساءلة».

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، تعرضت الوكالة لانتقادات شديدة، حيث خضع المدير العام للبريد، لويس ديغوي، لاستجواب حاد من الجمهوريين في جلسة استماع يوم الثلاثاء. وحذر رئيس لجنة الرقابة في مجلس النواب، جيمس كومر (جمهوري من كنتاكي)، ديغوي من أن الكونغرس في العام المقبل قد يسعى لإصلاح الخدمة البريدية.

وسأل الجمهوريون مراراً وتكراراً عن استعادة التمويل لأسطول الشاحنات الكهربائية الجديد للوكالة، والخسائر المالية المتزايدة، وعن الإجراءات التنفيذية التي قد يتخذها ترمب لإخضاع الخدمة.

وقال كومر: «انتهت أيام عمليات الإنقاذ والمساعدات. الشعب الأميركي تحدث بصوت عالٍ وواضح. أنا قلق بشأن الأموال التي تم تخصيصها للمركبات الكهربائية، والتي قد يجري استردادها. أعتقد أن هناك كثيراً من المجالات التي ستشهد إصلاحات كبيرة في السنوات الأربع المقبلة... هناك كثير من الأفكار التي قد تشهد تغييرات كبيرة، وإن لم تكن مفيدة بالضرورة لخدمة البريد».