مشاورات فنية تسبق «آستانة ـ 6»... وواشنطن تشارك مراقباً

ظريف في موسكو بعد زيارة شويغو لدمشق

آستانة عاصمة كازاخستان
آستانة عاصمة كازاخستان
TT

مشاورات فنية تسبق «آستانة ـ 6»... وواشنطن تشارك مراقباً

آستانة عاصمة كازاخستان
آستانة عاصمة كازاخستان

عقد الخبراء من الدول «الضامنة» جولة مشاورات، أمس، في العاصمة الكازاخية، تمهيداً للقاء «آستانة - 6» الذي سينطلق رسمياً اليوم، وسط توقعات بأن يُعلن في ختامه عن توقيع الاتفاق حول إقامة منطقة خفض التصعيد في محافظة إدلب، ووثائق أخرى.
وأكدت الولايات المتحدة مشاركتها بصفة مراقب في هذا اللقاء، لكنها أعربت عن قلقها إزاء مشاركة إيران في آستانة بصفة «طرف ضامن». وفي هذه الأثناء، وصل وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف إلى موسكو، أمس، في زيارة لم يعلن عنها مسبقاً، لبحث الملف السوري على وجه الخصوص مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ومن ثم مع الرئيس بوتين.
وتشارك في اللقاء الحالي وفود من جميع الدول والأطراف المنخرطة في مفاوضات آستانة، وهي الدول الضامنة (روسيا وتركيا وإيران)، ووفدي النظام والمعارضة السورية، والأمم المتحدة ممثلة بالمبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، فضلاً عن الدول التي تحمل صفة «مراقب»، وهي الأردن والولايات المتحدة. وأعلنت الخارجية الأميركية أن ديفيد ساترفيلد، القائم بأعمال معاون وزير الخارجية الأميركي، سيرأس وفد بلاده إلى «آستانة - 6»، وعبرت عن قلقها إزاء مشاركة إيران في المفاوضات بصفة «طرف ضامن». وقالت، في بيان رسمي، إن «الولايات المتحدة ما زالت تشعر بالقلق إزاء مشاركة إيران في المفاوضات بصفة طرف ضامن لعملية آستانة»، ولفتت إلى أن «إيران قدمت الدعم غير المحدود لنظام الأسد، وشحذت النزاع، وعمقت من معاناة السوريين».

وقالت الخارجية الكازاخية إن الجولة السادسة من المفاوضات السورية في آستانة انطلقت أمس، وعقد الخبراء من الدول الضامنة جولة مشاورات أخيرة قبل انعقاد الجلسات الرئيسية، التي سيركز المشاركون فيها بصورة خاصة على بحث إقامة منطقة التصعيد في إدلب، وتعزيز وقف إطلاق النار في مناطق خفض التصعيد الأخرى. ويتوقع تبني بيان مشترك حول نزع الألغام في المناطق الأثرية في سوريا المدرجة على قوائم اليونيسكو. ويخطط أن تجري في البداية محادثات ثنائية بين الوفود المشاركة، على أن ينضم المبعوث الدولي إليهم لاحقاً. ويعلق الضامنون، لا سيما روسيا، الآمال على نتائج خلال اللقاء الحالي، ستكون، إن تحققت، الأولى التي أنجزتها فعلياً المفاوضات في آستانة. وقال مصدر مقرب من المفاوضات لوكالة «ريا نوفوستي» إن اللقاء الحالي في آستانة قد يكون الأخير، ورجح «تحقيق نجاح كبير أثناء اللقاء، من وجهة نظر انتهاء العملية (التفاوضية في آستانة) التي انطلقت في يناير (كانون الثاني)».
وأكد المصدر أن «حجماً كبيراً من العمل تم إنجازه على مستوى الخبراء، وعلى المستويات السياسية الرفيعة، للتوصل إلى اتفاق نهائي على مجمل الوثائق حول مناطق خفض التصعيد، بما في ذلك في إدلب، ورسم حدود تلك المناطق، وآليات المراقبة وغيره من التفاصيل»، مشيراً إلى أنه «تتوفر كل المقدمات» لتوقيع تلك الوثائق، وأوضح أنه بحال نجح لقاء «آستانة - 6»، وتم كما هو منتظر توقيع الوثائق المذكورة، فإن «الخطوة التالية ستكون ضمن العملية السياسية فقط»، في إشارة منه إلى المفاوضات في جنيف.
وقال الكرملين، في بيان رسمي، عقب محادثات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، إن الاجتماع الذي عقد وراء الأبواب المغلقة، تناول الأوضاع في الشرق الأوسط، لا سيما في سوريا والعراق ومنطقة الخليج، ومكافحة الإرهاب.
من جانبه، قال وزير الخارجية الروسي عقب لقائه ظريف، إن «المحادثات لأسباب واضحة، ركزت بصورة خاصة على الوضع في سوريا والعراق، وأكدنا على كل الاتفاقات التي قامت عليها عملية آستانة، وإقامة مناطق خفض التصعيد». وعبر عن أمله بنجاح الجولة الحالية من مفاوضات آستانة.
جاء ذلك بعد زيارة وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إلى دمشق، ولقائه رئيس النظام السوري بشار الأسد.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.