متأخرين 8 سنوات عن العالم... الإثيوبيون يودعون عام 2009

زهور صفراء لأجل الفأل الحسن ورأس السنة

إثيوبيون خلال احتفالاتهم برأس السنة الإثيوبية
إثيوبيون خلال احتفالاتهم برأس السنة الإثيوبية
TT

متأخرين 8 سنوات عن العالم... الإثيوبيون يودعون عام 2009

إثيوبيون خلال احتفالاتهم برأس السنة الإثيوبية
إثيوبيون خلال احتفالاتهم برأس السنة الإثيوبية

تزهو «أببا» بثوبها الزوريا الأبيض الناصع المزركش بالذهبي، لتعلن للناس أنها في يوم عيد؛ ما جعلها في غاية الوسامة والفرح، مثلها مثل الإثيوبيين في كل مكان يحتفلون فيه برأس السنة الإثيوبية، وينظمون بعيداً عن الديار احتفالات خاصة ببداية شهر «مسكرم» أو رأس السنة الحبشية، تقول أببا: «أنا لست في إثيوبيا، لكني إثيوبية لذلك احتفل بعيد مسكرم».
ليست «أببا» – وهي إثيوبية مقيمة في السودان – وحدها من تحتفل بسنة جديدة قبل أشهر من نهاية العام الميلادي، فالإثيوبيون جميعهم يسبحون في مدار زماني خاص بهم، يمنحهم فرادة على مستوى العالم، وعلى قارة أفريقيا على وجه الخصوص؛ لأن لهم «تقويمهم الخاص» الذي يختلف عن التقويم الميلادي والقمري والقبطي والهجري، في عدد الشهور وأيامها.
واحتفل الإثيوبيون أمس بالسنة الجديدة 2010، وبحسب تقويمهم المحلي، فهناك فرق ثمانية أعوام عن التقويم الميلادي، ما يعني أنهم احتفلوا بوداع عام 2009 الذي يوافق عام 2017، في وقت لم يتبق فيه على إطلالة عام 2018 سوى ثلاثة أشهر وعشرين يوماً.
والعام الإثيوبي ليس مثل الأعوام الميلادية والقمرية من 12 شهراً، بل من 13 شهراً، ولا تتراوح أيام الأشهر الإثيوبية بين 28 – 31 يوماً، بل كل شهر منها عبارة عن 30 يوماً، ما عدا الشهر الأخير وترتيبه الثالث عشر، فهو من 6 أو 5 أيام فقط.
ويطلق على الشهر الثالث عشر اسم «باغمي» باللغة الأمهرية، وهو عندهم شهر شروق الشمس أو أيام شروق الشمس، ويعتبر من الشهور «الغريبة»، فهو وفقاً لوكالة الأنباء الإثيوبية «إينا» لا يعتبر شهر عمل، ولا تدفع للعاملين خلاله مرتبات، وتنقل أنه من شهور المعتقدات الدينية للكنيسة الأرثوذوكسية الإثيوبية الشرقية. كما يعد شهر «باغمي» شهراً للنساء الحوامل حسب المعتقدات الأسطورية المحلية، التي تجعل منه شهراً مقدساً، لا سيما لأتباع الكنيسة الإثيوبية، فهم يغتسلون خلاله لمدة ستة أيام في الأنهار، ويعد الاغتسال في الأنهار «غسلاً وتطهراً من الذنوب».
ولا تستخدم إثيوبيا أسماء الشهور الشمسية أو القمرية أو المصرية أو الهجرية، بل تطلق أسماء خاصة على شهورها، وهي: «مسكرم، طقمت، هدار، تاهساس، طر، يكاتيت، مغابيت، ميازيا، غنبوت، سني، هملي، نهاسي، باغمي»، وكل منها مكون من ثلاثين يوماً عدا «باغمي»، فهو من ستة أو خمسة أيام، من عام لآخر.
وتؤرخ المكاتبات الرسمية بهذا التقويم؛ لكن بعض المؤسسات مثل وزارة الخارجية تستخدم التقويمين الميلادي والإثيوبي في مكاتباتها، فيما لا يتذكر معظم سكان الأرياف والقرى التقويم الميلادي أو لا يعرفونه، ويعدون ذلك مصدر فخر وهوية ورمزاً لشخصيتهم المتفردة.
ولا تقدم الوكالة الرسمية تفسيراً لتأخر التقويم الإثيوبي ثماني سنوات عن الميلادي؛ لكنها تقول: «هناك أساطير وخرافات متداولة بين الناس تتعلق به»، وتتابع: «ينبغي أن نعلم جميعا أن هذه الفروق، إنما جاءت بسبب التقاويم المعتمدة في العالم، ما يعني أنه باختلاف التقاويم تختلف طرق عد الأيام».
لكن أستاذ التاريخ بجامعة «أديس أبابا»، أحمد زكريا، ذكر في إفادة نشرتها «بي بي سي» أن الكنيسة الرومانية عدلت حساب التقويم الخاص بها في عام 500 بعد الميلاد، بتأخير يتراوح بين سبع إلى ثماني سنوات، ويضيف: «لذا نحن متأخرون من سبع إلى ثماني سنوات عن الحساب الروماني، ومن هنا جاء الفارق»، كما تربطه تقارير بموعد الفيضان السنوي لأنهار الهضبة، بدلالاته الاقتصادية والأسطورية.
ويحتفل الإثيوبيون برأس السنة مع بداية شهر «مسكرم» أول شهور سنتهم، ويعتبرونه عيداً يشارك فيه المجتمع بمختلف شرائحه، على الرغم من طابعه «الديني المسيحي المرتبط بالكنيسة الإثيوبية».
وللاحتفال برأس السنة طقوس خاصة يحرصون خلالها على فرش الطرقات والمنازل بنوع من الزهور البرية الصفراء، لا تنبت إلا في بلادهم، فهم يعتبرونها فألاً حسناً، وينحرون الذبائح، وتتحول إثيوبيا خلاله إلى ساحة فرح ورقص وموسيقى، يحيون بعضهم خلاله بكلمة «أنقو طاطاش»، تيمناً بالعام الجديد، وشهر «مسكرم» شهر الربيع في الهضبة، والذي تنبت فيه الزهور.
ويقدم الأطفال خلال الاحتفال باقات الزهور لكبار السن، مرددين كلمة «أنقو طاطاش»، فيرد عليهم الكبار «يامتو يامطاش»، ويدفعون لهم بعض الأموال، يشترون بها الحلوى والألعاب، أما في المناطق التي لا تنبت فيها الزهور، فيرسمون أنواعاً مختلفة من الزهور على الورق بألوان مختلفة، يحملها الأطفال فرحين.
ليست الشهور وحدها التي تطلق عليها أسماء خاصة، بل حتى السنوات لها أسماؤها، وهي مشتقة من أسماء الأناجيل الأربعة المعروفة، فمرة يكون اسم السنة الجديدة «زمن يحنى - يوحنا»، ثم سنة «ماتيوس - متى»، فـ«لوقاس - لوقا» وسنة «مارقوس - مرقص».
ويعد احتفال رأس السنة الإثيوبية - صادف أمس الاثنين 11 سبتمبر (أيلول) 2017 - مناسبة سياحية مهمة يحرص كثير من السياح على تنظيم رحلاتهم إلى الهضبة خلالها، لا سيما السودانيون الذي يعتبرون احتفالات إثيوبيا برأس السنة مناسبة لا تفوت ولا تعوض، وخلاله تزدهر صناعة السياحة في جو مشمس مطير طوال العام، لذلك يوليه الشعب الإثيوبي وحكومته اهتماماً خاصاً يبهرون به العالم.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.