«بريتبارت»... صعد مع ترمب ويدّعي «حمايته»

بانون يواصل معاركه السياسية عبره بعد مغادرته البيت الأبيض

ستيف بانون المدير التنفيذي الحالي لموقع «بريتبارت» خلال حفل تنصيب الرئيس دونالد ترمب في 20 يناير الماضي (أ.ف.ب) - عدد أمس لموقع «الصحافة الكبيرة» التابع لـ«بريتبارت»   («الشرق الأوسط»)
ستيف بانون المدير التنفيذي الحالي لموقع «بريتبارت» خلال حفل تنصيب الرئيس دونالد ترمب في 20 يناير الماضي (أ.ف.ب) - عدد أمس لموقع «الصحافة الكبيرة» التابع لـ«بريتبارت» («الشرق الأوسط»)
TT

«بريتبارت»... صعد مع ترمب ويدّعي «حمايته»

ستيف بانون المدير التنفيذي الحالي لموقع «بريتبارت» خلال حفل تنصيب الرئيس دونالد ترمب في 20 يناير الماضي (أ.ف.ب) - عدد أمس لموقع «الصحافة الكبيرة» التابع لـ«بريتبارت»   («الشرق الأوسط»)
ستيف بانون المدير التنفيذي الحالي لموقع «بريتبارت» خلال حفل تنصيب الرئيس دونالد ترمب في 20 يناير الماضي (أ.ف.ب) - عدد أمس لموقع «الصحافة الكبيرة» التابع لـ«بريتبارت» («الشرق الأوسط»)

جرت العادة أن يستثمر رجال الأعمال ومجموعات الضغط في صحف ومواقع وقنوات إخبارية للدفع بمصالحهم، سواء كانت سياسية أو تجارية. لكنه من النادر أن تنجح وسائل الإعلام في اقتحام الدوائر السياسية، ناهيك عن أقوى إدارة في العالم. ذلك ما نجحت شبكة «بريتبارت» الإعلامية في تحقيقه خلال فترة قصيرة نسبيا، بعد أن كانت منبوذة من طرف جزء كبير من النخبة السياسية في واشنطن لآرائها التي وُصفت بالمحرّضة على العنف والتفرقة. وتبوّأ ستيف بانون، الرئيس التنفيذي للموقع الإخباري، منصب مدير حملة دونالد ترمب الانتخابية، قبل أن يتسلم منصب كبير استراتيجيي البيت الأبيض لفترة لم تتجاوز 8 أشهر. وألهم بانون الكثير من شعارات ترمب الانتخابية وساهم في تحديد أولوياته الرئاسية، وهي الأولويات نفسها التي تبناها «بريتبارت» ودفع بها.
وبينما لا يتمتّع الموقع الإخباري اليميني بالشهرة، ولا المصداقية، التي تحظى بها وسائل إعلام أميركية أخرى مثل صحف «نيويورك تايمز» أو «واشنطن بوست» أو حتى موقع «بازفيد»، إلا أنه أصبح الموقع اليميني المحافظ الأكثر شعبية بعد تولي دونالد ترمب رئاسة الولايات المتحدة الأميركية.
فما هو «بريتبارت»، وهل أصبح فعلا مقياسا لتوجهات الإدارة الأميركية؟ وهل يمكن اعتباره لسان البيت الأبيض غير الرسمي؟

فكرة إسرائيلية ونشأة أميركية
قرر أندرو بريتبارت، وهو إعلامي أميركي يميني اشتغل لصالح رواد المواقع الإخبارية مثل أريانا هافينغتون ومات درودج واشتهر بمساهماته الصحافية في صحيفة «واشنطن تايمز» وموقع «درودج ريبورت» وبآرائه النقدية للإعلام التقليدي، عام 2007 إنشاء شبكة إخبارية إلكترونية خاصة به.
وروى لاري سولوف، محامي أندرو والشريك المؤسس لموقع بريتبارت، في مقال رأي نشره عام 2015 أنه رافق أندرو في رحلة صحافية إلى إسرائيل عام 2007، وفاجأه الأخير ذات ليلة في القدس بفكرة إنشاء شبكة إعلامية «تدعم الحرية وإسرائيل».
وقال سولوف: «طلب مني (أندرو) الانسحاب من شركة المحاماة التي كنت شريكا بها والتي تعدّ 800 موظف، لأشارك معه في مشروع إعلامي». وتابع: «ربما كان ذلك تحت تأثير المكان التاريخي الذي كنا نوجد به، لكنني وافقت»، على حد تعبيره. وأضاف: «أتذكر أننا ناقشنا في تلك الليلة رغبتنا في إنشاء موقع يؤيد الحرية ويؤيد إسرائيل».
وأطلق أندرو بريتبارت، الذي أدرك أهمية الإعلام الرقمي، في البداية موقعا يقدم خدمة إخبارية عبر انتقاء وتجميع قصص صحافية من الوكالات وقنوات مثل «فوكس نيوز» وإعادة نشرها، قبل أن ينشئ في 2008 و2009 و2010 ثلاثة موقع إخبارية مرتبطة بالموقع الأم، لُقّبت بـ«الكبار الثلاثة»، هي «هوليود الكبير» و«الحكومة الكبيرة» و«الصحافة الكبيرة». وعكست هذه المواقع السياسة التحريرية لأندرو بريتبارت وشركائه، مع انضمام محررين وصحافيين يحملون توجهات سياسية معادية لليسار واليمين المعتدل والإعلام التقليدي.
اشتهر بريتبارت في 2010 و2011 بسلسلة من القصص الكاذبة، التي اعتمدت في حالات عديدة على تلاعب بمقاطع فيديو. واشتهر منها مقطع لمسؤولة في وزارة الزراعة الأميركية، تدعى شيرلي شيرود، تدلي بتصريحات عنصرية، ما أدى إلى طردها من الوزارة. وتبين بعد ذلك أنه تم التلاعب بالفيديو، وأنها كانت في الحقيقة تنتقد التصريحات العنصرية.
في المقابل، استعاد الموقع بعضا من ثقة قراءه، بعد أن فجّر فضيحة في عام 2011 حول النائب الديمقراطي عن نيويورك، أنثوني وينر، الذي استخدم موقع «تويتر» لإرسال صورة خادشة للحياء لسيدة في العشرينات من عمرها، ما دفعه إلى الاستقالة في 23 من يونيو (حزيران).

«هافينغتون بوست اليمين»
تحت إشراف مؤسسه، اكتسب بريتبارت مكانة بارزة في الإعلام الأميركي عبر نشره سلسلة من القصص والفضائح حول سياسيين ليبراليين وبيروقراطيين ومنظمات، كما أوردت صحيفة «نيويورك تايمز». وأصبح الموقع منبوذا من طرف الديمقراطيين والوسطيين وبعض الجمهوريين الذين اعتبروا أنه يحرض على الانقسام السياسي والكراهية ويروج لقصص صحافية مضللة. في المقابل، يجد فيه قراؤه اليمينيون منصّة لمواجهة الإعلام التقليدي والليبرالي.
وسلط الضوء على بريتبارت بشكل أكبر مع التحاق المصرفي ستيف بانون بفريقه، وتصريحه بأنه سيجعل الموقع الإخباري «هافينغتون بوست» اليمين. ولم يبرز ستيف بانون، الذي يربط اسمه اليوم بالموقع الإخباري المثير للجدل، ضمن الفريق الإعلامي إلا بعد وفاة أندرو بريتبارت عام 2012 بسكتة قلبية. واصل بانون مشروع أندرو بإطلاق موقع محدث وشامل للثلاثة الكبار تحت اسم واحد. وعمل على توسيع فريق بريتبارت، وافتتح في 2014 مكتبا جديدا على رأس كل 90 يوما، وأصبح للموقع مكاتب بتيكساس وفلوريدا وكاليفورنيا ولندن والقدس والقاهرة.

بانون أو عرّاب «بريتبارت»
بدأ بانون مطلع الثمانينات خدمته ضابطاً في البحرية، وقضى 4 سنوات بصفة مهندس مساعد على متن مدمرة، ثم أصبح المساعد الخاص لقائد العمليات البحرية في وزارة الدفاع بالتزامن مع دراسته في جامعة جورج تاون، للحصول على شهادة في دراسات الأمن القومي. في الثمانينات، ونتيجة إعجابه الشخصي المتزايد بالرئيس رونالد ريغان، توجه بانون لدراسة إدارة الأعمال في جامعة هارفارد، وانتقل منها إلى مصرف «غولدمان ساكس»، أشهر المؤسسات المصرفية في الولايات المتحدة، قبل أن يغادره ويؤسس مصرفاً صغيراً للاستثمارات، حمل اسم «بانون وشركاه». واستحوذ على المصرف بنك «سوسيتيه جنرال» في عام 1998.
وغير بانون مسيرته المهنية بعد ذلك، وقرر الاستثمار في مجال الإعلام، متجهاً ناحية هوليوود. وسرعان ما أنتج وثائقيا يحمل اسم «في مواجهة الشر»، لتوثيق الأحداث السياسية التي شهدتها الولايات المتحدة تحت قيادة ريغان. وأنتج بعد ذلك أفلاما أخرى تعكس اهتماماته السياسية اليمينية، وشملت «حزب الشاي»، والسياسية المثيرة للجدل سارة بالين، وغيرها.
التقى بانون بأندرو بريتبارت في عام 2004، وتبلورت فكرة إنشاء «بريتبارت»، لكن بانون لم يتحمل مسؤولية الموقع إلا بعد رحيل مؤسسه. أدار بانون فريق عمل الموقع، الذي تحول إلى منبر لحركة «حزب الشاي» في نظر الكثيرين، خاصة عقب فوز باراك أوباما بولايته الأولى. وفيما نجح بانون في تطوير بريتبارت، إلا أن الكثيرين من فريق أندرو انتقدوا الرئيس التنفيذي الجديد، واعتبروا أنه ابتعد عن «إرث المؤسس». وقال بين شابيرو، صديق أندرو وأحد كبار المحررين بالموقع، إن «المؤسس (أندرو) كان يهدف لمواجهة المتنمرين في السياسة. وأنشأ موقع (بريتبارت) لمحاربتهم». وقدم شابيرو استقالته من هيئة تحرير الموقع، معترضا على التوجه الذي فرضه بانون على الموقع.

حماية الرئيس من «أعدائه»
أثارت عودة كبير مستشاري البيت الأبيض إلى حضن المؤسسة الإعلامية اليمينية جدلا واسعا في الساحتين الإعلامية والسياسية. وفيما عبّر سياسيون عن مخاوفهم من تداعيات التحاق بانون الذي شارك في اجتماعات بالغة السرية خلال عمله في البيت الأبيض بـ«بريتبارت»، رأى آخرون في ذلك فرصة لجس نبض اهتمامات الرئيس ترمب.
فبعد ساعات من مغادرته منصب كبير المستشارين في البيت الأبيض منتصف الشهر الماضي، التحق بانون باجتماع تحرير في موقع «بريتبارت» وأكّد في تصريح صحافي نادر أنه «سيحارب، مع الرئيس ترمب، أعداه»، في إشارة إلى «الإعلام الكاذب».
ويرى الكثيرون أن «بريتبارت» تقود الحروب الإعلامية التي لا يستطيع الرئيس الحالي قيادتها، حتى إنه يهاجم أحيانا المقربين من ترمب لتوجهاتهم «الغامضة» باعتباره. وقبل فترة قصيرة من إقالة بانون من منصبه، شن «بريتبارت» حملة ضد ابنة ترمب إيفانكا، وصهره جاريد كوشنر ولقّبهم بـ«ديمقراطيي» البيت الأبيض. كما هاجم الموقع استراتيجية ترمب في أفغانستان القاضية بتعزيز عدد الجنود الأميركيين بها، إلا أنه سرعان ما عاد لدعم الرئيس في معاركه في الكونغرس المتعلقة بتمويل جدار المكسيك الحدودي وإلغاء واستبدال نظام الرعاية الصحية «أوباماكير».
وفي تصريحات صحافية أذيعت في مقابلة تلفزيونية أمس، أعاد بانون تأكيده أنه سيواصل حماية الرئيس الأميركي من «أعدائه». وركز بانون على قضية الهجرة، في دفاعه عن قرار توجه الرئيس لإلغاء برنامج «الحالمين للمهاجرين الصغار، وهاجم الكنيسة الكاثوليكية واتهمها بدعم الهجرة بدافع «المصلحة الاقتصادية».
وبثت قناة «سي بي إس» مقتطفات من حلقة برنامجها الحواري «60 دقيقة» مع بانون (63 عاما)، الذي وصف نفسه بأنه «محارب شارع (...) أنا محارب، لذلك أنا ودونالد ترمب على اتفاق كبير». وأضاف مصرفي الأعمال السابق: «سأكون سندا له من الخارج على الدوام، لحمايته. هدفنا دعمه، لكي يعي أعداؤه أنه لن يكون هدفا سهلا».
واتخذ مثالا الجدل الذي أثارته تصريحات ترمب بعد أعمال عنف تخللت مظاهرة لليمين المتطرف، قابلها تجمع لمناهضي العنصرية في مدينة شارلوتسفيل وأسفرت عن مقتل امرأة، بعدما وضع اللوم على المعسكرين على قدم المساواة.
وقال بانون: «أنا الوحيد الذي تكلم محاولا الدفاع عنه. عندما يتحالف المرء مع أحدهم، فعليه البقاء إلى جانبه»، مضيفا: «إن كنتم ضعفاء فعليكم بالاستقالة»، في إشارة إلى كبير المستشارين الاقتصاديين لدى ترمب غاري كون، الذي صرح بأن الرئيس كان يمكنه اتخاذ «موقف أفضل» من أحداث شارلوتسفيل. وشدد بانون على إدانة منظمي هذا التجمع، مؤكدا أن «لا مكان في السياسة الأميركية... للنازيين الجدد والكونفدراليين (الجنوب الأميركي أثناء الحرب الأهلية) الجدد وجماعة كو كلوكس كلان» العنصرية، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
كما انتقد ممثلي الكنيسة الكاثوليكية الأميركية التي نددت بإلغاء ترمب لبرنامج «داكا» أو «الحالمين» الذي أقامه سلفه باراك أوباما لحماية نحو 800 ألف مهاجر شاب مهاجر من الترحيل، كانوا قاصرين عندما وفدوا إلى الولايات المتحدة مع أهلهم، ويجيز لهم الدراسة والعمل ولو مؤقتا. وقال إن «سلوك الأساقفة كان فظيعا»، مضيفا أنهم «يحتاجون إلى المهاجرين السريين لملء كنائسهم»، و«لديهم مصلحة اقتصادية في هجرة مفتوحة، هجرة غير مشروعة مفتوحة». وتابع: «أحترم البابا والكرادلة والأساقفة فيما يتعلق بالديانة، لكننا نتحدث هنا عن سيادة أمة، وفي هذا الموضوع ليسوا إلا أفرادا لديهم آراء».

حليف «مشروط» للبيت الأبيض
قفزت نسبة قراء «بريتبارت» من 2.9 مليون زائر في 2012 إلى 17 مليونا في 2016، وفق إحصائيات نشرتها صحيفة «واشنطن بوست»، ليصبح بذلك أكثر موقع محافظ أميركي قراءة. ويمكن إرجاع هذا الارتفاع الهائل في الزيارات إلى تميّز الموقع بمقابلات حصرية مع المرشح الجمهوري، آنذاك، دونالد ترمب، ومشاركاته المتكررة في برنامج ستيف بانون.
وبينما كسب الموقع الإخباري قاعدة قراء جديدة، إلا أنه واجه سيلا من الانتقادات اعتبرته «ناديا يتجمع فيه معجبو ترمب، على حد تعبير هيئة الإذاعة البريطانية، وابتعاده عن أسباب إنشائه. وهو ما أشار إليه شابيرو في انتقاد آخر لقيادة بانون، وكتب في مقال رأي نشره في موقع «ديلي واير» في أغسطس (آب) من العام الماضي أن «بريتبارت أصبح موقع ترمب الشخصي»، لافتا إلى أنه قرر الاستقالة في مارس (آذار) 2016 بعد أن أصبح واضحا أن ولاء «بريتبارت» لترمب يفوق ولاءه لموظفيه.
ورد رئيس تحرير «بريتبارت» على هذه الاتهامات في مقابلة مع «نيويورك تايمز»، قال فيها: «ولاؤنا ليس لدونالد ترمب، ولاؤنا لقرائنا وقيمنا». وتابع: «إذا تراجع ترمب عن القيم والوعود التي قطعها للناخبين والتي أدّت إلى فوزه بالانتخابات الرئاسية، فإننا سنصبح من أشد منتقديه».


مقالات ذات صلة

تونس والسنغال تتراجعان في تقرير «مراسلون بلا حدود» السنوي لحرية الصحافة

العالم العربي تونس والسنغال تتراجعان في تقرير «مراسلون بلا حدود» السنوي لحرية الصحافة

تونس والسنغال تتراجعان في تقرير «مراسلون بلا حدود» السنوي لحرية الصحافة

أظهر التقرير السنوي لحرية الصحافة لمنظمة «مراسلون بلا حدود»، اليوم الأربعاء، أن تونس والسنغال كانتا من بين الدول التي تراجعت في الترتيب، في حين بقيت النرويج في الصدارة، وحلّت كوريا الشمالية في المركز الأخير. وتقدّمت فرنسا من المركز 26 إلى المركز 24.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم غوتيريش يندد باستهداف الصحافيين والهجوم على حرية الصحافة

غوتيريش يندد باستهداف الصحافيين والهجوم على حرية الصحافة

ندّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اليوم (الثلاثاء)، باستهداف الصحافيين، مشيراً إلى أنّ «حرية الصحافة تتعرّض للهجوم في جميع أنحاء العالم». وقال في رسالة عبر الفيديو بُثّت عشية الذكرى الثلاثين لـ«اليوم العالمي لحرية الصحافة»، إن «كلّ حرياتنا تعتمد على حرية الصحافة... حرية الصحافة هي شريان الحياة لحقوق الإنسان»، وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أن «حرية الصحافة تتعرّض للهجوم في جميع أنحاء العالم»، مشيراً إلى أنّه «يتمّ استهداف الصحافيين والعاملين في الإعلام بشكل مباشر عبر الإنترنت وخارجه، خلال قيامهم بعملهم الحيوي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم صحافي ليبرالي في الصين يواجه تهمة «التجسس»

صحافي ليبرالي في الصين يواجه تهمة «التجسس»

ذكرت جمعية تعنى بالدفاع عن وسائل الإعلام أن تهمة التجسس وجهت رسمياً لصحافي صيني ليبرالي معتقل منذ عام 2022، في أحدث مثال على تراجع حرية الصحافة في الصين في السنوات الأخيرة، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». كان دونغ يويو، البالغ 61 عاماً والمعروف بصراحته، يكتب افتتاحيات في صحيفة «كلارتي» المحافظة (غوانغمينغ ريباو) التي يملكها الحزب الشيوعي الحاكم. وقد أوقف في فبراير (شباط) 2022 أثناء تناوله الغداء في بكين مع دبلوماسي ياباني، وفق بيان نشرته عائلته الاثنين، اطلعت عليه لجنة حماية الصحافيين ومقرها في الولايات المتحدة. وقالت وزارة الخارجية اليابانية العام الماضي إنه أفرج عن الدبلوماسي بعد استجو

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم العربي المغرب: أربعة من وزراء الإعلام السابقين يرفضون لجنة مؤقتة لمجلس الصحافة

المغرب: أربعة من وزراء الإعلام السابقين يرفضون لجنة مؤقتة لمجلس الصحافة

بدا لافتاً خروج أربعة وزراء اتصال (إعلام) مغاربة سابقين ينتمون إلى أحزاب سياسية مختلفة عن صمتهم، معبرين عن رفضهم مشروع قانون صادقت عليه الحكومة المغربية الأسبوع الماضي، لإنشاء لجنة مؤقتة لمدة سنتين لتسيير «المجلس الوطني للصحافة» وممارسة اختصاصاته بعد انتهاء ولاية المجلس وتعذر إجراء انتخابات لاختيار أعضاء جدد فيه. الوزراء الأربعة الذين سبق لهم أن تولوا حقيبة الاتصال هم: محمد نبيل بن عبد الله، الأمين العام لحزب «التقدم والاشتراكية» المعارض، ومصطفى الخلفي، عضو الأمانة العامة لحزب «العدالة والتنمية» المعارض أيضاً، والحسن عبيابة، المنتمي لحزب «الاتحاد الدستوري» (معارضة برلمانية)، ومحمد الأعرج، عضو

«الشرق الأوسط» (الرباط)
المشرق العربي «الجامعة العربية» تنتقد «التضييق» على الإعلام الفلسطيني

«الجامعة العربية» تنتقد «التضييق» على الإعلام الفلسطيني

انتقدت جامعة الدول العربية ما وصفته بـ«التضييق» على الإعلام الفلسطيني. وقالت في إفادة رسمية اليوم (الأربعاء)، احتفالاً بـ«يوم الإعلام العربي»، إن هذه الممارسات من شأنها أن «تشوّه وتحجب الحقائق». تأتي هذه التصريحات في ظل شكوى متكررة من «تقييد» المنشورات الخاصة بالأحداث في فلسطين على مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما في فترات الاشتباكات مع القوات الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ما العلاقة بين تراجع «إكس» وسياسات ماسك؟

ماسك يُشير بيده في أثناء حديثه خلال العرض الافتتاحي داخل صالة «كابيتول وان آرينا» بواشنطن في يناير (كانون الثاني) الماضي (أ.ف.ب)
ماسك يُشير بيده في أثناء حديثه خلال العرض الافتتاحي داخل صالة «كابيتول وان آرينا» بواشنطن في يناير (كانون الثاني) الماضي (أ.ف.ب)
TT

ما العلاقة بين تراجع «إكس» وسياسات ماسك؟

ماسك يُشير بيده في أثناء حديثه خلال العرض الافتتاحي داخل صالة «كابيتول وان آرينا» بواشنطن في يناير (كانون الثاني) الماضي (أ.ف.ب)
ماسك يُشير بيده في أثناء حديثه خلال العرض الافتتاحي داخل صالة «كابيتول وان آرينا» بواشنطن في يناير (كانون الثاني) الماضي (أ.ف.ب)

بعد أكثر من 3 سنوات على استحواذ الملياردير الأميركي إيلون ماسك على منصة «إكس» (تويتر سابقاً) في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، تزداد المؤشرات على تراجع المنصة من حيث «التأثير والتفاعل»، بحسب ما يقول مختصون، بالتوازي مع تجدُّد الحديث بشأن سياساتها التحريرية، وعلاقة المنصة بطموحات مالكها السياسية، وتحوُّل المعلنين عنها.

ويرى مختصون أن ما يجري على «إكس» لم يعد مجرد تغييرات تقنية أو تجارية، بل هو «انعكاس مباشر لرؤية ماسك الآيديولوجية، وطريقة توظيفه المنصة في مشروع نفوذ سياسي أوسع». ويقولون: «إن وجود علاقة مباشرة بين طموحات ماسك السياسية وسياساته التحريرية الجديدة أخرج المنصة عن مسارها».

شعار منصة "إكس" فوق أحد مقراتها في سان فرانسيسكو (رويترز)

وأشارت بيانات حديثة عدة إلى تراجع التفاعل على منصة «إكس» خلال الأعوام الأخيرة، وجاء من أبرزها تحليل إحصائي نشره موقع «بروكسيدايز (Proxidize)» في أكتوبر الماضي، تحدَّث عن تراجع معدلات التفاعل على المنصة بنحو 48.3 في المائة خلال عام واحد فقط، إذ انخفض معدل التفاعل المتوسط لكل تغريدة من 0.029 في المائة في 2024 إلى 0.015 في المائة في 2025.

كما قلصت العلامات التجارية وتيرة النشر بنحو ثُلث المحتوى تقريباً، مع انخفاض متوسط عدد التغريدات الأسبوعية من 3.31 إلى 2.16 تغريدة للحسابات التجارية. وتشير بيانات أخرى إلى تراجع متوسط زمن الاستخدام اليومي من أكثر من 30 دقيقة إلى نحو 11 دقيقة فقط، بما يعكس تغيراً في سلوك المُستخدمين، لا سيما مع صعود المنصات المُعتمِدة على الفيديو القصير.

تقارير تحدثت عن تراجع معدلات التفاعل على منصة "إكس" (رويترز)

الباحث المتخصص في التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي التوليدي، الدكتور فادي عمروش، أكد «فرضية تراجع المتابعات على المنصة النقاشية الأبرز»، ودلَّل على ذلك بالإشارة إلى «تراجع التفاعل على منصة (إكس) مقارنة بسنوات ما قبل 2022»، لافتاً إلى أن بيانات «سيميلر ويب (Similarweb)» تشير إلى هبوط مستخدمي المنصة على الهواتف المحمولة من 388.5 مليون في يونيو (حزيران) 2023 إلى 311.1 مليون في 2025، أي خسارة تتجاوز 75 مليون مستخدم، بما يقارب 20 في المائة.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «ليس هذا فحسب، إنما وُجدت أيضاً تحليلات تظهر انخفاض متوسط الإعجابات لكل منشور من 37.8 في 2023 إلى نحو 31.4 في 2024، أي تراجع نحو 17 في المائة». وأرجع هذه المؤشرات إلى أسباب، من بينها «ارتباط (إكس) باسم إيلون ماسك بعد استحواذه عليها، وما يرافق ذلك من استقطابات حادة بين مؤيدي ومعارضي آرائه، بالإضافة إلى تغييره الخوارزمية التي تعرض المنشورات عدة مرات بحجة محاربة البوتات، والتي رغم ادعائه أنها شفافة، فإن هذا الادعاء غير مُدعم بأدلة كافية بعد، خصوصاً أن ليس كل المستخدمين متساوين في فرص الوصول والتفاعل». وأشار إلى بُعد آخر قائلاً: «في منصات الأخبار السريعة، مغادرة عدد من الصحافيين والأكاديميين والخبراء قلّلت من الحوار النوعي وأضعفت حركة إعادة النشر».

وعدّ عمروش أن سياسة ماسك الربحية وتفضيله «الحسابات الموثقة المدفوعة»، مثَّلا اتجاهاً أفرغ المنصة من ركيزتها الأساسية بوصفها ساحةً للنقاش التفاعلي القائم على الأفكار، مضيفاً «إجراءات الحد من الوصول المجاني للواجهة البرمجية (API) أضعفت تجربة المتابعة والبحث، وهذا ينعكس عادة في تراجع التفاعل غير المدفوع».

ومع ذلك، لا يلقي عمروش باللوم على سياسات ماسك وحدها، إذ يعيد جانباً من تراجع التفاعل أيضاً إلى «تحوّل عادات المُستخدمين نحو الفيديو والمنصات المُعتمِدة على المقاطع القصيرة، فالسوق كلها تتجه إلى الفيديو القصير. وهذا يقلل الوقت الذهني المتاح لمنصات النصِّ السريع، خصوصاً لدى الشباب، إذ إن استخدام المراهقين لـ(إكس) أقل بكثير مما كان عليه سابقاً».

طموحات ماسك

بعيداً عن القرارات التحريرية داخل المنصة، تَزَامَنَ هذا التراجع في التفاعل مع صعود ماسك لاعباً سياسياً ثقيل الوزن في الولايات المتحدة. وتشير تحليلات صحافية من بينها «واشنطن بوست»، استناداً إلى بيانات لجنة الانتخابات الفيدرالية الأميركية، إلى أن «ماسك قدَّم خلال دورة انتخابات 2024 تبرعات سياسية تجاوزت ربع مليار دولار لدعم دونالد ترمب ومرشحين جمهوريين آخرين، ليصبح بذلك أكبر متبرع فردي في تلك الدورة الانتخابية، وفق هذه البيانات».

وفي يوليو (تموز) 2025 أعلن ماسك عبر «إكس» تأسيس حزب سياسي جديد يحمل اسم «America Party»، في خطوة رأت فيها تقارير لوكالات كبرى مثل «رويترز» و«أسوشييتد برس» انتقالاً من دور الممول للتيار اليميني إلى «فاعل» يسعى إلى بناء مشروع سياسي مستقل يستند إلى نفوذه على المنصة.

أستاذ الإعلام الجديد والرقمي في الجامعة الكندية بدبي، الدكتور الأخضر شادلي، يرى أن منصة «إكس» شهدت أكبر تحول في تاريخها بعد استحواذ ماسك عليها؛ بسبب «خلفيته المثيرة للجدل وطموحاته السياسية المتنامية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أظهر ماسك مواقف سياسية متزايدة علنية، خصوصاً فيما يتعلق بحرية التعبير، والقيود الحكومية، والانتخابات الأميركية، ودعمه لبعض التيارات، وانتقاده للإعلام التقليدي والمؤسسات الديمقراطية، وهذه الخلفية السياسية أصبحت مهمة لفهم قراراته بعد السيطرة على (إكس)».

وأضاف شادلي: «قبل استحواذ ماسك، كانت سياسات (تويتر سابقاً) مستقرَّة نسبياً، وترتكز على مكافحة خطاب الكراهية والتحريض، والحد من (المعلومات المضللة)، وكانت هناك آليات تَحقُّق صارمة للحسابات ولجان مستقلة لمراجعة المحتوى، كما ركزت الإدارة السابقة على الحفاظ على بيئة رقمية آمنة». لكنه أشار إلى أن «وجود علاقة مباشرة بين طموحات ماسك السياسية وسياساته التحريرية الجديدة أخرج المنصة عن مسارها»، إذ «تَزَامَنَ تبنيه لخطاب حرية التعبير مع تحالفاته السياسية، وظهر انحيازٌ لصالح خطاب اليمين الشعبوي، ما أضعف المعايير المهنية وفتح المجال لحملات التضليل. وأصبحت المنصة بمثابة مساحة نفوذ سياسي عالمي في يد ماسك، وليست مجرد شركة تواصل اجتماعي».

عزوف المعلنين

وأشار الصحافي المتخصص في الإعلام الرقمي بقناة «سي إن إن» العربية، الحسيني موسى، إلى أن تراجع التفاعل على منصة «إكس» انعكس مباشرةً على سياسات المعلنين وعزوف بعضهم نحو منصات أخرى.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الأرقام تشير إلى تراجع واضح في ثقة المعلنين بـ(إكس)». وتحدَّث عن تقرير لشركة الأبحاث العالمية «Kantar»، نُشر في سبتمبر (أيلول) 2024، ذكر أن 4 في المائة فقط من المعلنين يعدّون أن «إكس» توفر بيئة «آمنة للعلامة التجارية» مقابل 39 في المائة لصالح «غوغل» و32 في المائة لـ«يوتيوب». كما يُظهر التقرير نفسه أن «26 في المائة من المُسوِّقين يخططون لخفض إنفاقهم على إعلانات (إكس) خلال 2025، في أكبر تراجع مسجَّل لأي منصة إعلانية كبرى».

وأضاف موسى أن «مجموعة من الشركات الكبرى أعلنت رسمياً وقف إعلاناتها على (إكس)، من بينها: (أبل)، و(ديزني)، و(آي بي إم)، و(باراماونت)، و(وورنر براذرز). وجاءت قرارات الإيقاف؛ نتيجة مخاوف من ظهور محتوى مثير للجدل أو معادٍ للسامية بجوار إعلاناتها، بالإضافة إلى ضبابية سياسات المحتوى تحت إدارة إيلون ماسك».

«ما يجري على إكس انعكاس مباشر لرؤية ماسك الآيديولوجية وطريقة توظيفه المنصة في مشروع نفوذ سياسي أوسع»

وشرح قائلاً: «الميزانيات غادرت (إكس) إلى منصات أكثر استقراراً من حيث سلامة العلامة وفعالية التوزيع؛ مثل منصة (يوتيوب) التي تعدّ اليوم الأكثر جذباً للمعلنين البارزين، و(تيك توك) التي تُعدّ المنصة الأعلى تأثيراً على المستهلكين الشباب، كما أن (أمازون) تستحوذ على ثقة كبيرة لدى العلامات التي تعتمد على التجارة المباشرة، وأخيراً (ميتا)، بمنصتيها (فيسبوك) و(إنستغرام)، ما زالت تحتفظ بجاذبية لدى قطاعات واسعة من المعلنين».

ويرى موسى أن «هناك فرصة لا تزال قائمة أمام (إكس) لاستعادة جزء من المستخدمين والمعلنين»، قائلاً: «العودة ممكنة، لكن المطلوب أولاً إعادة بناء ثقة العلامات التجارية عبر تحسين معايير (الأمان) وضمان استقرار سياسات المحتوى، والشفافية في عرض الإعلانات».

بالعودة إلى الباحث المتخصص في التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي الدكتور فادي عمروش، فإنه يرى أن أهم الخطوات التي تحتاج إليها «إكس» الآن لاستعادة ثقة المستخدمين هي تحقيق توازن حقيقي بين حرية التعبير وضبط المحتوى الضار. وقال إن هذه المعادلة ممكنة إذا جرى «توسيع نظام (ملاحظات المجتمع) مع شفافية أكبر، فلا تكفي مجرد إضافة الملاحظة، بل يجب نشر بيانات دورية تتضمَّن، مثلاً: كم محتوى تم تقييده؟ كم ملاحظة أُضيفت؟ وما أثرها على الانتشار؟ أعتقد أن الشفافية تقلل اتهامات التحيُّز، وتدعم حرية التعبير ضمن قواعد واضحة».

وفي ضوء كل ذلك، يقول محللون مختصون بالإعلام: «إن مستقبل (إكس) سيتحدَّد على الأرجح في المساحة الواقعة بين طموحات ماسك السياسية وحسابات السوق وصبر المُستخدمين والمعلنين على منصة تحاول أن تعرّف نفسها من جديد في عالم يتغير بسرعة».


اتجاه أوروبا لتخفيف القيود الرقمية يُثير تساؤلات بشأن حماية الخصوصية

المفوضية الأوروبية أعلنت أنها بصدد دراسة مقترح «الحزمة الرقمية الشاملة»... (متداولة)
المفوضية الأوروبية أعلنت أنها بصدد دراسة مقترح «الحزمة الرقمية الشاملة»... (متداولة)
TT

اتجاه أوروبا لتخفيف القيود الرقمية يُثير تساؤلات بشأن حماية الخصوصية

المفوضية الأوروبية أعلنت أنها بصدد دراسة مقترح «الحزمة الرقمية الشاملة»... (متداولة)
المفوضية الأوروبية أعلنت أنها بصدد دراسة مقترح «الحزمة الرقمية الشاملة»... (متداولة)

أثار اتجاه المفوضية الأوروبية لتخفيف «القيود الرقمية»، تساؤلات بشأن تأثير ذلك على حماية بيانات المستخدمين. وبينما عدّ خبراء هذا الاتجاه «محاولة لزيادة تنافسية السوق»، أكدوا أنه «تحوّل خطير قد يهدد الخصوصية».

وفي ظل ضغوط من شركات التكنولوجيا الكبرى، أعلنت المفوضية الأوروبية، أخيراً، أنها بصدد دراسة مقترح «الحزمة الرقمية الشاملة»، الذي من شأنه تبسيط بعض لوائح الاتحاد الأوروبي الرقمية. وجاء الإعلان بعد دعوة المستشار الألماني فريدريش ميرتس، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال قمة «السيادة الرقمية الأوروبية» الأسبوع الماضي، إلى «تخفيف صرامة اللوائح الرقمية الأوروبية».

وفي رأي مفوض الاقتصاد في الاتحاد الأوروبي، فالديس دومبروفسكيس، فإن «تبسيط القواعد وخفض الأعباء الإدارية وتقديم قواعد أكثر مرونةً وتناسباً، سيمنح الشركات الأوروبية مساحة أكبر للابتكار والنمو، ويسد فجوة الابتكار».

وعدّت الباحثة الجزائرية في علوم الإعلام والاتصال، ليلى دومة، ما أعلنته المفوضية الأوروبية «نقطة تحوّل مهمة في الاستراتيجية الرقمية للاتحاد الأوروبي». وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «تخفيف بعض الالتزامات المفروضة على شركات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي يرسل رسالة واضحة مفادها إعطاء الأولوية لتعزيز التنافسية والابتكار على حساب التشدد في حماية البيانات الذي يميز النموذج الأوروبي منذ سنوات».

وبشأن تأثير ذلك على «الخصوصية»، أشارت ليلى دومة إلى أن «التأثير لن يكون فورياً، لكنه مقلق على المدى المتوسط والبعيد». وقالت إن «الإعفاءات المؤقتة وتأجيل الالتزام الكامل بالقواعد الصارمة يعني ببساطة وجود مناطق أقل رقابة ومفتوحة، حيث يمكن للشركات جمع أو معالجة بيانات شخصية بطريقة أقل تقييداً، مما قد يؤدي تدريجياً إلى إضعاف أحد أهم إنجازات أوروبا خلال العقد الماضي، وهو تمكين المواطن من السيطرة على بياناته».

وأضافت أن «أي تفكيك تدريجي لقواعد (اللائحة العامة لحماية البيانات)، سيقلل من قوتها وتأثيرها، ويخلق ثغرات قد تستغلها الشركات الكبرى بسهولة»، مشيرةً إلى أن «أوروبا تحاول تحقيق توازن صعب بين تسريع الابتكار وحماية الحقوق الرقمية».

وتُلزم «اللائحة العامة لحماية البيانات» مشغلي المتاجر الإلكترونية، أو المنصات الرقمية، بالحصول على موافقة المستخدمين قبل معالجة بياناتهم الشخصية، مما يؤدي إلى ظهور إشعارات الموافقة على ملفات الارتباط، لكنَّ المقترح الجديد من شأنه أن يؤدي إلى ظهور إشعارات الموافقة على ملفات الارتباط بشكل أقل.

الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، محمد فتحي، قال إن «الاتحاد الأوروبي يشهد تحولاً استراتيجياً عبر مقترح الحزمة الرقمية الشاملة (Digital Omnibus)، الذي تبرره المفوضية الأوروبية بالرغبة في تبسيط القوانين ودعم الشركات الأوروبية للمنافسة عالمياً».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «المقترح قد يمثل تفكيكاً لمسألة الحماية وتراجعاً عن معايير الخصوصية الصارمة، وذلك لعدة مخاطر؛ أهمها استغلال البيانات للذكاء الاصطناعي حيث يسمح التعديل للشركات باستخدام البيانات الشخصية لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي استناداً إلى مبدأ (المصلحة المشروعة) بدلاً من (الموافقة الصريحة) مما يخدم شركات التكنولوجيا الكبرى ويُضعف سيطرة المستخدم».

وأشار إلى «إضعاف الخصوصية الإلكترونية عبر دمج قواعد الخصوصية، مما يُسهِّل الوصول إلى بيانات أجهزة المستخدمين تحت غطاء تقليل إشعارات الكوكيز دون إذن واضح». وقال إن «المقترح يعكس تغيراً في الأولويات من حماية (المواطن الرقمي) إلى التركيز على التنافسية الاقتصادية، حيث يهدد إقرار هذا القانون بالتضحية بخصوصية المستخدمين كضريبة لدعم الابتكار التجاري».

وتسببت محاولات تنظيم عمل منصات التواصل الاجتماعي في أزمة متصاعدة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية، وفرضت المفوّضية الأوروبية غرامة مقدارها 500 مليون يورو على شركة «أبل» على خلفية «بنود تعسّفية في متجر التطبيقات الخاص بها، على حساب مقدّمي التطبيقات وعملائهم». كما غرمت «ميتا» مبلغ 200 مليون يورور. وهي غرامات عدّها البيت الأبيض في وقت سابق «ابتزازاً اقتصادياً».


الشارقة تكشف عن حزمة مشروعات إعلامية كبرى تعزّز تنافسية القطاع

مبنى هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون (الشرق الأوسط)
مبنى هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون (الشرق الأوسط)
TT

الشارقة تكشف عن حزمة مشروعات إعلامية كبرى تعزّز تنافسية القطاع

مبنى هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون (الشرق الأوسط)
مبنى هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون (الشرق الأوسط)

أُعلن في مدينة الشارقة إطلاق حزمة مشروعات إعلامية كبرى في «مدينة الشارقة للإعلام (شمس)»، التي وُصفت بأنها أكبر تجمع إعلامي حكومي موحّد في الإمارات والمنطقة، وتُشكِّل نقلةً نوعيةً في تطوير البنية التحتية للقطاع الإعلامي، وترسيخ نموذج متقدم لتكامل الجهات الحكومية العاملة تحت مظلة مجلس الشارقة للإعلام.

وتأتي هذه المشروعات التي أطلقها الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة ضمن مساعي تعزيز القطاع في الإمارة الخليجية.

وأكد الشيخ سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي نائب حاكم الشارقة رئيس مجلس «الشارقة للإعلام» أن اعتماد حزمة مشروعات «شمس» يجسِّد رؤية الإمارة في بناء قطاع إعلامي متقدم يقوم على الابتكار والشراكات الدولية والتقنيات المعاصرة، مشيراً إلى أن إطلاق «استوديوهات شمس» سيعزز قدرة الشارقة على استقطاب أبرز شركات الإنتاج وصنّاع المحتوى، كما سيوفر منصة احترافية للكفاءات الوطنية لتطوير مهاراتها وتوسيع حضورها في صناعة الإعلام.

وشدَّد على أن الاستثمار في الإعلام هو استثمار في الإنسان والهوية، موضحاً أن الشارقة ماضية بثقة نحو تعزيز حضورها الثقافي والمعرفي عالمياً عبر إعلام مهني مسؤول، وشراكات استراتيجية، ومنظومة متطورة تدعم استدامة النمو في هذا القطاع الحيوي.

وسيضم المشروع أكبر تجمع إعلامي حكومي موحّد في الدولة والمنطقة، حيث يجمع تحت سقف واحد الجهات الإعلامية التابعة لحكومة الشارقة، وهي مجلس الشارقة للإعلام، والمكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، وهيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون، إلى جانب مدينة الشارقة للإعلام (شمس)، التي ستكون المقر الجديد لهذا التجمع.

«استوديوهات شمس» في الشارقة (الشرق الأوسط)

وبحسب المعلومات الصادرة فإن مشروع «استوديوهات شمس» جاء ليؤسِّس لبيئة إنتاجية متطورة، من خلال مجمّع يضم 5 استوديوهات كبرى بمساحات تتراوح بين 1500 و3400 متر مربع، تستجيب لاحتياجات صناع الأفلام والمسلسلات والبرامج التلفزيونية والمحتوى الرقمي، إضافة إلى مرافق متخصصة لما بعد الإنتاج تشمل وحدات المونتاج والمؤثرات البصرية والتصميم الصوتي، بما يتيح تنفيذ أعمال تلفزيونية وسينمائية وفق معايير عالمية.

كما تتضمَّن المشروعات تطوير مجمّع أعمال إعلامي حكومي متكامل يجمع ضمن بيئة عمل تفاعلية مجلس الشارقة للإعلام، والمكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، والشركات الإعلامية العاملة في «شمس»، بما يسهم في تسهيل عمليات الإنتاج والبث، وتعزيز كفاءة التواصل الحكومي، ودعم الابتكار في صناعة المحتوى.

وسيضم المجمّع 4 مبانٍ متخصصة، يتألف كل منها من طابق أرضي و4 طوابق، تشمل مبنى لمجلس الشارقة للإعلام، ومبنى للمكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، ومبنيين مخصَّصين للجهات الإعلامية والشركات العاملة ضمن «شمس».

ويشمل التطوير أيضاً إنشاء مبنى جديد لهيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون ببنية تقنية حديثة تعزز جاهزيتها لمواكبة التطورات في تقنيات البث والإنتاج، وترفع قدرتها على تقديم محتوى متنوع وذي جودة عالية يعكس هوية الإمارة ورسالتها. وتشمل المرحلة الأولى المبنى الإداري، ومبنى الأخبار، ومبنى قناة الشارقة الرياضية.

وفي إطار دعم المشهد الثقافي والإبداعي، تتضمَّن المشروعات إنشاء «واحة شمس للإبداع»، وهو مركز متطور للفعاليات الفنية والتعليمية يضم مسرحاً حديثاً يتسع لنحو 700 شخص، إلى جانب مرافق مخصصة لاستضافة الفعاليات المجتمعية والعروض الفنية والبرامج التدريبية، بما يسهم في تنمية المواهب الشابة وتوفير منصة ملهمة للإبداع في الإمارة.