على جبهات القتال في الرقة... مقاتلون يشتاقون لحبيباتهم

3 مقاتلين من أبناء المدينة اختاروا تحرير المدينة أولاً

TT

على جبهات القتال في الرقة... مقاتلون يشتاقون لحبيباتهم

داخل منزل في مدينة الرقة السورية، يصدح صوت المقاتل الشاب نمر بأغنية حزينة بعدما لوعه الاشتياق والحنين لحبيبته، غير آبه بدوي القصف على جبهات القتال القريبة ضد تنظيم داعش.
ينفث نمر، المقاتل في صفوف «قوات سوريا الديمقراطية»، دخان سيجارته ويقول: «أحب أن أستمع إلى الأغاني وأغني لحبيبتي». يتحدر نمر من مدينة الرقة السورية حيث عاش لفترة تحت حكم «داعش»، قبل أن يفر منها وينضم إلى صفوف «قوات سوريا الديمقراطية» المؤلفة من فصائل كردية وعربية تدعمها واشنطن، ليشارك في معركة تحرير مدينته.
ويضيف الشاب بلباسه العسكري ولحيته الخفيفة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لم يكن بإمكاني أن أحفظ صوراً أو أغاني على هاتفي الجوال لأنهم (داعش) كانوا يدققون في الهواتف. ولو أوقفوني كنت سأعتقل وسأرجم وسأتهم بالزنا». ويتابع: «كنت أفعل المستحيل كي أراها» قبل أن تنزح من المدينة إلى منطقة في ريفها.
وتخوض «قوات سوريا الديمقراطية» بدعم من واشنطن منذ 6 يونيو (حزيران) الماضي معارك داخل مدينة الرقة، معقل التنظيم في سوريا. وباتت تسيطر على أكثر من 60 في المائة منها.
ويقول نمر: «كلما تقدمنا في الجبهة تعود إليّ الذكريات... في كل شارع لنا ذكرى. كنت أخاطر بحياتي لكي أرى حبيبتي، الحب أحلى شيء في الحياة».
فقد نمر والديه وشقيقه في المعارك الدائرة في المدينة، ولم يبق من عائلته إلا شقيقتين اثنتين انتقلتا إلى ريف المدينة.
وفي كل إجازة له من الخدمة، يسارع نمر إلى زيارة شقيقته التي تعيش في المنطقة ذاتها مع حبيبته التي لم يرها منذ شهر ونصف شهر.
وفي إحدى الزيارات، على حد قوله، «أهدتني ساعة، ولكن لا أحضرها معي إلى الرقة لكي لا تنكسر، فهذه ذكرى منها».
يحلم نمر بالمستقبل مع حبيبته في بيت يجمعهما معا. ويقول: «إن شاء الله نتقدم ونحرر الأرض، سأرى حبيبتي التي حرمت منها في زمن (داعش)، أريد أن أتزوجها وأؤسس حياتي معها ويصبح لدينا أطفال». ويضيف: «سأروي لها كل ما حصل معي في معركة الرقة».
في مدينة الرقة الغارقة في دمار المعارك، ترتفع أعمدة الدخان الناتجة عن قصف قريب. وتدوي بين الحين والآخر أصوات انفجارات ناتجة عن قصف جوي للتحالف الدولي بقيادة واشنطن أو قذائف مدفعية تستهدف مواقع المتشددين داخل المدينة.
يستهدف القصف الجوي أطراف حي الدرعية في غرب الرقة الذي تسيطر «قوات سوريا الديمقراطية» على أجزاء منه.
في غرفة، يستريح المقاتلون على فرش ملونة وإلى جانبهم أسلحتهم. يدخنون سجائرهم بعد عودتهم من جبهة القتال الرئيسية في الحي.
يضع ياسر أحمد الحسن (20 عاما) سلسلة ذهبية حول عنقه أهدته إياها حبيبته ويقلب صورها في هاتفه الجوال.
يبتعد عن رفاقه قليلاً ليروي على سجيته قصة حب يعيشها منذ عامين. ويقول الشاب الذي يتحدر أيضا من مدينة الرقة وعانى من ظلم التنظيم المتشدد: «في زمن (داعش)، كنا نعيش في سجن. لم أكن أرى حبيبتي. كنا نتحدث فقط عبر الهاتف الأرضي» فالهواتف الجوالة كانت ممنوعة والإنترنت يقتصر على بعض المقاهي المراقبة».
يحمر وجه ياسر خجلاً، ويضيف: «تحاول حبيبتي منعي من المجيء إلى الجبهة، لكنني أقول لها دائماً إنني أحب أن أحرر بلدي من (داعش) لنعيش حياتنا بأمان». كل ما يريده ياسر اليوم هو أن «تنتهي الحرب وأستقر مع حبيبتي». ويقول: «فقدنا الكثير خلال الحرب. لا نريد أن نفقد الحب أيضا».
يختلف حال المقاتل أبو شلاش عن زميليه في القتال بعدما كسر قلبه وافترق عن حبيبته التي أجبرتها عائلتها على الزواج من ابن عمها، وتعيش حالياً في مدينة عين عيسى في ريف الرقة الشمالي.
ويقول أبو شلاش: «كنت أغار عليها (...) وحين زوجوها لابن عمها جننت تماماً، وانضممت للقتال لكي أنسى الوجع».
ويضيف: «تركت المدينة بعدما تزوجتْ الحبيبة، كرهت حياتي. أمر دائماً قرب بيتها (في الرقة) وتعود إلي ذكرياتنا معا».
يشرد أبو شلاش أثناء الحديث، يلعب ببندقيته وعلامات الحزن بادية على وجهه.
ويتذكر: «احتفلنا بعيد العشاق سراً آخر مرة. أهديتها (دبدوب) أحمر اللون وأحضرت قالب حلوى كتبت عليه الحرفين الأولين من اسمينا. كانت لقاءاتنا تقتصر على الليل لكي لا يرانا الدواعش».
ورغم تجربته الحزينة، فإن أبو شلاش لم يفقد أمله في الحب.
يقول: «الحب في زمن (داعش) صعب جداً. أتمنى أن تنتهي معركة الرقة ونعيش الحب بحرية ونرى أحباءنا، وتصبح الرقة مدينة لكل العشاق الذين حرمهم (داعش) من الحب».



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.