إيران «أيقونة» مشاكل الشرق الأوسط وحاضنة قادة الإرهاب

قتلت الشعب السوري وتهدد الحكومة اللبنانية وتدمر اليمن

شاركت القوات الخاصة الإيرانية بشكل مباشر في حرب سوريا.
شاركت القوات الخاصة الإيرانية بشكل مباشر في حرب سوريا.
TT

إيران «أيقونة» مشاكل الشرق الأوسط وحاضنة قادة الإرهاب

شاركت القوات الخاصة الإيرانية بشكل مباشر في حرب سوريا.
شاركت القوات الخاصة الإيرانية بشكل مباشر في حرب سوريا.

«نريد منها أن تكون دولة لا ثورة، وأن تكف عن دعم الإرهابيين والميلشيات المسلحة، وألا تهاجم السفارات، وألا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية»، هذه العبارة التي وردت على لسان وزير خارجية الرياض عادل الجبير، يبدو أن الساسة في طهران لم يعوها جيدا وهم يطلقون تصريحاتهم التي يتوددون بها برغبتهم في إقامة علاقات طبيعية مع السعودية - بعد لجوء الأخيرة إلى قطعها منذ يناير (كانون الثاني) 2016 -، والتي كان آخرها ما جاء على لسان وزير خارجيتها محمد جواد ظريف قبل نحو 3 أيام.
وعلى الرغم من مرور 20 شهرا على قطع السعودية علاقتها مع إيران؛ الأمر الذي انعكس على علاقات الأخيرة بمحيطها العربي، فإن السلوك الإيراني السلبي في المنطقة والمهدد لدول الإقليم لم يطرأ عليه أي تغيير، بل ازدادت حدته في كثير من الأوقات، وتحديدا لناحية استمرارها في تهريب الصواريخ والأسلحة إلى المتمردين الحوثيين في اليمن؛ ما مكنهم من شن هجمات صاروخية متعددة لم تستثنِ أعظم مكان لدى المسلمين (مكة المكرمة).
أما عن دعم إيران للأنظمة الشمولية والميلشيات المسلحة الإرهابية في الكثير من الدول، فهي قصة أخرى لا تقل فظاظة عن منحنيات سلوكها الإجرامي المزعزع لأمن المنطقة، ولعل شاهده الأكبر ما تشهده الأرض السورية منذ انطلاقة الثورة وحتى اليوم.
ويحكي غسان إبراهيم، مدير الشبكة العربية العالمية للدراسات والأبحاث والأخبار (مقرها لندن)، عن الدور السلبي المتنامي لإيران داخل سوريا منذ عهد الرئيس الأسبق حافظ الأسد، وصولا إلى فترة حكم نجله بشار.
يقول إبراهيم لـ«الشرق الأوسط»: «الدور التخريبي لإيران في سوريا لا يمكن أن تخطئه العين، فطهران لديها علاقات قديمة مع عائلة الأسد منذ أيام الرئيس الراحل حافظ، حيث حاولت أن تلعب أدوارا عدة، وأن تتغول داخل المجتمع السوري عبر إقامة مقامات دينية مزيفة سعت من خلالها إلى استغلال الفقراء والمساكين بغرض جذبهم لها، كما حاولت الهيمنة على الاقتصاد السوري من خلال تصدير منتجاتها السيئة، فضلا عن بنائها علاقات فاسدة مع المسؤولين السوريين».
وفي الوقت الذي كان الدور الإيراني داخل سوريا في عهد الرئيس الأسبق حافظ الأسد منضبطا بعض الشيء؛ نتيجة أن الأسد الأب كان يوازن تلك العلاقة –والحديث لإبراهيم -، إلا أنه مع وصول ابنه بشار إلى سدة الحكم بات التغول الإيراني داخل الأراضي السورية «مخيفا»، من الناحية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
ويستدل الباحث السوري المعارض على ذلك، بأن أول من تحرك لمواجهة الشعب السوري منذ اندلاع أحداث الثورة هم الإيرانيون أنفسهم بمساندة من «حزب الله» والحشد الشعبي والحوثيون وفقراء أفغانستان الذين تم تجنيدهم وإغراؤهم بالمال.
مدير الشبكة العربية العالمية للدراسات والأبحاث والأخبار، لا يبرئ إيران من صناعة تنظيم داعش بدعم كبير من نوري المالكي إبان توليه رئاسة الحكومة في العراق، وغيرها من التنظيمات السنية ذات الوجه المتشدد، أمثال جماعة الإخوان المسلمين وتنظيم القاعدة، والذين تلقيا دعما منقطع النظير من نظام طهران الذي كان يستضيف ويؤوي قيادات رفيعة من تنظيم القاعدة الأم على أراضيه في أعقاب الغزو الأميركي لأفغانستان.
وفي المحصلة، فإن السياسة الإيرانية التي وصفها المعارض السوري بـ«الشيطانية» تمتد في كل مكان من أفغانستان إلى لبنان، مرورا بالعراق وسوريا واليمن والبحرين والكويت، حيث سعى الإيرانيون إلى اللعب بورقة الطائفية كثيرا لضرب مجتمعات المنطقة العربية المتنوعة بطبيعتها.
ويتحدث غسان إبراهيم عن تاريخ إيران الطويل في دعم ميليشيات التطرف والتشدد، والتي قال إن أحدها وأهمها هي ميليشيا الحوثيين التي تعبث بأمن اليمن منذ سبتمبر (أيلول) 2014. يقول إبراهيم «الحوثيون الآن يمتلكون من المال والسلاح ما يجعلهم متفوقين جدا على حليفهم الانقلابي علي عبد الله صالح، وكل ذلك بفضل الدعم الإيراني المقدم لهم».
وحيال الكيفية الممكن أن تتم بها مواجهة النشاطات السلبية لإيران، بدا الباحث السوري المعارض مؤيدا لمسألة إشراك المجتمع الدولي في صد تلك الأنشطة، لكنه يرى أنه من الضروري أن يتم تشكيل رأي عالمي شعبي ضاغط من الشعوب الغربية على حكوماتهم، وهو ما لا يمكن أن يتأتى إلا بوجود جماعات ضغط عربية ومراكز بحثية تستطيع من خلال علاقاتها إيضاح وإظهار الصورة الحقيقية لسوء النظام الإيراني.
من جهته، يرى الدكتور زهير الحارثي، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشورى السعودي والمحلل السياسي المعروف، أن المعضلة الإيرانية «أعادت وضع الخيارات الأمنية والعسكرية في سلم الأولويات على حساب الاستحقاقات الداخلية». معتبرا أنه من الطبيعي أن تثار حفيظة الخليجيين إزاء ما تقوم به إيران من أساليب واختراقات قد تجر المنطقة إلى «خيارات مؤلمة»، على حد تعبيره.
وبحسب قراءة الحارثي للسلوك الإيراني، فإنه يعتقد بأن «ثمة فارقا ما بين علاقة طهران بدول عربية وبين علاقتها بأشخاص لهم أدوار مؤثرة في دول عربية، أمثال نوري المالكي، وحسن نصر الله، ونبيه بري، وحسن المشيمع، وسعيد الشهابي وعبد الملك الحوثي، وغيرهم»؛ إذ يوضح أن هؤلاء مؤثرون في مواقعهم وينفذون الأجندة الإيرانية وبامتياز، وبالتالي لا يمكن أن يوصف ارتباطهم بإيران بأنه «عقدي آيديولوجي» فحسب، بل تدخل فيه المصلحة باختلاف تجلياتها، وهي التي تلعب دوراً فاصلاً هنا بغض النظر عن العوامل الأخرى.
ويشكل وجود خلايا وعملاء مؤيدين للسياسة الإيرانية في الكثير من الدول العربية، تأكيدا لفلسفة سياستها الخارجية التي تستند إلى مفهوم التدخل في شؤون الدول الأخرى عبر حركات وأحزاب وعناصر، بحسب الحارثي؛ وذلك بهدف إثارة الفوضى والقلاقل في دول المنطقة من أجل المراهنة على دور أكبر لها في المنطقة.
وعلى الرغم من سعي الساسة في إيران إلى اللعب على الورقة الطائفية، فإنهم لم ينجحوا كثيرا في هذا الأمر. يدلل الحارثي على ذلك بوجود شيعة في منطقة الخليج لا يتفقون مع السياسة الإيرانية، بل يرفضونها، مقابل النقيض من ذلك، حيث علاقة طهران بتنظيم القاعدة ودعمها له واحتضانها عناصر من القاعدة مطلوبين أمنيا لدى السعودية؛ وهو ما دفعه للاعتقاد بأن المسألة في ذلك ليست طائفية بحتة بقدر ما تحكمها المصالح.
وطبقا لقراءة الحارثي للمشهد، فإنه يرى أن مثلث (إيران، سوريا، «حزب الله»)، متورط بشكل أساسي بالمشروع التدميري للمنطقة العربية، قائلا: «من يتابع أسباب الأزمات والصراعات والكوارث في المنطقة يجد أن خيوطها عادة ما تنطلق من الضاحية وطهران ودمشق؛ ما يؤكد علاقة الأطراف الثلاثة وارتباطها وتورطها بالمشروع التدميري للمنطقة»، لافتا إلى أن مشروعية «حزب الله» (الابن الشرعي للثورة الإيرانية) قد سقطت منذ أن أدار وجهة سلاحه إلى جانب الأسد أخيرا، وإلى صدور اللبنانيين عندما احتل بيروت.
وعن ما إذا كان يتوقع بأنه يمكن للإيرانيين إعادة علاقاتهم بجيرانهم من عدم ذلك في ظل الشواهد الكثيرة التي تثبت تدخلاتهم ودعمهم للخارجين عن القانون والميليشيات المسلحة وغيرها، يعتقد الحارثي أنه يمكن لطهران أن تلعب دورا إيجابيا وتفتح باب الحوار «متى ما تخلصت من عقلية الدوغما الثورية، وحجّمت طموحاتها الإقليمية، وأوقفت تدخلاتها في شؤون دول الجوار، وأخرجت قواتها من سوريا والعراق واليمن، واحترمت المواثيق الدولية»، مستدركا بالقول: «لكن إذا أمعنت في سياساتها، فإن العالم الإسلامي معني اليوم بالتصدي للمشروع الإيراني بكل وضوح، ولا بد من إيجاد آليات محددة للتعاطي مع أبعاد هذا المشروع الخطير الذي يهدف إلى تفتيت الأمة وتدمير العلاقات وخلق الفتنة الطائفية، ناهيك عن ممارساتها المنافية لمبادئ القانون الدولي والمواثيق الدولية».


مقالات ذات صلة

اعتقال لاجئ عراقي في ألمانيا خطط لهجوم إرهابي على سوق مكتظة

أوروبا الشرطة الألمانية تتجول في سوق عيد الميلاد في ساحة بوسط في برلين (متداولة)

اعتقال لاجئ عراقي في ألمانيا خطط لهجوم إرهابي على سوق مكتظة

ألقت الشرطة الألمانية القبض على لاجئ عراقي في أوغسبورغ بتهمة التخطيط والتحضير لهجوم إرهابي على سوق عيد الميلاد بالمدينة.

أوروبا طلاب الطب الأفغان يحضرون امتحاناتهم النهائية في كلية طب بختر في كابل، أفغانستان، 05 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

فرنسا تندد بمنع «طالبان» الأفغانيات من الالتحاق بالمعاهد الطبية

دانت فرنسا قراراً نُسب إلى حكومة «طالبان» يمنع التحاق النساء الأفغانيات بمعاهد التمريض، واصفةً هذه الخطوة بأنها «غير مبررة».

«الشرق الأوسط» (باريس - كابل)
أوروبا طعن بوريا زيراتي وهو مقدم برنامج في قناة «إيران إنترناشيونال» ومقرها لندن في ساقه في 29 مارس (منصة إكس)

اتهام رومانيين اثنين بطعن صحافي إيراني في لندن

أفاد ممثلو الادعاء بأنه جرى القبض على رجلين رومانيين في بلادهما واتهماهما فيما يبدو على خلفية طعن صحافي إيراني خارج منزله في لندن.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا ضباط شرطة خارج السفارة الإسرائيلية في استوكهولم 31 يناير 2024 (أ.ف.ب)

إدانة 3 أشخاص بوضع متفجرات أمام مقر شركة إسرائيلية في السويد

أصدرت محكمة سويدية، الخميس، حكماً بسجن ثلاثة أشخاص بعد إدانتهم بتهمة وضع متفجرات قرب مقر شركة تكنولوجيا عسكرية إسرائيلية في غوتنبرغ في يونيو.

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
المشرق العربي عنصر من «هيئة تحرير الشام» عند نقطة تفتيش في الراشدين بمحافظة حلب 29 نوفمبر (رويترز)

تركيا: نتعاون مع دول المنطقة منذ بدء «عملية حلب» لوحدة سوريا

قالت وزارة الدفاع التركية، إن أنقرة تنسّق بشكل وثيق مع دول المنطقة منذ تجدد الصراع في شمال سوريا الأسبوع الماضي، الذي نتج من عوامل داخلية ومشاكل لم تحسم.

سعيد عبد الرازق

إسرائيل تستعد لتغيير «دراماتيكي»

جنود إسرائيليون بجوار دبابتين في مرتفعات الجولان المحتلة بالقرب من الحدود مع سوريا يوم السبت أمام لافتة كتب عليها «ممنوع الدخول. منطقة عسكرية مغلقة» (رويترز)
جنود إسرائيليون بجوار دبابتين في مرتفعات الجولان المحتلة بالقرب من الحدود مع سوريا يوم السبت أمام لافتة كتب عليها «ممنوع الدخول. منطقة عسكرية مغلقة» (رويترز)
TT

إسرائيل تستعد لتغيير «دراماتيكي»

جنود إسرائيليون بجوار دبابتين في مرتفعات الجولان المحتلة بالقرب من الحدود مع سوريا يوم السبت أمام لافتة كتب عليها «ممنوع الدخول. منطقة عسكرية مغلقة» (رويترز)
جنود إسرائيليون بجوار دبابتين في مرتفعات الجولان المحتلة بالقرب من الحدود مع سوريا يوم السبت أمام لافتة كتب عليها «ممنوع الدخول. منطقة عسكرية مغلقة» (رويترز)

عززت إسرائيل قواتها في مرتفعات الجولان، بعد وصول قوات الفصائل السورية المسلحة إلى منطقة قريبة منها. وقال ناطق باسم الجيش الإسرائيلي إنه بعد تقييم الوضع، تقرر تعزيز قوات إضافية «للمهام الدفاعية» في الجولان.

وقال مصدر إسرائيلي مطلع لتلفزيون «كان» العبري، إن الدولة العبرية تراقب التطورات من كثب، والتي قد تؤدي إلى تغيير دراماتيكي في الشرق الأوسط. وأكد أن إسرائيل لن تسمح لقوات المعارضة بالاستيلاء على أسلحة استراتيجية تابعة للنظام، مضيفاً أن «إسرائيل لن تسمح أيضاً لـ(حزب الله) بنقل وسائل قتالية إلى سوريا، وأنها ستستمر في تفجير المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان عند الضرورة».