مهمة أجهزة مكافحة الإرهاب تزداد تعقيداً مع اختلاف سمات منفذي الاعتداءات

تقرير مبني على دراسة آخر 3 عقود من التطرف

TT

مهمة أجهزة مكافحة الإرهاب تزداد تعقيداً مع اختلاف سمات منفذي الاعتداءات

أكد تقرير أمني نشر أمس مدى تعقيد مهمة أجهزة مكافحة الإرهاب في درء الاعتداءات، وبالتالي التدخل قبل حدوثها.
وتحت عنوان «لا يوجد نمط محدد»، يناقش الكندي فيل غورسكي رئيس شركة «بورياليس» الاستشارية اختلاف السمات الشخصية، وطرق عمل منفذي الاعتداءات الإرهابية بصورة كبيرة، ويستنتج أن محاولة رسم صورة نموذجية أو نمطية لهم أو لهجماتهم، يعقد أو حتى يربك جهود محاربتهم.
التقرير مبني على دراسة ظاهرة التطرف على امتداد ثلاثين سنة، لحساب أجهزة الاستخبارات الكندية واعتداء لارامبلا الأخير في برشلونة.
وعن سمات المتطرفين يقول: «سواء اعتنقوا التطرف منذ فترة طويلة أم لا، دخلوا السجن أم لا، عادوا من جبهات القتال في سوريا والعراق أو لم يعرفوها، يمكن لهؤلاء أن يقتلوا أو يحاولوا تنفيذ اعتداء دموي بسكين منزل، أو بسيارة وشاحنة، وسلاح ناري وقنبلة صنعوها بأنفسهم، أو متفجرات عسكرية. إنهم غالباً أبناء عائلات ممزقة وفقيرة، ولكن بعضهم نشأ كذلك في عائلات مُحبة تنتمي إلى الطبقة الوسطى وحتى ميسورة».
ويضيف: «اعتقدنا في البدء أن استخدام شاحنة (لدهس المارة وقتل 16 شخصا) كان الخطة الأساسية، ثم علمنا أن الخطة الحقيقية قامت على تفجير قنابل تحتوي على بيروكسيد الأسيتون. ثم حلت شبكة موزعة في عدة مدن محل سائق ينبغي أن يتصرف بمفرده»، وفق ما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية، أمس.
ويلاحظ أن الشباب الذين اعتنقوا التطرف كانوا مندمجين جيدا في مجتمعهم على مختلف الصعد، ولا شيء في شخصيتهم أو مواقفهم يمكن أن يدعو للاعتقاد بأن لديهم نوايا إجرامية.
ويضيف: «عندما يحدث الاعتداء الجديد الخطير (لاحظوا أنني لم أكتب «إذا حدث») سنلاحظ هنا أيضا أن الإرهابيين مختلفون، ويأتون من بيئات مختلفة تماما. وهذا يعزز ما قلناه: ليس هناك بتاتا، ولن يكون هناك نمط محدد».
للتأكيد على مخرجات التقرير، تجدر العودة إلى تعليق مارك راولي الخبير البريطاني في مكافحة الإرهاب في مجلس قادة الشرطة الوطنية في مارس (آذار)، على 13 محاولة اعتداء أحبطت في بريطانيا خلال السنوات الأربع الأخيرة، عندما قال: «لدينا من مختلف الأنواع، من الأبسط إلى الأكثر تعقيدا». وأضاف حينها: «بعضهم كان أكثر دقة وتطورا في التحضير، فخطط لضرب أماكن عامة ومراكز للشرطة أو الجيش، مثل تلك التي شهدناها في بلجيكا وفرنسا وغيرها».
إن تهديدا بمثل هذا التنوع يمكن كذلك أن يتم من قبل شخص يعاني مرضا ذهنيا، ينتقل إلى التنفيذ بدفع من تعدد الاعتداءات وتسليط الإعلام الضوء عليها، يعد كابوسا بالنسبة لأجهزة مكافحة الإرهاب التي عليها منع وقوع هذه الاعتداءات.
يقول آلان شويه، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الخارجية الفرنسي، إنه «من غير الممكن في بلد به ستين مليون نسمة وقف مجنون سيحمل السكين ويبدأ بطعن الناس». ويتساءل: «كيف نفعل ذلك إذا كان هذا الشخص بمفرده وليس جزءا من شبكة؟ هنا ندفع غاليا ثمن التخلي عن شرطة الأحياء. أتذكر الشرطيين الذين كانوا يعرفون الفتية بأسمائهم ويشهدون التغير الحاصل... لم يمنعوا حدوث كل شيء، ولكن مع هذا، كان لدينا شيء ما».
ويضيف شويه إن أجهزة مكافحة الإرهاب لديها أكثر من عشرة آلاف شخص ينبغي عليها متابعتهم، ولديهم سمات مختلفة تماما بدءا من المتطرفين المزمنين، وبعضهم خرج من السجن منذ سنوات عدة، و«العائدين» من سوريا والعراق الذين لا يمكن زجهم في السجن إلى ما لا نهاية، ومن تحولوا إلى التطرف عبر الإنترنت، في غياب أي هيكلية منظمة.
ويوضح: «لدينا هنا مشكلة حقيقية تتمثل في تأمين العدد الكافي من الموظفين (...) فنحن نحتاج إلى 12 شرطياً لمراقبة كل شخص على مدار الساعة، وهذا يعني أننا بحاجة إلى 120 ألف شرطي متفرغين لهذا العمل... نحن بعيدون جداً عن ذلك».
لتفادي الوقوع في فخ التعميم، يقول فيل غورسكي، المشرف العام على التقرير المنشور أمس، إنه ينبغي البدء بتحديد «الفرادة المطلقة لكل عمل إرهابي. فالبحث عن النقاط المشتركة المفترضة هو عمل غير ملائم، بقدر ما هو غير مجد في التكهن بالأعمال العنيفة المتطرفة. نحن مرغمون على التعامل مع كل حدث بصفته حادثا فريدا، ودراسة المعلومات المتعلقة به فقط، وتفادي الرغبة الشديدة في أن نستنبط منه أنماط اعتداءات أخرى».


مقالات ذات صلة

آسيا مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مرة أخرى وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام».

«الشرق الأوسط» (باراشينار (باكستان))
المشرق العربي إردوغان وإلى جانبه وزير الخارجية هاكان فيدان خلال المباحثات مع بيلنكن مساء الخميس (الرئاسة التركية)

إردوغان أبلغ بلينكن باستمرار العمليات ضد «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا أنها ستتخذ إجراءات وقائية لحماية أمنها القومي ولن تسمح بالإضرار بعمليات التحالف الدولي ضد «داعش» في سوريا. وأعلنت تعيين قائم بالأعمال مؤقت في دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

قال رئيس هيئة أركان وزارة الدفاع النيجيرية الجنرال كريستوفر موسى، في مؤتمر عسكري، الخميس، إن نحو 130 ألف عضو من جماعة «بوكو حرام» الإرهابية ألقوا أسلحتهم.

«الشرق الأوسط» (لاغوس)
المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.