3.9 مليار دولار قيمة الصفقات العقارية السعودية في أغسطس بانخفاض تجاوز 40 %

سجل القطاع العقاري السعودي خلال شهر أغسطس (آب) الحالي انخفاضاً في إجمالي قيمة الصفقات المبرمة بنسبة تجاوزت 40 في المائة لتبلغ 3.9 مليار دولار، مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي التي تجاوزت 6.5 مليار دولار، ويتضح من خلال المؤشرات العقارية انخفاض كل الأنشطة بلا استثناء مع الاختلاف في نسبها، إلا أن ذلك الانخفاض يأتي امتداداً لما يحدث في السوق خلال السنوات الثلاث الأخيرة، التي بدأت فيها حركة السوق تسير بشكل عكسي لتحقق انخفاضات متتالية في الأداء، إلا أن هناك كثيراً من الأمور التي تبلورت وتشكل ضغوطات مستمرة على حركة القطاع من المشترين والمستهلكين في العرض والطلب.
وشمل الانخفاض للصفقات كلاً من القطاعين السكني والتجاري على حد سواء رغم تفوق التجاري، إذ انخفض القطاع السكني بنسبة 34.3 في المائة ليصل إلى 2.6 مليار دولار، فيما انخفض القطاع التجاري بنسبة 49.7 في المائة ليستقر عند قيمة 1.2 مليار دولار، ورغم تعدد أسباب الانخفاض في القيمة والطلب، فإن الرسوم تظل الأكثر تأثيراً بحسب تسلسل نسبة الانخفاض منذ اعتمادها من مجلس الوزراء، مدعوماً بالعزوف الكبير نظراً للفجوة الكبيرة بين أسعار البائعين وقدرة المشترين ومدفوعاً بالنزول في الطلب، وخصوصاً التجاري منه يعتبر مؤثراً جداً في مسيرة العقار المحلي الذي طالما عانى من الارتفاعات في قيمته.
وجاءت المعلومات وفقاً لراشد التميمي المدير العام لشركة مستقبل الإعمار العقارية القابضة، الذي أكد أن هناك تأثيراً كبيراً ومباشراً على الميزان بسبب تضاؤل حركة العقار التجاري الذي ظل ثابتاً رغم العواصف التي مرت بالقطاع، إلا أنه لم يستطع الاستمرار في ذلك والبقاء في معزل عن القطاع السكني الذي يشهد انخفاضات متتالية بتأثير مباشر من القرارات الحكومية مثل رسوم الأراضي وبرامج وزارة الإسكان التي يتعلق فيها الأمل بشكل كبير، بالإضافة إلى تفاوت قدرة المشترين مع عرض البائعين وندرة السيولة في السوق بشكل عام جميعها أمور اختلفت في شكلها واتفقت في مضمونها، وهو انخفاض في قيمة الصفقات لمستويات جديدة، ستنعكس بشكل أو بآخر على القيمة العامة للقطاع العقاري.
وتابع أن «هناك انخفاضاً كبيراً واستجابة للضغوطات التي يعيشها القطاع العقاري المحلي، حيث تشهد السوق نزولاً ملحوظاً في الأسعار تماشياً مع الطلب لمستويات معقولة ومغرية، خصوصاً أن السوق بدأت فعلياً دفع فواتير الرسوم، وهو القرار الذي من المتوقع أن يشهد زخماً كبيراً في السوق والأسعار، بدليل تسييل كميات كبيرة من الأراضي الفترة الماضية، إلا أن ما يميز هذه الفترة عن العام الماضي أن هناك نزولاً ملحوظاً في القيمة رغم أنه غير مكافئ للانخفاض في الطلب، ما يوحي أن هناك انخفاضات مقبلة في القيمة بعد موجة عريضة من الارتفاعات لامست الضعف خلال العقد الماضي فقط، في أكبر سلسلة ارتفاعات شهدها القطاع العقاري السعودي»، لافتاً إلى أن ما يحدث الآن ما هو إلا تصحيح للوضع العقاري الذي بدأت ملامح السيطرة عليه تتضح من وقت لآخر.
وعادت قيمة الصفقات العقارية الأسبوعية إلى الانخفاض بنسبة 9 في المائة، مقارنة بنسبة ارتفاعها للأسبوع الأسبق 57.4 في المائة، ليستقر إجمالي قيمة صفقات السوق العقارية بنهاية الشهر الثامن من العام الحالي عند مستوى 1.2 مليار دولار. ويعزى انخفاض إجمالي قيمة الصفقات العقارية خلال الأسبوع الماضي إلى انخفاض قيمة صفقات الأراضي ذات الوزن النسبي الأكبر بين تلك الأنواع بنسبة 11.9 في المائة، التي شكلت نحو 90.1 في المائة من إجمالي قيمة الصفقات العقارية، يأتي ذلك بعد أداء جيد الأسبوع الماضي قدمه القطاع العقاري، إلا أنه عاود الانخفاض مرة أخرى.
وقال صالح الغنام، المدير العام لشركة الغنام للتطوير العقاري، إن انخفاض قيمة الصفقات متناقص بشكل سنوي منذ عام 2014، الذي يعتبر الأقوى على الإطلاق، خصوصاً في العقد الأخير، إذ إن الحديث عن انخفاض قيمة الصفقات لا يعتبر جديداً، بل إنه متزايد من عام لآخر بانتظار انخفاض مناسب للأسعار بعد موجة التضخم التي ضربت السوق خلال السنوات الأخيرة، وبدأ بشكل تدريجي الانحسار ويتضح ذلك جلياً في الجدول الدوري لأسعار المناطق والمدن في جميع الأنشطة العقارية، وخصوصاً الأراضي التي تأثرت بشكل كبير، وألقت بظلالها على باقي الأفرع العقارية باعتبار الأراضي هي المحرك الرئيسي للعمليات.
وأضاف الغنام أن الانخفاض جاء بعد توقف الطلب أو تقلصه إلى حد كبير بضغط من الواقع الذي يعجز المستثمرون على تطويره والسيطرة عليه لتحريك السوق وفتح جبهات استثمارية جديدة، تمكنهم من جني الأرباح بشكل مضاعف، وهو ما لن يحدث في حال استمرار الأسعار مرتفعة، وهو ما فهمته الحكومة وأصدرت على أثره كثيراً من القرارات التاريخية للسيطرة على القطاع من جديد، وهو ما بدأ بوضع بصمتها الخاصة على العقار المحلي، موضحاً أن قدرات المشترين تتوقف مع نزول حقيقي في الأسعار، وأن الحديث عن حلول تمويلية مختلفة غير مجدٍ لوجود تضخم في الأسعار يعيق عمليات التملك، خصوصاً في ظل الانخفاضات المتتالية في القيم.
وأظهر متوسط أسعار الأراضي والعقارات السكنية انخفاضاً سنوياً لأغلب متوسطات الأسعار حتى الربع الثالث من العام الحالي «نهاية أغسطس»، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2016. جاء الانخفاض في متوسط سعر العمارات السكنية بنسبة 31.3 في المائة لتصل إلى 166 ألف دولار للعمارة الواحدة، وجاءت الفلل السكنية في المرتبة الثانية بنسبة 19.9 في المائة، حيث وصل متوسطها إلى 228 مليار دولار، ثم انخفاض متوسط سعر المتر المربع للأرض بنسبة 17.6 في المائة، إذ وصل متوسط سعر الفترة 96 دولاراً للمتر المربع، وأخيراً ارتفاع متوسط سعر الشقق السكنية بنسبة 1.8 في المائة، إذ بلغ 146 ألف دولار للشقة الواحدة.
من جهته، قال مشعل الغامدي الذي يدير شركة العقار المثالي للاستثمارات العقارية، إن انخفاض قيمة العقارات يصاحبه بالتأكيد انخفاض في عدد الصفقات، وإن فقد السوق 40 في المائة من قيمتها خلال عام واحد «مقارنة بأداء السوق بالفترة ذاتها من العام الماضي»، هو معدل كبير لم يسبق له أن حدث بهذه النسبة الكبيرة، لافتاً إلى أن هناك تغيرات سنوية بالانخفاض أو الارتفاع، إلا أنها لا تصل لمثل هذه المعدلات التي أفصحت عنها المؤشرات العقارية. وتطرق الغامدي إلى أن الضغوطات ترمي إلى خفض الأسعار لتكون في متناول الجميع وهو ما يحصل الآن، ورغم عدم ملاءمة الأسعار إلى حد كبير مع قدرات المشترين، فإنه يعتبر أن هناك بصيص أمل نحو واقع جديد، يفتح فرضية وقوع مزيد من الانخفاضات خلال الفترة المقبلة في ظل تبلور الأسباب المؤدية إلى ذلك، مبيناً أن الاستجداء بالتمويلات العقارية لن يكون مجدياً، خصوصاً أن جوهر الحركة يكمن في قيمة العقار التي تعتبر مرتفعة وأكبر من قدرة شريحة كبيرة من الراغبين في التملك.
يشار إلى أن القطاع العقاري السعودي شهد انخفاضات متتالية في قيمة الصفقات، خصوصاً منذ إقرار الرسوم على الأراضي البيضاء، وهو القرار الذي كان الفيصل في بدء مرحلة جديدة في تاريخ العقار المحلي، ويذكر أن الحكومة تسعى جاهدة لضبط الأسعار عبر فرض كثير من القرارات، وفي الوقت نفسه إطلاق رزمة من المشاريع السكنية غير الربحية لتنويع الخيارات لدى الراغبين في التملك للقضاء على الملف الأكثر أولوية.