انقسامات في الشارع الكردي حول استفتاء الاستقلال

غالبية مع إجرائه وأقلية تدعو إلى الالتفات للتبعات

شاب كردي في أربيل يزين سيارته بصورة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني مع قرب  موعد استفتاء الاستقلال (أ.ف.ب)
شاب كردي في أربيل يزين سيارته بصورة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني مع قرب موعد استفتاء الاستقلال (أ.ف.ب)
TT

انقسامات في الشارع الكردي حول استفتاء الاستقلال

شاب كردي في أربيل يزين سيارته بصورة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني مع قرب  موعد استفتاء الاستقلال (أ.ف.ب)
شاب كردي في أربيل يزين سيارته بصورة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني مع قرب موعد استفتاء الاستقلال (أ.ف.ب)

تترقب مدن إقليم كردستان العراق حدثاً فريداً من نوعه في تاريخها، ألا وهو الاستفتاء العام في الخامس والعشرين من الشهر الحالي على انفصال الإقليم عن العراق، ذلك الحدث الذي أصبح حديث الساعة لدى رجل الشارع العادي ووسائل الإعلام والأحزاب السياسية، ليس في الإقليم والعراق فحسب، بل في المنطقة بأسرها.
ومع ذلك، تغيب مظاهر الاستفتاء الرسمية عن الساحة. ففي ندوة جماهيرية قبل أيام، أشار رئيس الإقليم مسعود بارزاني، عندما سئل عن عدم وجود تلك المظاهر، إلى أن «المفوضية العليا للاستفتاء والانتخابات في الإقليم هي الجهة المسؤولة عن تحديد يوم بدء حملات الدعاية للاستفتاء». لكن المفوضية لم تعلن حتى الآن موعد انطلاق الحملة، كما لم تعلن عدد الناخبين الذين يحق لهم التصويت في الاستفتاء، مع أنها وزعت بعض الفواصل الدعائية على وسائل الإعلام المحلية. وتصر قيادة الإقليم على شمول المناطق المعروفة في الدستور العراقي بالمناطق المتنازع عليها، مثل مدن كركوك وخانقين وشنكال (سنجار)، بالاستفتاء.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي، عبد الرزاق علي، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، إن «إجراء الاستفتاء قد وصل إلى نقطة اللاعودة، وإنه سيتم في موعده مهما كانت ردود الفعل العراقية ودوّل الجوار، التي تقف في مقدمة الدول الرافضة لإجراء الاستفتاء».
وأضاف أن «القيادة الكردستانية لا تملك خيار التراجع عن إجرائه لأنه أصبح مطلباً شعبياً، والتفكير في التراجع تحت أية ضغوط سوف يؤدي إلى فقدان سكان الإقليم الثقة بقيادتهم»، مشيراً إلى أن «رجل الشارع العادي هو من يتولى الإجابة عن المطالب الدولية التي تدعو إلى تأجيل الاستفتاء، ولسان حاله يقول (إذا لم يكن الوقت مناسباً الآن، فقولوا لنا متى يكون هذا الوقت مناسباً بالضبط؟)»، وتابع: «صحيح أن هناك مخاوف لدى كثيرين من تبعات إجراء الاستفتاء، من قبل دول الجوار بالتحديد، ولكن يبدو أن هناك إدراكا أنه لا حل في العيش مع العراق، وأنهم يرون أنه من حقهم أن تكون لهم دولتهم المستقلة، أسوة بكل شعوب العالم».
وهناك بعض الأحزاب والقوى السياسية ترفض إجراء الاستفتاء، وتطالب بتأجيله، ومنها حركة التغيير المعارضة، والجماعة الإسلامية، وتيار من قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني، على الرغم من مشاركة غالبية قيادة هذا الحزب، وبالأخص قياداته العسكرية، في دعم الاستفتاء، والإصرار على إجرائه.
أما شعبياً، فالصورة مختلفة، فمع وجود أصوات وقاعدة شعبية ليست كبيرة لرفض الاستفتاء، أو المطالبة بتأجيله، ووجود حركة تسمى «لا في الوقت الحالي»، هناك غالبية شعبية تدعم الاستفتاء، وتطالب بإجرائه، بل تذهب باتجاه إعلان الاستقلال فور إعلان نتائج الاستفتاء، مهما كانت المخاطر التي تتحدث عنها الجهات أو الدول الرافضة للاستفتاء
يقول ستيفان ريان (24 عاماً)، الناشط المدني من محافظة دهوك، إن «استفتاء إقليم كردستان حق مشروع للشعب الكردستاني بمكوناته كافة، وإنه مع استقلال الإقليم بشرط أن تكون حقوق جميع المكونات متساوية، وأن يكون هناك دستور علماني وقوانين تحمي حقوق الجميع»، وأشار إلى أن «الطبقة الشبابية هي الأكثر حماساً للاستفتاء وتقرير المصير، ولكننا كمسيحيين لا نريد أن نخفي خوفنا وقلقنا من المتشددين في كردستان، ونتمنى من القيادة الكردستانية أن تركز على هذه المسألة».
أما عبير ماريو (28 عاماً)، ربة البيت من أربيل، فتقول إن «كردستان هي المكان الأكثر أماناً لنا، ونحن نريد قيام دولة كردستان، والاستقلال والانفصال عن العراق، ولكن هناك مخاوف في كردستان؛ هناك أزمة، ونخشى من أن تسوء الأوضاع هنا، لذلك أرى تأجيل الاستفتاء، على الأقل في هذا الوقت، وهذا أفضل حل إلى حين تجاوز الأزمة التي يعيشها الإقليم، حيث لم يتم القضاء نهائياً على تنظيم داعش، والإقليم بحاجة إلى المزيد من الأسلحة والدعم العسكري للدفاع عن نفسه، والوضع الاقتصادي سيء جداً، وهناك مخاوف من غلق الحدود التركية مع كردستان... أسباب كثيرة تدفعنا إلى التفكير قبل المجازفة».
وقالت لازمة شنكالي (31 عاماً)، مدرسة اللغة الإنجليزية من مدينة شنكال (سنجار)، إن «الاستفتاء وتقرير المصير كانا حلمها منذ أمد بعيد، وهي سوف تصوت بنعم لاستقلال كردستان، والانفصال عن العراق، مؤكدة أن المرأة الكردستانية عانت كثيراً. والآن، من حقها أن تقرر مصيرها»، وأضافت أنه «على جميع الدول والشعوب أن تحترم إرادة الشعب الكردستاني بكل مكوناته، نحن لا نخاف من شيء، ونريد دولة كردستانية لجميع مكونات كردستان، مشيرة إلى أن الشباب والنساء هم الأكثر حماساً للاستفتاء وتقرير المصير»، وتابعت: «نحن نعلم بأن تركيا وإيران والعراق، وحتى سوريا، لا يريدون استقلالنا، ومن الممكن أن يفرضوا علينا حصاراً، وحتى محاربتنا، لكن إرادة الشعب فوق الجميع، نحن قررنا أن نكون أصحاب دولة مستقلة، وسوف نحترم جميع جيراننا».
بدوره، قال حسين باعدري (49 عاماً)، المثقف الإيزيدي من ناحية باعدرى، إن «شعب كردستان تعرض للظلم والإبادة عشرات المرات. والآن، حان الوقت للاستقلال والعيش بأمان، وعلى الجميع أن يحترم إرادتنا، نحن نعلم أن هناك محاولات خارجية وداخلية لمنع هذه العملية، لكننا كشعب كردستاني لن نرضخ لأي شيء»، مضيفاً: «نحن متحمسون جداً، ولا نخاف أبداً؛ لقد تعلمنا من الحصار والحروب، وجربنا عمليات الإبادات الجماعية، ولا نخاف منها، بل سوف نستمر في مطالبنا بانفصالنا عن العراق».
أما زانيار محمد (23 عاماً)، الموظف في أحد المراكز التجارية في السليمانية، فيقول: «إننا نستحق الاستقلال، والدولة المستقلة هي حلمنا جميعاً، غير أني لا أثق بهذه القيادة، لأن هدفها ليس إجراء الاستفتاء والاستقلال، بل العملية برمتها هي من أجل التغطية على مساوئ حكمها، والتهرب من مسؤولياتها السياسية والاقتصادية تجاه معاناة الشعب، إذن أنا مع تأجيل الاستفتاء».
ويرى سعيد خدر (68 عاماً)، المتقاعد من السليمانية، أن «قيادة الإقليم لم تأخذ بعين الاعتبار المخاطر التي قد يتعرض لها الإقليم من قبل العراق وتركيا وإيران، والحصار الذي سيفرضونه علينا، والظروف الصعبة التي يمر بها أهالي الإقليم».
وتثق بيان صالح (51 عاماً)، ربة البيت من أربيل، في أن «الاستفتاء سيجري في موعده، وأن الشعب ينتظر بفارغ الصبر يوم الاستفتاء، ليقرر إنهاء حياة الذل والتبعية التي نعيشها منذ الأزل، ونحن نريد أن نكون سادة بيتنا، كما كل شعوب الأرض».



انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)

أرغم الحوثيون جميع الموظفين في مناطق سيطرتهم، بمن فيهم كبار السن، على الالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن ما يقولون إنها استعدادات لمواجهة هجوم إسرائيلي محتمل.

جاء ذلك في وقت انضم فيه موظفون بمدينة تعز (جنوب غرب) الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى إضراب المعلمين، مطالبين بزيادة في الرواتب.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الحوثيين، وعلى الرغم من أنهم لا يصرفون الرواتب لمعظم الموظفين، فإنهم وجّهوا بإلزامهم، حتى من بلغوا سن الإحالة إلى التقاعد، بالالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن الإجراءات التي تتخذها الجماعة لمواجهة ما تقول إنه هجوم إسرائيلي متوقع، يرافقه اجتياح القوات الحكومية لمناطق سيطرتهم.

وبيّنت المصادر أن هناك آلاف الموظفين الذين لم يُحالوا إلى التقاعد بسبب التوجيهات التي أصدرها الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي بوقف الإحالة إلى التقاعد، إلى حين معالجة قضايا المبعدين الجنوبيين من أعمالهم في عهد سلفه علي عبد الله صالح، وأن هؤلاء تلقوا إشعارات من المصالح التي يعملون بها للالتحاق بدورات التدريب على استخدام الأسلحة التي شملت جميع العاملين الذكور، بوصف ذلك شرطاً لبقائهم في الوظائف، وبحجة الاستعداد لمواجهة إسرائيل.

تجنيد كبار السن

ويقول الكاتب أحمد النبهاني، وهو عضو في قيادة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، إنه طلب شخصياً إعادة النظر في قرار تدريب الموظفين على السلاح، لأنه وحيد أسرته، بالإضافة إلى أنه كبير في العمر؛ إذ يصل عمره إلى 67 عاماً، واسمه في قوائم المرشحين للإحالة إلى التقاعد، بعد أن خدم البلاد في سلك التربية والتعليم واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم لما يقارب الأربعين عاماً.

ومع تأكيده وجود الكثير من الموظفين من كبار السن، وبعضهم مصابون بالأمراض، قال إنه من غير المقبول وغير الإنساني أن يتم استدعاء مثل هؤلاء للتدريب على حمل السلاح، لما لذلك من مخاطر، أبرزها وأهمها إعطاء ذريعة «للعدو» لاستهداف مؤسسات الدولة المدنية بحجة أنها تؤدي وظيفة عسكرية.

حتى كبار السن والمتقاعدون استدعتهم الجماعة الحوثية لحمل السلاح بحجة مواجهة إسرائيل (إ.ب.أ)

القيادي في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ذكر أنه لا يستبعد أن يكون وراء هذا القرار «أطراف تحمل نيات سيئة» تجاه المؤسسات المدنية، داعياً إلى إعادة النظر بسرعة وعلى نحو عاجل.

وقال النبهاني، في سياق انتقاده لسلطات الحوثيين: «إن كل دول العالم تعتمد على جيوشها في مهمة الدفاع عنها، ويمكنها أن تفتح باب التطوع لمن أراد؛ بحيث يصبح المتطوعون جزءاً من القوات المسلحة، لكن الربط بين الوظيفة المدنية والوظيفة العسكرية يُعطي الذريعة لاستهداف العاملين في المؤسسات المدنية».

توسع الإضراب

وفي سياق منفصل، انضم موظفون في مدينة تعز الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى الإضراب الذي ينفّذه المعلمون منذ أسبوع؛ للمطالبة بزيادة الرواتب مع تراجع سعر العملة المحلية أمام الدولار وارتفاع أسعار السلع.

ووفقاً لما قالته مصادر في أوساط المحتجين لـ«الشرق الأوسط»، فقد التقى محافظ تعز، نبيل شمسان، مع ممثلين عنهم، واعداً بترتيب لقاء مع رئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك؛ لطرح القضايا الحقوقية المتعلقة بالمستحقات المتأخرة وهيكلة الأجور والمرتبات وتنفيذ استراتيجية الأجور، لكن ممثلي المعلمين تمسكوا بالاستمرار في الإضراب الشامل حتى تنفيذ المطالب كافّة.

المعلمون في تعز يقودون إضراب الموظفين لتحسين الأجور (إعلام محلي)

وشهدت المدينة (تعز) مسيرة احتجاجية جديدة نظّمها المعلمون، وشارك فيها موظفون من مختلف المؤسسات، رفعوا خلالها اللافتات المطالبة بزيادة المرتبات وصرف جميع الحقوق والامتيازات التي صُرفت لنظرائهم في محافظات أخرى.

وتعهّد المحتجون باستمرار التصعيد حتى الاستجابة لمطالبهم كافّة، وأهمها إعادة النظر في هيكل الأجور والرواتب، وصرف المستحقات المتأخرة للمعلمين من علاوات وتسويات وبدلات ورواتب وغلاء معيشة يكفل حياة كريمة للمعلمين.