أفادت أنباء بأن عشرات من عناصر تنظيم داعش تمكنوا أمس من الوصول إلى محافظة دير الزور عبر سيارات صغيرة، في دفعة أولى من القافلة التي أقلّت نحو 300 مسلّح من أفراد التنظيم، ومئات المدنيين من عائلاتهم، تنفيذاً لاتفاق أبرم بين التنظيم و«حزب الله» اللبناني، في 26 أغسطس (آب) الماضي، يقضي بنقل هؤلاء إلى دير الزور.
ونفى التحالف الدولي بقيادة واشنطن وصولهم إلى النقطة المخطط لها، معلناً أنه يراقب تحرّك القافلة، ولم يسمح لعناصرها بالتوجه نحو الحدود السورية - العراقية، في وقت جاءت فيه المفاجأة من «حزب الله» الذي أبدى تعاطفاً كبيراً مع ما قال إنهم مدنيون في القافلة، واتهم الأميركيين بـ«محاصرة القافلة في وسط الصحراء، ومنع تقديم المساعدة الإنسانية لأفرادها، لا سيما العائلات والجرحى وكبار السن». ودعا المجتمع الدولي للتدخل وإنقاذها.
ونقل «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن مصادر «موثوقة»، أن «عشرات الأشخاص غادروا مكان توقف القافلة في بادية السخنة». وقالت مصادر إن «نحو 12 سيارة نقلت بشكل منفرد، عشرات الأشخاص من الحافلات إلى داخل محافظة دير الزور التي يسيطر (داعش) على غالبيتها».
ويأتي انتقال هؤلاء تنفيذاً لاتفاق بين التنظيم و«حزب الله»، أبرم في 26 أغسطس الماضي، ويقضي بنقل المسلحين وعائلاتهم إلى دير الزور، في مقابل تسليم جثث لعناصر من الحزب والقوات الإيرانية، كانت لدى التنظيم، وأشارت المصادر إلى أن «المسلحين غادروا إلى ريف دير الزور بشكل انفرادي بعد رفض الحكومة العراقية توجه القافلة إلى دير الزور عبر أراضيها، وغداة استهداف طريق سلوكها من قبل التحالف الدولي».
موقف التحالف
وكشف رامي عبد الرحمن مدير «المرصد السوري» لـ«الشرق الأوسط»، أن العناصر الذين تركوا القافلة «وصلوا عصراً (أمس) إلى ريف دير الزور الغربي، حيث يسيطر التنظيم»، مؤكداً أن «مسألة «انتقالهم بشكل فردي وعلى دفعات، ربما تأتي من ضمن اتفاق خفي مع التحالف الدولي، الذي يتذرع بعدم قصف القافلة بسبب وجود مدنيين فيها، في حين يقتل يومياً عشرات المدنيين في قصفه الجوي على الرقة ودير الزور».
لكن في المقابل، أعلنت قوات التحالف الدولي، التي تقودها الولايات المتحدة، أن «قافلة حافلات تقل مسلحي (داعش) وأسرهم لإجلائهم إلى منطقة يسيطر عليها التنظيم المتشدد في شرق سوريا، ظلت الجمعة (أول من أمس) في مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة في سوريا». وقال الكولونيل ريان ديلون المتحدث باسم التحالف لوكالة «رويترز»: «لم تتمكن (القافلة) من الارتباط مع أي عناصر من (داعش) في شرق سوريا».
وتضمّ القافلة نحو 300 مسلح من «داعش» و300 مدني من أسرهم، منحتهم قوات النظام السوري و«حزب الله» اللبناني ممراً آمناً، بعد استسلام المسلحين في جيب على الحدود السورية - اللبنانية، جراء معركة «فجر الجرود»، التي شنّها الجيش اللبناني، على أفراد التنظيم في جرود رأس بعلبك والقاع، عند الحدود الشرقية مع سوريا.
وقال ديلون: «نحن مستمرون في مراقبة القافلة، وسنستمر في تعطيل تحركها شرقاً، ومنع ارتباطها مع عناصر أخرى من (داعش)، وسنستمر في ضرب أي عنصر من التنظيم يحاول التحرك نحو الحدود العراقية». وأضاف: «تحركت هذا الصباح (أمس) ثم توقفت، لا أعلم إن كانوا توقفوا في استراحة أم كانوا يحاولون معرفة ماذا سيفعلون».
وكان التحالف قال في بيان الجمعة إن «قافلة تضم مقاتلين من تنظيم داعش وأفراد أسرهم، ما زالت في الصحراء السورية بعدما عادت أدراجها من الحدود العراقية»، مؤكداً أنه طلب من روسيا «إبلاغ الحكومة السورية بأنه لن يسمح للقافلة التي تتألف من 17 حافلة، بمواصلة التحرك شرقاً صوب الحدود العراقية».
عناصر «داعش» تائهون
من جهته، أفاد «حزب الله» في بيان، أن «الطائرات الأميركية تمنع حتى الآن الباصات التي تنقل مسلحي (داعش) وعائلاتهم والتي غادرت منطقة سلطة الدولة السورية، من التحرك، وتحاصرها في وسط الصحراء وتمنع أيضا من أن يصل إليهم أحد، ولو لتقديم المساعدة الإنسانية للعائلات والمرضى والجرحى وكبار السن». ورأى أنه «إذا ما استمرت هذه الحال، فإن الموت المحتم ينتظر هذه العائلات، وفيهم بعض النساء الحوامل». وقال: «أمام هذا الواقع نود التأكيد أن الدولة السورية و(حزب الله) قد وفيا بالتزامهما، القاضي بعبور الباصات من منطقة سلطة الحكومة السورية دون التعرض لهم، وأما الجزء المتبقي من الباصات وعددها ستة، والذي ما زال داخل مناطق سلطة الحكومة، هو يبقى في دائرة العهدة والالتزام».
ولفت الحزب إلى أنه «في حال تعرضت هذه الباصات للقصف مما سيؤدي قطعاً إلى قتل المدنيين فيها من نساء والأطفال وكبار السن أو تعرضهم للموت المحتم نتيجة الحصار المفروض عليهم ومنع وصول المساعدة إليهم، فإن المسؤولية الكاملة تقع على عاتق الأميركيين وحدهم»، مشيراً إلى أنه «أمام هذه الاحتمالات، فإن على ما يسمى بالمجتمع الدولي والمؤسسات الدولية التدخل لمنع حصول مجزرة بشعة».
إلى ذلك، قال قيادي في التحالف العسكري الداعم لقوات النظام إن «حزب الله» والجيش النظامي يبحثان عن طريق جديد لعناصر «داعش».
وتقطعت السبل بقافلة تضم 17 حافلة تقل نحو 300 مقاتل من المسلحين تسليحا خفيفا و300 مدني في صحراء شرق سوريا منذ يوم الثلاثاء مع استخدام التحالف بقيادة الولايات المتحدة ضربات جوية لمنع القافلة من دخول أراض خاضعة للتنظيم المتشدد.
وقال القيادي إن العمل جار لتغيير مسار القافلة للمرة الثانية. وسلم المقاتلون المسافرون على متن الحافلات جيبهم الممتد عبر حدود سوريا مع لبنان الاثنين في إطار اتفاق هدنة أتاح لهم الانضمام إلى قياداتهم على الجانب الآخر من البلاد.
ونفى القيادي في التحالف العسكري المؤيد للأسد تقارير إخبارية بأن المئات من المتشددين وصلوا بالفعل إلى أراض خاضعة لـ«داعش» هناك. وأضاف أنه يتم تغيير طريق القافلة الخميس من بلدة حميمة في الصحراء الجنوبية الشرقية إلى مكان أبعد في الشمال، لكن طائرات التحالف قصفت مجددا قرب ذلك الطريق.
وأضاف: «ينظر إليها (القافلة) على أنها تمثل تهديدا مما يعني عدم المرور من ذلك الطريق». وقال القيادي إن قاذفات التحالف نفذت غارت جوية وهمية فوق القافلة. وزاد: «أثار ذلك الفزع بين الدواعش. يخشى المتشددون تعرض القافلة للقصف بمجرد دخولها إلى دير الزور».