الصومال يطلب رسمياً مساعدات عسكرية من واشنطن لدحر «حركة الشباب»

فرماجو يعلن من مقديشو عن عمليات أمنية موسعة ضد المتطرفين

TT

الصومال يطلب رسمياً مساعدات عسكرية من واشنطن لدحر «حركة الشباب»

أعلن أمس الرئيس الصومالي محمد عبد الله محمد فرماجو، اعتزام حكومته شن عمليات أمنية موسعة جديدة ضد ميليشيات «حركة الشباب» الإرهابية، التي اتهمها جيش منطقة بونت لاند، شبه المستقلة، بقتل 12 شخصا بينهم 5 جنود في انفجار بقنبلة يدوية. ودعا فرماجو في خطبة مطولة ألقاها بمسجد الشهداء بالقصر الرئاسي في العاصمة الصومالية مقديشو، بمناسبة العيد، الشعب لمساعدة الفقراء والمحتاجين منهم، وكذلك العمل بجانب الدولة الفيدرالية لتحقيق الأمن والاستقرار في البلاد.
وتزامنت تصريحات فرماجو مع إعلان وزارة الخارجية الصومالية أن الحكومة الصومالية طالبت الولايات المتحدة رسميا بتقديم مساعدات عسكرية إضافية، من أجل تصفية ما تبقى من ميليشيات «حركة الشباب» المتمردة في البلاد.
ونقلت وكالة الأنباء الصومالية الرسمية عن بيان للخارجية الصومالية، أن الجيش الصومالي بالتعاون مع قوات حفظ السلام الأفريقية (أميصوم) قاموا بجهود كبيرة أدت إلى انتصارهما على الميليشيات الإرهابية التي تعرقل الأمن والاستقرار؛ لكنها لفتت في المقابل إلى أن «هذه القوات المشتركة لم تتمكن في الوقت ذاته من تطهير العناصر الإجرامية في كافة أرجاء الصومال، بسبب تقلص المساعدات المخصصة لعمليات قوات حفظ السلام الأفريقية».
وأضاف: «من أجل تحقيق الأمن والاستقرار واستئصال شأفة الإرهابيين من جميع أرجاء البلاد، تطالب الدولة الصومالية الولايات المتحدة بتقديم مزيد من الدعم العسكري للقوات المسلحة؛ لا سيما الجوانب الاستخباراتية والعمليات الأمنية المستهدفة».
ولفتت الوكالة إلى مطالبة الحكومة الصومالية في السابق بضرورة تنسيق العمليات الأمنية التي تشنها القوات الأميركية ضد معاقل «حركة الشباب» المتمردة في البلاد، من أجل عدم استهداف المدنيين الأبرياء وممتلكاتهم.
ومع ذلك، أعلنت الخارجية الصومالية أن حكومتها ترحب بجميع العناصر المنشقة عن «حركة الشباب» والتي تنخرط في صفوف قوات الجيش، للمشاركة في عمليات الأمن والاستقرار والتنمية، داعية في الوقت ذاته الميليشيات الإرهابية إلى الاستسلام، والاستفادة من العفو العام الذي أعلنته الدولة.
إلى ذلك، أدى هجوم شنته «حركة الشباب» في بلدة أف أرور في إقليم بونت لاند (أرض اللبان)، على بعد 100 كيلومتر جنوب مدينة بوصاصو، إلى مقتل جنود في قوات الجيش المحلي.
وقال الميجر محمد إسماعيل، الضابط في جيش بونت لاند: «انفجرت قنبلة كانت مزروعة قرب سوق القات في أف أرور»، وأضاف: «توفي حتى الآن 12 شخصا، بينهم مدنيون وجنود».
وأف أرور قريبة من تلال جلجلة، وهي منطقة يسيطر عليها متشددو «حركة الشباب» الذين هاجموا البلدة وسيطروا عليها عدة مرات من قبل، كما قتلوا 38 شخصا هناك في يونيو (حزيران). وتزامن الهجوم مع أول أيام عيد الأضحى، حيث أعلنت «حركة الشباب» المرتبطة بتنظيم القاعدة، المسؤولية عن الهجوم. وقال الشيخ عبد العزيز أبو مصعب، المتحدث باسم العمليات العسكرية للحركة، لوكالة «رويترز»: «نحن مسؤولون عن الهجوم في قرية أف أرور. قتلنا خمسة جنود وأصبنا عشرة آخرين».
وطبقا لما أعلنه وزير الداخلية الصومالي عبده فارح، فإن نحو 3 ملايين صومالي، يمثلون ربع عدد السكان، مشردون داخل البلاد وفي دول الجوار الجغرافي للصومال. وطالب فارح في مؤتمر وطني عقد في العاصمة مقديشو حول بحث حلول لأزمة اللاجئين الصوماليين، بضرورة تضافر الجهود لمعالجة أزمة هؤلاء المشردين.
يشار إلى أن الحروب الأهلية الطاحنة وموجات الجفاف التي اجتاحت البلاد، أدت إلى حالات من المجاعة، كما تسببت في تشريد ملايين المواطنين من مناطقهم.


مقالات ذات صلة

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

المشرق العربي عناصر من الفصائل الموالية لتركية تشارك في الاشتباكات مع «قسد» بشرق حلب (أ.ف.ب)

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

اتهمت تركيا «قسد» باستخدام المدنيين دروعاً بشرية في «قسد» وأكدت تمسكها بعملية عسكرية في شمال سوريا وسط مساعٍ أميركية لمنعها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان ملوحاً بالتحية لمواطنين في أثناء استقبال بهشلي له أمام منزله في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)

تركيا: لقاء بين إردوغان وبهشلي وسط جدل حول الحوار مع أوجلان

تشهد تركيا حراكاً مكثفاً حول عملية لحل المشكلة الكردية عبر الحوار مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين عبد الله أوجلان، وانقساماً حول مسألة العفو عنه.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا محمد ديبي ورث حكم تشاد من والده وتمت ترقيته مؤخراً إلى رتبة ماريشال (صحافة محلية)

تحت تأثير الكحول والمخدرات... 24 شخصاً هاجموا القصر الرئاسي في تشاد

استبعدت تشاد أن يكون الهجوم على القصر الرئاسي ليل الأربعاء/الخميس، له أي طابع «إرهابي»، مشيرة إلى أن من نفذوه كانوا مجموعة من الأشخاص في حالة سكر ومسلحين.

الشيخ محمد (نواكشوط )
أوروبا جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)

تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

الأدلة التي نشرتها لجنة تحقيق رسمية في جرائم الحرب المزعومة ترسم صورة مزعجة لقوة قتالية نخبوية اعتادت ثقافة الإفلات من العقاب في أفغانستان.

«الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن ) «الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن )
آسيا أفراد من الجيش الباكستاني (أرشيفية)

مقتل 3 جنود و19 إرهابياً بعملية أمنية شمال غربي باكستان

قُتل 3 جنود من رجال الأمن الباكستاني، كما قُضي على 19 مسلحاً من العناصر الإرهابية خلال عمليات أمنية واشتباكات وقعت في المناطق الشمالية من باكستان.

«الشرق الأوسط» ( إسلام آباد)

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم