الداخلية السعودية... شمولية العمل بين الأمن والتنمية

الداخلية السعودية... شمولية العمل بين الأمن والتنمية
TT

الداخلية السعودية... شمولية العمل بين الأمن والتنمية

الداخلية السعودية... شمولية العمل بين الأمن والتنمية

حين بدأت رحلة تأسيس السعودية، البلاد المترامية الأطراف، كانت زوايا استقرارها تتمثل في كيان الشريعة الإسلامية، والعدل، وبضلعي التثبيت، في سياق الأمن والتنمية، والأخيران كانا ولا يزالان في مجمع الوزارات السعودية: وزارة الداخلية.
لا ينفك المؤرخون عن ذكر التأثير الأمني على ثبات السعودية، واستمرار قوتها طوال السبعة والثمانين عاما، فميدان الأمن والخطط التي بناها الملك المؤسس كان لها تأثير شامل على أصقاع الدولة، حتى غدت الدولة اليوم ومنذ عقود ماضية هي ومجتمعها مضرب المثل في الأمن والسلم، وتحقيق الرخاء الاقتصادي.
قاد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن معارك عدة من أجل تثبيت الحكم واستقرار القرار السياسي في البلاد، وإن كانت قد بدأت في 1902 حين قدومه من الكويت نحو الرياض، كانت معركة «السبلة» في عام 1929 أقوى تلك المعارك، كان الملك عبد العزيز (ملك نجد والحجاز وملحقاتها) زعيما حين أثبت أن من يحاول تعكير الثبات السياسي والرغبة الشعبية بأمور عارضة سيكون هو قائد تثبيت وإنهاء للتهديدات، وقال مستشار الملك عبد العزيز، حافظ وهبة، عن المعركة في كتابه «جزيرة العرب»: «يصح أن نعتبر هذه المعركة من المعارك الفاصلة بين الفوضى والنظام ونصرا للتقدم على الرجعية». وبعدها بأعوام بدأت الدولة في كشف اسمها النهائي «المملكة العربية السعودية»، وليكون عبد العزيز «ملكا» ومؤسسا مع أبنائه الملوك من بعده، إنجازات شتى وسمات دولة عصرية.
رحلة تثبيت الأمن، كانت عبر وزارة الداخلية التي تجمع الكثير من ملفات الشؤون الأمنية والعامة والخدمية، لكن رحلة الوزارة كما هي اليوم، مرّت بكثير من الشواهد الكبرى قبل تسميتها شؤون الداخلية.
كان جهاز الأمن العام تابعا لما كان يعرف بـ«النيابة العامة»، وهي نيابة تأسست في عام 1926 في الحجاز، تشرف إداريا على الإقليم، ضامة إضافة إلى الأمن العام عددا كبيرا من القطاعات ومنها: الصحة والبلديات والتعدين والتجارة والزراعة والبرقيات وغيرها من القطاعات. تحول اسمها بعدها بخمسة أعوام إلى «وزارة الداخلية»، وكان الملك فيصل بن عبد العزيز (الأمير حينها) النائب العام، ملحقا له في مسؤولياته تحت نظام «مجلس الوكلاء» الشؤون الخارجية والمالية والشورى.
في عام 1951 أصدر الملك عبد العزيز أمرا بإعادة إنشاء وزارة الداخلية، تكون مهمتها وفق النظام، الإدارة العليا لمناطق السعودية المترامية، والأجهزة الأمنية بالحجاز، واستمرت حتى اكتمل إشرافها على جميع المناطق إداريا وأمنيا، وكان الأمير الراحل عبد الله الفيصل، وزيرها آنذاك، حيث انتقلت معه الوزارة إلى العاصمة الرياض، قبل أن يتسلمها والده وزيرا في فترة ثانية.
خلف الأمير فيصل، في عام 1960، الأمير مساعد بن عبد الرحمن لتولي الوزارة باسمها الحالي، كان معه القرار الملكي حافلا للوزارة التي توسمت توسعا من ناحية الإشراف التنموي والإداري على المناطق، إضافة إلى العمل الأمني عبر الشرط وإدارات المرور وقوات الدفاع المدني وغيرها، لكن لم تطل الحال به في الوزارة التي كان خلفه فيها الأمير عبد المحسن بن عبد العزيز، ومكث فيها قرابة العام، ومن بعده أيضا في المسار الزمني المقارب ذاته كان الأمير فيصل بن تركي بن عبد العزيز.
الإجراءات الشاملة والتطوير الإداري في منظومة وهيكلة الوزارة، كانت عبر الأمير فهد بن عبد العزيز (الملك فهد يرحمه الله)، الذي تولى الوزارة في عام 1963 حتى عام 1975، ومن ثم كان عصر الوزارة الذهبي التوسعي في اختصاصاتها في عهد الراحل الأمير نايف بن عبد العزيز، رحمه الله، حيث كانت قوات الأمن العام أكثر توسعا في اختصاصاتها وأيضا في نطاق عملها، علاوة على التميز في التدريب في قطاعات القوات الخاصة التابعة للداخلية.
وتسنم هرم الوزارة خلفا للأمير نايف بن عبد العزيز، شقيقه الأمير أحمد، الذي كان آخر جيل أبناء الملك المؤسس الذين تسلموا الوزارة، ليكون الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز، الوزير العاشر للوزارة، ومعه استمر تطوير الوزارة في جوانبها كافة. والوزير الحادي عشر الحالي، هو الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف، بعد أمر ملكي في يونيو (حزيران) الماضي، أصبح فيها الوزير الخلف لعمه الأمير محمد.
تشرف وزارة الداخلية على إمارات المناطق، عبر وكالة الوزارة لشؤون المناطق، حيث تركز على جوانب مناقشة الخطط التنموية الشاملة التي تقودها إمارات المناطق تحت مظلة وزارة الداخلية، إضافة إلى ذلك قطاعات الأمن كافة، هادفة إلى تحقيق الأمن والاستقرار في كل أنحاء البلاد، وتوفير أسباب الطمأنينة والأمان لسكانها، ومحاربة كل أشكال الجريمة، بهدف الحفاظ على سلامة المجتمع السعودي وضمان تقدمه، في ضوء ترابط القوة بين الحفاظ على إنجازاته الحضارية الشاملة، وتوطيد دعائم الأمن الداخلي والخارجي في مواجهة التحديات والتهديدات المختلفة، ومكافحة الجريمة والإرهاب والمخدرات، وتطوير الأجهزة الأمنية العربية وتحقيق تقدمها وتطورها.
الداخلية السعودية لها ضمن أهدافها الرئيسية تأمين سلامة حجاج بيت الله الحرام وحمايتهم من المخاطر، ليتسنى لهم تأدية مناسكهم وعبادتهم بحرية كاملة وأمان تام، وهي الوزارة التي تضخ مواردها البشرية وطاقاتها بشكل أكبر ودائم وفق حضورها الإداري الممكن بإشرافها على لجنة الحج العليا، بطواقم أمنية وخدمية، إضافة إلى خدمات طبية عبر مستشفيات قوى الأمن الداخلي وعناصره الصحية.
وتعمل الوزارة على تحقيق التعاون والتنسيق الأمني مع الدول العربية المجاورة ودول مجلس التعاون الخليجي لحماية الأمن الداخلي والخارجي، ومكافحة الجريمة والمخدرات والتهريب، وتبادل المعلومات الأمنية، وتنظيم اللوائح والنظم المتعلقة بالهجرة والجنسية، وغيرها من المجالات.
على المستوى الأمني الذي لمعة حضورها الكبرى، كانت الوزارة درع الحماية للبلاد السعودية، حيث كانت شرارة الاضطرابات في الإقليم والمنطقة والأحداث السياسية بعيدة التأثير على الداخل السعودي، بفعل القوة الأمنية والترابط السليم بينها وبين مؤسسات الدولة الأخرى.
ورغم محاولات التنظيمات الإرهابية استهداف أمن السعودية في أحداث أخيرة فإن السعودية تسير بقوة أمنية كبرى لإفشال مخططات كثيرة تختلف في أحيان كثيرة أدواتها وتتفق على منهج إرهابي واحد، حيث أكدت الأجهزة الأمنية على كفاءتها حيث طهرت أراضيها من تنظيمات مثل القاعدة، وحققت ضربات استباقية ضد تنظيم داعش، محققة الإعجاب العالمي نظير القوة في تجفيف بؤر الإرهاب في عمليات متلاحقة ومستمرة، وتحقيق إنجازات عالية في القضاء على أشكال الإرهاب كافة، مهما علت موجاته أو تجددت.



دوما بوكو... رئيس بوتسوانا «العنيد» يواجه تحديات «البطالة والتمرد»

دوما بوكو
دوما بوكو
TT

دوما بوكو... رئيس بوتسوانا «العنيد» يواجه تحديات «البطالة والتمرد»

دوما بوكو
دوما بوكو

لا يختلف متابعو ملفات انتقال السلطة في أفريقيا، على أن العناد مفتاح سحري لشخصية المحامي والحقوقي اليساري دوما بوكو (54 سنة)، الذي أصبح رئيساً لبوتسوانا، إثر فوزه في الانتخابات الرئاسية بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. «عناد» الرئيس الجديد قاده، وعلى نحو مذهل، لإزاحة خصمه الرئيس السابق موكغويتسي ماسيسي ومن خلفه حزب قويّ هيمن على السلطة قرابة 6 عقود مرّت على استقلال بوتسوانا. ويبدو أن وعورة طريق بوكو إلى الانتصار لن تحجب حقيقة أن وديعة الفقر والفساد والبطالة و«تمرّد الاستخبارات»، التي خلفها سلفه ماسيسي، ستكون أخطر الألغام التي تعترض مهمة بوكو، الذي دشّن مع بلاده تداولاً غير مسبوق للسلطة، في بلد حبيسة جغرافياً، اقترن فيها الفقر مع إنتاج الماس.

إلى جانب «العناد في ساحة القتال» والتواضع المُقترن بالثقة في النفس، يبدو أن رهان الانتصار للفقراء والطبقات الدنيا هو المحرّك الرئيسي في المسارات المتوقعة للرئيس البوتسواني الجديد دوما بوكو. وبالفعل، لم يبالغ الرئيس المنتخب في أول تصريحاته لوسائل الإعلام عندما خاطب شعبه قائلاً: «أتعهد بأنني سأبذل قصارى جهدي وعندما أفشل وأخطئ، سأتطلع إليكم للحصول على التوجيه».

هذه الكلمات قوبلت باهتمام واسع من جانب مراقبين، بعد أداء بوكو (54 سنة) اليمين الدستورية أمام حشد من آلاف من الأشخاص في الاستاد الوطني بالعاصمة خابوروني، في مراسم حضرها قادة مدغشقر، وناميبيا، وزامبيا وزيمبابوي، وبدأت معها التساؤلات عن مستقبل بوتسوانا.

من هو دوما بوكو؟

وُلد دوما جديون بوكو عام 1969، في قرية ماهالابي الصغيرة التي تبعد 200 كلم عن العاصمة خابوروني، وترعرع وسط أسرة متواضعة، لكن اللافت أنه كان «يتمتع بثقة عالية في النفس واحترام أهله وذويه في طفولته وصباه»، وفق كلام لأقاربه لوسائل إعلام محلية. وهذه الصفات الإيجابية المبكرة، اقترنت لدى الرئيس الجديد بـ«إيمان عميق بالعدالة»، وفق عمته، وربما أكسبته هذه الصفات ثقة زملاء الدراسة الذين انتخبوه رئيساً لاتحاد الطلاب في المدرسة الثانوية.

أكاديمياً، درس بوكو القانون في جامعة بوتسوانا، لكنه - بعكس أقرانه اليساريين في العالم - كان منفتحاً على إكمال دراسته القانونية في الولايات المتحدة، وبالذات في كلية الحقوق بجامعة هارفارد العريقة، حيث تشربت ميوله اليسارية بـ«أفكار ديمقراطية» انعكست على مستقبله السياسي. أما عن المشوار المهني، فقد ذاع صيت بوكو بوصفه أحد ألمع محامين بوتسوانا.

مشوار التغيير

نقطة التحول في رحلة الرئيس الجديد باتجاه القصر الرئاسي، بدأت بتوليه زعامة حزب «جبهة بوتسوانا الوطنية» عام 2010.

يومذاك، كانت «الجبهة» تتمسك بأفكار شيوعية تلاشت مع أفول شمس الإمبراطورية السوفياتية، إلا أن بوكو بحنكته وواقعيته، مال بها نحو اشتراكية «يسار الوسط». ولم يتوقف طموح بوكو عند هذه النقطة، بل خطا خطوة غير مسبوقة بتشكيله ائتلاف «مظلة التغيير الديمقراطي» عام 2012، وهو تحالف من الأحزاب المعارضة للحكومة بينها «الجبهة». وأطلق بهذا الائتلاف عملياً «شرارة» التغيير بعد إحباط طويل من هزائم المعارضة أمام الحزب الديمقراطي البوتسواني، المحافظ،، الذي حكم البلاد منذ استقلالها عن بريطانيا عام 1966.

طوال 12 سنة، لعب المحامي اليساري الديمقراطي بوكو دوراً حاسماً في قيادة الائتلاف، ولم ييأس أو يستسلم أو يقدم تنازلات على الرغم من الهزائم التي لحقت بالائتلاف.

وفي غمار حملة الدعاية بانتخابات الرئاسة البوتسوانية الأخيرة، كان المحللون ووسائل الإعلام منشغلين بانعكاسات خلاف قديم بين الرئيس (السابق) ماسيسي وسلفه الرئيس الأسبق إيان خاما، في حين ركّز بوكو طوال حملته على استقطاب شرائح من الطبقات الدُّنيا في بلد يفترسه الفقر والبطالة، وشدّدت تعهدات حملته الانتخابية عن دفاع قوي عن الطبقات الاقتصادية الدنيا في المجتمع وتعاطف بالغ معها.

ووفق كلام الصحافي إنوسنت سيلاتلهوا لـ«هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) كان بوكو «يناشد أنصاره الاقتراب من الناس والاستماع إلى شكاواهم». وبجانب أن أسلوب الرئيس الجديد - الذي استبعد الترشح لعضوية البرلمان) - كان «جذاباً وودوداً دائماً» مع الفقراء وطبقات الشباب، حسب سيلاتلهوا، فإن عاملاً آخر رجَّح كفّته وأوصله إلى سدة السلطة هو عودة الرئيس الأسبق خاما إلى بوتسوانا خلال سبتمبر (أيلول) الماضي من منفاه في جنوب أفريقيا، ليقود حملة إزاحة غريمه ماسيسي عبر صناديق الاقتراع.

انتصار مفاجئ

مع انقشاع غبار الحملات الانتخابية، لم يتوقع أكثر المتفائلين فوز ائتلاف بوكو اليساري «مظلة التغيير الديمقراطي» بالغالبية المطلقة في صناديق الاقتراع، وحصوله على 36 مقعداً برلماناً في انتخابات 30 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مقارنة بأربعة مقاعد فقط للحزب الديمقراطي. وبالتالي، وفق دستور بوتسوانا، يحق للحزب الذي يسيطر على البرلمان اختيار الرئيس وتشكيل حكومة جديدة. ولقد خاضت 6 أحزاب الانتخابات، وتقدم أربعة منها بمرشحين لرئاسة الجمهورية، في حين سعى ماسيسي لإعادة انتخابه لولاية ثانية رئيساً للدولة.

تكابد بوتسوانا التي يبلغ عدد سكانها 2.6 مليون نسمة

مستويات عالية جداً من البطالة نسبتها 27.6 % فضلاً

عن معدلات فقر تقترب نسبتها من 38 %

وبقدر ما كانت هذه الهزيمة صادمة للحزب الديمقراطي والرئيس السابق ماسيسي - الذي سارع بالاعتراف بالهزيمة في حفل التنصيب - فإنها فاجأت أيضاً بوكو نفسه، الذي اعترف بأنه فوجئ بالأرقام.

تعزيز العدالة الاجتماعية

لعل بين «أسرار» نجاح بوكو، التي رصدها ديفيد سيبودوبودو، المحلل السياسي والأستاذ في جامعة بوتسوانا، «بروزه زعيماً حريصة على تعزيز العدالة الاجتماعية». وفي مسار موازٍ رفعت أسهمه خبرته الحقوقية وخاصة حقوق قبيلة الباساروا (السان)، وهم السكان الأصليون في بوتسوانا، وفق موقع «أول أفريكا». هذا الأسبوع، دخلت وعود الرئيس الجديد محك التجربة في مواجهة مرحلة بلد يعاني مرحلة «شكوك اقتصادية»؛ إذ تكابد بوتسوانا التي يبلغ عدد سكانها 2.6 مليون نسمة، مستويات عالية جداً من البطالة تبلغ 27.6 في المائة، فضلاً عن معدلات فقر تقترب نسبتها من 38 في المائة، وفق أرقام رسمية واستطلاعات رأي. وخلص استطلاع حديث أجرته مؤسسة «أفروباروميتر» إلى أن البطالة هي مصدر القلق «الأكثر إلحاحاً» للمواطنين مقارنة بالقضايا الأخرى.

الأرقام السابقة تصطدم بوعود أعلنها بوكو برفع الراتب الأساسي وعلاوات الطلاب ومعاشات الشيخوخة، والاهتمام بشريحة الشباب، علماً بأن نحو 70 في المائة من سكان البلاد دون سن الـ35 سنة. ويتمثل التحدي الأكبر بتعهد الرئيس بـ«تنويع الاقتصاد» الذي يعتمد في 90 في المائة من صادراته على الماس. لذا؛ قال الباحث سيبودوبودو لموقع «أول أفريكا» شارحاً: «حكومة بوكو في حاجة إلى تحويل الاقتصاد بحيث يخلق فرص العمل، وهذا أمر صعب في خضم ركود سوق الماس، أكبر مصدر للدخل في البلاد». في المقابل، يرى المحلل السياسي ليسولي ماتشاشا أن الرئيس بوكو «شغوف بالمعرفة والتعليم، ولديه دائماً فهم جيد للشؤون والقضايا الداخلية الجارية في بوتسوانا... وكذلك فهو جاد في إصلاح البلاد».

... الدافع الحقوقي

وفي موازاة الهاجس الاقتصادي، يبدو أن الدافع الحقوقي سيشكل عنصراً مهماً في أجندة بوكو الرئاسية؛ إذ عبر في مقابلة مع «بي بي سي» عن عزمه منح إقامة مؤقَّتة وتصاريح عمل لآلاف المهاجرين الذين وصلوا خلال السنوات الأخيرة بشكل غير نظامي إلى البلاد من الجارة زيمبابوي. وفي معرض تبريره هذا القرار، أوضح بوكو: «إن المهاجرين يأتون من دون وثائق؛ ولذا فإنَّ حصولهم على الخدمات محدود، وما يفعلونه بعد ذلك هو العيش خارج القانون وارتكاب الجرائم». ثم تابع مستدركاً: «ما يجب علينا فعله هو تسوية أوضاعهم».

ترويض مديرية الاستخبارات

لكن، ربما تكون المهمة الأصعب للرئيس الجديد هي ترويض «مديرية الاستخبارات والأمن»، التي يرى البعض أنها تتعامل وكأنها «فوق القانون أو هي قانون في حد ذاتها».

وهنا يشير الباحث سيبودوبودو إلى تقارير تفيد بأن الاستخبارات عرقلت التحقيقات التي تجريها «مديرية مكافحة الفساد والجرائم الاقتصادية» في قضايا فساد، تتمثل في تربّح بعض أقارب الرئيس السابق من المناقصات الحكومية، وأنباء عن انخراط الجهاز الاستخباراتي في أدوار خارج نطاق صلاحياته، وتضارب عمله مع الشرطة ومديرية الفساد. «وبناءً على ذلك قد تبدو مهمة بوكو صعبة في إعادة ترتيب مؤسسات الدولية السيادية، علماً بأن (مديرية الاستخبارات والأمن) كانت مركز تناحر بين الرئيس السابق وسلفه إيان خاما، كما أن المؤسسات التي كان من المفترض أن توفر المساءلة، مثل (مديرية مكافحة الفساد) والسلطة القضائية، جرى إضعافها أو تعريضها للخطر في ظل صمت الرئيس السابق».أخيراً، من غير المستبعد أن يفرض سؤال محاكمات النظام السابق نفسه على أجندة أولويات الرئيس الجديد، وفق متابعين جيدي الاطلاع، مع الرئيس السابق الذي لم يتردد في الإقرار بهزيمته. بل، وأعلن، أثناء تسليم السلطة، مجدداً أن على حزبه «التعلم الآن كيف يكون أقلية معارضة».