مجلس كركوك يصوت للمشاركة في استفتاء استقلال إقليم كردستان

محافظها الكردي اعتبر المشاركة «حدثاً تاريخياً»... وبغداد وأنقرة رفضتا القرار

مجلس كركوك يصوت للمشاركة في استفتاء استقلال إقليم كردستان
TT

مجلس كركوك يصوت للمشاركة في استفتاء استقلال إقليم كردستان

مجلس كركوك يصوت للمشاركة في استفتاء استقلال إقليم كردستان

صوت مجلس محافظة كركوك، المتنازع عليها بين حكومة بغداد المركزية وإقليم كردستان بشمال العراق، أمس، بالموافقة على إشراك المحافظة في الاستفتاء على استقلال الإقليم المزمع إجراؤه في 25 سبتمبر (أيلول) المقبل، ما أثار ردود فعل من بغداد وأنقرة على حد سواء.
وجددت بغداد موفقها الرافض لإجراء الاستفتاء، معتبرة أن قرار مجلس محافظة كركوك غير قانوني وغير دستوري، فيما اعتبرت أنقرة أن طرح موضوع الاستفتاء كان «خطأ منذ البداية»، وتصويت مجلس محافظة كركوك هو «حلقة أخرى في سلسلة الأخطاء».
وقالت عضو مجلس محافظة كركوك، هالة نور الدين، لوكالة الصحافة الفرنسية، إنه «تم التصويت بالغالبية، بحضور 24 عضوا (من أصل 41) على مشاركة كركوك في الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان». وأشارت إلى أن التصويت جرى بحضور محافظ كركوك نجم الدين كريم، وسط مقاطعة من قبل أعضاء المجلس العراقيين والتركمان. وبعيد التصويت، قال كريم للصحافيين إن «المشاركة في الاستفتاء حدث تاريخي».
وفي أول رد فعل للحكومة العراقية على هذا القرار، قال المتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء سعد الحديثي إن «كركوك جزء من المحافظات غير المرتبطة بالإقليم، وتشارك في الاجتماعات الدورية ومرتبطة إداريا وماليا بالحكومة الاتحادية». وأكد الحديثي أن «أي خطوة تتنافى مع الدستور والقانون نرفضها رفضا قاطعا، لكونها أمرا غير صحيح وغير جائز ولا يمكن للمحافظات أن تنفرد باتخاذ قرارات بعيدا عن الحكومة الاتحادية». وجدد الحديثي موقف بغداد الرافض لإجراء الاستفتاء، قائلا إن «موقفنا بشأن إجراء الاستفتاء هو أنه غير دستوري (...) ونرفض إجراء هذا الاستفتاء سواء كان في إقليم كردستان أو المناطق الواقعة خارج حدود الإقليم المقرة في الدستور العراقي».
وفي أنقرة، أصدرت وزارة الخارجية التركية بيانا اعتبرت فيه عملية التصويت «انتهاكا خطيرا للدستور العراقي».
وأضافت الوزارة في بيانها، بعدما أشارت إلى «مقاطعة» التركمان والعرب: «نذكركم بأن المحكمة الإدارية في بغداد حكمت في 17 أغسطس (آب) 2017 بأن المجلس وحكومة إقليم كردستان لا يملكان السلطة في المناطق المتنازع عليها». ووصف البيان القرار بأنه «حلقة جديدة في مسلسل الأخطاء»، وقال إن الاستفتاء المزمع إجراؤه في 25 سبتمبر (أيلول) المقبل، هو خطأ في حد ذاته. ولفت إلى أن تركيا أبلغت حكومة بغداد وسلطات إقليم كردستان برأيها، وعبرت عن قلقها حيال القرارات التي اتخذها الإقليم. وأضاف البيان أن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أكد خلال زيارته إلى العراق في 23 أغسطس (آب) الجاري، ضرورة تخلي إدارة الإقليم عن الاستفتاء، وحذر من مخاطر شمول المناطق المتنازع عليها فيه. وكان جاويش أوغلو حث إقليم كردستان على التراجع عن إجراء الاستفتاء، محذرا من أنه قد يؤدي إلى حرب أهلية بالعراق فضلا عن تأثيره السلبي على الاستقرار بالمنطقة.
وأوضح البيان أن مواصلة الإصرار على التحرك في هذا «الاتجاه الخطير» لن يخدم الإقليم ولا العراق، ولن يلقى قبولا من المجتمع الدولي، ولن يساهم في تحقيق السلام والاستقرار للمنطقة في هذه المرحلة، التي تشهد تطورات حرجة.
من جانبه، قال رئيس الجبهة التركمانية، النائب أرشد الصالحي، إن «ما قام به مجلس محافظة كركوك، غير قانوني»، محذرا من أن ذلك «سيدخل العراق في مزيد من الصراعات». بدوره، قال حسن توران، نائب رئيس الجبهة التركمانية عضو مجلس النواب العراقي، في تصريح، إن «إشراك المناطق المتنازع عليها في استفتاء إقليم كردستان يحمل أبعادا خطيرة ويعد مؤشرا لصراعات بين المكونات وهي بحاجة إلى توحيد الجهود لمواجهة عصابات (داعش) الذي يشكل تهديدا عليها بسبب احتلال قضاء الحويجة». ونقلت عنه وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، أن كركوك «تقع خارج حدود إقليم كردستان وكيف يجرى استفتاء في كركوك و40 في المائة منها بيد تنظيم (داعش)؟». وتابع أن «الاستفتاء سيخلق أزمة جديدة كما خلق موضوع رفع علم كردستان أزمة في المحافظة وعلى مجلس محافظة كركوك الانشغال بتقديم الخدمات للمواطنين وليس الانشغال بالمشكلات السياسية التي ليست من اختصاصه».
من جهة ثانية، دعا النائب محمد تميم، وهو أحد ممثلي عرب كركوك ووزير التعليم السابق: «الحكومة المركزية إلى التدخل لوقف مساعي إشراك كركوك في الاستفتاء (...) غير الدستوري».
وتعد كركوك التي تجمع غالبية مكونات الشعب العراقي، العرب الأكراد والتركمان وأقليات أخرى، من أهم المناطق المتنازع عليها بين بغداد وإقليم كردستان. وفي السابع من يونيو (حزيران)، أعلن رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني إجراء استفتاء في مناطق العراق الكردية في 25 سبتمبر على إقامة دولة مستقلة. ورغم أن التصويت غير ملزم، فإنه يشكل أساسا لإقامة دولة مستقلة مشروعها يختمر منذ نال أكراد العراق حكما ذاتيا من حكومة بغداد بعيد حرب الخليج في عام 1991.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.