اتفاق بين الحكومة التونسية ومحتجين ينهي 4 أشهر من الاحتجاجات في المناطق الصحراوية

حزب أسسه المرزوقي يرفض اتهامات في قضية اغتيال سياسيين يساريين

الوزير التونسي للشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي
الوزير التونسي للشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي
TT

اتفاق بين الحكومة التونسية ومحتجين ينهي 4 أشهر من الاحتجاجات في المناطق الصحراوية

الوزير التونسي للشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي
الوزير التونسي للشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي

وضعت المفاوضات التي قادتها الحكومة التونسية مع مجموعة من المحتجين في منطقة قبلي (600 كلم جنوب تونس) حداً لنحو أربعة أشهر من الاحتجاجات الاجتماعية والاعتصامات التي عطّلت إنتاج النفط والغاز في تلك المناطق الصحراوية المنتجة للطاقة في جنوب غربي البلاد.
وأعلن الوزير التونسي للشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي، عن إمضاء اتفاق نهائي مع المعتصمين المطالبين بالتنمية والتشغيل في مناطق دوز والقلعة والفوار في ولاية (محافظة) قبلي. وأكد، أن محضر الاتفاق أنهى الأزمة ليتم فتح مضخات النفط وصمامات الغاز، واعتبر الاتفاق بمثابة «انطلاقة لديناميكية جديدة تقطع مع كل أشكال الصدامات باتجاه تكريس نهج الحوار والعمل المشترك لتطبيق ما تم الاتفاق عليه بهدف دفع التنمية بقبلي وبالجنوب التونسي».
وتفادت الحكومة التونسية، من خلال هذا الاتفاق، مواجهة المحتجين بالقوة عبر اللجوء إلى إنفاذ القرار الرئاسي الذي صنّف نهاية يونيو (حزيران) الماضي مناطق إنتاج الثروات الطبيعية «مناطق عسكرية مغلقة» وأوكل مهمة حمايتها إلى المؤسسة العسكرية. بيد أن هشاشة الوضعين السياسي والأمني فرضت على الحكومة التراجع في التطبيق الصارم للقوانين على الرغم من تعطيل المحتجين لتدفق إنتاج النفط الغاز.
وخلال المفاوضات التي دامت أسابيع، تسلّم الطرف الحكومي لائحة ممضاة من جميع الأطراف المحتجة تضمنت 214 طلباً في قطاعات مختلفة تتعلق بصميم العملية التنموية في ولاية قبلي. بيد أن الحكومة وعدت فقط بتنفيذ عدد قليل من المطالب نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد. وأعلن المحتجون، بنتيجة ذلك، فشل المفاوضات مع الحكومة، واتهموها بالتملص من وعود التنمية، في حين أكدت الحكومة رفضها آليات للتفاوض المباشر بين المحتجين والمسؤولين عن الشركات البترولية العاملة في الجهة، قبل أن تعود جلسات التفاوض التي أفضت إلى اتفاق نهائي بين الحكومة والمحتجين، وأنهت نحو أربعة أشهر من الاحتجاجات.
في هذا الشأن، أكد وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي، في تصريح إعلامي، التزام الطرف الحكومي بكل ما تضمنه الاتفاق، وأن الحكومة ماضية في إنجازه في الآجال المعلن عنها. وأشار إلى أن الحلول التي تضمنها الاتفاق كانت «منطقية وواقعية». في السياق ذاته، قال فاخر العجمني، المتحدث باسم اعتصام دوز لـ«الشرق الأوسط»: إن الاتفاق استجاب لمعظم طلبات التنمية التي قدمها المحتجون، وهم الآن في انتظار الوفاء بتلك الالتزامات وتحويلها إلى واقع ملموس. وأشار إلى أن الاتفاق شمل تشغيل عدد من الشبان في الشركات البترولية، إضافة إلى نحو 1500 شاب من مختلف مناطق قبلي في شركات البيئة (شركات حكومية) وتنفيذ عدد من مشاريع التنمية في مجالات الطرقات والصحة والبنية التحية والخدمات.
وعلى الرغم من التوصل إلى اتفاق بين الحكومة والمحتجين، فقد ذكرت مصادر قضائية تونسية، أن أربعة من المشاركين في اعتصام دوز سيمثلون اليوم (الاثنين) أمام فرقة مقاومة الإجرام (فرقة أمنية) بمنطقة بن عروس (ضواحي العاصمة التونسية) للاستماع إلى شهاداتهم على خلفية المشاركة في الاعتصامات التي شهدتها ولاية قبلي.
على صعيد آخر، أعرب حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» المعارض (أسسه المنصف المرزوقي الرئيس التونسي السابق قبل أن يتخلى عنه ويؤسس حزب «تونس الإرادة») عن رفضه الاتهامات التي وجهها له حزب «الوطنيين الديمقراطيين الموحد» (وهو حزب يساري أسسه الراحل شكري بلعيد) من خلال تحميله المسؤولية في اغتيال كل من شكري بلعيد في 6 فبراير (شباط) 2013 والنائب البرلماني محمد البرأهمي في 25 يوليو (تموز) من السنة ذاتها.
ونددت الهيئة السياسية لحزب «المؤتمر» بما وصفته بـ«استمرار التوظيف السياسي» لملف الإرهاب والاغتيالات من طرف «حزب الوطد» (الوطنيين الديمقراطيين الموحد) بهدف «ابتزاز» خصومه السياسيين وتشويههم، مؤكدة احتفاظها بحقها في متابعة هذا الحزب أمام القضاء. وأكدت هيئة حزب «المؤتمر» حرصها على كشف الحقيقة في ملفات الإرهاب لقطع الطريق أمام ما أسمته بـ«التوظيف والمزايدة وعدم التشويش» على المسار القضائي لهذه الملفات التي لا تزال مطروحة أمام المحاكم التونسية.
وكانت تيارات يسارية وجّهت التهمة في اغتيال بلعيد والبراهمي في المقام الأول إلى حركة «النهضة»، الحزب الإسلامي الذي قاد تحالف «الترويكا» إلى جانب حزبي «المؤتمر من أجل الجمهورية» و«التكتل». وتبنت جماعة إسلامية متطرفة عمليتي اغتيال السياسيين اليساريين.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.