أيهما أفضل الصحافي المتخصص أم الصحافي الشامل؟

خبراء: التخصص أمر حتمي والشمولية ضرورية وورقة رابحة في الصحف الكبرى

أيهما أفضل الصحافي المتخصص أم الصحافي الشامل؟
TT

أيهما أفضل الصحافي المتخصص أم الصحافي الشامل؟

أيهما أفضل الصحافي المتخصص أم الصحافي الشامل؟

الصحافة مدرسة الشعوب، يدرك قيمتها القادة السياسيون حول العالم في توجيه الرأي العام وتشكيل وعيه؛ لذا يلعب الصحافي دورا مهما في تقديم المعلومات، وتقع عليه مهام كبرى، منها الإخبار والتثقيف والإعلام إلى جانب الإمتاع. وإلى جانب مواصفات الصحافي الجيد من تصميم وإصرار في الحصول على المعلومة، والدقة، والموضوعية، والقدرة على الوصول للمصادر، وموهبة الكتابة بأسلوب متميز وجذاب وغيرها، هناك مواصفات تصنع من الصحافي نجما، وتحقق له اسما بارزا.
وهنالك جدل مستمر في الأوساط الصحافية حول أفضلية الصحافي المتخصص أم الشامل، وعادة ما تنظر فئة الصحافيين المتخصصين الذين يستندون إلى تاريخ طويل في مجال معين إلى الصحافي الشامل الذي يقتحم مجالهم على أنه غير كفء، وأنه سيقدم مادة غير جيدة. من ناحية أخرى، تدعو مناهج الدراسات الإعلامية الحديثة في أوروبا وأميركا إلى أهمية التخصص في علوم الصحافة بحيث يخرج الطالب وهو مؤهل للعمل في تخصص صحافي بعينه، كصحافي ثقافي أو اقتصادي، أو محرر شؤون دولية، أو صحة أو امرأة ومجتمع، وغيرها.
ومنذ سنوات عديدة اتجهت الصحف العالمية للتخصص وبرزت أسماء صحافيين باتوا نجوما عالمين في مجال تخصصهم، كما تأسست جوائز لتكريم الصحافيين المتخصصين، مثل: العلميين. ورغم أن كل الشواهد تؤكد على قيمة الصحافي المتخصص، فإن الصحف الكبرى تعتبر «الصحافي الشامل» الحصان الرابح الذي تراهن عليه، وبخاصة في أوقات الأزمات الكبرى التي تتداخل فيها القضايا الاجتماعية مع الدينية والاقتصادية والثقافية، ويمثل لها حصنا آمنا تحتمي به إذ يمكنه بما يمتلكه من مصادر متنوعة وخلفية معرفية في مجالات متعددة أن يقدم مواد صحافية متكاملة قد لا يتمكن منها الصحافي المتخصص في مجال بعينه. هنا نستطلع آراء عدد من كبار الصحافيين والأكاديميين المتخصصين:
يرى الكاتب الصحافي المخضرم مكرم محمد أحمد، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بمصر، أنه من الصعوبة تحديد أفضلية الصحافي المتخصص أو الشامل؛ لأن كلاهما لديه أدواته التي تمكّنه من كتابة موضوع بشكل جيد، وصحيح أن الصحافة العالمية متجهة للتخصص ولدينا في العالم العربي صحافيون اقتصاديون وعلميون نجحوا في تحقيق اسم كبير في مجالهم، لكن ذلك لا يمنع أن الصحف الكبرى دائما في حاجة مستمرة إلى الصحافي الشامل المتمكن الذي يمتلك القدرة على طرح الأسئلة بصورة منهجية وعقلانية في أي مجال، ويستطيع التواصل مع المصادر ويعد موضوعه بشكل احترافي.
ويشير نقيب الصحافيين المصريين الأسبق، والأمين العام الأسبق لاتحاد الصحافيين العرب، إلى أن الصحافي الشامل يبرز دوره في التحقيقات الصحافية التي تتطلب أن يكون الصحافي ملما بمعلومات في كافة المجالات لكي يتمكن من طرح الأسئلة والبحث عن الحقائق وكشفها للرأي العام.
«نحن في زمن الصحافي الشامل» هكذا يرى الدكتور محمود علم الدين، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، قائلا: «إنه من الضروري أن يكون الصحافي ملما بكافة الجوانب المعرفية والجوانب التكنولوجية التي تخدم عمله، فهو مطالب بأن يكون مثقفا موسوعيا، وهي سمة لا بد أن تكون أساسية في الصحافي في بدايات عمله، ومع الوقت قد يتجه للتخصص، لكنه يجب أن يظل مطلعا ومواكبا للتطورات والتحولات في المجالات كافة من حوله وبشكل دائم». ويؤكد علم الدين أن الصحافي «يجب أن يطور من نفسه وأدواته بصفة دائمة إذا أراد أن يكون متميزا». ويقارب علم الدين بين الصحافي والباحث كونهما يجب أن يتابعا كل جديد وينقبا عن المعلومات بدقة وموضوعية، لافتا إلى أن طبيعة العمل الإعلامي ككل في الوقت الحالي تتطلب من الصحافي الكثير من المهارات التي لن يمتلكها فقط بالتعليم الجامعي والتخصص الأكاديمي في مجال الإعلام فقط، بل أن يمتلك أدوات تكنولوجية إلى جانب أسلوب إبداعي ومهارة وموهبة الكتابة، وبخاصة أن المؤسسات الإعلامية الكبرى أصبح لديها روافد متعددة للنشر، منها الورقي والإلكتروني والمرئي أيضا.
كذلك يؤكد الدكتور حسين أمين، أستاذ الإعلام بالجامعة الأميركية بالقاهرة أن من أهم مواصفات الصحافي الجيد بشكل عام امتلاكه لعمق ثقافي يستند عليه، ونظرا لكون الثقافة مركبا ثقافيا، في حين أن المهنية لا ترتبط بالتخصص أو الشمولية لأن لها معايير أخرى؛ لذا فمن الصعوبة تحديد الأفضلية.
ويشير مدير مركز كمال أدهم للصحافة التلفزيونية والإلكترونية بالجامعة الأميركية بالقاهرة، إلى أن هنالك اتجاهين، الأول: يرجّح أن الإعلامي يجب أن يكون متخصصا بحيث يمتلك مهارة تحويل المادة العلمية إلى مادة صحافية مقروءة ومستساغة للجمهور، أو يحولها لما يسمى «كبسولات معرفية»، وتصبح مادة قابلة للقراءة أو المشاهدة أو الاستماع. أما الاتجاه الآخر الذي يرى أنه عصر السماوات المفتوحة وضغوط العمل الصحافي من ضيق الدورة الخبرية والتنافسية مع المواقع الإلكترونية يجب أن تتوافر في الصحافي صفة الشمولية.
ويلفت الدكتور أمينن إلى أن دورة وسائل الإعلام نفسها أو المؤسسات الصحافية الكبرى تبدأ بشكل شمولي، فهي تبدأ بصحف يومية ذات أقسام متعددة ثم تتجه لإصدار صحف متخصصة في الرياضة أو الاقتصاد أو السيارات وغيرها؛ «لذا فالتخصص سمة من سمات تقدم وسائل الإعلام وتطورها».
ويقول: «ولكن من المهم أن نضع في الاعتبار أن الصحافة تقدم خدمة أو منتجا يستهلك الجمهور، ولا بد أن يكون الصحافي لديه القدرة على التأثير في الوجدان الجماهيري لمجتمعه».
من جانبه، يقول الدكتور سعيد الدحيه الزهراني، الإعلامي السعودي والأكاديمي المتخصص في الصحافة والنشر الإلكتروني لـ«الشرق الأوسط»: «المصطلحات ومدلولاتها تعرضت عبر هذه البيئة الجديدة لهزات عميقة مفاهيمياً وتطبيقياً، ومنها هذا السؤال الشيق حول شمولية الصحافي أو تخصصه، في إطار معايير المهنية والإنتاج وتحقيق الدور الوظيفي الأمثل صحافياً». ويؤكد الزهراني أن «الواقع الاتصالي اليوم تمثله ثورة معلوماتية إلكترونية شاملة وهائلة. سمتها الرئيسية - بعد السرعة والتسارع - التشاركية إنتاجاً واستهلاكاً؛ ما أسهم في خلق حالة من الإرباك في عملية تنظيم البيانات والتعامل معها والإفادة من مضامينها، وهنا نصل إلى الصحافي المتخصص الذي هو بمرتبة خبير في تخصصه وحقله ومجاله».
لكنه يرى أن «الموسوعيين في مرحلة التدفق الهائل للمعلومات ليس في كل الحقول فحسب، بل في التخصص الواحد، باتوا أسطورة تخييلية غير واقعية» ويقول: «اليوم أضحى التخصص الواحد بتفريعات شتى وتحتاج إلى متخصصين في فرع واحد من تخصص واحد، لنصل إلى نتيجة حتمية تبرهن على أن الصحافي الشامل بات حالة ادعائية لا أكثر» ويبرهن الزهراني على أن «الشواهد من رموز الإعلام المتعددة في حقول التعاطي والنشر تؤكد هذا الاتجاه... إذ حين يحضر اسم أحد الرموز الصحافية يبرز اتجاهه الخاص ومجاله المتخصص في السياسة أو الاقتصاد أو الثقافة أو الرياضة أو الفن، وهكذا».
لافتا إلى أن «الاتجاه نحو التخصص الصحافي بالحتميّة، لا يمنع ضرورة أن يلم الصحافي بمعالم الحقول الأخرى ومستجداتها. وهذا متحقق بالأصل جراء الثورة المعلوماتية التي أفرزتها البيئة الاتصالية الإلكترونية التي لا تستأذن أحداً في الوصول والانتشار، لكن البصمة التي تصنع الفرق وتحقق المفهوم الصحافي وظيفياً تكمن في استراتيجيات التخصص التي شملت حتى الفنون الصحافية، مثل: التحقيقات الاستقصائية والأعمال الحوارية وغيرها. ويخلص إلى أن «الوعي الشامل ضرورة، لكن التخصص أمر متحتم».
«القاعدة تقول اعرف كل شيء عن شيء، واعرف شيء عن كل شيء» استنادا لهذا المبدأ يرى الصحافي محمد مصطفى عبد الرءوف، سكرتير تحرير «وكالة أنباء الشرق الأوسط» المصرية الرسمية، أن الصحافة بدأت تتجه للتخصص منذ أكثر من 10 سنوات، فظهرت الملاحق والإصدارات المتخصصة، معتبرا أنه «عمليا، لا يمكن تطبيق مفهوم الصحافي الشامل؛ لأن بعض التخصصات تحتاج إلى فهم عميق من الصحافي الذي يعمل بها، مثل: الاقتصاد أو الثقافة أو الرياضة، لكي يستطيع الصحافي أن يقدم ما وراء الخبر، فلو افترضنا أن صحافيا رياضيا حاول أن يكتب خبرا اقتصاديا فالنتيجة لن تكون مرضية».
ويتفق مصطفى مع الزهراني في أن المفاهيم الصحافية تأثرت بالتحولات والتغيرات في المجالات الأخرى، ولا سيما التحولات التكنولوجية، قائلا إن «الصحافي الشامل أصبح مصطلحا يمكن إطلاقه الآن على الصحافي الذي يجيد كل فنون العمل الصحافي one man crew، أي الصحافي الذي يكتب تقريرا ويصوره سواء بالفوتوغرافيا أو الفيديو، ويعالجه فنيا ليجعله صالحا للنشر».
أما الإعلامي أكرم شعبان، مدير مكتب «بي بي سي» البريطانية بالقاهرة، فيرى أن المفاضلة بين الصحافي المتخصص والشامل أمر صعب لأن المؤسسات الإعلامية في حاجة ماسة إليهما. ويوضح أن «هناك تخصصات صحافية تتطلب صحافيا متمكنا، منها أقسام: الرياضة والاقتصاد والصحة والتكنولوجيا، إلا أن وجود (الصحافي الجوكر) له أهمية كبرى؛ إذ يمكن الاعتماد عليه في الكتابة عن القضايا الشائكة والمتداخلة»
ولكن يعتقد شعبان أن ليس كل صحافي شامل يمتلك القدرات الذهنية والكتابية والثقافية التي تمكنه من التميز، أو كما يقال: «ليس كل شامل كامل». ويؤكد شعبان من خلال خبرته الصحافية والإعلامية أن «المسألة تتوقف على المحتوى المتفرد والقدرات الخاصة للصحافي الجوكر الذي يكون قد وصل إلى مهاراته عبر سلسلة من الخبرات المتراكمة والمهارات المكتسبة عبر التدريب المستمر».
ويلفت شعبان إلى أن الصحافي الجوكر يفيد مؤسسته، حيث إنه يوفر طاقم عمل لا يقل عن 3 أفراد، وهو أمر ضروري للمؤسسات الكبرى التي تغطي صراعات وحروبا وأزمات مختلفة حول العالم. ويؤكد الصحافي متعدد المواهب «مالتي سكيل جورناليست» بات ضرورة في ظل تعدد المنصات الإعلامية للمؤسسات، وحول نموذج «بي بي سي» يقول: إن الصحافي في «بي بي سي» يتمرس على الكتابة للموقع وإعداد تقارير صوتية للراديو، والتقديم التلفزيوني، ويمكنه إعداد التقارير المصورة والقيام بمونتاج لها وتحرير المواد المكتوبة، وهو ما تتميز به شبكة مراسلين «بي بي سي» حول العالم.


مقالات ذات صلة

تونس والسنغال تتراجعان في تقرير «مراسلون بلا حدود» السنوي لحرية الصحافة

العالم العربي تونس والسنغال تتراجعان في تقرير «مراسلون بلا حدود» السنوي لحرية الصحافة

تونس والسنغال تتراجعان في تقرير «مراسلون بلا حدود» السنوي لحرية الصحافة

أظهر التقرير السنوي لحرية الصحافة لمنظمة «مراسلون بلا حدود»، اليوم الأربعاء، أن تونس والسنغال كانتا من بين الدول التي تراجعت في الترتيب، في حين بقيت النرويج في الصدارة، وحلّت كوريا الشمالية في المركز الأخير. وتقدّمت فرنسا من المركز 26 إلى المركز 24.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم غوتيريش يندد باستهداف الصحافيين والهجوم على حرية الصحافة

غوتيريش يندد باستهداف الصحافيين والهجوم على حرية الصحافة

ندّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اليوم (الثلاثاء)، باستهداف الصحافيين، مشيراً إلى أنّ «حرية الصحافة تتعرّض للهجوم في جميع أنحاء العالم». وقال في رسالة عبر الفيديو بُثّت عشية الذكرى الثلاثين لـ«اليوم العالمي لحرية الصحافة»، إن «كلّ حرياتنا تعتمد على حرية الصحافة... حرية الصحافة هي شريان الحياة لحقوق الإنسان»، وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أن «حرية الصحافة تتعرّض للهجوم في جميع أنحاء العالم»، مشيراً إلى أنّه «يتمّ استهداف الصحافيين والعاملين في الإعلام بشكل مباشر عبر الإنترنت وخارجه، خلال قيامهم بعملهم الحيوي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم صحافي ليبرالي في الصين يواجه تهمة «التجسس»

صحافي ليبرالي في الصين يواجه تهمة «التجسس»

ذكرت جمعية تعنى بالدفاع عن وسائل الإعلام أن تهمة التجسس وجهت رسمياً لصحافي صيني ليبرالي معتقل منذ عام 2022، في أحدث مثال على تراجع حرية الصحافة في الصين في السنوات الأخيرة، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». كان دونغ يويو، البالغ 61 عاماً والمعروف بصراحته، يكتب افتتاحيات في صحيفة «كلارتي» المحافظة (غوانغمينغ ريباو) التي يملكها الحزب الشيوعي الحاكم. وقد أوقف في فبراير (شباط) 2022 أثناء تناوله الغداء في بكين مع دبلوماسي ياباني، وفق بيان نشرته عائلته الاثنين، اطلعت عليه لجنة حماية الصحافيين ومقرها في الولايات المتحدة. وقالت وزارة الخارجية اليابانية العام الماضي إنه أفرج عن الدبلوماسي بعد استجو

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم العربي المغرب: أربعة من وزراء الإعلام السابقين يرفضون لجنة مؤقتة لمجلس الصحافة

المغرب: أربعة من وزراء الإعلام السابقين يرفضون لجنة مؤقتة لمجلس الصحافة

بدا لافتاً خروج أربعة وزراء اتصال (إعلام) مغاربة سابقين ينتمون إلى أحزاب سياسية مختلفة عن صمتهم، معبرين عن رفضهم مشروع قانون صادقت عليه الحكومة المغربية الأسبوع الماضي، لإنشاء لجنة مؤقتة لمدة سنتين لتسيير «المجلس الوطني للصحافة» وممارسة اختصاصاته بعد انتهاء ولاية المجلس وتعذر إجراء انتخابات لاختيار أعضاء جدد فيه. الوزراء الأربعة الذين سبق لهم أن تولوا حقيبة الاتصال هم: محمد نبيل بن عبد الله، الأمين العام لحزب «التقدم والاشتراكية» المعارض، ومصطفى الخلفي، عضو الأمانة العامة لحزب «العدالة والتنمية» المعارض أيضاً، والحسن عبيابة، المنتمي لحزب «الاتحاد الدستوري» (معارضة برلمانية)، ومحمد الأعرج، عضو

«الشرق الأوسط» (الرباط)
المشرق العربي «الجامعة العربية» تنتقد «التضييق» على الإعلام الفلسطيني

«الجامعة العربية» تنتقد «التضييق» على الإعلام الفلسطيني

انتقدت جامعة الدول العربية ما وصفته بـ«التضييق» على الإعلام الفلسطيني. وقالت في إفادة رسمية اليوم (الأربعاء)، احتفالاً بـ«يوم الإعلام العربي»، إن هذه الممارسات من شأنها أن «تشوّه وتحجب الحقائق». تأتي هذه التصريحات في ظل شكوى متكررة من «تقييد» المنشورات الخاصة بالأحداث في فلسطين على مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما في فترات الاشتباكات مع القوات الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

السعودية على درب التحضير لـ«إكسبو 2030»

الموضوع العام الذي سينعقد «إكسبو الرياض 2030» على ضوئه يحمل رؤية المملكة وهو «تخيل الغدّ» (موقع إكسبو الرياض 2030)
الموضوع العام الذي سينعقد «إكسبو الرياض 2030» على ضوئه يحمل رؤية المملكة وهو «تخيل الغدّ» (موقع إكسبو الرياض 2030)
TT

السعودية على درب التحضير لـ«إكسبو 2030»

الموضوع العام الذي سينعقد «إكسبو الرياض 2030» على ضوئه يحمل رؤية المملكة وهو «تخيل الغدّ» (موقع إكسبو الرياض 2030)
الموضوع العام الذي سينعقد «إكسبو الرياض 2030» على ضوئه يحمل رؤية المملكة وهو «تخيل الغدّ» (موقع إكسبو الرياض 2030)

قبل عام بالتمام والكمال، فازت الرياض، بتفوق، بتنظيم المعرض الدولي لعام 2030 وسط حالة من البهجة والسرور في الداخل والخارج ووسط حضور إعلامي استثنائي، نادراً ما شهد مثله المكتب العالمي للمعارض الذي استعاض بهذه المناسبة عن مكاتبه الباريسية الضيقة بقصر المؤتمرات في مدين «إيسي ليه مولينو» الواقعة على المدخل الغربي الجنوبي للعاصمة الفرنسية.

والثلاثاء، كان المكتب على موعد مع جمعيته العمومية الـ175، والاجتماع السنوي الذي ضم ممثلين عن أعضائه الـ184 لم يكن للإعلان عن فوز دولة جديدة بأي من المعارض بأنواعها الأربعة التي ينظمها المكتب الدولي، بل كان الغرض الأول منه الاستماع لوفد اليابان ليعرض التقدم الذي تحقق على درب تنظيم المعرض الدولي المقبل في مدينة أوزاكا ما بين 13 أبريل (نيسان) و13 أكتوبر (تشرين الأول) 2025. من هنا، كان الحضور الكاسح لوسائل الإعلام اليابانية والوفد الرسمي الكبير الذي جاء لفرنسا بهذه المناسبة. ولم يكتف الوفد الياباني بالكلمات التفصيلية بل قرن ذلك بثلة من أفلام الفيديو التي تشرح طموحات أوزاكا.

عبد العزيز الغنام المدير العام لإكسبو الرياض 2030 متحدثاً في الجمعية العمومية للمكتب الدولي للمعارض (الشرق الأوسط)

بيد أن الجمعية العمومية كانت أيضاً على موعد مع وفد المملكة السعودية ليعرض خططه والخطوات التنظيمية التي اجتازتها الرياض التي ما زال أمامها خمسة أعوام قبل الاستحقاق الكبير.

ووقعت المهمة على عاتق عبد العزيز الغنام، المدير العام لـ«إكسبو الرياض 2030» ليلقي كلمة ركز من خلالها على التوجهات الثلاثة الرئيسية التي تعمل الهيئة على تحقيق تقدم بشأنها، تاركاً التفاصيل لمتكلمين جاءوا بعده إلى المنصة. وفي المقام الأول، أشار الغنام إلى أن مدينة الرياض «أطلقت برنامجاً محدداً لتهيئة المدينة، وذلك من خلال دراسة أفضل الممارسات التي اتبعتها الجهات التي استضافت معارض إكسبو في السابق، وحددت المجالات الرئيسية للاستعداد للحدث الكبير». وأضاف الغنام: «أطلقنا، إضافة إلى ما سبق، دراسة لتقييم قدرة الرياض على المدى الطويل في عام 2030 والقيام بالاستثمارات اللازمة». وفي المقام الثاني، أفاد الغنام بأن المملكة «على المسار الصحيح لتقديم ملف التسجيل (للمكتب) لمراجعته بحلول أوائل عام 2025». وزاد: «نحن، في الوقت نفسه، نحرز تقدماً سريعاً حتى نكون جاهزين لتوقيع اتفاقية المقر بمجرد تسجيل إكسبو رسمياً». وأخيراً، وفي المقام الثالث، أشار الغنام إلى تطورات عمل الهيئة المنظمة: «بناءً على ملاحظاتكم ومساهمات كبار الخبراء، قمنا بتنقيح وتحسين موضوعنا العام ومواضيعه الفرعية ومخططنا الرئيسي وشعار إكسبو 2030 الرياض». واختتم كلمته بالقول إن «إكسبو الرياض 2030 ملك لنا جميعاً ونحن ملتزمون بتعميق شراكتنا معكم في كل خطوة على الطريق، بينما نواصل هذه الرحلة الرائعة معاً».

وكانت الكلمة الثانية لغيدا الشبل، من الهيئة المنظمة للمعرض، التي ركزت كلمتها على ما حققته الهيئة «لكسب ثقة المكتب ومواصلة الجهود لتقديم معرض غير مسبوق». وفي كلمتها، تناولت الشبل ثلاث نقاط؛ أولاها هيكلة حوكمة إكسبو. وفي هذا السياق، أشارت الشبل إلى أن «اللجنة العليا لإكسبو ستعمل، على أعلى مستوى، برئاسة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء على ضمان استمرار إكسبو بوصفه أولوية وطنية وقصوى للمملكة».

وأضافت: «ستتولى شركة تطوير إكسبو الرياض، التي أسسها صندوق الاستثمارات العامة، الإشراف على جميع مراحل إكسبو 2030 الرياض من أجل مواءمة الأهداف الاستراتيجية مع الأنشطة التشغيلية. وأخيراً، سيواصل المفوض العام لإكسبو 2030 تنسيقه الوثيق مع المكتب الدولي للمعارض، وسيمثل حكومة المملكة في جميع الأمور المتعلقة بإكسبو». وأشارت أيضاً إلى أن شركة تطوير إكسبو الرياض، التي أسسها صندوق الاستثمارات العامة، «ستتولى الإشراف على جميع مراحل إكسبو 2030 الرياض من أجل مواءمة الأهداف الاستراتيجية مع الأنشطة التشغيلية».

كذلك، فصلت الشبل الموضوع العام الذي سينعقد المعرض على ضوئه والذي يحمل رؤية المملكة، وهو «تخيل الغدّ» الذي ينقسم بدوره إلى ثلاثة مواضيع فرعية، وهي موضوع «تقنيات التغيير» وكيف يمكن للابتكار والإنجازات العلمية أن تحدث تغييراً إيجابياً. والموضوع الثاني عنوانه «حلول مستدامة» والمقصود بذلك الأساليب المبتكرة للعمل المناخي والتنمية المستدامة وتجديد النظام البيئي التي تدعم التقدم والإشراف البيئي.

فيما الموضوع الثالث محوره «الازدهار للجميع» بمعنى أن «التقدم الحقيقي تقدم شامل، ويعزز عالماً يكون فيه الازدهار واقعاً يتقاسمه الجميع». وأخيراً، أشارت الشبل إلى حضور الهيئة القوي في معرض أوزاكا وما ستقوم به في هذه المناسبة، كما وجهت الشكر للشريك الياباني لتعاونه. وأعقب ذلك فيلم فيديو قدمه مازن الفلاح يبين ما سيكون عليه المعرض المرتقب.