لبنان يشهد موسم احتفالات كثيفة بمناسبة العيد

أبرزها «مهرجانات بيروت الأضحى الدولية» و«صندوق الدنيا» في بعقلين

الفنانة نجوى كرم  -  الفنان عاصي الحلاني
الفنانة نجوى كرم - الفنان عاصي الحلاني
TT

لبنان يشهد موسم احتفالات كثيفة بمناسبة العيد

الفنانة نجوى كرم  -  الفنان عاصي الحلاني
الفنانة نجوى كرم - الفنان عاصي الحلاني

يصل عيد الأضحى هذه السنة لبنان مرتدياً حلّة غنيّة بالاحتفالات والنشاطات الفنيّة الموزّعة على كل مناطقه. ويأتي «مهرجان بيروت الأضحى» في نسخته الأولى هذا العام ليشكّل أحد أبرز النشاطات التي تشهدها العاصمة بالمناسبة، لا سيما أنه يتضمن إلى جانب السهرات الغنائية أخرى كوميدية وموسيقية.
وتفتتح هذه المهرجانات التي أشار رئيسها عمر خطاب إلى أنها لا تبغي الربح، بل بناء الجسور بين مختلف المجتمعات في لبنان، بحفلة للفنانة هبا طوجي في استعراض غنائي في 1 سبتمبر (أيلول) الجاري، يتضمن أغاني منوعة ما بين العربية والأجنبية، إضافة إلى أخرى طربية ستؤدّي خلالها طوجي واحدة للراحلة أم كلثوم. أما في 2 سبتمبر فسيعتلي خشبة «مسرح بيال»، حيث تجري وقائع المهرجان، الفنان ناصيف زيتون ليمضي معه محبوه سهرة من العمر على وقع أغنيات اشتهر بها وبينها «مجبور» (مسلسل الهيبة) و«بربّك» التي حققت نجاحا واسعا هذا العام. وسيكون روّاد المهرجان على موعد مع الضحك، ضمن سهرة كوميدية يحييها المقدّم التلفزيوني هشام حداد ليلة 3 سبتمبر. ولأول مرة سينقل حداد برنامجه التلفزيوني الساخر «لهون وبس» مباشرة أمام الحضور بأسلوب جديد يعتمد فيه على القفشات والتعليقات اللاذعة التي اشتهر بها، وتطال أهل السياسة والفنّ والإعلام في لبنان.
وفي 4 سبتمبر يحيي الفنان ملحم زين حفلة غنائية، وهو الذي سبق وقدّم عشرات الحفلات في موسم الصيف الحالي. وتأتي هذه السهرة من ضمن تلك التي يقوم بإحيائها رغم تعرّضه لحادث سير مروع أصيب خلاله بكسر في يده.
وتختتم فعاليات «مهرجان بيروت الأضحى الدولية» لياليها مع عازف البيانو الموسيقي ميشال فاضل، الذي سيقدّم باقة من المقطوعات الموسيقية التي عرف بها منذ بداياته حتى اليوم، ويجمع فيها ما بين النوتات الغربية والشرقية.
ومن ناحيتها، تشارك الفنانة نجوى كرم في احتفالات عيد الأضحى من خلال إحيائها سهرة غنائية في 2 سبتمبر ضمن مهرجانات قرطبا الصيفية، بينما يطلّ صاحب لقب فارس الأغنية اللبنانية عاصي الحلاني وفي الموعد نفسه ضمن حفلة يحييها على مسرح «كازينو لبنان».
أما بلدة بعقلين الشوفية فستشهد وعلى مدى يومين (1و2 سبتمبر) نشاطات خاصة بالعيد تحت عنوان «صندوق الدنيا»، تنظمها مؤسسة إيناس أبو عياش الخيرية. ويتضمن هذا المهرجان الذي يتوجّه لجميع أفراد العائلة الواحدة نشاطات ترفيهية خاصة بالكبار والصغار ستجري وسط البلدة، وبينها مسرحية للأطفال من تقديم فريق (ميني استوديو)، وأخرى تحت عنوان «الحكواتي»، وتجري خلالها استعراضات يشارك فيها مهرّجون وممثلون. كما يطلّ في هذا المهرجان الذي يرعاه نجل النائب وليد جنبلاط تيمور المقدّم التلفزيوني ميشال قزي ليمضي معه الحضور لحظات من الفرح ضمن ألعاب مسليّة. وتشير إيناس أبو عيّاش في حديث لـ«الشرق الأوسط» بأن هناك نحو 38 بلدية من منطقة الشوف تشارك في إقامة هذا المهرجان وبينها (العرفان وكاريتاس ودار اليتيم وغيرها) وقالت: «أردنا استحداث واحة ترفيهية للعائلة اللبنانية تتيح لها تمضية أيام العيد مع الفرحة والابتسامة مجانا ودون أي مقابل مادي، فأبواب (صندوق الدنيا) مفتوحة أمام الجميع، وأنا أدعو كلّ من يهمّه الأمر أن يقصد بلدة بعقلين، ويستمتع بطقسها وبأجواء العيد الدائرة فيها، والتي ستختتمها الفنانة نانسي عجرم ضمن حفلة غنائية تقام مساء 2 سبتمبر».
وبالعودة إلى بيروت فقد سلّم «مركز لبنان للعمل التطوعي» وبمبادرة منه لمساعدة الفقراء والمسنين في المناسبة، مجموعة من الملابس إلى إدارة مستشفى (دار العجزة الإسلامية) ليتم توزيعها أيام العيد على المحتاجين من المسنين والمتقدمين في العمر.
ودعا رئيس المركز محمد علي الجنّون أصحاب الأيادي الخيرية بمشاركته هذه المبادرة والتبرّع للمركز بالملابس لتكون بمثابة «كسوة العيد» للمحتاجين إليها.
وستشهد بيروت أيضا في مناسبة عيد الأضحى وتحت عنوان «عم نحلمك لبنان» مهرجان (بيستس) الذي سيقام على واجهتها البحرية ابتداء من 24 الجاري ولغاية 3 سبتمبر المقبل. وسيشارك في إحيائه باقة من النجوم، وبينهم راغب علامة وشيرين عبد الوهاب اللذين سيقدمان سويا سهرة بعنوان (سهرة شرقية) في 25 الجاري، فيما ستتلوّن باقي أيام هذا المهرجان بنشاطات أخرى رياضية وبقرية سياحية وعروض مميزة للألعاب النارية.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».