البرامج الغربية الوافدة تملأ فراغاً صنعناه بأنفسنا

بعض البرامج الدولية لاقى نجاحاً في مخيمات اللاجئين السوريين بالأردن (غيتي)
بعض البرامج الدولية لاقى نجاحاً في مخيمات اللاجئين السوريين بالأردن (غيتي)
TT

البرامج الغربية الوافدة تملأ فراغاً صنعناه بأنفسنا

بعض البرامج الدولية لاقى نجاحاً في مخيمات اللاجئين السوريين بالأردن (غيتي)
بعض البرامج الدولية لاقى نجاحاً في مخيمات اللاجئين السوريين بالأردن (غيتي)

تجتاح العالم العربي عشرات البرامج التعليمية التي تأتي بها منظمات دولية، وهيئات ومؤسسات غربية بهدف المساعدة في تحديث المناهج التي لا تزال تخضع لكلاسيكية تجاوزها الزمن. من هذه البرامج ما يعنى ببناء الشخصية، أو تعزيز الثقة بالنفس، وربما تقوية تعلم اللغة الإنجليزية، وتطوير استخدام الرياضيات والعلوم، والأغرب هي تلك التي تصلنا لتوثيق علاقتنا باللغة العربية.
تتعدد الأهداف ويبقى السؤال واحداً: ما مدى الفائدة التي يجنيها التلامذة العرب من هذه البرامج الوافدة؟ وهل هي بريئة الأهداف والغايات؟ ولماذا تصرف دول أجنبية عشرات ملايين الدولارات دون حتى أن نطلب منها ذلك، لترسل لنا خبراءها وتجاربها، لتحسين التعليم، وتوعية الأطفال، وتحديث المدرسة؟ وما دور وزارات التربية؟ وما فائدة برامج تكاد تكون فائضة عن الحاجة، ومعدومة الزبد تغرق بها مخيمات النازحين السوريين، في بلد اللجوء دون أي تنسيق بينها، كون كل منها له إدارته وتمويله وأهدافه؟
- تجارب ناجحة
«غياب الرؤية التعليمية العامة في البلد الواحد هو بحد ذاته مشكلة. المسؤولية في الأساس تقع على عاتق الجهات المحلية وبالدرجة الأولى وزارات التربية التي تستطيع أن تفرض شروطها على الهيئات الدولية والمنظمات»، تقول الدكتورة هنادا طه، وهي أستاذ كرسي اللغة العربية في جامعة زايد في الإمارات، والمتخصصة في الاستشارات التربوية، كما أنها مستشارة في «مؤسسة الفكر العربي»... د. طه على معرفة وثيقة بهذه البرامج وما يطبق منها في الأردن ولبنان، وبشكل خاص المغرب، حيث تعتبر التجربة هناك ناجحة جداً، «لأنهم عرفوا كيف يشتغلون بشكل صحيح. فالأساس هو أن يكون الفريق الوافد مؤهلاً وعلى دراية عالية بالمكان الآتي إليه».
ومن جهة أخرى، وعلى الجانب المحلي يجب ألا يترك العمل للمدّعين، بل يعين أصحاب الكفاءة والمقدرة. وتشرح د. هنادا: «لا نستطيع أن نقول إن هذه البرامج عظيمة وستغير التعليم في بلد معين، لكن لا بد من عمل كل جهد ممكن للاستفادة منها». ولكن ماذا يحدث في الكواليس، وفق أي معايير يصل هؤلاء الخبراء وكيف يتم اختيار البرامج؟ تجيب: «هي مبادرات تصل إلى الدول الأقل حظاً من الناحية الاقتصادية، حيث ترصد في بعض الدول الغربية والمنظمات مبالغ كبيرة جداً، بحيث يمول أحياناً المشروع الواحد بما يصل إلى 80 مليون دولار. وتقدم اقتراحات أو لنقل مناقصات من قبل شركات كبرى إلى هذه المنظمات كل منها تأتي باقتراحات مفصلة، تكاد تشبه الواحدة منها أطروحة دكتوراه. أي أن الأمور تسير بجدية تامة. لكن رغم ذلك، هؤلاء الخبراء قد يكونون دون دراية كافية بالمنطقة أو طبيعة البلد، لذلك فدور الجهات المحلية - حين يصلون إلى البلد - التي يعملون معها ومدى كفاءتها، أمر مهم للغاية». وتضيف: «لهذا أعتبر أن الأردن والمغرب تمكنا فعلاً من الإفادة من هذه البرامج لتطوير التعليم بشكل جيد».
- عامل الصدفة
أما لماذا تدفع كل تلك الأموال للعناية بتلامذتنا، وهي تصل إلى عشرات ملايين الدولارات؟ فجواب د. هنادا، أن الأمور متداخلة وهناك ما نعلمه وما لا نعلمه. «شخصياً لا أعرف ما الأهداف العميقة. لكن لنا فيما نرى ونعرف. طبعاً هم دائماً يتحدثون أنهم يريدون أن يأتوا لنا بالديمقراطية وحقوق الإنسان، والأشياء الأخرى التي نعرفها. لكن يمكن تصور أن جزءاً من أهداف هذه البرامج له علاقة بالتطرف أو مسحات تدين فائضة». وتشرح بعض البرامج التي عرفتها عن كثب: «لم تأتِ جاهزة أبداً، وإنما كتبت محلياً. وأنا عملت مع المغرب وساعدت في الكتابة. لم يكن برنامجاً معلباً، وهذا هو فهمي لما يحدث في الأردن ومصر واليمن. كلنا طبعاً من أنصار التعليم الحديث وأن يحض المنهج على التفكير والخلق ويشجع على المحاججة. وهذا لا يختلف عما درسناه في لبنان».
«المشكلة الكبيرة تقع حين تكون هذه البرامج كثيرة ولا تتبع الجهة نفسها ولا الفلسفة نفسها، ولا التوجه والمنحى ذاته»، تقول د. طه حين نسألها عما يحدث في مخيمات النزوح السوري من قبل الهيئات المعنية بهم: «في هذه الحالة، تصبح مجرد برامج تطرح والنتائج متروكة للصدفة. أعان الله من عليه أن يتحمل هذا العبء».
- تقصير حكومي
ما يهم الدكتورة طه هو التعليم الحكومي العام، وهي معنية بهذا المجال. وتركيزها بشكل أساسي على اللغة العربية التي تقول عن تعليمها إنه «في غاية الفظاعة والدمامة في المدارس العربية الحكومية في غياب الاعتناء الحقيقي بالطفل لغة ونفسية وإنساناً، وكذلك المعلم». تكمل بالقول: «لا أعرف كيف صار المعلم معلماً بهذه المواصفات. نتحدث عن دول كثيرة، التعليم العام فيها باللغة العربية ولا أسوأ. فعلاً أي شيء يأتي من الخارج سيكون أفضل. الحد الأدنى الذي يتوقعه الإنسان في صف اللغة العربية غير موجود. كأن يتحدث المدرس مع تلامذته باللغة الفصحى. هذا غير متوفر. اختاري البلد الذي تريدين وسترين غياباً كاملاً للقدرة على التحدث بالفصحى، غياباً كاملاً لتعليم القراءة وفقاً للمنهج الجديد، وكذلك تعليم التفكير والكتابة الجيدة. لذلك فنحن بحاجة إلى كل ما يأتينا». تتحدث عن هيئة وزعت مئات الآلاف من كتب أدب الأطفال المترجمة عن الأدب الإنجليزي. «والحقيقة أنني اطلعت على هذه الكتب واحداً واحداً، لم أرَ في أي منها بروباغندا. هي كتب تتحدث عن الحياة الحديثة، لكن طبعاً هم يترجمون أدبهم، أدب لغتهم. حتى لبنان استفاد من هذه الكتب بكميات كبيرة، ووزعت في ليبيا والأردن والبحرين والمغرب. أنا وجدتها هدية من السماء لأطفال لم يسبق لهم أن قرأوا كتاباً واستمتعوا به».
- غياب اللغة العربية
نحن في مأزق، بحسب د. طه، «حين تصرف ميزانيات الوزارات على رواتب الأساتذة لا على التدريب، وهم أنفسهم لا يجيدون التعليم فهذه مشكلة كبيرة. هناك فراغ كبير، وللأسف لا بد أن ثمة من سيأتي ليملأه. قد يملأ بشكل صحيح أو خاطئ، لكن الفراغ لا يبقى فراغاً، هذا حال الدنيا. نحن في وضع لا نحسد عليه في التعليم العام، وهنا يأتي دور الوزارات في أن تختار البرامج الوافدة الأفضل، وتعرف ما يجب أن تتبناه وما الذي ترفضه».
تعليم اللغة العربية ليس أمراً هيناً، تعلق د. طه في الختام: «الكل سعيد باللغات الأجنبية ولكن على الطريق إلى هذه اللغات، ضيعنا أنفسنا. مهما درسنا وتعلمنا اللغات سنبقى نسأل عن هويتنا. فإذا لم نتقن العربية فهذه مصيبة. كل الدراسات تقول مستحيل لإنسان أن يبدع بغير لغته، وأشدد على يبدع. لأن الإنسان قد يتفوق، قد يصبح طبيباً، ولكن الابتكار أمر آخر، وهذا لا يتم إلا باللغة الأم. لهذا نحن في العالم العربي تكاد تغيب براءات الاختراع». بالطبع هناك أسباب أخرى. لكن اللغة مسألة أساسية. «الامتحانات المقننة العالمية يشارك فيها 50 بلداً كل 4 سنوات، تقيس اكتساب العلوم والرياضيات واللغة الأم. دول عربية كثيرة تشترك، وكلها دول تنال ما تحت المعدل العالمي ودائماً سنغافورة وهونغ كونغ وكوريا وفنلندا تأتي في المقدمة طبعاً».


مقالات ذات صلة

دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

الولايات المتحدة​ دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

أظهر بحث جديد أن مدى جودة مدرستك الثانوية قد يؤثر على مستوى مهاراتك المعرفية في وقت لاحق في الحياة. وجدت دراسة أجريت على أكثر من 2200 من البالغين الأميركيين الذين التحقوا بالمدرسة الثانوية في الستينات أن أولئك الذين ذهبوا إلى مدارس عالية الجودة يتمتعون بوظيفة إدراكية أفضل بعد 60 عاماً، وفقاً لشبكة «سكاي نيوز». وجد الباحثون أن الالتحاق بمدرسة مع المزيد من المعلمين الحاصلين على تدريب مهني كان أوضح مؤشر على الإدراك اللاحق للحياة. كانت جودة المدرسة مهمة بشكل خاص للمهارات اللغوية في وقت لاحق من الحياة. استخدم البحث دراسة استقصائية أجريت عام 1960 لطلاب المدارس الثانوية في جميع أنحاء الولايات المتحدة

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي مصر: نفي رسمي لـ«إلغاء مجانية» التعليم الجامعي الحكومي

مصر: نفي رسمي لـ«إلغاء مجانية» التعليم الجامعي الحكومي

نفت الحكومة المصرية، أمس السبت، عزمها «إلغاء مجانية التعليم الجامعي»، مؤكدة التزامها بتطوير قطاع التعليم العالي. وتواترت أنباء خلال الساعات الماضية حول نية الحكومة المصرية «إلغاء مجانية التعليم في الجامعات الحكومية»، وأكد مجلس الوزراء المصري، في إفادة رسمية، أنه «لا مساس» بمجانية التعليم بكل الجامعات المصرية، باعتباره «حقاً يكفله الدستور والقانون لكل المصريين».

إيمان مبروك (القاهرة)
«تشات جي بي تي»... خصم وصديق للتعليم والبحث

«تشات جي بي تي»... خصم وصديق للتعليم والبحث

لا يزال برنامج «تشات جي بي تي» يُربك مستخدميه في كل قطاع؛ وما بين إعجاب الطلاب والباحثين عن معلومة دقيقة ساعدهم «الصديق (جي بي تي)» في الوصول إليها، وصدمةِ المعلمين والمدققين عندما يكتشفون لجوء طلابهم إلى «الخصم الجديد» بهدف تلفيق تأدية تكليفاتهم، لا يزال الفريقان مشتتين بشأن الموقف منه. ويستطيع «تشات جي بي تي» الذي طوَّرته شركة الذكاء الصناعي «أوبن إيه آي»، استخدامَ كميات هائلة من المعلومات المتاحة على شبكة الإنترنت وغيرها من المصادر، بما في ذلك حوارات ومحادثات بين البشر، لإنتاج محتوى شبه بشري، عبر «خوارزميات» تحلّل البيانات، وتعمل بصورة تشبه الدماغ البشري. ولا يكون النصُّ الذي يوفره البرنامج

حازم بدر (القاهرة)
تحقيقات وقضايا هل يدعم «تشات جي بي تي» التعليم أم يهدده؟

هل يدعم «تشات جي بي تي» التعليم أم يهدده؟

رغم ما يتمتع به «تشات جي بي تي» من إمكانيات تمكنه من جمع المعلومات من مصادر مختلفة، بسرعة كبيرة، توفر وقتاً ومجهوداً للباحث، وتمنحه أرضية معلوماتية يستطيع أن ينطلق منها لإنجاز عمله، فإن للتقنية سلبيات كونها قد تدفع آخرين للاستسهال، وربما الاعتماد عليها بشكل كامل في إنتاج موادهم البحثية، محولين «تشات جي بي تي» إلى أداة لـ«الغش» العلمي.

حازم بدر (القاهرة)
العالم العربي بن عيسى يشدد على أهمية التعليم لتركيز قيم التعايش

بن عيسى يشدد على أهمية التعليم لتركيز قيم التعايش

اعتبر محمد بن عيسى، الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، ووزير الخارجية المغربي الأسبق، أن مسألة التعايش والتسامح ليست مطروحة على العرب والمسلمين في علاقتهم بالأعراق والثقافات الأخرى فحسب، بل أصبحت مطروحة حتى في علاقتهم بعضهم ببعض. وقال بن عيسى في كلمة أمام الدورة الحادية عشرة لمنتدى الفكر والثقافة العربية، الذي نُظم أمس (الخميس) في أبوظبي، إن «مسألة التعايش والتسامح باتت مطروحة علينا أيضاً على مستوى بيتنا الداخلي، وكياناتنا القطرية، أي في علاقتنا ببعضنا، نحن العرب والمسلمين».

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند
TT

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند

ارتفع عدد الطلاب الأجانب بالتعليم العالي في الولايات المتحدة الأميركية العام الماضي بنسبة 3.4 في المائة؛ أي نحو مليون طالب، وبزيادة تصل إلى 35 ألف طالب عن عام 2016، والذين جاءوا إلى الولايات المتحدة الأميركية على تأشيرات الطلاب غير المهاجرين.
وحسب تقرير مؤسسة «الأبواب المفتوحة (أوبن دورز)» الذي نشر في آخر 2017، فإن الزيادة في عدد الطلاب تأتي للمرة السابعة، وإن عدد الطلاب الأجانب الذين يدرسون في كليات وجامعات أميركا ارتفع بنسبة 85 في المائة منذ 10 سنوات.
تم نشر تقرير «الأبواب المفتوحة» عن التبادل التعليمي الدولي، من قبل معهد التعليم الدولي الذي يعد من أهم منظمات التبادل الثقافي الرائدة في الولايات المتحدة. وقد «أجرى معهد التعليم الدولي إحصاءات سنوية عن الجامعات حول الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة منذ عام 1919، وبدعم من مكتب الشؤون التعليمية والثقافية بوزارة الخارجية منذ أوائل السبعينات. ويستند التعداد إلى استطلاع شمل نحو 3 آلاف من المؤسسات التعليمية المرموقة في الولايات المتحدة».
وحسب التقرير المفصل، فإن هذا العدد من الطلاب الأجانب لا يشكل إلا 5 في المائة من عدد الطلاب الذين يدرسون في قطاع التعليم العالي بالكليات والجامعات الأميركية، حيث يصل مجمل العدد حسب التقرير إلى 20 مليون طالب؛ أي بارتفاع بنسبة تتراوح بين 3 و4 في المائة عن عام 2007. ويعود سبب الارتفاع إلى ازدياد عدد الطلاب الأجانب وتراجع عدد الطلاب الأميركيين في البلاد منذ أن سجل عدد الطلاب الأميركيين أعلى معدل في عامي 2012 و2013.
وحول أصول الطلاب الأجانب الذين يدرسون في الولايات المتحدة الأميركية، فقد ذكر التقرير أنه للسنة الثالثة على التوالي كان أكبر نمو في عدد الطلاب من الهند، وعلى مستوى الدراسات العليا في المقام الأول وعلى مستوى التدريب العملي الاختياري (أوبت). ومع هذا، لا تزال الصين أكبر دولة من ناحية إرسال الطلاب الأجانب، حيث يبلغ عدد الطلاب في الولايات المتحدة نحو ضعف عدد الطلاب الهنود. لكن ما يؤكد عليه التقرير هو النمو في عدد الطلاب الآتين من الهند.
ومن هنا أيضا فقد وجد التقرير أن 50 في المائة من إجمالي الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة من دولتي الصين والهند.
ووصلت نسبة التراجع لدى الطلاب السعوديين في الولايات المتحدة إلى 14.2 في المائة، ويعود ذلك، حسب التقرير، إلى حد كبير للتغييرات في برنامج المنح الدراسية للحكومة السعودية الذي يقترب الآن من عامه الرابع عشر.
التراجع الملحوظ في عدد الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة، كان من اليابان والمملكة المتحدة وتركيا، وبنسبة أقل من اثنين في المائة لكل من هذه الدول. وإضافة إلى كوريا الجنوبية، فقد انخفض عدد طلاب هونغ كونغ بنسبة 4.7 في المائة. وكانت أكبر نسبة انخفاض بين الطلاب الأجانب من البرازيل، حيث وصلت نسبة الانخفاض إلى 32.4 في المائة. ويعود ذلك أيضا إلى نهاية البرامج الحكومية البرازيلية التي تساعد الطلاب الذين يدرسون في الخارج، خصوصا في الولايات المتحدة.
وحول أسباب التراجع في عدد طلاب هذه الدول بشكل عام، يقول تقرير «أوبن دورز» إنه من المرجح أن تشمل عوامل التراجع مزيجا من العوامل الاقتصادية العالمية والمحلية في هذه الدول؛ «وفي بعض الحالات توسع فرص التعليم العالي في داخل هذه الدول وتراجع عدد السكان».
ويكشف التقرير الأخير أن 25 من أفضل الجامعات الأميركية و10 ولايات أميركية يستقبلون أكبر عدد من الطلاب الأجانب السنة الماضية. وكان على رأس المستقبلين كما هو متوقع ولاية كاليفورنيا، تبعتها ولاية نيويورك، وولاية تكساس في المرتبة الثالثة، وماساتشوستس في المرتبة الرابعة.
ويتضح من التقرير أن 22.4 من مجمل الطلاب الأجانب الذين جاءوا إلى الولايات المتحدة الأميركية، جاءوا إلى الجامعات الـ25 الأولى في ترتيب الجامعات التي استقبلت الطلاب الأجانب.
وعلى الصعيد الاقتصادي، وحسب غرفة التجارة الأميركية، فإن لارتفاع عدد الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة، نتائج إيجابية على الصعيد الاقتصادي؛ إذ ارتفع ما يقدمه هؤلاء الطلاب إلى الاقتصاد الأميركي من 35 مليار دولار إلى 39 مليار دولار العام الماضي. ويبدو أن سبب الارتفاع يعود إلى أن ثلثي الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة يتلقون تمويلهم من الخارج، أي من حكوماتهم وعائلاتهم وحساباتهم الشخصية. ولا تتوقف منفعة الطلاب الأجانب على الاقتصاد؛ بل تتعداه إلى المنافع العلمية والبحثية والتقنية.
وحول الطلاب الأميركيين في الخارج، يقول التقرير إنه رغم التراجع الطفيف في السنوات القليلة الماضية، فإن عدد هؤلاء الطلاب تضاعف 3 مرات خلال عقدين. ووصلت نسبة الارتفاع إلى 46 في المائة خلال العقد الماضي. كما أن عدد هؤلاء الطلاب في الخارج وصل إلى 325.339 ألف طالب لعامي 2015 و2016.
ويبدو أن معظم الطلاب الأميركيين يرغبون بدراسة العلوم والهندسة والرياضيات في الخارج وتصل نسبة هؤلاء الطلاب إلى 25.2 في المائة من إجمالي عدد الطلاب. وبعد ذلك يفضل 20.9 في المائة من هؤلاء الطلاب دراسة إدارة الأعمال والعلوم الاجتماعية.
ولا تزال الدول الأوروبية المحطة الرئيسية للطلاب الأميركيين في الخارج، وقد ارتفع عدد هؤلاء الطلاب بنسبة 3.5 في المائة عامي 2015 و2016. وتأتي على رأس لائحة الدول المفضلة للطلاب الأميركيين بريطانيا، تليها إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وألمانيا التي احتلت المركز الخامس بدلا من الصين العامين الماضيين. كما ارتفع عدد الطلاب الأميركيين في الفترة نفسها في كل من اليابان وكوريا الجنوبية وجنوب أفريقيا والدنمارك وتشيكيا ونيوزيلندا وكوبا وهولندا. ولاحظ التقرير أيضا ارتفاعا في عدد الطلاب الأميركيين الذين يذهبون إلى دول الكاريبي ودول أميركا اللاتينية للدراسة الجامعية.
ووصلت نسبة الارتفاع في هذه الدول إلى 5.6 في المائة، ووصل عدد الطلاب الأميركيين الذين يدرسون في دول الكاريبي ودول أميركا اللاتينية إلى 53.105 ألف طالب.
لكن أهم نسب الارتفاع على عدد الطلاب الأميركيين في الخارج كما جاء في التقرير، كانت في اليابان التي سجلت نسبة ارتفاع قدرها 18 في المائة، وكوريا الجنوبية بنسبة 3 في المائة.
ورغم هذه الارتفاعات في كثير من الدول، خصوصا الدول الأوروبية، فإن هناك تراجعات في عدد الطلاب الأميركيين الذين يدرسون في بعض البلدان كما يشير التقرير الأخير، ومن هذه الدول كما يبدو الصين التي تراجع عدد الطلاب الأميركيين فيها بنسبة 8.6 في المائة، أما نسبة التراجع في فرنسا فقد وصلت إلى 5.4 في المائة، حيث وصل عدد الطلاب إلى 17.215 ألف طالب، وسجلت البرازيل نسبة كبيرة من التراجع في عدد الطلاب الأميركيين الذين يأتون إليها، ووصلت نسبة هذا التراجع إلى 11.4 في المائة، ووصل عدد الطلاب إلى 3.400 ألف طالب. أما الهند فقد تراجع عدد الطلاب الأميركيين فيها خلال العامين الماضيين بنسبة 5.8 في المائة، ووصلت هذه النسبة إلى واحد في المائة في اليونان التي عادة ما تستقطب الطلاب المهتمين بالميثولوجيا اليونانية والراغبين بدراسة اللغة اليونانية نفسها.
مهما يكن، فإن عدد الطلاب الأميركيين الذين يدرسون في الخارج لا يزيدون بشكل عام على 10 في المائة من مجمل عدد الطلاب الأميركيين الباحثين عن جامعة جيدة لإنهاء تحصيلهم العلمي قبل دخول عالم العمل والوظيفة.